نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام
كتالونيا هي الوجه اما القفى الذي يجسد الواقع فهو قتلونا وهي الفعل لغويا ، اما الاسم فهو قتلونيا وهي القارة التي تشكلت خلال احداث القرون الثلاثة الاخيرة ،دعونا نستكشف مجاهيلها :
1-الغرب ابتداء باوربا الغربية دشن عهود الاستعمار بابادة عشرات الملايين من البشر من اجل نهب الثروات ،لعبت اسبانيا والبرتغال ثم بريطانيا وفرنسا الدور الاكثر اجراما ووحشية في حملات الاستعمار في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية والشمالية ، وتبعتها امريكا التي صارت المركز العالمي الاخطر المتخصص بابادة الاخر بالملايين والتفنن في القتل .لنعرف خطورة امريكا على العالم كله يجب التذكير بان من قتل على يدها تجاوز ال200 مليون انسان ومازال عدد ضحاياها يتضاعف ! قتلت اكثر من 112 مليون هندي احمر طبقا للكاتب الامريكي منير عكش ، وابادت اكثر من 50 مليون جاموسة (بوفالو) كانت عماد حياة الهنود الحمر لزيادة عدد موتاهم والتعجيل بابادتهم ، وفي فيتنام ولاوس وكمبوديا قتلت امريكا اكثر من اربعة ملايين انسان وعوّقت اكثر من 12 مليون انسان ، وفي لحظة واحدة قتلت امريكا 300 الف ياباني بالقاء اول القنابل الذرية في العالم تبعها موت اكثر من مليون ياباني بسرطانات القنبلتين . وفي الحرب العالمية الاولى والثانية كان لامريكا نصيب الاسد في ابادة الملايين والتفنن في ابتكار ادوات الابادة واساليبها حيث قتل فيهما اكثر من 160 مليون انسان ، وفي اندونيسيا قتلت المخابرات الامريكية بواسطة رجلها سوهارتو اكثر من مليون اندونيسيي بدم بارد وبتخطيط بطئ مدروس .
في سوريا قتلت امريكا وبمشاركة مباشرة من اسرائيل الشرقية وروسيا اكثر من مليون سوري وهدمت سوريا والحقت بها خرابا غير مسبوق وهجرت عشرة ملايين سوري،وفي فلسطين مجازر بريطانيا وامريكا التي ترتكبها نيابة عنهما اسرائيل الغربية بحق الشعب الفلسطيني ضحاياها تجاوز عددهم المليون والقتل مستمر وتشريد الفلسطينيين مستمر ناهيك عن خمسة ملايين مهجر فلسطيني اجبرتهم اسرائيل الغربية على ترك وطنهم. وفي العراق قتلت امريكا مباشرة بحربها المستمرة منذ عام 1991 وحتى الان او بواسطة شركاءها مثل خميني وخامنئي (منذ عام 1980) اكثر من سبعة ملايين عراقي وهجرت ما بين ثمانية وعشرة ملايين عراقي ، وفي افريقيا نظمت المخابرات الامريكية مجازر رواندا وغيرها من البلدان الافريقية التي قتل فيها ملايين الافارقة ، وقسمت السودان واعدت مجازره البشعة ،والمجازر مازالت مستمرة في كل العالم.
العالم كله يشهد ظاهرة جديدة وهي اتساع قارة قتلونيا بانشاء مقابر جماعية حقيقية في مدن عربية ، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن من قبل امريكا واوربا اللتان تبيدان عشرات الملايين ومع ذلك ترفعان شعارات حقوق الانسان والديمقراطية فهل يمكن لاي عاقل تصديقهما وهو يسبح في بحر دم ؟ امريكا وغرب اوربا لم تحرما الشعوب الاخرى من حقوقها الشرعية في الحرية والسيادة والتمتع بثرواتها التي سرقتها فقط بل زادتا بابادة عشرات الملايين من البشر ، وهذا هو مصدر الدماء التي انشأت محيطات حمر تطفوا فوقها قارة قتلونيا التي ستبقى شاهدا على عار الغرب واجراميته المتطرفة .
