مرّة أخرى، وبمناسبة حلول ذكرى اغتيال الرّئيس العراقيّ شهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين، يتجدّد التّذكير بأسباب الحرص على إحياء ذكرى عرس الشّهادة ويتوجّب بالتّوازي مع ذلك التّركيز على عرض الدّور المنتظر من مناضلي البعث وأحرار الأمّة في هذه التّظاهرة.
ولا يأتي هذا العزم من فراغ أو من عدم، كما أنّه لا علاقة له بأيّ حال من الأحوال مع تلك الادّعاءات المغرضة التي تتّهم المساهمين والفاعلين في تأثيث الاحتفاليّة بتقديس الأشخاص وغير ذلك من الشّعارات المبتذلة التي تهدف في واقع الأمر إلى التّشويش على الجماهير ومحاولة تثبيت الهزيمة النّفسيّة فيها وإلقائها فريسة لليأس والإحباط ومن ثمّ الكفر بواقع انتمائها لسلخها عن هويّتها وتجريدها من مآثر وبطولات رجالات الأمة ولطمس فصول الملاحم الثّوريّة الخالدة التي سطّرتها قامات نضاليّة عربيّة مقاومة أكبر من أن نحصي لها عددا. بل إنّ هذا الاحتفال إنّما يندرج في إطار العرفان والامتنان لأولئك الأبطال لما قدّموه من تضحيات جسام من جهة، ويعبّر عن مدى ثبات العرب على ذلك النّهج واستعدادهم اللاّمحدود للبذل والسّير على طريق الثّوّار المخلصين الذين لم يبخلوا على وطنهم وأمّتهم بالغالي والنّفيس فوهبوها أغلى ما لديهم وخيّروا التّضحية في سبيلها بكلّ المغريات والملذّات الزّائفة والمغانم الزّائلة من جهة أخرى.
إنّ البديهيّ أن يتداعى مناضلو البعث وأحرار الأمّة للانخراط في تخليد عرس الشّهادة والمساهمة في إنجاحه بالشّكل والمستوى المتلائمين مع قيمة شهيد الأمّة وفارسها المغوار وقامته وسفره الخالد نضالا وكفاحا وجهادا وثورة ونخوة وأصالة وثباتا ووفاء وتضحيات.
وعلى رفاق البعث وأحرار الأمّة أن يعملوا بما يعكس القناعات المبدئيّة الرّاسخة فيهم والمتمثّلة أساسا في كون وقفة العزّ والشّموخ لم تكن منفصلة عن سيرة صدّام حسين لا باعتباره مجرّد رئيس دولة كغيره من الرّؤساء سواء العرب أو غير العرب، بل باعتباره ثائرا وطنيّا وقوميّا وأمميّا لم ينقطع عن الفعل النّضاليّ الثّوريّ طيلة حياته ومنذ أن اختار منهج الثّوّار والأحرار وكان ديدنه في ذلك الصّدق والتّصميم الواثق والإرادة القويّة الصّلبية والإيمان الواسع بشعبه وامّته ووطنه وبحقوقهم جميعا، ونذر نفسه في سبيل مجد تلك الأمّة مهما كلّفه الأمر.
وعلى رفاق البعث وأحرار الأمّة أن يثبّتوا من خلال احتفائهم ببطلهم القوميّ والإنسانيّ خصال الرّجل ومسيرته الطّويلة الغرّاء وأن يعرضوا فصول مواقفه البطوليّة التي اتّسمت جميعها بالشّجاعة والإقدام والتّحدّي والسّموّ عن الصّغائر والمنافع والحسابات الشّخصيّة الضّيّقة، ويتوجّب عليهم أيضا التّركيز على فضح كلّ التّلفيقات والتّشويهات المغرضة التي ضخّتها مجاميع أعداء الأمّة العربيّة بدء بالامبرياليّة بزعامة أمريكا والصّهيونيّة العالميّة وكذلك إيران الفارسيّة الصّفويّة بالإضافة إلى الرّجعيّة العربيّة وأذنابهم، ولا بدّ أن تستند عمليّة تعرية تلك الكاذيب والأباطيل بالحجج والبراهين - وما أكثرها – وهو ما يحيلنا لضرورة بذل المجهودات الكافية من البحث والتّقصّي والتّحرّي.
إنّ أوكد المهمّات الملقاة على رفاق البعث وأحرار الأمّة وهم يحيون موكب الشّهادة المهيب، أن يتناولوا اغتيال الشّهيد البطل صدّام حسين من خلال أنّه لم يستهدف الرّجل لشخصه، بل كان مخطّطا عدوانيّا مركّبا عمل من خلاله مهندسوه المجرمون على اغتيال أمّة بحالها وقبر تطلّعاتها للوحدة والتّحرّر والانعتاق الاجتماعيّ واسترجاع الحقوق والأراضي المغتصبة كافّة، فتغييب صدّام حسين كان الهدف الأعلى منه إذلال العرب وإنهاء تركيعهم وهو ما تنضح به ملابسات الجريمة النّكراء البشعة بحقّة وتوقيتها ودلالاتها.
وفي هذا السّياق لا بدّ من التّفطّن إلى انّ استهداف العراق وإسقاط نظامه الوطنيّ وتصفية قيادات حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ والتّنكيل بهم وتشريدهم ناهيك عن اجتثاث البعث إنّما هي كلّها مخطّطات شيطانيّة أعدّت منذ سنوات وحيكت بمنتهى المكر والخبث لضرب الأمّة في مقتل بتجريدها من قلعة حصينة لطالما ساهمت ودافعت عن الأمن القوميّ العربيّ الاستراتيجيّ الذي انتهك واخترق تماما بعد غزو العراق وتصفية صدّام حسين باعتباره أحد اكبر العقول الاستراتيجيّة المفكّرة التي أنجبتها أمّة العرب المجيدة.
وعليه، فإنّ توعية الجماهير وتثويرها من خلال عرض هذه الحقائق وتفصيلها وتشريحها، هي ولا ريب سنام ما يتوجّب على المحتفين بصدّام حسين من رفاق البعث وأحرار الأمّة فعله وتأثيثه.
وإنّه لا فائدة في التّذكير ببقيّة ما يتوجّب فعله من تأثيث التّظاهرات حيثما أمكن داخل الوطن العربيّ أو في المهجر، وفي ربط أحداث اليوم بما خلّفه اغتيال صدّام حسين وتصفية رفاقه ومحاولات اجتثاث حزبه البائسة من فراغ ودمار طال العرب جميعا بلا استثناء، وليس من مجال ههنا لإنكار العلاقة السّببيّة بين ما تعيشه غالبيّة الأقطار العربيّة من دمار وما تتعرّض له فلسطين من مكائد متواصلة وآخرها قرار الأرعن ترمب بنقل سفارة الولايات المتّحدة الأمريكيّة للقدس ناهيك عن تنامي الخطر الفارسيّ الصّفويّ الشّعوبيّ وبين الجريمة النّكراء التي ارتكبت بحقّ شهيد الأمّة وبطلها الخالد صدّام حسين.
أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 07-12-2017