نعم أمتنا نائمة ولكن لا شيء يوقظها حتى أصوات الأذان خمس مرات من المسجد الأقصى ومن كل المساجد وكذلك لا توقظها حتى التفجيرات النووية.
نعم هذه البطولات خارقة وهي تذكّرنا بعمورية وتلبية المعتصم لندائها ولكن كم من معتصم اليوم؟
أنا أتحدث عن عهد ونور التميميتين وعشرات من اخواتهما ولكن بطولاتهن غير مسموح بها بالظهور بسبب وحشية المعاملة وجبن جنود الاحتلال.أما التميميتان فلأنهما أصبحتا رمزا معروفا وعنوانا لثبات الماجدة العربية فإن الأمر الصادر للجنود يقتضي بتحمل كل ما يصدر من بنات فلسطين العربيات المعروفات على مستوى الإعلام الدولي كي يوظف ذلك ضده وكي يجعل منها رسائل عن طبيعة النظام الديمقراطي السائد في فلسطين المحتلة من أجل القول (هكذا نتعامل مع متظاهريكم في حين انتم تقمعون شعوبكم) وهذا يتناسب مع السياسة الأمريكية الداعمة "لواحة" الديمقراطية وسط بلاد العرب التي تعاني من التصحر السياسي والاجتماعي.
هذا الأمر يذكّرني بلقطة منتقاة ركز عليها الإعلام السوفيتي قبل انهيار المنظومة الشيوعية ومعه إعلام الدول الاشتراكية عام 1968 بعد الغزو السوفيتي لجيكوسلفاكيا عندما يظهر بلا ملل صورة جندي سوفيتي يمسح بصقة فتاة بملء الفم ملأت وجهه شابة من مدينة براغ وظل جامدا بلا رد فعل وأهمل الإعلام آلاف اللقطات عن العنف الذي استخدمه الجنود السوفيت ضد المتظاهرين وقام بقمعهم وكأن هذا الجندي يمثل مشهدا سينمائيا مدفوع الأجر، فما أشبهه بمشهد الجندي الذي يتلقى صفعة الفتاة الفلسطينية من دون ردة فعل، نعم معروف أن الإسرائيلي مجبول على جبن عريق ولكنه اختزل ذلك بتطويع التكنولوجيا، وهو أيضا يستأسد عندما تخلو له ساحة المنازلة.
هناك خطوط رفيعة بين النتائج السلبية لكل وصلة إعلامية وبين النتائج الإيجابية وعلينا أن نبذل جهدا للفصل بينها.
أظن أننا نخسر كثيرا عند عرضنا لأفلام التسامح الإسرائيلي مع المتظاهرين الفلسطينيين.
ولا أظن أن هؤلاء يقومون بفعلهم الأخلاقي والوطني والديني من أجل أن نقول إنهم قاموا به لأنهم جنود مجهولون نذروا أنفسهم لقضية مقدسةيضحون من أجلها ولا يتوقعون ثمنا لذلك.
وتبقى هذه الملاحظات من شخص عمل في الصحافة والإعلام منذ عام 1963 بلا انقطاع ما عدا 20 سنة قاحلة في الأسر.