سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

النص المكتوب لمقابلة الرفيق صلاح المختار مع قناة المستقلة في 25/5/2018 وادارها الدكتور والاعلامي والشاعر عباس الجنابي :(3)



الجنابي: لننتقل إلى محور آخر.اعلم انك واسع في الحوار ،حكومة نتنياهو احتفلت ومعها إدارة ترامب الأسبوع الماضي بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة.وهناك من يرى ان معارضة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق أو في غير العراق كانت خافتة جدا لأنهم يراهنون أو يعولون على ترامب في مواجهة إيران. ما رأيك؟

المختار:هذا خلط بين مسألتين، مسألة توقعنا ورغبتنا بأن تتعمق الصراعات الإيرانية الأمريكية لأنها تخدم حل قضية العراق، وبين موقفنا من القضايا القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.حزب البعث العربي الاشتراكي قاتل عام 1948 الغزاة حينما احتلوا فلسطين، ولدينا شهداء في الأرض الفلسطينية. والقدس من وجهة نظرنا عربية بجزئيها الشرقي والغربي وليس فقط الشرقي، وهي عاصمة دولة فلسطين في المستقبل بعون الله.. ولذلك لا نخلط بين هذا وذاك.وأذكر هنا بقضية ربما يجهلها كثيرون، ولكن يجب التذكير بها.ينفرد العراق من بين كل الأقطار العربية بأن له صلات عضوية بقضية فلسطين قبل 3000 عام أو أكثر.العراق هو وحده الذي حرر فلسطين 3 مرات  قبل الإسلام وبعد الإسلام. والعراق يعتبر فلسطين جزءا من الأمن القومي العربي، ولهذا نبوخذ نصر القومي العربي العراقي ذهب إلى فلسطين وجلب اليهود المعتدين آنذاك كأسرى وليس مسبيين كما يروج البعض، بل أسرى لأنهم خاضوا حروبا مع أبناء فلسطين أشقائنا في فلسطين.
فنحن في العراق لا نتضامن مع شعبنا الفلسطيني فقط مثل باقي العرب بل قبل ذلك واهم منه اننا نعتبر قضية فلسطين جزءا من أمننا الوطني العراقي.ونرى ما يجري الآن : نحن مقتنعون، وملايين العراقيين اقتنعوا أيضا بأن ما يجري لنا منذ الغزو وقبل الغزو ليس سوى مخطط صهيوني أمريكي استعماري ينفذ، وأحد أهدافه هو ما يسمى (الانتقام من بابل)، وهذا الكلام ليس منا.. هم يقولون ذلك.تدمير بابل يعني تدمير العراق، وإلغاء هوية بابل وإنهاء بابل يعني إنهاء الهوية العراقية.. فنحن من هذا المنطلق ننفرد من بين كافة الأقطار العربية بأن مصلحتنا الوطنية العراقية وليس فقط انتماؤنا القومي العربي يفرض علينا أن نعتبر فلسطين من النهر  إلى البحر جزءا من جغرافية وطننا الكبير  وجزءا من أمننا الوطني العراقي.
ولكن في السياسة، حينما نعمل، نمرحل العمل.عندما نقول الآن عدونا الرئيس هو إسرائيل الشرقية ويجب القضاء على هذا العدو اولا وقبل كل شيء، علينا ان نجمد معاركنا الأخرى، أو نخفض مستوى تلك المعارك لكي ننصرف إلى المعركة الرئيسية، وهذه بديهة يعرفها أي عسكري: حينما تنفتح أمامك وعليك، عدة جبهات، عليك أن تختار الجبهة الرئيسية، إذا انتصرت فيها ستنتصر في بقية الجبهات.والآن، الجبهة الرئيسة لصراع العرب هي العراق وليس سوريا، وليس ليبيا وليس اليمن وليست فلسطين.أكرر جبهة الصراع وليس جبهة القضية.جبهة الصراع هي العراق، والعراق هو المفتاح.إذا تحرر العراق، ستنتهي بسهولة نسبية وبنضال الشعب العربي بقية الأزمات العربية في سوريا وفي اليمن وليبيا وفي غيرها.
