بعد موقعة القادسية اختلفت خريطة الأرض، واختلفت التوقعات بالنسبة لنتائج الحروب، واختلفت كل الموازين في الأرض بعد هذه المعركة الفاصلة بين المسلمين والفُرْس، وإذا كان هناك رجال يغيرون التاريخ، فرجال القادسية هؤلاء الرجال بمن فيهم أمير الجيوش، وبمن فيهم أصغر جندي لا نعرف اسمه، ولا نعرف نسبه.
هذا اليوم يُقاسُ في التاريخ بيوم بدر، وكان الجيش الإسلامي في القادسية يتضمن سبعين رجلاً أو أكثر من رجال بدر، وهذا أعطى للقادسية أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي.
وقف الجيشان أمام بعضهما البعض، وفي لحظة عبور الجيش الفارسي كان الوقت قد مضى من أول النهار، وشاء الله في هذا اليوم واليوم الذي قبله أن يمرض سعد بن أبي وقاص، فقد أصيب بدمامل في ظهره، وأُصِيبَ بعِرْق النَّسَا؛ فكان لا يستطيع أن يمشي، ولا يستطيع الجلوس، فلم يكن يستطيع أن يمتطي حصانهُ، فاتخذ قصر "قديس" مكانًا للقيادة وصعد إلى أعلى القصر، ولم يستطع الجلوس؛ فنام على صدره على قمة القصر ووضع وسادة تحته، وبدأ بإدارة المعركة من فوق القصر، واستخلف على الجيوش خالد بن عرفطة الذي كان من قواد المسلمين المهرة، فيقوم خالد بن عرفطة بقيادة الجيوش ويدير سيدنا سعد بن أبي وقاص المعركة من فوق القصر متابعًا خالد بن عرفطة بالرسائل التي يرسلها إليه، فينفذها الجيش عن طريق خالد، واعترض بعض الناس على إمارة سيدنا خالد بن عرفطة، فما كان من سيدنا سعد بن أبي وقاص إلا أن قام بالقبض على هؤلاء المشاغبين، وكان يتزعمهم أبو محجن الثقفي، وهو من أشد مقاتلي العرب ضراوة وكان يجيد الشعر الجهادي، وكان المسلمون يُعوِّلون عليه كثيرًا؛ فقد كان له دور كبير، لكنَّ سيدنا سعد بن أبي وقاص لم يكن يتهاون في مثل هذه الأمور، وكانت الحرب الإسلامية حربًا تربوية، فتعمَّد سيدنا سعد بن أبي وقاص حبس هذه المجموعة في قصر "قديس"، ومنعها من الاشتراك في القتال بسبب اعتراضها، وفي ذلك درس تربوي مهم رغم قلة عدد المسلمين، ورغم كون المسلمين محتاجين إلى كل جهد بشري، ولكنها الحرب التربوية كما ذكرنا من قبل.
وأرسل سيدنا سعد بن أبي وقاص بيانًا إلى المسلمين عن طريق سيدنا خالد بن عرفطة يقول فيه: أما والله لولا أن عَدُوَّكم بحضرتكم لجعلتكم نكالاً لغيركم. فقام جرير بن عبد الله وقال: أما إني -واللهِ- بايعت رسول الله على أن أطيع أميري، ولو كان عبدًا حبشيًّا.
فجاء هذا الكلام ليؤيد سيدنا سعد بن أبي وقاص في قراره في حبس هذه المجموعة، ثم قال سعد: واللهِ لا يعود أحدٌ بعدها يشغل المسلمين عن عدوهم إلا سننت فيه سنة تؤخذ من بعدي. ولم يوضح العقاب؛ وذلك لإثارة الرعب في قلوب المشاغبين ومن يعصي الأمير في مثل هذا الموقف، ثم كتب سيدنا سعد بن أبي وقاص خطبة ووزعها على الرسل؛ لتصل إلى كل الجيش وذلك يوم القادسية، يقول فيها سيدنا سعد بن أبي وقاص: "إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونثني عليه الخير كله. إن الله هو الحق لا شريك له في الملك، وليس لقوله خُلْف، قال جلَّ ثناؤه: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105 ], إن هذا ميراثكم وموعود ربكم، وقد أباحاها اللهُ لكم منذ ثلاث حجج؛ فأنتم تطعمون منها، وتأكلون منها، وتجبونها، وتقتلون أهلها، وتسبونهم إلى هذا اليوم بما نال منهم أصحاب الأيام منكم، وقد جاءكم منهم هذا الجمع، وأنتم وجوه العرب وأعيانهم، وخيار كل قبيلة، وعِزُّ مَن وراءكم. فإن تزهدوا في الدنيا وترغبوا في الآخرة جمع الله لكم الدنيا والآخرة، ولا يُقرِّب ذلك أحدًا إلى أجله، وإن تهنوا تفشلوا وتضعفوا تذهب ريحكم، وتوبقوا آخرتكم".
