الإرهابيّ قاسم سليماني مستشارا لحكومة الاحتلال في العراق: أبعاد وغايات.
ما انفكّت تصاريح قيادات كيان الارتزاق " إيران " العسكريّة والدّينيّة والسّياسيّة تجرّؤ
منذ سنوات على المجاهرة بأنّ إيران باتت اللاّعب الإقليميّ الرّئيسيّ في الشّرق الأوسط جنبا لجنب مع العصابات الصّهيونيّة، ولقد تعدّدت المواقف الفارسيّة القاطرة عنجهيّة وساديّة وحقدا تجاه العرب حيث امتدّت من الإقرار بسيطرة الفرس على أربع عواصم عربيّة كاملة إلى الإعلان عن بداية معاودة تشييد الامبراطوريّة الفارسيّة وعاصمتها بغداد.
ورغم الاحتلال الفارسيّ المباشر والصّريح للعراق عقب تفويض الأمريكان لهم عام ٢٠١١، ورغم سيل الجرائم الوحشيّة المرتكبة من الحرس الثّوريّ الإرهابيّ الفارسيّ وكلّ الميليشّيات الطّائفيّة الغادرة المرتبطة به وبالأجندا الفارسيّة لا في العراق فحسب بل وفي كلّ الوطن العربيّ، ظلّ كلّ نغول إيران في بغداد وعلى امتداد الوطن العربيّ الكبير، في صفاقة ودناءة لا شبيه لها، ينكرون ذلك ويتجنّدون لمهاجمة أيّ صوت يشير للمؤامرة الفارسيّة على العرب.
حرصت حكومة الجواسيس والعملاء في العراق المحتلّ على التّظاهر دوما بمظهر لا يليق بها أصلا، وأنكرت أيّ ارتباط لها بمنظومة الشّرّ المتمترسة في قٌم ومشهد رغم آلاف القرائن الثّابتة المؤشّرة على ذلك، إلى أن جاءت معركة الفلّوجة قبل أيّام.
فبالنّظر لما للفلّوجة من سطوة نفسيّة هائلة على كلّ من يروم استهدافها، عملت عصابة العملاء للاستنجاد بكلّ الأراذل وشذّاذ الآفاق سعيا للإجهاز على الفلّوجة، فكان أن استعانوا بأسيادهم معمّمي فارس وكبار الجنرالات الأمريكيّين الخائبين وعشرات الميليشيّات، وهو ما سمح لقاسم سليماني بأن يسرح ويمرح في بلاد ما بين النّهرين كما يشاء.
ولمّا استعصت الفلّوجة عليهم، ومن جملة القرارات التي سارعت الحكومة العراقيّة السّاقطة باتّخاذها، كان أن تمّ تعيين المجرم الإرهابيّ قاتل أطفال سوريّة والعراق واليمن والأحواز قاسم سليماني قائد فيلق القدس مستشارا خاصّا لها.
فما هي أبعاد هذا التّعيين وغاياته؟
يتوجّب علينا قبل الخوض في تفاصيل أبعاد القرار وغاياته، أن نستعرض بعض التّفاصيل المتعلّقة بهذا المجرم المتعطّش لدماء العرب ولو خوضا عرضيّا، فالرّجل فارسيّ صفويّ متطرّف يضمر حقدا دفينا على العرب قد لا يجاريه فيه غيره من كبار قيادات فارس بمختلف مشاربهم، وهو عنصريّ لحدّ لا يكاد يخطر ببال، ويكفي ههنا التّذكير بأحدث تصريحاته لتثبيت ذلك حيث يقول:
" نحن الفرس سادة العرب والعرب همج ورعاع يرعون الإبل ".
