مرت خزعبلات وخرافات العشرات من معممي الشيعة الذين يستغفلون السذج والجهلة من الناس، وذلك بالقول إن زيارة قبر الحسين يوم وقفة عرفة تعادل زيارة الله في عرشه، ومنهم قال إنها تساوي 20 حجة وعمرة مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وبدأت الأرقام
تتضاعف حتى وصلت إلى مليوني حجة وعمرة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وربما لن تتوقف الأرقام عند هذا الحد ولم يفت المحدّثين "الثقاة" وجريا على عادتهم في كل نحل ووضع، فإنهم كانوا ينسبون الحديث المزعوم إلى جعفر بن محمد "الصادق"، ومرت تلك الروايات الكاذبة والمنتحلة والملفقة، من دون أن نسمع رأيا لما يسمى بالمراجع الشيعة "العظام" في كل البلاد التي يتواجد فيها شيعة لاسيما النجف وقم وطهران، ولا ندري هل كان الصمت دليل الموافقة على ما جاء في القيح الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي على لسان معممين دجالين فقدوا الشرف الشخصي قبل شرف العمامة التي يضعونها على رؤوسهم العفنة؟ أم أن مستوى الإفك والافتراء في كل ما جاء على ألسنة مدوني الفكر الشيعي الجديد والذي يؤكد نشوء دين جديد لا صلة له بالإسلام كان من التهافت بحيث ولدّ موجة شعور عال بالخجل لمراجع الشيعة بحيث فرض عليهم صمتا لا يمتلكون سواه؟
ومع ذلك فإن ما حصل أخيرا وقوبل بصيحات "اللهم صل على محمد وآل محمد" كناية عن تصديق الروايات المنسوبة لجعفر الصادق والتهليل لها، يؤكد بما لا يدع مجالا لشك مرتاب بأن كل تاريخ التشيع تمت كتابته من أجل تسخير الأوباش من الناس والأغبياء والمغفلين لتنفيذ خطط تغييب الوعي لدى الفرد الشيعي لينقاد بطاعة عمياء لمعممين وضعوا أنفسهم في خدة شيطان الغواية، ويخدمون مشروع التجهيل الاجتماعي المركب بحيث يحولون الجميع إلى قطيع أو قطعان سهلة الانقياد.
لم يأت هذا من فراغ وإنما هو جزء من الإساءة إلى الإسلام عقيدة وأركانا وعبادات، ولعل البالون السياسي الطائفي المقيت الذي أطلقه نوري المالكي قبل مدة بدعوته إلى تحويل القبلة من الكعبة المشرفة إلى كربلاء، ما ينسجم مع هذه الهبّة التي لم تصدر عن معمم واحد فقط حتى يمكن أن نقول إنها دعوة غلو قالها غال في الانحراف عن دين الله إلى حركة من الحركات الشعوبية التي نشأت في إيران ولم تتوقف حتى الآن وأخرها الحركة الخمينية التي خرجت علينا بنظرية "ولاية الفقيه المطلقة" والتي يستمد فيها الحاكم سلطاته من الله مباشرة من دون وسيط، وله من السلطات ما لم يتوفر للرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، بل صدرت عن قطيع من المعممين، في ظل هذه الأجواء الملبدة بأجواء مسمومة، نشر وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف مقالا كإعلان مدفوع الثمن في صحيفة نيويورك تايمز، وكان مثل بيت عنكبوت استغل فيه نتائج مؤتمر كروزني وقرار الكونغرس الأمريكي بشأن أحداث 11 سبتمبر لنفث سمومه، فخرج فيه عن أبسط قواعد العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وذلك عندما حرض من على صفحات جريدة تنطق باسم الشيطان الأكبر، على أهم دولة إسلامية في العالم وهي المملكة العربية السعودية، بحكم وجود الحرمين الشريفين في أراضيها، ذهب إلى دولة كبرى وغير إسلامية بل تصنف من قبل بلاده نفسها على أنها هي الشيطان الأكبر، ليقود حملة كراهية ضد بلد مسلم مجاور لبلاده ضاربا عرض الحائط مشاعر المسلمين الذي لن يسرهم وهم يرون أن قبلتهم ومسجد نبيهم الكريم وهما يتعرضان لخطر بسبب التحريض الحاقد الذي مارسه وزير خارجية إيران.
يقول ظريف في مقاله سيء الصيت "منذ الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/أيلول 2001، خضع المتشددون الوهابيون لسلسلة من عمليات التجميل، ولكن تبقى الأيديولوجيا كما هي في جوهرها، سواء كان ذلك في طالبان، أو النسخ المختلفة من تنظيم القاعدة أو ما يسمى "الدولة الإسلامية".
