سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الحركة الشعوبية


الشعوبية حركة فكرية سياسية اجتماعية أمتده في المجتمع الاسلامي منذ العصر الاموي وازدهرت في العصر العباسي وهي 

على ما يبدو حركة غير منظمة وغير محددة المبادئ والاهداف تصطبغ بذاتية الأشخاص الذين آمنوا بها ولئن انطلقت على 

اساس من مبادئ القرآن والسنة, فأنها لم تقف عند المناداة بمبادئ العدالة والتسوية بين المسلمين كما تتخذ ذلك مدخلا لها بل 
تعدتها الى تحطيم 

كل ما هو عربي بهدف تحطيم الاسلام من حيث هو قوة ايمانية او سياسية ، فهي حركة عدائية عدوانية مضادة للعرب تتستر 

بالدين ذات طبيعة تعصبية عمياء ومقاصد تخريبية هدامة وتقوم في جوهرها على مناهضة العرب قبيلة وقومية وامة وشعبا

ووطنا ودولة وحضارة ومحاربتهم محاربة شعواء لا هوادة فيها وتأليب الخصوم والاعداء عليهم في كل مكان فهي تطعن

وتهاجم بوسائل غالبا لئيمة ومتسترة ومتزندقة في انساب العرب وعاداتهم وعقولهم وطعامهم وتاريخهم وتسخر من حبهم 

للبادية

واستند الشعوبيين في حجتهم إلى الآية : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ

عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } والتي نادت بالمساواة .. وأطلقوا في البداية على حركتهم اسم " حركة التسوية " ولكن هذه الحركة تمادت في أهدافها وأصبح جل اهتمامها إضعاف دور العرب الحضاري والانحطاط من شأنهم ..

وقد اختلف المؤرخون في تحديد نشأة هذه الحركة فأرجع بعضهم مقتل الخليفة الفاروق إليها ولم يُـتـفـق على هذا ولكن الثابت

أنها نهشت في جسد الخلافة العباسية .. وخاصة عندمااحتدم الخلاف بين الأمين والمأمون .. كما يُعزي البعض إنشاء الفرق

الباطنية : كالمعتزلة إلى الشعوبيين،وبعضهم يقولون ان الحركة الصفوية قد تبنت التيار الشعوبي ، وحاولت أن تصبغه بنكهة

دينية وشيعية بالتحديد




الشعوبية

ان أصل كلمة الشعوبية مشتقة من كلمة شعب. وجمعها شعوب وهو الجيل من الناس وهو أوسع من كلمة القبيلة. وقد اختلف في السبب الذي من أجله سمي هؤلاء بالشعوبية. فلقد ذهب قسم من الكتاب إلى انهم سموا بذلك لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرة للقبائل ولقد اطلقت كلمة الشعوبية في الكتب القديمة على كلتي النـزعتين المتميزتين في هذه الحركة فمرة تطلق على الحركة التي تميل إلى المساواة بين الأمم ولا ترى للعرب فضلاً على غيرهم. ومرة اخرى تطلق ايضاً على النـزعة الثانية التي تذهب إلى حط شأن العرب ونقدهم وان العرب أحقر من غيرهم من الأمم.[1]




بداية ظهور الشعوبية ونشأتها

هناك اختلاف بين الباحثين والكتاب حول بداية ظهور الشعوبية فمنهم من ذكر انها ظهرت أيام الخلفاء الراشدين ويعتبرون ان حادثة أبي لؤلؤة مثلا واضح لتلك الشعوبية التي تطالب بالثأر[2]، بينما يرى بعض الكتاب انها ظهرت أواخر العهد الأموي واتسع نطاقها في العهد العباسي ، وذلك ان العصر الأموي الذى كان يعتمد على سيوف العرب في فتوحاته وتوسعاته ، فأظهرت روح جديدة لا يقرها الإسلام وهى الفرق بين العرب والموالي، وفى أيسر تعريف للموالي أنهم المسلمون من غير العرب، وكان العرب قد احس بتفوق جنسهم الذى كان منه الخلفاء والأمراء والكتاب والشعراء والفقهاء، وافتخر العرب بجنسهم ولم يساووا بين العرب والموالي وبخاصة من الفرس.