هذه خطبة سيدنا سعد بن أبي وقاص في القادسية، والمتأمل في الخطبة يجد أنها تنقسم إلى أربعة مقاطع: أول هذه المقاطع يذكر للمسلمين أن النصر وارد في حقهم من خلال الأدلة النقلية التي ذكرت في الكتاب والسنة، فيذكر لهم {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]. فهذه حقيقة قررها الله في كتابه؛ فيطمئن المسلمين أن الله سيورثهم هذه الأرض إن كانوا صالحين، ولا بد لأهل الإيمان أن يصدقوا هذه الحقيقة. ثم يذكر لهم الأدلة العقلية، فيقول لهم: وقد أباحاها الله لكم منذ ثلاث حجج وأنتم آكلون من هذه الأرض، وتقتلون أهله، وتأسرونهم، وتنتصرون عليهم منذ ثلاث سنين، وتفعلون ذلك بما فعل أصحاب الأيام منكم. وبعد ذلك يثني سيدنا سعد بن أبي وقاص على جمع المسلمين فيقول: "وقد جاءكم منهم هذا الجمع، وأنتم وجوه العرب، وأعيانهم، وخيار كل قبيلة، وعِزُّ مَن وراءكم". فشكر هذه الطائفة ولم يبالغ في الثناء، فهذه الطائفة أفضل طوائف العرب، وأفضل المقاتلين في العرب جمعوا في القادسية، فيعطيهم هذا القدر وتلك القيمة، فيشعر الناس بعزتهم وبقوتهم مما يدفعهم للقاء عدوهم غير مجبونين، ولا خائفين من الفرس. ثم يضع يده على مفتاح النصر: "فإن تزهدوا في الدنيا وترغبوا في الآخرة جمع الله لكم الدنيا والآخرة، ولا يقرب ذلك أحدًا إلى أجله، وإن تهنوا تفشلوا وتضعفوا وتذهب ريحكم، وتوبقوا آخرتكم".
وهذه الكلمات ذكرها سيدنا أبو بكر الصديق لسيدنا خالد بن الوليد في أول فتوحات فارس في وصية قصيرة كانت عبارة عن هذه الجملة: "إنْ تزهدوا في الدنيا وترغبوا في الآخرة جمع الله لكم الدنيا والآخرة، وإن تُؤْثِروا أمرَ الدنيا على الآخرةِ تُسلَبوهما"؛ فهم سيدنا سعد بن أبي وقاص هذا المعنى وأراد توصيله إلى الجيش، فحَمَّسَتْ هذه الخطبةُ الناس، وتحفزوا للقاء الفرس. ثم قام عاصم بن عمرو في المجردة، فقال: هذه بلاد قد أحلَّ اللَّهُ لكم أهلها، وأنتم تنالون منها منذ ثلاث سنين ما لا ينالون منكم، وأنتم الأعلون واللَّه معكم إن صبرتم، وصدقتموهم الضرب والطعن فلكم أموالهم ونساؤهم وأبناؤهم وبلادهم، ولئن خُرْتم وفشلتم -والله لكم من ذلك جار وحافظ- لم يُبقِ هذا الجمعُ منكم باقية، اللهَ اللهَ، اذكروا الأيام وما منحكم الله فيها، اجعلوا همَّكم الآخرة، يا معاشر العرب إنكم تخاطرون بالجنة وهم يخاطرون بالدنيا، فلا يكونُنَّ على دنياهم أحوطَ منكم على آخرتكم، لا تُحْدِثوا أمرًا تكونون به شَيْنًا على العرب.