ولذلك نحن نميز بين دعمنا لخطة ترامب بتحجيم النظام الإيراني وربما اسقاطه ، وبين تمسكنا بموقفنا الاصلي والاصيل من قضية فلسطين وهو موقف عقائدي وحقوقي ثابت وليس ثمة مجال للمساومات حوله .وأخيرا، أذكّر من يريد أن يعترض أو ينتقد موقفنا هذا ، بأن من مارس دور المرحب بالتعاون المباشر مع الغرب والصهيونية والمطالب به والساعي اليه  هو خميني. خميني هو الذي شرع التعاون مع أمريكا وإسرائيل ولسنا نحن.نحن طهريون كنا ومازلنا طهريين. ولكن حينما يقدم عدونا الرئيس الذي شردنا وهجرنا وقتل ملايين العراقيين ويريد الآن أن يمنح الجنسية لعشرة ملايين غير عراقي لكي يغير هوية العراق العربية، ومنح لحد الآن الجنسية العراقية لأكثر من 3 ملايين غير عراقي، هذا العدو يجب أن ينتهي أولا وقبل أن ننطلق لمواجهة العدو الأصلي وهو الصهيونية التي خططت لما يجري الآن.هذا هو موقفنا، ونحن لا نخجل منه، نحن ندافع عنه.ومن اتبع أسلوب التعاون مع أمريكا وإسرائيل ضدنا خصوصا في إيرانجيت وصولا إلى تسليم العراق إلى إسرائيل الشرقية من قبل أمريكا حين انسحبت عام 2011 هو النظام الايراني بالذات ، هذا التعاون هو الذي يمنحنا الشرعية للمعاملة بالمثل، معاملة إسرائيل الشرقية بالمثل، السن بالسن، والبادئ أظلم.
الجنابي: قرأت بحثا مهما لواحد من أبرز الكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية، وصف الصواريخ العراقية التي أسقطت على تل أبيب بأنها أنهت إلى  غير رجعة مسألة أو قضية الحدود الآمنة التي كانت تروج لها إسرائيل كما تعلم .
المختار : نعم من اسقط (نظرية الامن الاسرائيلي) الشهيرة هو العراق في العهد الوطني حينما اخترقت الصواريخ العراقية ال(43) وليس ال(39) الاجواء في فلسطين المحتلة ونقلت الحرب لاول مرة الى الاراضي الفلسطينية المحتلة فكان ذلك تدشينا لانتهاء مرحلة حصر الحروب في الاراضي العربية ومنع وقوعها في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، العراق انهى تلك النظرية في عام 1991 .
الجنابي :أستاذ أبو أوس في آخر الحوار معك، انتقدت حضرتك بشدة الحركات السياسية الدينية في الوطن العربي، وحملتها كل أوزار الوضع العربي الراهن. لكن، مع ذلك هذه الحركات الدينية حلت أولى في الانتخابات البلدية في تونس، والأولى في الانتخابات التشريعية في المغرب والأولى في انتخابات ماليزيا يوم الخميس الماضي، والأولى أيضا في العراق إذا اعتبرنا أن التيار الديني مهما كان لونه وشكله وصياغته إذا اعتبرنا أنه ديني، يعني من طنجة إلى جاكرتا... لا يمكن أن يحصل هذا ولا يمكن أن يحصل أي حزب سياسي كما يرى البعض، على شعبية حقيقية في اي انتخابات حرة من دون الاستناد إلى المرجعية الروحية الإسلامية، كأن عجينة هذه الشعوب بنيت على هذا الأساس، وربما يكون ذلك مصداقا لما قاله فاتح العراق والفارس الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ( نحن العرب قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره، أذلنا الله ).هل هناك أي فرصة يا أستاذ صلاح، للحزب، حزب البعث العربي الاشتراكي لمراجعة نفسه والارتكان على هذا الجانب الديني، وأنت تعلم أن الرئيس صدام حسين قاد الحملة الإيمانية، وحضرتك تعرف تفاصيل أكثر من أي شخص أعرفه أنا عن هذا الموضوع؟
المختار:أشكرك شكرا جزيلا على هذا الطرح، لأنه يعطيني الفرصة لإزالة التباسات وأخطاء في فهم موقفنا من الحركات الدينية ومن الإسلام بشكل خاص. فأنا لم اقصد جميع الحركات الإسلامية.. الحركات الإسلامية تشرفت فصائل منها بحمل السلاح في العراق لمقاتلة الغزو، هؤلاء ليسوا المقصودين بالإسلامويين.من نقصدهم بالإسلامويين هم الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل الشرقية ضد مصالح العراق والأمة العربية  وليس كل الإسلاميين، بدليل أن الجبهة التي نحن طرف أساسي فيها اسمها لحد فترة قصيرة كان الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية.
نحن نؤمن بأن الإخوان المسلمين حركة وطنية لها دور وطني ودور إيجابي رغم وجود تيارات منها اختطت لنفسها نهجا مختلفا. فنحن حينما نتحدث عن الإسلامويين نقصد هؤلاء الذين تعاونوا مع أمريكا من جهة ومع إسرائيل الشرقية من جهة ثانية ضد أقطارهم العربية وضد وحدتهم الوطنية، واستخدموا الإسلام كوسيلة للتفتيت.إذا، نحن لسنا ضد الإسلاميين والتنظيمات الإسلامية على وجه الإطلاق.