وانا اقرأ في كتاب الاستاذ أحمد أمين التمست انه يرجح أن اسم الشعوبية لم يستعمل الا في العصر العباسي الاول لان الاموين قد صدوا هذه النزعة بقوة وجبروت [3] وهذا يبين لنا ان هذه النـزعة التي تحاول مسواة العرب او تحقيرهم لم تتخذ شكلاً قوياً واضحاً يصح ان يطلق على معتنقيه اسماً في هذا العصر بسبب موقف الاموين منها ، ولعلها جنحت الي السرية وعدم الظهور [4].

وان كان لها ظهور في العصر الاموي ولا كنها قد تقوت كثيراً في العصر العباسي لان سير الحوادث والظروف السياسية المحيطة بالدولة على ما يبدو قد ساعد على تقوية هذه النـزعة وليس على ايجادها وهي بلا ريب أنها كانت في أيام بني أمية اضيق منها في أيام بني العباس ففي هذا العصر أصبحت حركة واسعة ونـزعة قوية من النـزعات المنتشرة بين الناس لها رجال وأبطال كثيرون وألفت فيها الكتب وأنشئت فيها الرسائل. فالخلافة العباسية قامت على أكتاف لم تكن كلها من العرب. فقد كان للفرس مشاركة كبيرة في قيام هذه الدولة واسقاط ملك بني أمية؟ وقد ساعدهم في هذا على ما يبدو بعض الخلفاء المولدين من عناصر غير عربية كالمأمون والمعتصم وغيرهم من الخلفاء، مما جعلهم في هذا العصر أكثر جرأة وصراحة مما كانوا عليه في العصر الأموي الذي كانت الغلبة فيه للعنصر العربي.

وكانت الشعوبية ترمي إلى التعصب لغير العرب واعتبارهم بتاريخهم العظيم أسمى من العرب، وقاد يهود فارس هذا الاتجاه وساعد على ذلك أن الدولة العباسية قامت بسيوف فارسية، وأن مفكري الفرس اهتموا بالتفوق في مجالات الأدب والشعر والتفسير والفكر، وذلك ضمن لهم التفوق في المجال السياسي والفكري، فأصبح الخلفاء يعترفون بفضلهم ، وأصبح منهم العديد من الوزراء والأدباء والسفراء والمفسرين والمؤرخين.

وكيف ما يكون الامر فان الشعوبية كانت وليدة الوقت الذي شعرت به العناصر المغلوبة على أمرها بفقدان سلطانها وعزها وان مجدها قد اندثر وان دولتها قد محيت فبدأت حركة ترمي إلى ضرب سلطان العرب وغرضها الأول تحرير هذه العناصر المغلوبة على أمرها من سلطة العرب وسيطرتهم. فمنشأ الشعوبية هو الحقد الذي أضمره الفرس-وغيرهم من العناصر-المغلوبين للعرب الغالبين فكانت حرباً لا هوادة فيها بين المغلوب وبين الغالب وقد أخذت هذه الحرب مظاهر مختلفة منذ أن تم الفتح للعرب وأحدثت آثاراً بعيدة متنوعة في حياة الأمة الاسلامية من الناحية السياسية والعلمية والدينية

وقد انتشرت الشعوبية بين المسلمين الفرس لانهم اول من دخل الاسلام من غير العرب، ثم ظهر شعوبيون هنود واتراك ومن مولدي الاندلس «الاسبان المستعربين»[5]




الشعوبية واصلها الفكري

قام الفكر الشعوبي على احتقار العرب والانتقاص منهم مستغلين بعض القيم الجاهلية التي كانت سائدة فيهم قبل الاسلام ، وكانت هذه النزعة واسعة وقوية بين الفرس لعدة أسباب منها: أنه في عصر الفتوحات الإسلامية، كان الفرس ينظرون الى انفسهم انهم أكثر تحضراً من العرب، وأكثر مدنية، فنمى لديهم شعور بالاستعلاء يعمق نزعة التعصب لديهم بعد أن قام المسلمون ممثلون بالعرب بالسيطرة على بلادهم، كما أن الفرس قد دخلوا الإسلام بأعداد هائلة فتشكلت منهم أكثرية عددية بين الموالي.[6]

وقد انقسموا الفرس إلى مجموعتين وذلك بعد زوال الإمبراطورية الفارسية وإنهاء حكم الأكاسرة على يد المسلمين .

