تتوضح اكثر مما مضى النتائج الطبيعية والتبعات العملية لما سمي ب ( الربيع العربي ) بتفجر ازمة الخليج العربي الحالية ، وتقدم ادلة على ان ما جرى منذ وصول خميني للحكم ليس سوى خطوات متعاقبة ومترابطة عضويا في مخطط عام تحكمه ستراتيجية عظمى هدفها النهائي انهاء الامة العربية بتقسيم الاقطار العربية وتقاسمها بين دول الاقليم والقوى الكبرى ، فازمة الخليج العربي الحالية في هذا الاطار خطوة اساسية في هذا المخطط وهي تبدو منذ الان تكملة لعملية تدمير العراق وسوريا واليمن وليبيا ، فقد بذرت قوى معادية للعرب جراثيم الازمة مبكرا وسقيت لتتفتح براعمها الجهنمية الان .
الخطوة التالية والتي بدات كما يبدو هي تفكيك السعودية لانها تشكل الثقل السكاني والاقتصادي والديني العربي الرئيس في الخليج العربي والوطن العربي وانهاء عروبتها وتقاسمها بين اسرائيل الشرقية – بعد تغييرات سياسية فيها - واسرائيل الغربية وبأشراف ومصلحة ستراتيجية امريكية ، واحدى اهم مقدمات التمهيد القديمة لانهاء عروبة السعودية هو ما روجه اللبناني كمال صليبي وامثاله حول ادعاء وجود الكيان اليهودي الذي تحدثت عنه التوراة في الجزيرة العربية وليس في فلسطين وكان ذلك تمهيد ( اكاديمي ) ظاهريا اعدته الموساد ليكون مسوغا لاحتلال اسرائيل الغربية قلب الجزيرة العربية ، فبعد ان اكملت عملية احتلال فلسطين وصارت ظاهرة معترف بها دوليا يحميها ما يسمى ب ( المجتمع الدولي ) بدأت الان محاولة السيطرة الصهيونية على قلب الجزيرة العربية ، الم تقل غولدا مائير وهي تقف في خليج العقبة” إني أشم رائحة أجدادي في خيبر”. ؟
نؤكد بان هدف الموساد من تغيير مواقع احداث التوراة ونقلها من فلسطين الى الجزيرة العربية وتزويد كتاب عرب بتلك الاطروحات لنشرها ، هو تمهيد للمطالبة ب ( حقوق اليهود ) في الجزيرة العربية ، ويبدو ان وقت ذلك قد حان مثلما حان وقت العودة الى العراق والتمركز التمهيدي في شماله لحين تحقيق نوع من الاستقرار يسمح بعودة يهودية اليه . تذكروا ان العراق ومصر والجزيرة العربية هي مكامن الثروة والمياه التي لن تقام ( اسرائيل الكبرى ) بدونها . هنا نرى الروابط بين ما يجري في العراق وبقية الاقطار العربية .
اما مصلحة امريكا فهي ان حاجتها المصيرية للمال – في فترة دين عام بلغ اكثر من 20 تريليون دولار - تجعلها تتصرف بطريقة التاجر اللص وليس التاجر المسالم ، وما اختيار ترامب للادارة الا للاستيلاء الفج على مال كل دول النفط والغاز في الخليج العربي والعراق واسرائيل الشرقية ايضا كما سنرى . ومن تابع ترامب اثناء حملته الانتخابية يعرف انه ردد علنا بان مال النفط العربي يجب اخذه كله او على الاقل نصفه ، ومما يوضح دور ترامب هو نظرته التوراتية للاحداث السياسية فكما ان بوش الصغير اختير لانه توراتي متعصب فان ترامب هو الاخر اختير رئيسا لانه توراتي اكثر تعصبا من بوش. وتتمحور مهمته في توفير مال كثير لامريكا باسهل واسرع الطرق وليس ثمة طريق افضل من تمثيل دور الداعم لدول الخليج العربي ضد اسرائيل الشرقية وتطلعاتها الاستعمارية ، فقد حصل على اكثر من 400 مليار دولار من السعودية في عقود وقعها وسوف يواصل كما نتوقع عملية اخذ المال من اطراف اخرى وتحديدا من قطر ، بتوقيع عقود معها بمبالغ بقدر عقوده مع السعودية وربما اكثر كي يتراجع عن اتهامها بدعم الارهاب ، ثم سيلتفت لاسرائيل الشرقية ليحلبها وهي تحت ضغط تهديداته لها وعملياته المحدودة ضدها في سوريا ويتراجع عن تهديداته لها في العراق وسوريا ويكتفي بتغيير سياسي فيها .
