سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(موقف نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام) إعمار العراق: هدف مؤجل أم غاية لن تدرك



 
كاظم عبد الحسين عباس
  أكاديمي عربي من العراق



  نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي كان أمس آخر من أعلن عن معضلة الإعمار المادية حيث قال إن كلفة إعمار العراق تكلف عشرات المليارات ومع التصريح جاء تأكيد من المملكة العربية السعودية باستعدادها للمساهمة في الإعمار شرط أن تطرد إيران من العراق.

 كلام في غاية الجمال والعذوبة ولكن دعونا نحاكمه واقعياً وميدانياً من زاويتيه المهمتين: المال وإيران لنقف على ملامح أو بعض ملامح الحقيقة في هذا التصريح وما شابهه من حيث المضمون واختلف معه في أسم المسؤول المصرح وعنوان وظيفته وصولاً إلى الرؤساء الأمريكان والمسؤولين البريطانيين المتعاقبين منذ عام ٢٠٠٣ بل وحتى قبلها حيث كانت تطرق طبول الحرب على العراق ويحاصر وإلى الآن.
الإعمار وإعادة التأهيل تتطلب إرادة حكومية مخططة ومنفذه وحكومة الخضراء منذ ١٤ عام لا تخطط وإذا خططت لا تنفذ لأسباب يعرفها القاصي والداني من أهمها أن المحاصصة في الوزارات جعلت من هذه الوزارات مغانم وطرق كسب للأحزاب والمليشيات وليست طريق لأداء واجبات تخدم الدولة والشعب. ويعبر عموماً عن جانب من جوانب فشل حكومات العملية السياسية الاحتلالية بتعبير أو مصطلح (الفساد) الذي استشرى وانتشر كما الخلايا السرطانية في كل مؤسسات النظام الاحتلالي عمودياً وأفقياً حتى صار العراق هو البلد الأول فيه طبقاً للمعايير الدولية المعلنة وإذا لم يكن الأول فهو الثالث على دول العالم قاطبة في أحيان قليلة يراد منها الإيحاء سياسياً لأغراض الخداع أن الفساد ممكن أن يتراجع.
يظن البعض أننا نغالي ونتطرف ونعلن عن مواقف سياسية بعيدة عن الموضوعية والواقعية حين نقول إن العملية السياسية غير قابلة للإصلاح ومن يسعى لإصلاح حال البلاد والعباد عليه أن يسعى في سبيل واحد لا ثاني له هو إسقاط العملية السياسية واستبدالها بسواها ومختلف عنها في أساساتها: أي حكومية وطنية ليست طائفية ولا تبنى على المحاصصة ومن عراقيين مؤهلين وأكفاء ومخلصين وشرفاء.
الأمريكان والبريطانيين الذين مكنوا إيران من الاحتلال الكامل للعراق عام ٢٠١١ م يعرفون أن ما نطرحه هو الحق الأبلج وهو الطريق الوحيد لتغيير أحوال العراق وأحوال أهل العراق. والمملكة العربية السعودية ومصر ودول الخليج والمغرب العربي والسودان والأردن يعرفون أن ما نطرحه هو الحل الوحيد ولا حل سواه.
وحين تطرح أميركا الشق المتعلق بالثروات المطلوبة للإعمار… من جهة… وتطرح المملكة العربية السعودية الشق المتعلق بمغادرة الاحتلال الإيراني فكلاهما يسطح الأمور ويهمش جذور المحنة والكوارث.
العراق غني بل من أغنى بلاد العالم وإذا عجزت الولايات المتحدة وشركاءها من توفير عشرات أو مئات المليارات لإعادة إعماره فباطن أرض العراق وسطحها كفيلان بتوفيرها بزمن قصير وقصير جداً في اعتبارات السياسة وحياة الشعوب. والمشكلة ليست في توفير الأموال من واردات العراق أو بما يكملها من مساعدات وقروض وهبات تتكفل بها المملكة ولا ضير أو سواها من العرب أو دول العالم بل أننا نجزم ونعيد الإعلان صريحاً أن الأموال التي سرقها أزلام العملية السياسية تكفي لبناء عراق جديد من الألف إلى الياء.
ونحن نحتاج إلى توضيح لمقاصد المملكة العربية السعودية في ما تقصده من طرد إيران من العراق:
هل تقصد المملكة مثلاً طرد سليماني وبعض قطعات الحرس الثوري والإطلاعات؟
أم أنها تقصد طرد السفير وقطع العلاقات بين طهران وبغداد؟
أم تقصد إغلاق الحدود بين البلدين؟
أم: أنها تقصد.. إنهاء العملية السياسية وطرد حزب الدعوة والفضيلة وحزب عمار الحكيم وفيلق هادي العامري وحزب الله العراق ومنظمة العمل الإسلامي بل وحتى مقتدى الصدر كميليشيا إلى جانب عشرات التشكيلات المسماة بالحشد الشعبي؟
إن لطرد إيران معنى واحد لا غير ويتحقق في حالة واحدة فقط لا غير هو إلغاء العملية السياسية وسحب التمكين لهذه الأطراف وغيرها من الإيرانيين في الهوى والمنهج والجنسية من التسلط على العراق ورقاب شعبه لأنهم إيرانيون.
وهؤلاء هم جماجم الفساد المالي والإداري والأخلاقي والسياسي ولن تفيد الأموال إن رصدت لأن هؤلاء لا يمتلكون فلسفة بناء العراق كدولة بل أنهم يتعاملون معه كتابع لإيران ومن بين ممتلكاتها من جهة ولأن بقاء هؤلاء يعني بقاء الأمن مفقود والفتنة قائمة والحروب تتوالد.
إن الإعمار ليس بناء مباني وتبليط شوارع ولا إعمار الصناعة والزراعة والتعليم والخدمات بل هو الأمن المستتب والحرية للشعب كل الشعب بلا اجتثاث ولا قوانين إرهاب ولا إقصاء ولا طائفية ولا محاصصات. فما تبنيه الأموال ستهدمه قذيفة هاون أو قنبلة بل تهدمه قنينة غاز تنفجر في طرف من أطرافه وما تفرضه المادة تقوضه تعاسة الإنسان في بيته وفي السوق وفي المدرسة ومكان عمله.
إننا حين ندعو إلى تغيير العملية السياسية ومقاومتها لحد تقويضها فلأننا ندرك أن هذه العملية منخورة بالباطل والفساد والأغلاط الجسيمة ولا جدوى من بقاءها لا للأمريكان ولا للعرب وأولهم السعودية ودول الخليج وطبعا بقاءها في العراق يعني بقاء الاحتلال وكل الكوارث التي تسبب بها.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018