سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المشروع القومي العربي: إلى أين؟؟








المشروع القومي العربي: إلى أين؟؟

إن الحديث عن الأمة العربية يقترن حتما وضرورة بالحديث عن مشروع قومي عربي موجود، قد ينجح في التعبير عن نفسه بنسب متفاوتة حسب الظروف والمتغيرات المحيطة وقد يتمزق بين مد وجزر لكنه لا يبرح الوجدان والعقل الجمعيين لدى كل أبناء الأمة.

إلا أن ما تئن تحته هذه الجماهير الموزعة على امتداد ساحات الوطن العربي من بهتة وصدمة حقيقية لا مجال لإنكارها بفعل قتامة المشهد العربي برمته وما يميزه من هزات وفواجع ومصائب لا تنتهي تعجز عمليات امتصاص بعض آثارها حتى عبر ما تذهب إليه الأمور في أحسن حالات التفاؤل في التشخيص، فحيث ما سرح العربي بصره هالته برك الدماء وأشلاء الجثث المتناثرة المتطايرة ناهيك عن طوابير اللاجئين والنازحين والمهجرين والأسرى والمفقرين والمقهورين غير ذلك، وحيثما تأمّل العربي وضع أمته استبدت به الحيرة والضيق والصدمة فلا يكاد يأمن قٌطر عربي واحد من هذه المصائب.
فهل من مجال هنا للحديث عن مشروع قومي عربي من النواحي العلمية، بعيدا عن الحلم القومي العربي؟؟
ألا يبقى المشروع حلما متى عجز عن التقدم والفعل والحركة ومن ثم التغيير؟؟
إن مصارحة الذات والجماهير تقتضي اليوم الاعتراف والإقرار بتعثّر كبير للمشروع القومي العربي، بل لعله بات مهددا بالانهيار تماما، ولا يجب أن يفهم من هذا القول إن في الأمر تيئيس ولا تثبيط للعزائم الثورية والعقول المفكرة والسواعد المناضلة، بل إن العكس هو الصحيح. 
فالمستوى المأزوم الذي بلغته الأمة العربية اليوم لا ينبئ بأن هذا المشروع القومي فعلا لا يزال قائما أو قادرا على إحداث تلك النقلة المنشودة في حياة العرب.
ليس مهما كثيرا أمام ما آلت إليه الأوضاع البحث فيما إذا كانت الأسباب المؤدية لكل هذا الفشل ذاتية أم موضوعية، طوعية أم قسرية لأن ذلك سيكون حتما من باب التفصي والهروب.
فأسباب فشل المشروع القومي معروفة للعالمين، إذ من نافلة القول التأكيد على أن من أبرزها معاداة القوى العالمية المتآمرة لذلك المشروع ومحاربته بلا هوادة منذ نضج أول باكوراته؛ هذا بالإضافة للمتخاذلين المتواطئين على مصالح الأمة من أبنائها خصوصا الرجعيون والمرتبطة مصائرهم بمدى تمزق الأمة، ناهيك عن تلك المعوقات الأخرى المعروفة التي أملاها الاستعمار  من طائفية وجهل وتأخر تقني وفكري وغيره.
ومن باب تحمل المسؤولية، يتوجب على كل رواد المشروع القومي العربي أن يعترفوا أنهم أخفقوا في السير بالأمة لحيث أرادوا أو خططوا.
وغم أنه لا مجال إنكار أن ما قدمه المؤمنون بهذا المشروع والذين سعوا لتكريسه واقعا معيشا، من تضحيات تضيق بتعدادها الذاكرة، ووهبوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس.. ولكن ورغم كل ذلك لم تمنع تضحياتهم تلك من الوقوع في المحظور.
إن المشروع القومي العربي يتهاوى للأسف الشديد بسرعة كبيرة أمام كلّ المشاريع القومية الطامحة والصاعدة والنائشة والتقليدية الأخرى، حيث يحتل العرب تقريبا المرتبة الأخيرة في كل  الميادين الحياتية وتتقاذفهم أمواج الاستعمار مجددا ولكن هذه المرة بأخطار أكبر وجرائم أفضع ونوايا أسوأ. فالمشروع القومي العربي اليوم يتأخر أشواطا وأشواطا عن المشروع الصفوي أو التركي أو حتى الأثيوبي.
وإن احتلال خمسة أقطار عربية كاملة احتلالا واضحا ومباشرا، ورحى الحرب الطاحنة في أغلب الأقطار المتبقية مع بقية المشاكل والمصاعب الأخرى، توضح إلى أي مدى من الانهيار والتردي بلغه العرب في عصرهم هذا.
ومن أشد المظاهر التي لا تبعث على الأمل هو هذا التغافل العربي الرسمي والشعبي عما يحاك ضد العرب، بل والأنكى من كل ذلك أن أغلبية النخب السياسية الشعبية والإعلامية والثقافية والفكرية كلها باتت غير عابئة باستحقاقات ذلك المشروع القومي العربي بل وتنكر أنه الحل الوحيد الواحد الضامن لإمكانية النهوض مجددا واستعادة المشاركة في الفعل الكوني، لتظل فاجعة الفواجع ان فريقا من أعمدة المشروع القومي العربي باتوا مترنحين على عتبات الأعداء الحقيقيين للأمة والذين لا يتورعون عن ذبح أبنائها من الوريد إلى الوريد.
إن الوضع القومي العربي ومهما بلغ من انهيار فإنه يتوفر على عوامل عديدة كفيلة بإعادة ترتيب الأوراق من جديد وبعث الروح في هذا الجسد العليل المثخن بالجراح، فللأمة العربية حصانتها الذاتية التي تشكل الواقي الخاص بها والحائل بينها وبين التلاشي والذوبان كما عاشته أمم أخرى، إلاّ أن ذلك يستدعي استفاقة العرب، كلّ العرب رسميين وجماهير شيبا وشبابا من المحيط للخليج وبعزيمة رجل واحد فيقلبوا الطاولة على كل من تسول له نفسه الحقيرة الإيغال في تأبيد هذا الهوان..
ولليس من متاح أمام العرب إلا إيمانهم بأنه لا عاصم لهم سوى الوحدة، ولا سبيل لنجاتهم سوى الالتفاف على المقاومة العربية في كلّ السّوح المقاومة في الأحوزا وفلسطين وخاصة المقاومة العراقية التي سيتحدد مصير العرب بمصير معاركها وملاحمها..
فلا تتهاونوا أيها العرب..   
متى تستفيقون؟؟

أنيس الهمامي 
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
تونس في ٣٠\٦\٢٠١٦

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018