ولكن هل سيكف ترامب او للدقة من يتحكم بامريكا عن مواصلة التصعيد لاشعال حرب اقليمية ؟ كلا لن تتوقف طبول الحرب لان المطلوب ليس فقط تحطيم الاقطار العربية كلها كما حصل للعراق وسوريا وليبيا واليمن بل ونهب ثرواتها المتبقية كاحتياطي اساسي للطوارئ كما حصل في ليبيا وقبلها في العراق حينما سرقت اموال البنوك العراقية والليبية ، وهذا النهب المتعمد سوف يشمل بنوك السعودية وقطر وبقية دول الخليج العربي التي سوف تنظف من اي مال او ذهب ومعادن ثمينة . والاهم ان الاموال المودعة في بنوك امريكية واوربية واصول مالية وهي اكثر من ثلاثة تريليون دولار والعائدة لدول الخليج العربي سوف تصادر ، وبذلك سوف تحصل امريكا على ما بين خمسة وستة تريليون دولار من دول الخليج العربي فقط في حالة نشوب الحرب وهو مبلغ كاف لتوفير مرونة عالية للاقتصاد الامريكي وتجميد الكثير من ثغراته القاتلة .
مهمة ترامب الاساسية اذا ، والتي اعلنها بنفسه ، هي نهب اموال العرب كلها وتركهم بلا غطاء حتى لرواتب الموظفين اضافة لتهديم تلك الدول كي تأتي الشركات الامريكية لاعادة البناء بعد سيطرة امريكا الكاملة والمباشرة على منابع النفط والغاز كلها كضمان مالي لاعادة الاعمار محددة الاثمان هي وليس صاحب المال ، رامية الفتات للدول صاحبة الغاز والنفط . امامنا اذا تمهيد لتوسع اقليمي اسرائيلي غربي في الجزيرة العربية ومصر والعراق وسوريا تحت غطاء اعادة حقوق اليهود او التطبيع مع دولتهم ، واستيلاء عملي ورسمي امريكي على منابع النفط والغاز واعادة تشكيل حدود المنطقة على اساس ما سبق ومهد له وهو ان سايكس بيكو قد انتهت ويجب رسم خرائط جديدة .
وربما يكون الموقف من اسرائيل الشرقية مختلفا حوله فهناك تيارات خصوصا الصهيونية ترى ان اسرائيل الشرقية يجب ابقاءها كما هي الان لانها تلعب دورا محوريا في تدمير الاقطار العربية بنشر الفتن الطائفية وتغذيتها بينما هناك تيار يقول لقد انتهى الدور الايراني هذا باشعال الفتن الطائفية وتحقيق اغراضها واهمها تفتيت العرب ، وان الوقت قد حان لنهب ثرواتها واستبدال نظامها بنظام اخر ( عصري ) . هل هذا سيناريو نظري ام انه سيناريو طبقت اجزاء منه وحان الوقت لتطبيق بقية الاجزاء الخاصة بالجزيرة العربية واسرائيل الشرقية ؟علينا قبل الاجابة ان نتأمل الملاحظات التالية بدقة :
1-سبق لامريكا ان اعلنت مرارا وتكرارا انها لن ترسل قوات كبيرة للمنطقة مهما حصل ليس تعففا وانما لعجزها الفعلي لهذا فان توقع اسهام امريكي كبير بأي حرب قادمة وهم يجب تجنبه وكل ما ستقدمه هو اسناد جوي وحتى هذا الاسناد لن يدوم ، فتوسع الحرب واطالتها ، هو المطلوب امريكيا لزيادة كلفتها البشرية والمالية ولانها تجسد الاهداف الحقيقية للاحتكارات الامريكية. وحالة العراق وسوريا وليبيا واليمن تقدم لنا امثلة واضحة لهذه الحقيقة فكلما اقتربنا من الحل نصدم بالعودة لنقطة بداية الحرب وزيادة تعقدها .
