بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام
نحن نساء العراق ندين ونستنكر موافقة مجلس النواب على ادراج موضوع تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم (188 لسنة 1959 المعدل) لاباحة زواج القاصرات على جدول اعماله لما في ذلك من اجحاف بحقوق الانسان عامة وحقوق النساء ولاسيما الصغيرات خاصة. دون اساس او مسوغ قانوني لذلك.
ففي الوقت الذي يغوص فيها العراق بمتاهة التقسيم و بمجموعة لاحصر لها ولاعدد من المشكلات المحلية والاقليمية والدولية نتيجة التدخلات الدولية والاقليمية، تناسى اصحاب القرار التشريعي كل ذلك ليلتفتوا الى حقوق المرأة من اجل استكمال مخطط التدمير والتهديم لنواة المجتمع وهي الاسرة وكل المجتمع وليس لنصفه وهو المرأة، لما تمثله المرأة من دور عظيم في عراقنا الشامخ ولما قدمته الماجدة العراقية طيلة السنوات الماضية والحاضرة لينهوا بذلك مستقبل الاجيال القادمة وليكملوا مسلسل داعش في المنطقة التي اساءت الى الدين والاخلاق واعطت ابشع صورة عن الاسلام وعن قيمه الانسانية الاصيلة.
نعم ايها الشعب العظيم ان استهداف المرأة العراقية بمثل هذه التعديلات الهزيلة انما هو استكمال لمخطط امبريالي صهيوني خطير يستهدف كامل المجتمع بضرب عناصر قوته التي جسدتها الماجدة العراقية عبر تاريخها القريب ونضالاتها العظيمة والتي اثبتت فيها جدارتها في كافة الميادين وهو يلتقي مع داعش في الاهداف والوسائل فوحدة الهدف تتجلى في الاساءة الى كل مايمت بالصلة لديننا الحنيف ولحضارتنا الانسانية السامية العريقة، ووحدة الوسيلة تتجلى في اضفاء الشرعية على امتهان كرامة الفتيات الصغيرات بتيسير بيعهن في سوق النخاسة باسم الزواج وهو ماجسدته داعش في المناطق التي تواجدت فيها في العراق وبقية الدول العربية فتعسا لهم.
ان ادراج مثل هذا المقترح ضمن جدول اعمال البرلمان العراقي فيه من الاهانة الكبيرة لذات البرلمان الذي يدعي بالدولة المدنية وهو في حقيقته لايعدو ان يكون جهاز من منضومة سلطوية نصبها الاحتلال الامريكي الصهيوني الايراني لضرب قوانين المجتمع وقيمه الحضارية التي ترسخت عبر تاريخ نضاله الطويل متناسيا بذلك تعارض مثل هذا المقترح مع دستور الاحتلال ذاته الذي ساوى في الحقوق بين الجميع نساء ورجال، اضف الى ذلك ان مثل هذا التعديل بعيد كل البعد عن التزامات العراق الدولية التي ينبغي ان يأخذها المشرع بنظر الاعتبار في اي تشريع قانوني يتعلق بالمراة بموجب اتفاقية ازالة كافة اشكال التمييز ضد المراة (سيداو) لسنة 1979 واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989. ولربما فات من قدم مقترح التعديل ان العراق طرف في كلا الاتفاقيتين لأنه بعيد كل البعد عن المجتمعات المدنية الحديثة لأنه وليد كهوف الظلالة والظلام.
عدا عما يمثله ذلك التعديل من اخلال بمبدأ الفصل بين السلطات لانه يجعل من هيئات تابعة للسلطة التنفيذية مرجعا للقضاء المستقل والذي يفترض الا يكون خاضعا الا للقانون. اضافة لما فيه من تكريس للطائفية التي طالما سعى لها ولترسيخها مدعو انصار الدولة الديمقراطية الحديثة بارجاع الفتاوى للمذاهب، استكمالا للمخطط التخريبي، وهي المرحلة التي تجاوزها التشريع العراقي منذ صدور قانون الاحوال الشخصية عام 1959، ولانهم على علم بمن يتولى هذه الهيئات منذ الاحتلال ولحد الان.
واخيرا نهيب بكافة الاحزاب والنقابات والشخصيات الوطنية المحلية والعربية والدولية وبكل مؤسسات المجتمع المدني وبكل الغيارى على دينهم وشعبهم ووطنهم التصدي لهذا التعديل ولامثاله لأنه بداية لحرب شعواء على حقوق المرأة والمجتمع ولأنه في حقيقته لايعدو ان يكون ترسيخا للطائفية المذهبية وتمهيدا لها باطار قانوني.
الدكتورة فضيلة عباس حميدي
المنسق العام للاتحاد العام لنساء العراق
9/تشرين الثاني/2017