2-بريطانيا وفرنسا ثم تبعتهما امريكا تبنت خطة تقوم على المبدأ الاستعماري المعروف ( فرق تسد ) وادى تطبيقه الى موت الملايين في نزاعات ماكان لها ان تقع لولا زرع بريطانيا هذه الفتن عمدا ، وطبق ذلك في القارات الثلاثة اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ، كانت عملية تزوير التاريخ هي المقدمة الضرورية لتوسع قارة قتلونيا عبر التحريض على الانفصال واشعال التمردات المسلحة في الوطن العربي تحت اغطية نيل حقوق ما سمي ب( الاقليات ) ولعبت فرنسا ، بعد دفن مليون ونصف المليون جزائري في مقابر قارة قتلونيا ، دورا مهما في شرذمة المغرب العربي تحت غطاء انفصال الامازيغ مع انهم عرب اصلهم يمني معروف وثابت ، وكذلك بريطانيا وامريكا اللتان استخدمتا اكراد في العراق وسوريا والسود غير العرب في موريتانيا والسودان .
نظمت المؤامرات ونفذت تحت غطاء دعم (الاقليات ) ورتبت حملات دعائية تشيطن العرب ، بل شنت حروب وفرضت خطوط عرض وطول كما حصل في العراق بفرض حظر جوي تحت غطاء حماية اكراد العراق !واستبيح العراق وغزي ودمر تحت اغطية حقوق الاقليات والانسان ! وفي اوربا عقدت المؤتمرات لدعم ما سمي ب(الاقليات) وكانت المخابرات الغربية لا تكتفي بتنظيمها سرا بل تدفع قادة اوربيين لحضورها ودعمها ! وكان المال الاوربي والامريكي هو الذي يغطي نفقات الانفصال وتعاظم حجم قتلونيا .
3- في العراق عانى العراق لعقود من فتن القتال بين العرب والاكراد وقتل فيه مئات الالاف من العراقيين عربا وكردا ، ودمرت موارد الدولة ، واستنزف وتأخر تقدمه ونموه ثم رموه في بحر قارة قتلونيا .
4- الدعم الغربي لما سمي بالاقليات اصبح ثقبا اسودا يبتلع كل موارد الدولة وقدراتها البشرية ويحولها الى ساحات حروب وفتن وازمات دورية لاتنتهي ولهذا بقي العرب في حالة تخلف نتيجة التدخل الخارجي في المقام الاول بل ان الغرب مسؤول عن فرض انظمة فاسدة ومستبدة اكملت شروط المطلوبة لابقاء العرب متخلفين ويتراجعون بدل التقدم .
والسؤال الذي يخطر على بال كل من عرف تلك الحقائق هو : هل كانت دول الغرب الاستعماري تؤمن حقا بحق الشعوب واستقلالها وحريتها ام انها كانت تستخدم تلك الشعارات لخداع الضحايا وزجهم في حروب لا تخدم الا الاستعمار الغربي خصوصا بناء قارة قتلونيا محيطاتها وبحورها وانهارها من الدم ؟الان جاء الامتحان الكبير في اسبانيا حينما طالبت القومية الكاتالونية بالاستقلال باغلبية ساحقة اظهرتها نتائج استفتاء ديمقراطي ! ووقف الغرب (امريكا والاتحاد الاوربي) ضد استقلال القومية الكاتالونية رغم تصويت الاغلبية وبطريقة ديمقراطية على الاستقلال بل ان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر تكلم على المكشوف وبلا تردد وقال (التاريخ علمنا بأنه لا يجوز زرع نزوات محلية في معارضة للهوية الوطنية،)، فكشف الغطاء وقرأنا ان شعارات حقوق الانسان ودعم الاقليات وغيرها ليست سوى اغطية لخطط ضد الامم غير الغربية تغرقها في محيطات دم قارة قتلونيا مقابل ابقاء امم الغرب بعيدة عن تلك القارة المرعبة .
وتذكرت فورا :1-كيف ان زعماء اوربا الغربية وامريكا كانوا متحمسين جدا لاستقلال اكراد العراق وتوحيد اكراد العالم كله عندما كانوا يعملون لغزو العراق وتقسيمه والان يقفون ضد استفتاء اربيل الذي شجعوا عليه لسبب واضح وهو انه لم يعد هناك نظام وطني في العراق يريدون اسقاطه عبر دعم مطلب الانفصال 2-وكيف انهم يدعمون تقسيم المغرب والجزائر تحت غطاء منح الامازيغ حقوقهم 3- وكيف قسموا السودان بفصل جنوبه تحت غطاء حق تقرير المصير ، واخيرا وليس اخرا تذكرت 4-كيف دعمت امريكا (قوات سوريا الديمقراطية) بعد ان خلقتها من العدم لتكون وسيلة شرذمة وتقسيم سوريا تحت غطاء دعم الاقليات! الان هذا كله تغير بعد ان نشروا الفوضى الهلاكة تحت غطاء نشر الديمقراطية في الوطن العربي فاسقاط النظام الوطني في العراق ونشر الكوارث فيه قلل من قيمة الانفصال الان ، ولكن وعندما تعلق الامر باوربا صارت الديمقراطية وحقوق الانسان نفسها وليس غيرها خيار مناقض للرابطة الوطنية التي يجب ان تعلو فوق كل الروابط ، فرفضت نتائج استفتاء كتالونيا لانها اوربية ويجب حمايتها من قتلونيا !