2-عندما اندلعت الازمة بين دول مجلس التعاون لوحظت بعض التناقضات في تصريحات ترامب ذاتها ! اما وزير خارجيته تيلرسن فقد اطلق تصريحات مختلفة عن تصريحات ترامب مما ادى الى تكون راي خاطئ وهو ان الادارة الامريكية ليس لديها موقف موحد تجاه ما يجري ! ثم اعلنت امريكا بيع طائرات حربية لقطر واجرت مناورات عسكرية معها !!! هذه الاختلافات في التصريحات والمواقف الامريكية عبارة عن موقف مدروس وظيفته ترك ثغرات متعمدة تعزز رغبة اطراف الازمة بزيادة التقرب من امريكا لسدها ، وهو مؤشر على عدم جدية امريكا في موقفها الداعم للسعودية والامارات والبحرين .
3-ليس صدفة فتح التحقيق حول صلات ترامب ومساعدية بروسيا فالتوقيت وان كان يبدو مسألة داخلية الا انه ايضا له صلة بازمة الخليج ولعل ما نسب لامير قطر من قول بان ترامب لن يبقى وسيذهب احد اهم مؤشرات توحي بان بقاء ترامب مؤقت . واذا غادر الادارة لاي سبب فان الادارة البديلة سوف تتنصل من وعوده السياسية بينما تبقى العقود وتنفذ ، وتذهب الاموال والوعود والامال ادراج الرياح .
4-الحرب بين دول الخليج العربي واسرائيل الشرقية ستكون مختلة التوازن من نواح محددة خصوصا القدرة على التجنيد ففي حين ان طهران لديها احتياطي بشري ضخم متمرس في القتال ايراني وغير ايراني فان السعودية ومعها دول الخليج العربي تفتقر الى العدد المطلوب للتجنيد ، لهذا فان اهم عناصر الحرب وهو الجنود وليس السلاح في صالح اسرائيل الشرقية . واشتراك مصر في الحرب ليس مضمونا . فما هو الحل الحافظ لعروبة دول الخليج العربي ؟ اول ما يتطلبه ذلك الوضع المختل من دول الخليج العربي هو احتضان شعب العراق العظيم من خلال مقاومته وقواه الوطنية والقومية وعلى رأسها البعث .خصوصا وانه موجود وفعال ومنظم في منطقة معركة كسر العظم وهي العراق فمن يحسم معركة العراق لصالحه سوف يكسب الحرب كلها باجبار اسرائيل الشرقية على الانتقال من الهجوم الى الدفاع وتضميد الجراح .
5-ان اعتماد دول الخليج العربي على تحلية المياه يجعلها رهينة لاسرائيل الشرقية اثناء الحرب اذ يكفي قصف محطات تحلية المياه كي تنهار القدرة على الصمود خصوصا وان الجو حار جدا ويتطلب مياها كثيرا .
6-مراكز مصادر الثروة الخليجية وهي النفط والغاز مجمعة في مناطق محدودة وسهلة التدمير .
7-احدى اهم المؤشرات الخطيرة هي ان امريكا ومخابراتها تعرف مسبقا من دعم الارهاب الاسلاموي وكيف وبأي حجم ببساطة لانه تم بتخطيطها وبدعمها وتشجيعها واشرافها . ان داعش والقاعدة والحشد الشعوبي ماكان لها ان تنشأ وتتوسع لولا الدعم الامريكي المباشر او الضمني وهذه حقيقة بارزة اغفالها يشكل اهم مثالب فهم ما يجري ونواقصه القاتلة . فالفوضى الهلاكة لم تكن لتحدث لولا تلك المنظمات .
في ضوء ما تقدم يمكننا التحذير ، والى ان تثبت امريكا العكس بخطوات عملية وليس بالاقوال ، من انها خططت للقيام بتوفير البيئة الضرورية لتدمير دول الخليج العربي كلها وانهاءها كدول وتحويل ساحل الخليج الى منطقة استثمارية عالمية وهو ما قلناه منذ التسعينيات ، وتقسيم السعودية.