ولأنه على يقين بأن بلاده أتفه وأجبن من أن تشن الحرب على المملكة العربية السعودية لأنها لم تسكب حربا واحدة خاضتها ضد العرب عبر كل تاريخها، فإنه يريد من أمريكا أن تحقق له هذا الهدف وتحتل السعودية كما فعلت في العراق لتسيطر عليها بعد تحريك أدواتها وعملائها المحليين، فيمضي ظريف في إغراء الشيطان الأكبر على شن الحرب على المملكة العربية السعودية فيقول "لا يمكن أن يبقى العالم متفرّجاً والوهابيون يستهدفون لا المسيحيين واليهود والشيعة فحسب، وإنما السنة كذلك، فمع الاضطراب الذي تشهده أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط، ثمة خطر جسيم من أن المناطق القليلة المستقرة المتبقية ستتأثر جراء الصراع الدائر بين الوهابية وبقية جموع المسلمين السنة"، ويضيف ظريف بخبث فارسي متأصل في الوجدان المهزوم لهذه الأمة "ينبغي كذلك أن تكون الهجمات في نيس وباريس وبروكسل قد أقنعت الغرب بأنه لا يمكننا تجاهل التهديد السُميّ للوهابية، وبعد عام لم تخلُ الأخبار الأسبوعية فيه من مأساة، يحتاج المجتمع الدولي إلى فعل شيء أكثر من مجرد التعبير عن أسفه وغضبه ومواساته، إنه بحاجة إلى اتخاذ تدابير ملموسة ضد التطرف"، ثم يخلص إلى القول "ورغم أن الكثير من العنف المُرتكَب باسم الإسلام يمكن أن يُعزَى إلى الوهابية، فإنني لا يمكنني بحالٍ من الأحوال القولَ إن السعودية لا يمكن أن تكون جزءاً من الحل، على العكس تماماً، إننا ندعو الحكام السعوديين لكي يُنحّوا جانباً خطاب اللوم والمخاوف، ويضعوا أيديهم في أيدي بقية الشعوب للقضاء على بلوى الإرهاب والعنف التي تهددنا جميعاً".
حسنا لنذهب مع هذا القيح الحاقد الذي لا أحد يدري من أي موضع أخرجه ظريف، ولنشاركه القول من باب الجدل ليس إلا، إن "الوهابية" مذهب يكفّر المذاهب الأخرى على الرغم من علمنا أن الوهابية ليست مذهبا وإنما حركة إصلاحية قادها الداعية المجدد محمد بن عبد الوهّاب بن سليمان آل مشرف التميمي (1703م - 1791م) وهو عالم دين سني على المذهب الحنبلي، وهنا علينا أن نطرح سؤالا بمنتهى التجرد، (هل سجّل تاريخ العائلة السعودية منذ تأسيس المملكة في 23 أيلول/سبتمبر عام 1932م وحتى اليوم أن السلطة "الوهابية" قامت بتطهير البلاد من الشيعة في المنطقة الشرقية أو الإسماعلية في جنوب البلاد، أو تخييرهم بين تغيير معتقداتهم أو القتل كما فعل الصفويون في إيران منذ مطلع القرن الثمن عشر الميلادي وحتى الآن)؟.
ربما ارتكبت السلطات السعودية خطأ جسيما عندما تركت حركات الضلالة في غيها إلى حد أن شيعة المنطقة الشرقية لبوا دعوات المضلين في "الحج إلى كربلاء" إذ كما يرى مراقبون أن المملكة تأخرت في تطهير جبهتها الداخلية من أعداء هم أكثر شراسة من أي عدو خارجي، ويرى كثيرون أن السلطات السعودية بعد أن كانت ترى وتسمع نداءات "لبيك يا حسين، ولبيك يا زهراء، ولبيك يا زينب ومهدي وسكينة إلخ" كان يجب عليها منع المشركين من دخول البيت الحرام تأسيسا على نص الآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إنّ الله عليم حكيم" الآية 28 التوبة، أو ما جاء في الآية 25 من سورة الحج "إن الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم".
نعود إلى التحريض الفارسي الذي جاء في مقال ظريف على المملكة العربية السعودية باتهامها بالوقوف وراء أحداث 11 سبتمبر 2001 بحكم أن عددا من المنفذين يحملون الجنسية السعودية، ونقول إن مجرد حمل جنسية بلد ما لا يرتب على ذلك البلد مسؤولية عما يرتكبه رعاياه، ولكن لو كانت المملكة العربية السعودية قد وظفت تنظيم القاعدة وفيما بعد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" كما تفعل إيران مع عشرات الحركات الإرهابية بما فيها القاعدة نفسها، أو على الأقل حيّدتها، لجنبت نفسها الكثير من الاعتداءات التي شنها التنظيمان على منشئات ومراكز حكومية سعودية بعضها بتخيط إيراني وراح ضحيتها الكثير من الأفراد والممتلكات، ولاستطاعت توظيف عمليات تلك الجهات لصالح خططها السياسة وعلاقاتها الدولية كما فعلت إيران حتى الآن، إذ أن إيران تساوم بملفات إرهابية في العراق وسوريا واليمن ولبنان، مقابل الحصول على تنازلات دولية في الملف النووي، وعندما تحقق مكسبا هنا أو هناك، فسرعان ما تعود لتوظيف الملفات المؤجلة أو الموضوعة في غرفة التبريد، وتبعث فيها حرارة عالية، فتحصل مجددا على مكاسب إضافية، وهذا ليس من سلوك الدول التي تحترم نفسها بل هو من سلوك المافيات وعصابات الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات، وهو ما تنشط إيران الولي الفقيه في ساحاتها جميعا في إطار الفتوى الدينية التي ألحقت بالإسلام ثلمة لن يتم تجاوزها بسهولة.