ثم أرسل سيدنا سعد بن أبي وقاص إلى كل من له كلمة، وكل من له خطابة في المسلمين حتى يخطب في الجيش ويحفز الناس؛ فقام قيس بن هبيرة فقال: أيها الناس، احمدوا الله على ما هداكم يزدْكم، واذكروا آلاء الله فإنَّ الجنة أو الغنيمة أمامكم. ثم يَعْرِضُ للمسلمين بشيءٍ محبَّبٍ إلى النفوس، فيقول لهم: وإنه ليس وراء هذا القصر -ويقصد قصر قُدَيْس- إلا العَرَاء، والأرض القَفْر، والظَّراب الخشن (أي التلال الصغيرة)، والفلوات التي لا يقطعها الأدلة (يريد أنكم تاركون هذه الصحراء إلى جنات فارس الخضراء). ثم يقوم غالب بن عبد الله فيقول: أيها الناس، احمدوا اللهَ على ما أبلاكم، وسَلُوه يَزِدْكم، وادعوه يُجِبْكُم، يا معاشِرَ العرب ما عِلَّتكم اليوم وأنتم في حصونكم (أي على خيولكم)، ومعكم من لا يعصيكم (أي السيوف)؟ اذكروا حديث الناس في الغد؛ فغدًا يبدأ بكم ويُثَنَّى بمن بعدكم. ثم يقوم ابن الهذيل في القادسية، فيقول: يا معاشر العرب، اجعلوا حصونكم السيوف، وكونوا عليها كالأسود، وتَرَبَّدُوا تربُّدَ النمور، وثِقوا بالله، وإن كلَّت السيوف فأرسلوا عليهم الجنادل (أي الحجارة)؛ فإنها يؤذن لها فيما لا يُؤذَن للحديد فيه (وفي فلسطين أُذِنَ للحجارة فيما لم يؤذن فيه للحديد). ثم قام ربعي بن عامر فقال: أيها المسلمون، إن الله قد هداكم للإسلام، وجمعكم به، وأراكم الزيادة فاشكروه يزِدْكم، واعلموا أن في الصبر الراحة؛ فَعَوِّدوا أنفسكم على الصبر تعتادوه، ولا تعودوها على الجزع فتعتادوه. فحَمِيَ المسلمون، وقَوِيَت شوكتهم، وتحفزوا للقتال.
تأجيج الحماس في قلوب المسلمين:
هذه بدايات الجيش الإسلامي التي جعلته يدخل المعركة بروح عالية، بينما كان الجيش الفارسي لا يريد دخول المعركة، وقد ملأ الشعور الهزيمة قلب رستم، وقد رأى رؤيَيَيْن أن النبي يأخذ سلاحه، ويختم عليه، ويعطيه لسيدنا عمر بن الخطاب ، ثم يعطيه لسعد؛ فدخل المعركة بهذا الشعور الانهزامي، على النقيض من الجيش الإسلامي الذي كان يتمتع بالروح العالية، ثم يرسل سيدنا سعد بن أبي وقاص بيانًا إلى الناس، وذلك قبل صلاة الظهر؛ لِيُقْرَأَ على كل الكتائب، يقول لهم فيه: "الزموا مواقفكم لا تحركوا شيئًا حتى تُصَلُّوا الظهر، فإذا صلَّيتم الظهر فإني مُكبر تكبيرة، فإذا كبرت فكبروا، ثم شدوا شُسُوعَ نِعَالِكُم، واعلموا أن التكبير لم يُعْطَه أحدٌ من قبلكم، وإنما أُعْطِيَ لكم لتأييدكم".
فاللهُ أكبرُ من الفُرْسِ ومن الروم! اللهُ أكبرُ من كل أهل الأرض إذا كانوا يحاربون الله ورسله، ويحاربون من ساند دين الله I. فهذه الكلمة كانت علامةَ البدء وكلمة السر عند المسلمين، وذكرهم سيدنا سعد بأن هذه الكلمة هديةٌ من الله لهم، فعليهم أن يقدروا قيمتها، فإذا كبرت التكبيرة الثانية فكبروا وتهيئوا ولتستتموا عُدتكم؛ فإذا كبرت الثالثة فكبروا، وليخرج فرسانكم وليخرج أهل النجدة والبلاء، ولْيُنشِّطْ فرسانُكم الناسَ على القتال؛ ليبارزوا ويطاردوا (وما زال الجيش واقفًا ولم يلتحم بعدُ مع الجيش الفارسي، ولم يخرج غير كتيبة الفرسان للقتال)، فإذا كبرت الرابعة فشدوا النواجذ على الأضراس، واحملوا وازحفوا جميعًا حتى تخالطوا عدوكم، وقولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله". وقد استعان بها المسلمون على فتح حصون الفرس، واستعانوا بها على فتح حصن الأنبار، واستعان بها محمد الفاتح في فتح القسطنطينية، وقد قال لجيشه: "قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله يفتحِ اللهُ لكم".
