سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

البوصلة الإيرانية لما بعد الفلوجة : قراءات أولية





البوصلة الإيرانية لما بعد الفلوجة : قراءات أولية

 الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
 لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام 

بعد ساعات على إعلان إبراهيم الجعفري اعتماد قاسم سليماني مستشاراً للحكومة العراقية أفصح حسن نصر الله بطريقة غير مسبوقة عن صورة العلاقة بين إيران وبين حزب الله وتحركت خلايا إيران في البحرين بصيغة علنية هي الأخرى. 

إن الانتقال بالوجود الإيراني في البلاد العربية من مرحلة التكهنات والمؤامرة والتحليلات والاستنتاجات  إلى مرحلة العلنية وبكل أشكال التواجد وتوصيفاتها احتلالية أو نفوذ أو غيرها له دلالات سياسية وعسكرية وأهمها: 
إن أعوان وأذناب إيران يفرشون أرضيات وجود شرعي لإيران في العراق وسوريا ولبنان ويمنحونها حق التواجد العسكري والمخابراتي ويفرضونه كأمر واقع من جهة بعد أن أمنوا الشراكة بين إيران وباقي أطراف التحالف الدولي وفي مقدمتها أميركا تحت غطاء داعش ومحاربة الإرهاب المزعوم وغيرها من التفاهمات المعلنة وغير المعلنة. 
إنه إعلان عن مشروعية الاحتلال الإيراني والذي يتزامن مع تسويات سياسية تركية صهيونية وتركية روسية وإطلالة تلوح في الأفق أيضاً لتسوية تركية إيرانية.
ونحن نعلم علم اليقين أن كل هذه التسويات ومحاولات فرض الواقع أو الانتهاء من فرض الأمر الواقع كلها تحصل على حساب الخاسر في الحرب وفي السياسة وفي الإعلام  والخاسر دون شك وبوضوح لا لبس فيه  هم العرب. 
فالعرب الرسميون بشكل خاص لم يعد يعنيهم الأمن القومي بعد أن غرقوا في حفر وكهوف الأمن القطري الذي عجزوا  عن تأمينه وحمايته هو الآخر، وبعد أن تورطوا ورطتهم الكارثية الأخطر في مساندة غزو العراق واحتلاله وتنازلهم (العرب) عن ثوابت حقوقهم في فلسطين والجولان والإسكندرونة والأحواز وجزر الإمارات وسبتة ومليلة واندفاع المد الطائفي ليغزو بصيغته السياسية وتفرعاته تحت ستار الدين كل الساحة العربية بمساندة امبريالية صهيونية فارسية ظاهرة ومخفية. 
بعد معركة الفلوجة وانسحاب داعش منها واعتقال رجال الفلوجة عن بكرة أبيهم هم ورجال المدن والقصبات والقرى التابعة والمحيطة بها بذريعة التحقيق لمعرفة من أيد أو انتمى لداعش وحملات الإبادة لعشائر ومئات المدنيين الذين نزحوا تحت وطأة نيران أكثر من ٩٠ ألف من الجيش الحكومي والشرطة والصحوات وحشد السيستاني وطيران قرابة ٦٠ دولة أصبحت الجغرافيا الممتدة من مدن الأنبار باتجاه الشمال مفتوحة لاستكمال الهيمنة الفارسية ومفتوحة للقوات الإيرانية وتوابعها لمزيد تدمير الموصل وتكرار مشهد الفلوجة والرمادي وتكريت المتضمن انسحاب الإرهاب وتركه الأرض والمدن ببيوتها ومساجدها وأهاليها عرضة للإبادة الانتقامية لوحوش إيران وعبيد الضغائن الفارسية من جهة ومن الجهة الأخرى تنفتح أمام إيران أهم مسارات أحلامها التوسعية ألا وهي السيطرة على أقطار الخليج العربي والتي نرجح أن تكون أرجحيات وأولويات العمل العسكري الإيراني فيها انطلاقا من الكويت من جهة وفي المملكة العربية السعودية من جهة أخرى.    
إن استكمال تهيئة خلفيات المعركة بدءاً من الفلوجة باتجاه منطقة النخيب وامتداداً للحدود المشتركة للمملكة السعودية مع كربلاء والنجف والمثنى نزولاً إلى مقتربات حفر الباطن قد بدأت مع الإعلان عن الانتهاء من معركة الفلوجة ولا نعتقد أن الزمن سيطول قبل أن نرى تحركات عسكرية وميليشياوية إيرانية على الرقعة المشار إليها وستصاحبها عمليات للخلايا الإيرانية النائمة في كل أقطار الخليج العربي والجزيرة العربية. وهذا سيتزامن طبعاً مع تصفية الملف السوري لصالح الاحتلال الفارسي المتحالف مع نظام بشار الأسد المجرم.
نحن لا نسوق هذه التوقعات استناداً على مصادر استخبارية فنحن لا نمتلك هكذا مصادر بل نسوقها بناءاً على الحقائق العيانية الآتية:
أولاً: إن النظام الإيراني يرى نفسه وصياً على الأماكن المقدسة في العراق وخاصة مراقد النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وفي المملكة العربية السعودية  وخاصة بيت الله الحرام وقبر الرسول الكريم والبقيع.
ثانياً: النظام الإيراني يرى في قبور البقيع هدفاً مقدساً للوصول إليه ونذكر هنا  بأول مطالبات مقتدى الصدر للمملكة عام ٢٠٠٣ ببناء قباب لمراقد البقيع في الوقت الذي كان فيه يتبجح بانتصار أهل البيت في العراق بقوة أميركا!!!
ثالثاً: إن قوة إيران الإمبراطورية الفارسية المنشودة لا تكتمل إلا بنفط العراق وشواطئ سوريا ولبنان المتوسطية ونفط الخليج والمياه الإقليمية الخليجية وصولاً إلى البحر الأحمر. 
رابعاً: لأن إيران ترى في الوقت الراهن أفضل وقت لتنفيذ ضرباتها وتحقيق أهدافها التوسعية تحت ستار الدين والمذهب لأن العرب ليس في أضعف حالاتهم فقط بل لأن المد الطائفي قد أخذ من العرب الكثير من نسيجهم وترابطهم ووضعهم في حالة وهن تاريخية.
خامساً: ترى إيران الفرصة الآن سانحة لإنهاء مقاومة الشعب العراقي والتي تتطلب من بين ما تتطلبه خنق هذه المقاومة من جهة الشمال ومن جهة الجنوب.
سادساً: المبادرة الإيرانية في الجغرافية المتاحة الآن سيفتح لها أبواب كانت موصدة باتجاه الأردن الذي يمثل محوراً هاماً في المشروع الإيراني الصهيوني الإمبريالي.
هذا ما نراه في اتجاهات بوصلة العدوان الفارسي على الأمة انطلاقاً من العراق وبالذات بعد ذبح الفلوجة ورمزيتها المقاومة الباسلة غير أن ثمة يقين نعرف أنه قائم ويمكن أن يقلب طاولة الرمل على أطراف إيران ويسقطها في بئر لا قرار له ألا وهو يقين المقاومة العراقية الوطنية والقومية والإسلامية العراقية والتي يمكن أن تنقذ الأمة إذا ما قرر العرب عموماً والتحالف العربي الإسلامي فعلاً دخول معارك الدفاع عن النفس في العراق وسوريا قبل فوات الأوان.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018