ثانيا حزبنا ينفرد أيضا من بين ما ينفرد به أنه أكد على حقيقة لم يسبقه إليها أحد من بين جميع القوى السياسية إذ قال الرفيق أحمد ميشيل عفلق القائد المؤسس رحمه الله،" العروبة جسد روحه الإسلام "، وهذا التعبير البلاغي لم يصل إليه أحد ولم يطرحه أحد من القادة السياسيين الإسلاميين أو القوميين أو غيرهم.أحمد ميشيل عفلق هو الذي اقام ربطا عضويا بين الإسلام والعروبة، فحين يقول إن الإسلام روح العروبة فمعنى ذلك أن العروبة بدون الإسلام جسد ميت.
الإسلام قيم، الإسلام تعاليم، الإسلام  له دور عظيم في إنقاذ البشرية في مراحل مختلفة من تاريخ البشرية.لهذا فنحن مؤمنون، ولسنا محايدين كما قال الشهيد القائد صدام حسين، نحن مؤمنون بالله وبرسله، ولن نتخلى عن إيماننا.هذا، ونفرق بين التيارات السياسية المرتبطة بالغرب وبالشرق، وبين الإسلام. الإسلام مستقل عن هؤلاء جميعا.النقطة الأخيرة في هذا الموضوع هي فوز الإسلاميين في بعض الانتخابات: هذا الفوز يعود لأسباب منها أن بعض الإسلاميين نقي ووطني ونظيف وأفضل من غيره، فلماذا لا ينتخب؟لو كنت أنا مواطنا في تلك البلدان، لانتخبت الإسلاميين في حالة غياب الحزب الوطني.ولكن هناك أيضا أسباب أخرى وهي المتجلية بطرح السؤال التالي وهو:لماذا اختارت الولايات المتحدة الأمريكية منذ الستينات، الضرب القاسي على الحركات القومية بالدرجة الأولى وتصفية الحركات القومية من جمال عبد الناصر إلى صدام حسين؟ بينما دعمت الانظمة والحركات  الاسلاموية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وشمل ذلك دعم خميني و(المجاهدين) الافغان ونظام المنطقة الخضراء !
لم يكن استهداف الغرب والصهيونية للتيار القومي العربي اولا وقبل اي تيار او حركة صدفة ولم يكن صراعا مرحليا، كان خطة استراتيجية لتفريغ الوطن العربي من اللحمة الوطنية والقومية ، فالقومية العربية توحد الشعب لان الدولة القومية مدنية وتلتزم بمفهوم المواطنة المتساوية التي لاتفرق بين الناس على اساس الدين او الطائفة او الاثنية ،وعلى النقيض من ذلك قامت مخابرات الغرب والصهيونية بتأسيس ودعم الفئات الاسلاموية لسبب واضح هو انها تشرذم المجتمع بحكم طائفيتها وضيق أفقها المتستر بالدين خصوصا وانها قادرة على ابقاء توالد التفسيرات المتناقضة للنصوص الدينية مستمرا وهو ما يفضي حتما لتشرذم  الشعب واستحالة توحده ضد العدو الخارجي وهو ما نراه الان .
فضرب الحركات القومية كان هدف الغرب ومازال ،ودعم الاسلامويين كان خطا ستراتيجيا منذ عهد الاستعمار البريطاني وحتى الان ولهذا عندما تذكر اسماء خميني والمجاهدين الافغان وحزب الدعوة والارهابيين الاسلامويين شيعة وسنة فان كل واع يرى فورا صلتهم بالغرب والصهيونية والنخب القومية الفارسية  خصوصا المعممة منها ، وهذه حقائق ميدانية لاشك فيها .ونحن مؤمنون بأن إنقاذ الأمة لن يتم إلا بتوحيد التيار القومي مع التيار الإسلامي الوطني المناهض لكلا الطرفين الأمريكي والإيراني والصهيوني بالتأكيد.
عباس الجنابي:استاذ ابو اوس اكرر مرة اخرى شكري لك واعترف مرة اخرى بان الحوار معك صعب وممتع ولذيذ  ، واشكرك شكرا جزيلا باسم مشاهدي قناة المستقلة على حضورك معي في هذا اللقاء وانشاء الله نتواصل معك في لقاءات اخرى لنتابع معك مواقف حزب البعث العربي الاشتراكي من اهم التطورات في المنطقة شكرا   ابا الاوس.
المختار:شكرا لكم وللأستاذ  الفاضل محمد الهاشمي لإتاحة هذه الفرصة لإيصال صوتنا المقموع إعلاميا.
--
اشكر الرفيقين  انيس الهمامي   وابو صلاح   لقيامهما بتفريغ المقابلة.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018