وبالفعل فُتِحَتِ الحصونُ بهذه الكلمة، فيوصيهم سيدنا سعد بن أبي وقاص بقول لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا هو بيان خطة المعركة، ألقاه سيدنا سعد للجيش من فوق قصر "قديس" عن طريق سيدنا خالد بن عرفطة، ثم يحين موعد صلاة الظهر فيُؤَذَّن لصلاة الظهر، وظنه رستم نداء الحرب فتحرك نحو المسلمين، وما إن سمع المسلمون إقامة الصلاة حتى اصطفوا لها، فنادى رستم على جيشه بأن يأخذوا أُهْبَتَهُم ويستعدوا للقاء المسلمين؛ فتقول له العيون: إنما هذا للصلاة وليس للحرب.
فيتعجب رستم ويقول: عجيب أمر هؤلاء الناس، حتى وَهُمْ في ميدان المعركة حريصون على الصلاة. ثم تُقامُ الصلاةُ ويَؤُمُّ المسلمين سيدنا خالد بن عرفطة، ويصلي بهم صلاة الحرب (وإحدى كيفياتها: أن يصلي الإمام ببعض أصحابه ركعتين، ثم يسلموا ثم يتأخروا، ويقوموا للحراسة، ويأتي الآخرون "باقي الجيش" فيكونون في مقامهم فيصلي بهم ركعتين، ثم يسلم؛ فيكون الإمام قد صلَّى أربع ركعات، وللقوم ركعتان ركعتان، ولها كيفيات أخرى)، ومشروعية هذه الصلاة في الحرب حتى لا يقوم المسلمون بالصلاة كلهم؛ فيأتيهم العدو من خلفهم فيهجموا عليهم.
وأتمَّ المسلمون الصلاة، وألقى الله الرُّعب والرهبة في قلوب الفرس، وكما تعجب رستم نتعجب نحن أيضًا؛ كيف أن المسلمين أقاموا الصلاة في أول وقتها في هذا الموقف الجلل، والجوِّ المشحونِ بالخطورة؟! وهذا هو مفتاح النصر الذي ذكره سيدنا سعد بن أبي وقاص في البداية: "إن ترغبوا في الآخرة، وتزهدوا في الدنيا تُعْطَوا الدنيا والآخرة". وهذا ما كان يمتلكه المسلمون في هذا الوقت، ثم يأمر سيدنا سعد بن أبي وقاص القُرَّاء بالانتشار في الكتائب، وقراءة سورة الجهاد (الأنفال)، فيفعلون. ونذكر منها هنا بعض الآيات؛ لنعيش في الموقف الذي عاش فيه المسلمون في القادسية..
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 9-18].
وقُرِئَت سورةُ الأنفال كاملةً، وكان المسلمون يتعلمونها في الجهاد، وهَشَّت القلوبُ، وانهمرت الدموع من العيون، وتذكَّر البدريون من صحابة رسول الله موقعة بدر، وتذكروا كيف أنزل الله ملائكته عليهم، وكانت عدتهم قليلة، وكان الكفار أكثر منهم، وأنزل الله عليهم الملائكة، وشاهدوا أعناق الكفار وهي تطير حتى قبل أن تصلَ إليها السيوف، وعندما سألوا النبي عن ذلك، قال لهم: إنها الملائكة. وتذكروا المطر الذي نزل فثبَّت الأقدام، وزلزل الأرض من تحت أقدام المشركين، تذكروا الانتصار الذي امْتنَّ الله به على المسلمين في موقعة بدر على أهل الكفر رغم أن كل التوقعات كانت تؤيد انتصار الكفر، وفي القادسية يتكرر الموقف نفسه فيتذكر المسلمون هذه المعركة، ويتذكرون النبي فتنهمر الدموعُ من أعينهم، ويُخَضِّب الدمعُ لحاهم فيتأثر كل من في أرض القادسية بهذا الموقف، ويتشوقوا إلى لقاء الفُرس؛ ليتحقق لهم ما تمنَّوْه، وما وُعِدُوا به من إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة.