ان المطلوب الان هو التفكير بما سوف يترتب على تصعيد الازمة الخليجية والبحث عن حلول سلمية لها وتجنب العمل العسكري لانه سوف يفتح ابواب كوارث قادمة خطط لها واعد وقودها السريع الاشتعال . اما دحر خطط اسرائيل الشرقية بالحرب معها فهو عمل خطير جدا يخدمها ويخدم اسرائيل الغربية وامريكا ، لكن دحرها ممكن وعملي واقل تكلفة وخطورة بكثير وبطريقة اخرى مجربة اذ تكفي المساعدة بدعم قيام حكم وطني مستقل في العراق ليقوم بتنظيفه من نغول اسرائيل الشرقية ويوفر اهم شروط خنق المطامع الفارسية في الوطن العربي بغلق الباب الرئيس الذي تسربت منه وانتشرت في الاقطار العربية .
والاهم بالنسبة للسعودية ودول الخليج العربي هو تجنيبها حربا مباشرة مع اسرائيل الشرقية سوف تلحق بها دمارا هائلا وتهدد وحدتها الوطنية ، العراق المتحرر هو القادر على اسقاط مخططات اسرائيل الشرقية وتجريد الصهيونية الامريكية من اهم ادواتها في نشر الفوضى الهلاكة في الاقطار العربية . وبناء على هذه الحقيقة الستراتيجية فان انهاء السيطرة والتغلغل الايراني الواسع النطاق في العراق هو الشرط المسبق لاسقاط بقية اجزاء المخطط الايراني في الوطن العربي كله ولن يتحقق ذلك الا بحرب شاملة ضد التغلغل الايراني في العراق وكل من يعرف الف باء الستراتيجية يدعم هذا الرأي .
ان طريقة تعامل دول الخليج العربي مع قضية العراق هي الثغرة الستراتيجية الاكبر في فهمها لطريقة الانقاذ واثبتت الاحداث انه بدون التعاون مع القوى الوطنية العراقية المنظمة ، وليس كتلا صغيرة او انفار لا تأثير لهم ، فان اي حل سيفشل كما حصل خلال السنوات الماضية ، ومن ثم سيتواصل اتجاه كل المنطقة الى الكوارث ، وعلى العكس فان التعاون مع القوى الوطنية هو الحل الاقل تكلفة والمضمون النتيجة والذي سيؤدي الى انقلاب ستراتيجي لصالح العرب . وستراتيجية حزبنا قامت على ضرورة تدخل الامة العربية شعبيا ورسميا في العراق لدعم المقاومة والبعث وهما من يستطيع اجتثاث التغلغل الايراني في العراق وتأييدنا لعاصغة الحزم بني على تلك الستراتيجية القومية فقد ايدناها متأملين امتدادها الى العراق بتدخل القوات العربية والاسلامية لدعم المقاومة العراقية من اجل تحرير العراق .
الخطوة التالية والتي بدات كما يبدو هي تفكيك السعودية لانها تشكل الثقل السكاني والاقتصادي والديني العربي الرئيس في الخليج العربي والوطن العربي وانهاء عروبتها وتقاسمها بين اسرائيل الشرقية – بعد تغييرات سياسية فيها - واسرائيل الغربية وبأشراف ومصلحة ستراتيجية امريكية ، واحدى اهم مقدمات التمهيد القديمة لانهاء عروبة السعودية هو ما روجه اللبناني كمال صليبي وامثاله حول ادعاء وجود الكيان اليهودي الذي تحدثت عنه التوراة في الجزيرة العربية وليس في فلسطين وكان ذلك تمهيد ( اكاديمي ) ظاهريا اعدته الموساد ليكون مسوغا لاحتلال اسرائيل الغربية قلب الجزيرة العربية ، فبعد ان اكملت عملية احتلال فلسطين وصارت ظاهرة معترف بها دوليا يحميها ما يسمى ب ( المجتمع الدولي ) بدأت الان محاولة السيطرة الصهيونية على قلب الجزيرة العربية ، الم تقل غولدا مائير وهي تقف في خليج العقبة” إني أشم رائحة أجدادي في خيبر”. ؟
نؤكد بان هدف الموساد من تغيير مواقع احداث التوراة ونقلها من فلسطين الى الجزيرة العربية وتزويد كتاب عرب بتلك الاطروحات لنشرها ، هو تمهيد للمطالبة ب ( حقوق اليهود ) في الجزيرة العربية ، ويبدو ان وقت ذلك قد حان مثلما حان وقت العودة الى العراق والتمركز التمهيدي في شماله لحين تحقيق نوع من الاستقرار يسمح بعودة يهودية اليه . تذكروا ان العراق ومصر والجزيرة العربية هي مكامن الثروة والمياه التي لن تقام ( اسرائيل الكبرى ) بدونها . هنا نرى الروابط بين ما يجري في العراق وبقية الاقطار العربية .