المجموعة الأولى :اعتنقت الإسلام بصدق بعد أن عرفت مبادئه السامية وبعد أن رأت عدل المسلمين وإنصافهم ولم تنظر إلى جنس أولئك الفاتحين وكانوا في غالبيتهم العظمى من العرب بل نظرت إلى أخلاقهم ومبادئهم ولقد كان من تلك المجموعة أولئك العلماء والفقهاء والعظماء الذين لا يحصيهم كتاب

أما المجموعة الثانية : فقد عزَّ عليهم أن يزول ملك فارس وأن تدول دولتهم ويذهب سلطانهم وأن يحكمهم العرب، وكانوا اولئك من بقايا البيوتات الفارسية المتعالية والتي تنظر إلى الناس نظرة سادة وعبيد فعزَّ عليهم أن يسود العبيد ومنهم العرب بزعمهم وبطبيعة الحال فقد كان اعتقادهم ذلك نقصاً لأصول الدين الإسلامي التي تقرر أن الإسلام أخرج الناس وأولهم العرب من الظلمات إلى النور ومن الجاهلية إلى الإسلام ومن العبودية إلى الحرية فلم يعد الجاهل جاهلاً ولا العبد عبداً بل انتقلوا تلك النقلة العظيمة من كل صفات الشر إلى كل صفات الخير [7]

ومن هذا نستدل إن الشعوبية كفكر وسلوك واستناداً إلى تلك المعطيات التاريخية تعرف بثلاث صفات:

1- رفض المسلم أن يكون أخاه المسلم حاكماً عليه أو أميراً إذا كان من غير جنسه وهذا يعني اعتماد صفة القومية كأساس من أسس اختيار الحاكم أو الأمير.

2- الانتقاص من المسلم وإظهار عيوبه ومثالبه بهدف إسقاط أهليته للحكم.

3- الشعور بالاستعلاء والتميز عن الآخرين بسبب الجنس أو الانتماء القومي. [8]

فقد أنكر الفرس ان يكون أخونهم العرب حكّاماً عليهم لمجرد أنهم عرب واستعلوا عليهم بجنسهم وحضارتهم وسعوا بكل وسيلة إلى اظهار مثالب العرب والانتقاص منهم وهم بهذا قد خالفوا أسس الإسلام ومبادئه رغم ادعائهم بأنهم مسلمون، فالعقيدة الإسلامية وشريعتها قد جعلت من الناس كل الناس أخواناً متساوين في جميع الحقوق والواجبات كان يحق للمسلم أن يصل باستحقاقه وكفاءته أعلى مناصب القيادة فأصبح سلمان سيداً والحسن البصري سيداً وكان طارق بن زياد البربري قائداً لجيش معظمه من العرب وحكم صلاح الدين الأيوبي الكردي الشام ومصر واليمن وأجزئ من العراق وتركيا وغالبية أهلها من العرب وحكم عمر بن عبد العزيز بلاد فارس وبلاد الترك والبربر والسودان وهو العربي فلم يستنطق أي مسلم من أن يحكمه أي مسلم توافرت فيه شروط الأهلية واستناداً إلى قواعد الإسلام حتى أصبح قطز الأفغاني ومحمد الفاتح التركي قادة وملوكاً يفتخر بهم الجميع كما يفتخرون بالمأمون والمعتصم وغيرهم من ملوك الإسلام وعظمائه.[9]

الا ان الفرس شعروا في عصور الفتوحات الاسلامية انهم اكثر تحضرا ومدنية من العرب، فنما لديهم شعور بالاستعلاء عمق نزعة التعصب لديهم بعد ان حطم المسلمون العرب الامبراطورية الفارسية وبقي عدد كبير من الموالي الفرس في ديار المسلمين.

كما نلتمس في كتابات احمد امين ان الشعوبية كانت نزعة أكثر منها عقيدة. فهي لم تكن عقيدة محدودة التعاليم لها شعائر ظاهرة معينة كما نقول في المذاهب الدينية فأننا نستطيع ان نقول هذا شافعي وهذا حنفي ، ولعل هذا لا يستقيم وماهية الحركة فلا علاقة بين الفرق الدينية وبين هذه الحركة التي ترمي لتحرير وتخليص العناصر المغلوبة وليس هناك أي تقارب بين الاثنين بل ان الشعوبية هي نوع من اسلحة الحركة حملته العناصر المغلوبة ضد العرب[10] .