بدء القتال:
بعد قراءة سورة الأنفال شعر سيدنا سعد بارتفاع الروح المعنوية لدى المسلمين، وأنهم على أُهْبَة الاستعداد وأتمِّه للقاء الفرس؛ فصاح رافعًا صوته قائلاً: الله أكبر! فكبر من ورائه المسلمون جميعًا، وكان عددهم اثنين وثلاثين ألفًا، فأوقعت هذه الصيحة الرعب والفزع في قلوب أهل فارس، وتحفز المسلمون للقتال ولكنهم كانوا ينتظرون التكبيرات الأربع، ثم يكبر سيدنا سعد بن أبي وقاص التكبيرة الثانية فتصطف الصفوف، وتُرفَع السيوف من الأغماد، ويستعد الناس للقتال، ثم يكبر سيدنا سعد التكبيرة الثالثة فتخرج كتيبة الفرسان أفضل مجاهدي المسلمين من ناحية القتال المهاري على أشد الخيول ضراوةً إلى ساحة القتال يطلبون المبارزة؛ ليحفزوا المسلمين وينشطوهم، وكان من أوائل من خرجوا من فرسان المسلمين للقتال ربيعة بن عثمان، وغالب بن عبد الله، وعمرو بن معديكرب، وعاصم بن عمرو التميمي، وكان أول قتال نشب بين ربيعة بن عثمان من قبيلة هوازن وأحد أشداء الفرس، وكان قتالاً شديدًا، وتقاتلا مدة كبيرة، وأَذِن اللهُ لربيعة بن عثمان بقتل الفارسي بعد قتالٍ عنيف، وكان أول قتيل من الفرس في أرض القادسية فكبر المسلمون، وربط الله على قلوب المسلمين، وألقى الله الرعب في قلوب الفرس، وهبت ريح النصر على المسلمين..
وتقدم سيدنا غالب بن عبد الله صحابي رسول الله ليقاتل فخرج له هرمز (وهو غير هرمز المقتول بسيف سيدنا خالد بن الوليد في موقعة ذات السلاسل)، وكان ملك منطقة الباب في فارس بجوار بحر قزوين، فتقاتلا قتالاً شديدًا، وأتم الله النعمة على سيدنا غالب بقتل هرمز في أرض المعركة وبسلبه تاجه، فانهارت معنويات الفرس، وخُلِعَت قلوبهم من الرعب، وارتفعت معنويات المسلمين، وكبر المسلمون بعد قتل هرمز ملك منطقة الباب، وقام عمرو بن معديكرب يتمشى بين الصفوف، وكان يحمل أقوى سيوف العرب وهو سيف الصمصامة (صورة للسيف إن أمكن)، وكان رجلاً ضخم الجثة قوي البنيان، وكان من المهرة في القتال، وكان يحفز الناس قائلاً لهم: قاتلوهم كما تقاتل الأسود، فأنتم اليوم أقوى من الأسود. فتقدم إليه رجل من الفرس ورماه برمح فوقع على درعه وسقط على الأرض، وكانت رماح الفرس من طولها يسمونها نشابًا، وتوجه سيدنا عمرو بن معديكرب نحو الفارسي وحمل عليه حملة واحدة فخطفه من فوق فرسه، ورجع به إلى المسلمين، وألقاه على الأرض، وضرب رأسه بسيفه؛ فقطعها بضربة واحدة ثم أخذ رأسه وألقاها ناحية فارس، وأخذ سواريه ومنطقته، وحمل سيدنا عاصم بن عمرو رابع الفرسان الذين تقدموا على رجل من أهل فارس، فترك هذا الرجل فرسه وهرب إلى الجيش الفارسي؛ ليحتمي بهم فأخذ سيدنا عاصم فرسه وعاد به غنيمة إلى المسلمين، وكتب الله النصر للفرسان الذين تقدموا من المسلمين، مما ثبت الله المسلمين وربط على قلوبهم، وألقى الله بذلك الرعب والوهن في قلوب الفرس.