اما مصلحة امريكا فهي ان حاجتها المصيرية للمال – في فترة دين عام بلغ اكثر من 20 تريليون دولار - تجعلها تتصرف بطريقة التاجر اللص وليس التاجر المسالم ، وما اختيار ترامب للادارة الا للاستيلاء الفج على مال كل دول النفط والغاز في الخليج العربي والعراق واسرائيل الشرقية ايضا كما سنرى . ومن تابع ترامب اثناء حملته الانتخابية يعرف انه ردد علنا بان مال النفط العربي يجب اخذه كله او على الاقل نصفه ، ومما يوضح دور ترامب هو نظرته التوراتية للاحداث السياسية فكما ان بوش الصغير اختير لانه توراتي متعصب فان ترامب هو الاخر اختير رئيسا لانه توراتي اكثر تعصبا من بوش. وتتمحور مهمته في توفير مال كثير لامريكا باسهل واسرع الطرق وليس ثمة طريق افضل من تمثيل دور الداعم لدول الخليج العربي ضد اسرائيل الشرقية وتطلعاتها الاستعمارية ، فقد حصل على اكثر من 400 مليار دولار من السعودية في عقود وقعها وسوف يواصل كما نتوقع عملية اخذ المال من اطراف اخرى وتحديدا من قطر ، بتوقيع عقود معها بمبالغ بقدر عقوده مع السعودية وربما اكثر كي يتراجع عن اتهامها بدعم الارهاب ، ثم سيلتفت لاسرائيل الشرقية ليحلبها وهي تحت ضغط تهديداته لها وعملياته المحدودة ضدها في سوريا ويتراجع عن تهديداته لها في العراق وسوريا ويكتفي بتغيير سياسي فيها .
ولكن هل سيكف ترامب او للدقة من يتحكم بامريكا عن مواصلة التصعيد لاشعال حرب اقليمية ؟ كلا لن تتوقف طبول الحرب لان المطلوب ليس فقط تحطيم الاقطار العربية كلها كما حصل للعراق وسوريا وليبيا واليمن بل ونهب ثرواتها المتبقية كاحتياطي اساسي للطوارئ كما حصل في ليبيا وقبلها في العراق حينما سرقت اموال البنوك العراقية والليبية ، وهذا النهب المتعمد سوف يشمل بنوك السعودية وقطر وبقية دول الخليج العربي التي سوف تنظف من اي مال او ذهب ومعادن ثمينة . والاهم ان الاموال المودعة في بنوك امريكية واوربية واصول مالية وهي اكثر من ثلاثة تريليون دولار والعائدة لدول الخليج العربي سوف تصادر ، وبذلك سوف تحصل امريكا على ما بين خمسة وستة تريليون دولار من دول الخليج العربي فقط في حالة نشوب الحرب وهو مبلغ كاف لتوفير مرونة عالية للاقتصاد الامريكي وتجميد الكثير من ثغراته القاتلة .
مهمة ترامب الاساسية اذا ، والتي اعلنها بنفسه ، هي نهب اموال العرب كلها وتركهم بلا غطاء حتى لرواتب الموظفين اضافة لتهديم تلك الدول كي تأتي الشركات الامريكية لاعادة البناء بعد سيطرة امريكا الكاملة والمباشرة على منابع النفط والغاز كلها كضمان مالي لاعادة الاعمار محددة الاثمان هي وليس صاحب المال ، رامية الفتات للدول صاحبة الغاز والنفط . امامنا اذا تمهيد لتوسع اقليمي اسرائيلي غربي في الجزيرة العربية ومصر والعراق وسوريا تحت غطاء اعادة حقوق اليهود او التطبيع مع دولتهم ، واستيلاء عملي ورسمي امريكي على منابع النفط والغاز واعادة تشكيل حدود المنطقة على اساس ما سبق ومهد له وهو ان سايكس بيكو قد انتهت ويجب رسم خرائط جديدة .