6- بعض التكوينات الاجتماعية في اقطار عربية اعتقدت بان الغرب يدعم مطاليبها وراهنت عليه عقودا وقدمت الدماء والتضحيات اعتمادا على وعوده لكنه الان يقف بصلافة ليغدر بمن شجعهم على الاقدام على خطوات خطيرة ووعد بدعمهم ليوصلهم الى طريق مسدود تتراكم فيه كل الغام عقود الصراع والخلافات وما فيها من ثأرات دموية ثم يتركهم لمصيرهم الغامض ملقيا بهم في بحيرات قتلونيا ! وطبقا لمصادر كردية عراقية رسمية فان 80 دولة (وعدت بدعم استقلال كردستان العراق ) اذا كان الاستفتاء مؤيدا له لكن الوعد تبخر في لحظة لا يمكن وصفها الا انها لحظة غدر مدبر !والان اعداد كبيرة من اكراد العراق وسوريا يتسائلون بمرارة : هل كان الغرب يريد توريطنا بصراعات دموية مع شركاء الوطن العرب ثم يتخلى عنا مرة اخرى ؟ والجواب القاطع نعم الغرب والصهيونية يريدان توريط مكونات من مجتمعاتنا في الوطن العربي بمواقف عدائية مع الاخرين كي تسفك الدماء وتصبح انهارا وبحارا تمزق اللحمة الوطنية وتتكاثر فيها وحوش الثأرات والكراهية والانتقام الدموي وتلك هي منابع دم تصب في بحيرات قارة قتلونيا .
ما حدث لاكراد العراق بعد الاستفتاء درس كبير لمن لديه مطالب في مغرب الوطن العربي ومشرقه ويثق بوعود الغرب ودعمه وهذا الدرس الذي يتكرر بين فترة واخرى لا يستوعبه البعض مع الاسف فيظن ان هناك متغيرات هذه المرة تسمح بالوفاء بالوعد وتقديم الدعم المطلوب ولكن من يعتقد ذلك واهم لان الغرب بثقافته وتربيته وسايكولوجيته قائم على الانانية المفرطة التي لا مكان فيها للانسانية والقيم والاخلاق وتحركه نزواته ورغباته الانانية الصرفة.
الغرب يبيع من يثق به ويعتمد عليه بصفقة سلاح او عقد تجاري ، العالم اليوم هو عالم الفساد المنظم وامريكا واكثر من غيرها هي التي تروج لفلسفة (ان الفساد جزء من التكوين البشري ولا يمكن ازالته وانما تقليله) ، وبناء عليه يمكن التأكيد بان رفع شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان احد اهم اشكال فساد الضمير الغربي . ولعل خير ضمانة لعدم السباحة المميتة في بحيرات قتلونيا هو مقارنة ما يعرض من حلول وطنية بمكاسبها ونواقصها مع ما يعد به الغرب وغيره بمكاسبه ونواقصه ، لقد تعايشنا قرونا بلا مشاكل وبعضنا تعايش الاف السنين ولم تظهر مشكلة اسميت ( بالاقليات ) الا في زمن الاستعمار الغربي وبعد قيام اسرائيل الغربية التي سطت على فلسطين ، ولدينا امثلة تدعم ذلك : فالاكراد في العراق مثلا تمتعوا بحقوق المواطنة مثل العرب وغيرهم حتى قبل اقرار اتفاقية 11-3- 1970 التي اقرت الحكم الذاتي لهم وادخل نص في الدستور العراقي يعد القومية الكردية قومية ثانية في العراق وشقيقة للقومية العربية .
والان وفي ضوء الغدر الغربي والصهيونية باكراد العراق وهو غدر سيمتد الى اكراد سوريا حتما بعد استخدامهم في محاولة تفتيت سوريا ، وسيصل الى امازيغ المغرب العربي كما امتد لمن انفصل في جنوب السودان علينا ان نمنع اغراقنا في محيطات قارة قتلونيا الدموية التي تعيش فيها كافة انواع الوحوش الساعية للثأر. اذا سألتموني من هو مهندس وباني قارة قتلونيا ساقول لكم فورا انه العم سام وبلا منازع .
almukhtar44@gmail.com
23-11-2017