القلوب بين أصابع الرحمن:
بعد هذه الانتصارات التي حققها المسلمون، وبعد الرعب الذي وقع في قلوب أهل فارس يحدث حدث غريب لم يحدث من قبل، ولم يحدث بعد ذلك في الحروب الفارسية، وتناقله الرواة في رواياتهم لحروب فارس، وكان حادثًا مؤسفًا وهو أن أحد المسلمين في الجيش الإسلامي ارتدَّ وانتقل من معسكر الإيمان إلى معسكر الكفر والوثنية، وليس بينه وبين الشهادة إلا مسافة غير بعيدة، ولكنه ارتد رافعًا يده مستسلمًا للفرس.
ويحكي الرفيل (وكان أحد الفرس الذين أسلموا وأخفوا إسلامهم وبقي في جيش الفرس عينًا للمسلمين) أن هذا الرجل جاء إلى الفرس، وأعلن ارتداده وانضمامه إلى صفوف الفرس وترك جيش المسلمين، وكانت هي الحادثة الوحيدة التي حدثت طيلة الحروب الفارسية، وسأله الفرس: أي العرب أشد؟ فقال لهم: إن بأسهم في بجيلة؛ فإذا انتصرتم عليها وهنت لكم قوة العرب. فلما وصل هذا الكلام إلى رستم أصدر أمرًا بتقدم الميمنة والمقدمة نحو بجيلة، فيتوجه الهرمزان على رأس ثمانية وعشرين ألف مقاتلٍ، والجالينوس على رأس أربعة وعشرين ألفًا، وكان مجموع الفرقتين اثنين وخمسين ألف مقاتل، وتتوجه هذه القوة إلى قبيلة بجيلة، وإلى هذه اللحظة لم يطلِق سيدنا سعد بن أبي وقاص التكبيرة الرابعة، وما إن توجهت هذه الأعداد إلى قبيلة بجيلة حتى أمطروهم بوابل من السهام، فاتَّقى المسلمون السهام، وتقدمت الفِيَلة نحو بجيلة فنفرت الخيل من أمام الفيلة، وبدأ الفرسان يدفعون بالمشاة ليتقدموا ويدفعوا عن الخيول، وكان هذا الموقف من أشد المواقف صعوبة على المسلمين، وقاتل المسلمون بصعوبة شديدة، وثبت المشاة من المسلمين ولم تثبت الخيول، وبدأت الكفة ترجح في جانب الفرس.
حِنْكَةُ سعد بن أبي وقاص:
من فوق قصر (قُدَيْس) رأى سيدنا سعد بن أبي وقاص بنظرته الحربية أنه لو أطلق التكبيرة الرابعة لهجمت الفرق الإسلامية على فرقة الجالينوس وفرقة الهرمزان، مما يعطي الفرصة لبقية فرق الفرس المنتظرة دون قتال بقيادة مهران والبيرزان وبهمن للالتفاف حول الجيش الإسلامي ومقاتلته من الخلف، فخشي سيدنا سعد من إطلاق التكبيرة الرابعة إلا بعد اشتراك هذه الفرق في القتال حتى تواجههم الفرق الإسلامية وجهًا لوجه، ولا تلتف خلف الجيش الإسلامي.
فيصبر سيدنا سعد بن أبي وقاص حتى يرى ما تنتجه الأحداث، وتثبت بجيلة ولكن الأمر في غاية الصعوبة، فأعداد الفرس ضخمة وهجوم الأفيال شديد جدًّا، وقد ألقى الفرس تحت أرجل خيول المسلمين حسك الحديد (قطعًا تشبه الخوازيق)، فكان هذا الموقف من أشد المواقف على المسلمين.