وربما يكون الموقف من اسرائيل الشرقية مختلفا حوله فهناك تيارات خصوصا الصهيونية ترى ان اسرائيل الشرقية يجب ابقاءها كما هي الان لانها تلعب دورا محوريا في تدمير الاقطار العربية بنشر الفتن الطائفية وتغذيتها بينما هناك تيار يقول لقد انتهى الدور الايراني هذا باشعال الفتن الطائفية وتحقيق اغراضها واهمها تفتيت العرب ، وان الوقت قد حان لنهب ثرواتها واستبدال نظامها بنظام اخر ( عصري ) . هل هذا سيناريو نظري ام انه سيناريو طبقت اجزاء منه وحان الوقت لتطبيق بقية الاجزاء الخاصة بالجزيرة العربية واسرائيل الشرقية ؟علينا قبل الاجابة ان نتأمل الملاحظات التالية بدقة :
1-سبق لامريكا ان اعلنت مرارا وتكرارا انها لن ترسل قوات كبيرة للمنطقة مهما حصل ليس تعففا وانما لعجزها الفعلي لهذا فان توقع اسهام امريكي كبير بأي حرب قادمة وهم يجب تجنبه وكل ما ستقدمه هو اسناد جوي وحتى هذا الاسناد لن يدوم ، فتوسع الحرب واطالتها ، هو المطلوب امريكيا لزيادة كلفتها البشرية والمالية ولانها تجسد الاهداف الحقيقية للاحتكارات الامريكية. وحالة العراق وسوريا وليبيا واليمن تقدم لنا امثلة واضحة لهذه الحقيقة فكلما اقتربنا من الحل نصدم بالعودة لنقطة بداية الحرب وزيادة تعقدها .
2-عندما اندلعت الازمة بين دول مجلس التعاون لوحظت بعض التناقضات في تصريحات ترامب ذاتها ! اما وزير خارجيته تيلرسن فقد اطلق تصريحات مختلفة عن تصريحات ترامب مما ادى الى تكون راي خاطئ وهو ان الادارة الامريكية ليس لديها موقف موحد تجاه ما يجري ! ثم اعلنت امريكا بيع طائرات حربية لقطر واجرت مناورات عسكرية معها !!! هذه الاختلافات في التصريحات والمواقف الامريكية عبارة عن موقف مدروس وظيفته ترك ثغرات متعمدة تعزز رغبة اطراف الازمة بزيادة التقرب من امريكا لسدها ، وهو مؤشر على عدم جدية امريكا في موقفها الداعم للسعودية والامارات والبحرين .
3-ليس صدفة فتح التحقيق حول صلات ترامب ومساعدية بروسيا فالتوقيت وان كان يبدو مسألة داخلية الا انه ايضا له صلة بازمة الخليج ولعل ما نسب لامير قطر من قول بان ترامب لن يبقى وسيذهب احد اهم مؤشرات توحي بان بقاء ترامب مؤقت . واذا غادر الادارة لاي سبب فان الادارة البديلة سوف تتنصل من وعوده السياسية بينما تبقى العقود وتنفذ ، وتذهب الاموال والوعود والامال ادراج الرياح .
4-الحرب بين دول الخليج العربي واسرائيل الشرقية ستكون مختلة التوازن من نواح محددة خصوصا القدرة على التجنيد ففي حين ان طهران لديها احتياطي بشري ضخم متمرس في القتال ايراني وغير ايراني فان السعودية ومعها دول الخليج العربي تفتقر الى العدد المطلوب للتجنيد ، لهذا فان اهم عناصر الحرب وهو الجنود وليس السلاح في صالح اسرائيل الشرقية . واشتراك مصر في الحرب ليس مضمونا . فما هو الحل الحافظ لعروبة دول الخليج العربي ؟ اول ما يتطلبه ذلك الوضع المختل من دول الخليج العربي هو احتضان شعب العراق العظيم من خلال مقاومته وقواه الوطنية والقومية وعلى رأسها البعث .خصوصا وانه موجود وفعال ومنظم في منطقة معركة كسر العظم وهي العراق فمن يحسم معركة العراق لصالحه سوف يكسب الحرب كلها باجبار اسرائيل الشرقية على الانتقال من الهجوم الى الدفاع وتضميد الجراح .