ولعلّ أغرب ما يتعلّق بهذا المجرم الإرهابيّ هو احتفاظه بمنصبه منذ سنوات في فيلق القدس الإرهابيّ رغم فشله في الدّفع نحو تحقيق تقدّم ملموس للمشروع الصّفويّ إلاّ إذا كان ذلك مقتصرا على إزهاق أرواح الأبرياء العرب والمدنيّين العٌزّل، وهذا الحفاظ على تقلّد أعلى المراتب العسكريّة بل وتدرّجه المتصاعد في سلّمها يخفي أنّه أحد أهمّ أذرع البطش في المنظومة الفارسيّة الصّفويّة الخمينيّة حيث يتكفّل عادة بتنفيذ المهمّات الأكثر قذارة كما تٌناط بعهدته معالجة الملفّات الأكثر سخونة.
وإنّ كلّ هذا لا يمكن تفسيره إلاّ على كون المجرم قاسم سليماني هو أحد أبرز سواعد وعيون المرشد الأعلى لما يسمّى بالثّورة الإسلاميّة وأنّه أحد أبرز المرشّحين لخلافته أو تهيئته لذلك.
وبإلقاء مثل هذه النّظرة السّريعة، سنخلص بيسر شديد إلى أنّ تعيين سليماني مستشارا للحكومة العراقيّة لم يكن قرارا عراقيّا أبدا ولا علاقة للعبادي وبقيّة المهرّجين به، وأنّه قرار اتّخذ في طهران، هذا من جهة، أمّا من جهة أخرى فإنّ هذه الخطوة تكشف مدى التّخبّط الذي يعانيه الملالي وأذرعهم العسكريّة في العراق والمناطق الغربيّة المنتفضة والفلوّجة تحديدا، حيث كشفت معركتها استحالة تركيع العراق وشعبه، وهو ما دفع بالفرس للزّجّ بكلّ ثقلهم ولعبهم آخر الورقات فكان لزاما عليهم فرض المجرم سليماني مستشارا للحكومة في بغداد.
قد يكون أحد أهمّ الغايات والدّوافع في نفس الوقت هو علاوة على عدم أهليّة ما يسمّى بالجيش العراقيّ وبقيّة الميليشّيات العراقيّة وعدم قدرتها على تحقيق ما يصبو له الفرس، تصميم هؤلاء على ضرورة حسم المسألة مهما كلّف الأمر، وهو ما جعلهم ينتقلون مباشرة للتّخطيط والتّنفيذ والعمل العسكريّ بقيادة وإشراف سليماني.
فالمعلوم أنّ التّطوّرات في سوريّة تجري على عكس ما يأمله الفرس، ناهيك عمّا تكبّدوه وعملائهم من خسائر فادحة في الفلّوجة، وهي وضعيّة مأزومة تستبدّ بإيران ما يجعله محتاجة للتّدخّل تدخّلا عاجلا وملاحقة نصر ولو جزئيّ محدود وتكتيكيّ في العراق وهو هدفهم الأغلى.
ففي العراق، لا بد من التّأكيد أيضا على تنامي السّخط الشّعبيّ في محافظات الفرات الوسط والجنوب وتصاعد الاحتجاجات المدنيّة الرّافضة صراحة لكلّ ما ترتّب عن الغزو وخصوصا تغوّل إيران وهو ما ترجمته شعارات المتظاهرين أسبوعيّا " إيران برّه.. بغداد تبقى حرّة " وتجرّؤهم على حرق مقرّات ومكاتب لأحزاب الدّعوة والصّدر وغيرهما من أحزاب إيران، وهو الأمر الذي يقضّ مضاجع قادة الفرس، لأنّهم يعلمون أنّ انحسار مشروعهم في العراق، واستعادة الوعي لدى العراقيّين سيئد تماما وإلى الأبد أحلامهم ومساعيهم لإحياء امبراطوريّتهم الغابرة.
ومثل هذه المهّمات في تقدير القيادة الإيرانيّة المجرمة، لا يمكن لغير المجرم الإرهابيّ قاسم سليماني أن يتكفّل بها.
أنيس الهمّامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في ٨\٦\٢٠١٦