بسالة أسد وكندة:
وفي الوقت نفسه أرسل سيدنا سعد بن أبي وقاص رسالة إلى قبيلة أسد أن أغيثوا بجيلة وهي على يمين بجيلة مباشرة، وقبل أن تتحرك قبيلة أسد لنجدة بجيلة، كانت الفرق الفارسية قد توجهت إلى عمق قطاع بجيلة وفي قطاع كندة أيضًا على يسار بجيلة، وعانت القبيلتان من السهام والسيوف الفارسية، ولما وصلت الرسالة إلى قبيلة بني أسد قام طليحة بن خويلد الأسدي وخطب في الناس، وقال لهم: لو يعلم سعد قومًا أجدر منكم على إغاثتهم لاستغاثهم؛ وإنما سميتم أسدًا لتفعلوا فعله، فقاتلوا كما تقاتل الأسود. وكانت لهذه الكلمة أثر السحر في نفوس قبيلة أسد، فقامت وهجمت على فرقة الجالينوس لتذب عن بجيلة الرماح والسهام والسيوف الفارسية، وألقى الله في قلوبهم الثبات، وقاتلت قبيلة "أسد" أشد ما يكون القتال مما جعل العجب يدخل إلى نفوس أهل المعركة، وبعد هذه الهجمة من قبيلة بني أسد وَجَدَ الهرمزان والجالينوس أن الهجوم يأتي من ناحية قبيلة أسد، فوجهوا القتال ناحيتها، وفي أثناء القتال قام الأشعث بن قيس في قبيلة كِنْدَة التي كانت على ميسرة الجيش الإسلامي، وكان الأشعث في الوفد الذي ذهب إلى يزدجرد، وكان قد ارتدَّ من قبل، وزوَّجه سيدنا أبو بكر الصديق أخته أم فروة بعد أن اطمأنَّ إلى إسلامه، فقال لهم: يا معشر كندة، لله دَرُّ بني أسد أي فري يفرون! (أي ما أشد قتالهم!) منذ اليوم أغنى كل قوم ما يليهم، وأنتم تنتظرون من يكفيكم البأس. فتحمست كندة، وخرج له أهل النجدة، وتحولت قبيلة كندة من الدفاع إلى الهجوم ضد القوات الفارسية لِتَذُبَّ عن قبيلة بجيلة وقبيلة أسد، والتفت القبائل الثلاثة حول الفرقتين الفرسيتين بقيادة الهرمزان والجالينوس، ولضيق المكان لم يتمكن الجيش الفارسي من الالتفاف حول الجيش الإسلامي، وكانت مشكلة الجيش الفارسي أن صفوفه كانت متكدسة في الطول، وعرضهم كان موازيًا لعرض المسلمين، ودارت رَحَى المعركة على قبيلة بجيلة وأسد، وقبيلة كندة التي كانت تحاول مساعدة المسلمين، ولما رأى رستم ما حَلَّ بجيشه أمر بهمن جاذويه قائد القلب أن يترك مكانه ويتقدم ناحية قبيلة أسد، فيتقدم بهمن على رأس عشرين ألف مقاتل وخمسة أفيال إلى قبيلة أسد مهاجمًاً، وللمرة الثانية بدأت الكفة ترجح في ناحية الفرس.
التغلب على الأفيال:
تعجب سعد بن أبي وقاص لما رأى الأفيال من فوق القصر وأنها فوق طاقة المسلمين، فنادى على عاصم بن عمرو التميمي وقال له: ألا لك في الفيلة من حيلة؟ فقال: بلى والله. فانتخب سيدنا عاصم بن عمرو التميمي أفضل فرقة من قبيلة تميم، وكانوا من أفضل القبائل رميًا بالسهام، وبدأت هذه الفرقة برمي قائدي الفيلة بالسهام، فكان كل فيل حاملاً تابوتًا كبيرًا عليه أكثر من قائد، وقسَّم سيدنا عاصم بن عمرو التميمي من معه إلى فرقتين: فرقة ترمي قُوَّاد الفيلة بالسهام، والأخرى تندس داخل الجيش الفارسي لتقطع أحزمة التوابيت التي فوق الأفيال، وكانت فكرة سيدنا عاصم أن تفقد هذه الفيلة توجهها -وكانت في القيادة- لتتجه نحو الجيش الفارسي.