الا ان هناك عدد من الباحثين وانا اقراء عن هذه الحركة قد اعتبروها حركة ، او بمعنى اصح قد اتخذت بعض الحركات من الشعوبية مبدأ لها يقول د. علي شريعتي عن الحركة الصفوية متطرقا إلى استنادها إلى مبدأ "الشعوبية": «وبغية ترسيخ أفكارها وأهدافها في ضمائر الناس وعجنها مع عقائدهم وإيمانهم عمدت الصفوية إلى إضفاء طابع ديني على عناصر حركتها وجرّها إلى داخل بيت النبي إمعانا في التضليل ليتمخض عن ذلك المسعى حركة شعوبية شيعية، مستغلة التشيع لكي تضفي على الشعوبية طابعا روحيا ساخنا ومسحة قداسة دينية، ولم يكن ذلك الهدف الذكي متيسرا إلا عبر تحويل الدين الإسلامي وشخصية محمد وعلي إلى مذهب عنصري وشخصيات فاشية، تؤمن بأفضلية التراب والدم والفارسي منه على وجه الخصوص»[11]

قد لبس الصفويون ثوب التشيع وادعوا النسب العلوي رغم أن المؤرخون الفرس أنفسهم يؤكدون أن إسماعيل الصفوي , مؤسس الدولة وعميد الأسرة الصفوية , ولد من أم ارمنية وأب أذري وكان جده صفي الدين الاردبيلي شيخ طريقة صوفية سني إلا أن المصلحة القومية والروح العنصرية دفعتهم إلى التلبس بلباس التشيع وذلك لكي يضمنوا بقاء مدرستهم وانتشار أفكارها العنصرية.[12]ويرى بعضهم ان للشعوبية دور في إنشاء الفرق الباطنية كالقرامطة والنصيرية وغيرهم [13]




من اهداف الشعوبية

1 - قلب محاسن العرب إلى مساوئ والتشهير بهم.

2- تشويه مبادئ الاسلام وهدمها من الداخل [14]

3- تشويه الحضارة العربية[15]




بعض مظاهر الشعوبية

لقد تطورت الشعوبية حسب درجات متفاوتة فهي في بادئ الأمر معتدلة هادئة ثم لم تلبث أن انقلبت عنيفة متطرفة. ففريق اتخذ الاعتدال ودعا إلى المساواة وعلى النقيض من هذا مال فريق آخر إلى سلب كل مزية للعرب ورميهم بشتى المثالب.

فالمظهر الأول. مظهر التسوية ويمثل هذا الفريق كل الذين ذهبوا إلى ان العرب ليسوا أفضل من غيرهم من الأمم وليست هناك أية أمة يمكن ان تفضل على غيرها من الأمم إنا ذهبنا إلى العدل والتسوية وان الناس كلهم من طينة واحدة وسلالة رجل واحد[16] واحتجوا في ذلك بقول الرسول: المؤمنون أخوة تتكافا درؤهم. وقوله في خطبة حجة الوداع: كلكم لآدم وآدم من تراب؟ ليس لعربي فضل على عجمي الا بالتقوى. وقوله تعالى(ان أكرمكم عند الله أتقاكم).




كما نلتمس المظهر الثاني : في الادب وقد شكل الآداب احد أهم عناصر ثقافة الشعوب وربما هي مصدرها الأول, والآداب بما فيها ,الشعر, القصة, الخطبة, الحكاية, المثل , الكناية , جميعها مرآة صادقة تعكس الخلفيات النفسية والأخلاقية للشعوب وتعتبر مقياسا لتحضرها.

وعادة ما يكون الأدباء هم حلقة الوصل الأولى التي تربط بين الشعوب فكريا وثقافيا وذلك لما يقدمونه من صور جمالية تخلوا من الأمراض النفسية وعقد التمييز العنصري والتفرقة الطائفية و تركز على إظهار جوانب الشفافية و الأحاسيس المرهفة في الإنسان والطبيعة.

إلا أن الحركة الشعوبية اتخذت من الآداب وسيلة لزرع بذور العنصرية والكراهية في نفوس أبناء أمتها تجاه العرب والإسلام خاصة .