5-ان اعتماد دول الخليج العربي على تحلية المياه يجعلها رهينة لاسرائيل الشرقية اثناء الحرب اذ يكفي قصف محطات تحلية المياه كي تنهار القدرة على الصمود خصوصا وان الجو حار جدا ويتطلب مياها كثيرا .
6-مراكز مصادر الثروة الخليجية وهي النفط والغاز مجمعة في مناطق محدودة وسهلة التدمير .
7-احدى اهم المؤشرات الخطيرة هي ان امريكا ومخابراتها تعرف مسبقا من دعم الارهاب الاسلاموي وكيف وبأي حجم ببساطة لانه تم بتخطيطها وبدعمها وتشجيعها واشرافها . ان داعش والقاعدة والحشد الشعوبي ماكان لها ان تنشأ وتتوسع لولا الدعم الامريكي المباشر او الضمني وهذه حقيقة بارزة اغفالها يشكل اهم مثالب فهم ما يجري ونواقصه القاتلة . فالفوضى الهلاكة لم تكن لتحدث لولا تلك المنظمات .
في ضوء ما تقدم يمكننا التحذير ، والى ان تثبت امريكا العكس بخطوات عملية وليس بالاقوال ، من انها خططت للقيام بتوفير البيئة الضرورية لتدمير دول الخليج العربي كلها وانهاءها كدول وتحويل ساحل الخليج الى منطقة استثمارية عالمية وهو ما قلناه منذ التسعينيات ، وتقسيم السعودية.
ان المطلوب الان هو التفكير بما سوف يترتب على تصعيد الازمة الخليجية والبحث عن حلول سلمية لها وتجنب العمل العسكري لانه سوف يفتح ابواب كوارث قادمة خطط لها واعد وقودها السريع الاشتعال . اما دحر خطط اسرائيل الشرقية بالحرب معها فهو عمل خطير جدا يخدمها ويخدم اسرائيل الغربية وامريكا ، لكن دحرها ممكن وعملي واقل تكلفة وخطورة بكثير وبطريقة اخرى مجربة اذ تكفي المساعدة بدعم قيام حكم وطني مستقل في العراق ليقوم بتنظيفه من نغول اسرائيل الشرقية ويوفر اهم شروط خنق المطامع الفارسية في الوطن العربي بغلق الباب الرئيس الذي تسربت منه وانتشرت في الاقطار العربية .
والاهم بالنسبة للسعودية ودول الخليج العربي هو تجنيبها حربا مباشرة مع اسرائيل الشرقية سوف تلحق بها دمارا هائلا وتهدد وحدتها الوطنية ، العراق المتحرر هو القادر على اسقاط مخططات اسرائيل الشرقية وتجريد الصهيونية الامريكية من اهم ادواتها في نشر الفوضى الهلاكة في الاقطار العربية . وبناء على هذه الحقيقة الستراتيجية فان انهاء السيطرة والتغلغل الايراني الواسع النطاق في العراق هو الشرط المسبق لاسقاط بقية اجزاء المخطط الايراني في الوطن العربي كله ولن يتحقق ذلك الا بحرب شاملة ضد التغلغل الايراني في العراق وكل من يعرف الف باء الستراتيجية يدعم هذا الرأي .
ان طريقة تعامل دول الخليج العربي مع قضية العراق هي الثغرة الستراتيجية الاكبر في فهمها لطريقة الانقاذ واثبتت الاحداث انه بدون التعاون مع القوى الوطنية العراقية المنظمة ، وليس كتلا صغيرة او انفار لا تأثير لهم ، فان اي حل سيفشل كما حصل خلال السنوات الماضية ، ومن ثم سيتواصل اتجاه كل المنطقة الى الكوارث ، وعلى العكس فان التعاون مع القوى الوطنية هو الحل الاقل تكلفة والمضمون النتيجة والذي سيؤدي الى انقلاب ستراتيجي لصالح العرب . وستراتيجية حزبنا قامت على ضرورة تدخل الامة العربية شعبيا ورسميا في العراق لدعم المقاومة والبعث وهما من يستطيع اجتثاث التغلغل الايراني في العراق وتأييدنا لعاصغة الحزم بني على تلك الستراتيجية القومية فقد ايدناها متأملين امتدادها الى العراق بتدخل القوات العربية والاسلامية لدعم المقاومة العراقية من اجل تحرير العراق .
almukhtar44@gmail.com ٢٣ / حـزيران / ٢٠١٧