سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

سعاد العبيدي / العراق - ما الذى حدث لعقل الدولة العراقية ؟ من مقالات العدد 36 من مجلة صدى نبض العروبة


ما الذى اعترى الأمة أو شبه الأمة التي تم تكوينها وتشكيل معالمها وهويتها طيلة سنوات نضالها الوطني والقومي والانساني ؟ ..
أين ذهب القانون وخبراته في التطبيق، وتنظيم الدولة وأجهزتها، والأهم تنظيم تفاعلات العلاقات الاجتماعية ؟ .. لماذا غابت هيبتها في تنظيم الحياة اليومية وعلاقات المواطنين مع بعضهم البعض ؟ .. 

ما الذى يكمن وراء المشكلات الطائفية والعرقية التي زرعها الاحتلال ومن جاء معه من خارج الحدود بين أبناء الوطن الواحد ؟.. 
هل نحن ازاء واقعة خلاف بين طالبين من القبيلتين حول فتاة، أو كتابة بعض العبارات النابية أو الفاحشة أو السياسية على الجدران ؟.. 
أم أن الواقعة تحمل في أبعادها مخاطر كبرى على التكامل الوطني ، وعلى الدولة وادارتها ونظامها السياسي وأجهزتها الأمنية والقضائية في ظل استمرارية موجات عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي ؟...
هناك تجريف للعقل الوطني ، كنتاج لشيخوخة العقل الحاكم، وضعف خبرات أجهزته الأمنية والاستخباراتية والتكنوقراطية، نظرا للتجريف المستمر منذ أكثر من أربعة عشر عاما مضت، والاستبعادات الممنهجة للكفاءات، والاعتماد في التجنيد السياسي على معايير الولاء التام للأشخاص والمحسوبية والوساطات ، وتوريث المهن الحساسة والنقل اليها والعمل بها .. أدى ما سبق وغيره من أسباب الى شيوع ظاهرة توريث وتخصيص المهن في عديد من الأجهزة المهمة .. أن منطق الأسرة والعائلة والقبيلة أدى الى تغيير في تفكير وعمل الدولة ونوعيته ، والميل الى التواطئات والنفاق والمداهنة كقيم ومعايير للترقي داخلها ،  والأهم دفع الى اسناد مواقع بالغة الحساسية لأشخاص لا يمتلكون الكفاءة اللازمة لاشغالها، من ناحية أخرى هيمنة ما جاء بهم الاحتلال وبعض من الموالين للسلطة الحاكمة العميلة على اشغال بعض المواقع القيادية .. لقد أدت ظاهرة تجريف عقل الدولة الى غياب الرؤى السياسية الخلاقة ، والسياسات الرشيدة والفعالة ، لتطوير فكر الدولة وتقاليدها ، وتجديد خلاياها .. والأخطر فقر السياسة وأساليب عملها ، وارتخاء الارادة ، وعدم استيعاب الظواهر السياسية والاجتماعية والأمنية الجديدة ، بل وعدم متابعة تطور الدول.. بينما تمت وعلى نحو ممنهج تصفية واستبعاد واغتيال الكفاءات، على نحو أدى الى بروز ظواهر الاغتراب السياسي، ووهن الانتماء الوطني ، وعلى نحو آخر غاب عقل الدولة السياسي عن النظرة الى ملامح بدايات تبلور الظواهر والمشكلات الانقسامية الخطيرة التي تمس الاندماج الوطني ، والهوية العامة ومكوناتها وتعددياتها في اطار الوحدة وفي اطار التنوع الثقافي الوطني والقومي .. أن تعامل العقل الدولتي - الأمني والبيروقراطي والاستخباراتي ... الخ  مع مشكلات "الفتنة الطائفية" وتراكماتها ، ومع التوظيف السياسي المفرط للدين والمتعدي له أحيانا في السياسة والهوية ونظام الشرعية السياسية، أدى الى تفاقم "التطرف" ، والى سعى بعض الجماعات الاسلامية السياسية الى تحويل الدولة الحديثة الى دولة دينية ، والى اقصاء مكونات الهوية واقصاء التعدد والتنوع في الهويات ، وفي تركيب الهوية الجامعة للعراق والعراقيين ..  فقد أدى عدم كفاءة عقل الدولة وأجهزتها الى استبعاد سلطة القانون لمصالحها الخاصة ... 
الأغلبية العظمى من العراقيين باتوا يعرفون أنهم يستطيعون الافلات من العقاب حتى في جرائم القتل من خلال قانون القوة، ويمكن أن تدفع الديات، أو التهجير القسري لمن لا عزوة ومكانة لهم، كما حدث في تهجير بعض المسيحيين، والمسلمين على حساب الطائفة، من أماكن سكناهم وبعلم الدولة والقانون .. وهكذا تستمر سطوة قانون الأعراف والديات نقيضا لقانون الدولة، وقانون الغالبية الأكثر القبلي والعائلي الذى تديره بعض أجهزة الدولة نقيضا لدورها ووظيفتها وواجبها.. من هنا بدأت مصطلحات الحروب تستخدم كالهدنة بين أبناء الشعب الواحد ومجالس القبائل والقضاة العرفيين ... الخ .. ما قيمة القانون وأجهزته في حياتنا اذا كان هؤلاء جميعا في الدولة والقبائل والعائلات الكبرى يقودوننا الى قانونهم أي الى دولة  "اللا قانون" .
www.alssadaa.net

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018