واستطاعت هذه الفرقة أن تصيب طائفة كبيرة من قواد الأفيال، واستطاعت الفرقة التي اندست في الجيش الفارسي أن تقطع أحزمة توابيت الأفيال، وكلما وقع تابوت كبر المسلمون، وتقدموا إليه وقتلوا من فيه، وحدث ذلك في معظم التوابيت الثلاثة عشر، وعند ذلك يكبر سيدنا سعد بن أبي وقاص التكبيرة الرابعة، وما إن انطلقت التكبيرة الرابعة حتى انطلق المسلمون ناحية الجيش الفارسي، ويتقدم كذلك الجيش الفارسي وتلتحم الصفوف، واشتدت رحى الحرب دورانًا، وكانت المعركة على أشدها، وبدأت أسد وبجيلة في دفع بهمن جاذويه إلى الخلف، وكانت مرحلة لم يفكر المسلمون في الوصول إليها، فقد كانت البداية شديدة على قبيلتي أسد وبجيلة، حتى استطاع عاصم بن عمرو التميمي -بفضل الله- أن يرد بأس الفرس شيئًا ما.
وبعد هذا الأمر يستمر القتال بين الفريقين ما بين قاتل ومقتول من الناحيتين حتى بعد غروب الشمس بقليل، وفي هذا الوقت كانت الجيوش لا تقاتل ليلاً، ونهكت قوى الفريقين وكان القتال في غاية الشدة، واستمر القتال حتى دخل وقت صلاة العشاء، فبدأ الفريقان بترك أرض القتال كلٌّ منهما عائدًا إلى مكانه قبل صلاة العشاء في أول الأيام، وكان يوم القادسية موافقًا للثالث عشر من شعبان في العام الخامس عشر الهجري، وسمِّيَ هذا اليوم بيوم أرماث، واختلف الرواة في سبب تسمية هذا اليوم بهذا الاسم، لكن بالعودة إلى معنى الكلمة يتضح الأمر شيئًا ما؛ فمعنى كلمة أرماث اختلاط الشيء بالشيء، وكان الأمر مختلطًا في ذلك اليوم على الفرس وعلى المسلمين، ولا نستطيع الجزم بانتصار المسلمين أو انتصار الفرس، وأدرك المسلمون قوة الفرس، فإن المسلمين قد اعتادوا في المعارك السابقة انتهاء المعركة في يوم واحد وقبل الظهر، لكن هذه المعركة لم تتحقق فيها نتيجة حتى بعد غروب الشمس، وإن كانت الغلبة ظاهرة في هذا اليوم في صف الفرس إلى حد ما.
واستشهد في أول أيام القادسية من المسلمين خمسمائة شهيدٍ، منهم أربعمائة شهيد أو أكثر من قبيلة أسد وحدها التي قامت تذب عن قبيلة بجيلة، وقُتِلَ من الفرس أكثر من ألفين، وكان في المسلمين إصابات كثيرة.
ولم يقع قتال بين الفريقين في هذه الليلة وسميت بليلة الهَدْأَة، وبدأ المسلمون بجمع شهدائهم ونقلهم إلى منطقة "عذيب الهجانات"، وتقع قبل القادسية بميل أو أكثر، ونقلهم المسلمون على الإبل حيث كانت النساء ينتظرن المسلمين، حيث كان المسلمون قد خرجوا إلى القادسية منذ شهور، وأخذوا معهم نساءهم، وعسكروا في منطقة "عذيب الهجانات" في مؤخرة الجيش الإسلامي، وكان على النساء حبيب بن جرير الأنصاري، بالإضافة إلى اختصاصه بشئون الجرحى والشهداء، وبدأت النساء بحفر القبور، ولا تدري أيتهن من يُدفن في هذا القبر إن كان أباها أو أخاها أو ابنها، ودُفِنَ الشهداءُ في الليلة نفسها، وتجهز المسلمون لملاقاة الجيش الفارسي في اليوم الثاني.
تحفز المسلمين للقتال:
في هذه الليلة تجلس الخنساء مع أبنائها الأربعة؛ لتحفزهم على القتال، وألا يفروا من المعركة إذا حمي وطيس الحرب، وأن يكونوا على الجنة أحرص منهم على الحياة، وهي التي بكت سنينَ على أخيها صخرٍ عندما قتل في الجاهلية، وكانت شاعرة من شاعرات العرب في الجاهلية، ومَنَّ اللهُ عليها بالإسلام، وخطبت في أبنائها؛ فقالت: إنكم أسلمتم طائعين، وجاهدتم مختارين، وقد تعلمون ما أعدَّ الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، فإذا أصبحتم غدًا سالمين فاغدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين.
وفي المقال القادم نستكمل باقي أيام القادسية إن شاء الله.