وكان الشعر احد أهم فروع الآداب المستخدمة في هذا الإطار لكونه الأكثر التصاقا في عقول القراء والمستمعين والأسهل حفظا في الذاكرة ومن هنا نرى أن السلطان محمود الغزنوي احد أمراء الحركة الشعوبية عندما حاول إن يؤجج مشاعر العداء الفارسي ضد الإسلام والعرب كلف الشاعر الشعوبي أبو القاسم الفردوسي(411-329هـ) بكتابة قصائد شعرية يمجد فيها تاريخ فارس وحضارتها ويشتم فيها العرب وحضارتهم الإسلامية ويحط من شأنهم وقد تعهد له بأن يعطيه وزن ما يكتبه ذهبا انه هو فعل ذلك[17].

وعلى هذا الأساس وضع الفردوسي ملحمته التي تخلوا من أي شاعرية واسماها الشاهنامه ( ملك الكتب) واضعا جلها في شتم العرب وتحقيرهم وتمجيد الفرس وملوكهم وراح العنصريون الفرس يحفظّون أبنائهم ويغذونهم بهذه القصائد وغيرها من الأشعار العدائية إلى يومنا هذا[18]

وقد حصر الدكتور عبدالله سلوم مظاهر الشعوبية في مجموعتين مظاهر معادية للإسلام كعقيدة ونظام واسماها الشعوبية الدينية ، ومظاهر ناوأت العرب العداء وشوهت حضارتهم واشادت بحضارة غيرهم وسماها الشعوبية العنصرية [19]







الخاتمة

ومن ما سبق يتضح لنا ان اغلب الباحثين والكتاب قد اجمعوا على أن الشعوبية هي تفضيل العجم على العرب وانكار أي فضل للعرب في تطور الإنسانية. وان هذه الحركة قد ظهرت بعد انتشار الدين الإسلامي وسقوط الحكم الفارسي أمام صعود شوكة العرب بتوالي الفتوحات الإسلامية. وكان من الطبيعي أن يكون الفرس المسلمون هم أول من بادر إلى الشعوبية

لان الإمبراطورية الفارسية سقطت إلى الحضيض مما جعل الشعوبية تتقوى كتعويض عن الإحساس بالنقص.

وقد كان للحركة الشعوبية وجود في العصر الأموي، إلا أنها ظهرت للعيان في بدايات العصر العباسي. وهي حركة من يرون أن لا فضل للعرب على غيرهم من العجم. وقد تصل إلى حد تفضيل العجم على العرب والانتقاص منهم.

لم تكن الشعوبية مجرد حالات معزولة من الناقمين على المد الإسلامي العربي وإنما عرفت العديد من الكتاب الذين تخصصوا في ذكر مثالب العرب وألفوا في سبيل ذلك كتبا عدة من المثالب الكبيرة إلى المثالب الصغيرة ونظموا قصائد كثيرة تفننت في تمجيد العجم من فرس وروم وغيرهم وفي الشتم اللاذع للعرب.

ثم تحول مفهوم الشعوبية بعد ذلك إلى معنى الزندقة. وسبب هذا التحول هو أن الشعوبيين كانوا يُظهرون الإيمان ويخفون الإلحاد أو المجوسية وغيرها ويحرفون الأحاديث ويختلقونها اختلاقا. فارتبطت الشعوبية بالزندقة والباطنية والصوفية على حد سواء . هناك من ربط الشعوبية بالمذهب الشيعي لكن هذا كلام لا دليل عليه في رأي كثير من المحللين وإنما هو مجرد توافق بين كون أغلب الفرس شيعة وأغلب الشعوبيين فرس. فبشارد بن برد وابن الرومي ودعبل بن علي الخزاعي وأبو نواس وكبار الشعوبيين لم يكونوا شيعة وكان الإلحاد أو التصوف واضحا في كتاباتهم.




كما نلاحظ عند نهاية العصر الأموي والذي تم تكريسه بقوة مع بداية حكم العباسيين الذين استعانوا ضد الأمويين بالقرامطة والزنج والبرامكة والسلاجقة … إلخ فوجد هؤلاء ضالتهم فصالوا وجالوا محتقرين العرب. لكن حين قضى العباسيون بهم حاجتهم نزلوا عليهم بشديد العقاب وقطعا للرقاب من أجل إخماد الثورات المعادية للعرب. [20]

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018