سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

د. أبو الحسنين علي أكاديمي عراقي مقاوم: الأخطبوط الفارسي ينفذ لجسدنا عبر خلافاتنا العربية .




لطالما كان للحالة الاقتصادية لمصر العروبة أثار كبيرة وحاسمة في توجيه وإفراز مواقفها عامة وتجاه قضاياها القومية خاصة. والعودة إلى الوراء قليلاً تكشف عن الدور والمواقف العراقية إبان حقبة حكمنا الوطني التي تعبر عن تفهم لهذه المعضلة ومحاولات جادة وكثيرة من قبل القيادة العراقية التاريخية بعيدة عن التبجح والمنية التي يمكن أن تثلم الكرامة المصرية وضمن أطر استراتيجيتها وأفق عملها القومي الوحدوي الأصيل. ويمكن أن نعيد للذاكرة في هذا الصدد إصرار العراق على اعتماد مصر كإحدى الدول الرئيسية في تجهيز مواد البطاقة التموينية التي أقرتها الأمم المتحدة ضمن اتفاق النفط مقابل الغذاء.

كان العراق يحاول جاهداً في مواقفه العربية قطع الطريق أمام أية حجة أو ذريعة لنفاذ الوهن والضعف ومن ثم نفاذ الإرادة والاختراق الأجنبي للجسد القومي. 
والعودة السريعة للتاريخ أيضاً تنبئ عن دور مصري في اليمن لم يكن موفقاً وغير مرضي عليه واتسم بمرارة الخسائر وصعوبة التسيير ويعزى ذلك إلى عوامل جغرافية يمنية ولشراسة اليمنيين حين يقاتلون بقناعات (الدفاع عن الوطن). 
وحين تم الإعلان عن التحالف العربي الإسلامي قبل أقل من سنتين بقليل توقف كثيرون أمام المشاركة المصرية فيه ومدى جديتها والأغراض الحقيقية التي تقف وراء هذه المشاركة لمصر التي لا زالت تئن تحت وطأة أحداث ربيع وائل غنيم الذي أفضى إلى سلطة الإخوان المسلمين وبعدها بقليل إلى تغيير قاده الجيش المصري ونتج عنه  استلام السلطة من قبل السيسي في ما اعتبره الكثير من المصريين حركة تصحيح مكلفة جداً للبيئة المصرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية لأسباب تتعلق بشراسة الإخوان المسلمين في تمسكهم بالسلطة والدعم المقدم لسلطتهم من أميركا وغيرها.
وأتفق كثير من المحللين والسياسيين أن للحكومة المصرية أهداف مصلحية اقتصادية هي التي أفرزت قرار المشاركة في عاصفة الحزم فالذاكرة المصرية تختزن ما هو محزن وما هو سلبي تماماً للوقوف بوجه أي تورط مصري جديد على الأرض اليمنية. وجاءت الأحداث لتبرهن صحة التكهنات والتوقعات إذ لم تتعدى المشاركة المصرية حدود الرمزية في الحصار البحري. وفي هذه الأثناء تسربت العديد من المواقف المصرية الحزبية والشخصية المعارضة لأي دور فاعل في (عاصفة الحزم). أكثر من هذا وأعمق إيحاءاً ودلالات هو عديد التقارير الصحفية المصرية التي كانت تتعاطف مع أنصار الله الحوثيين ومنها ما أثار السخرية من الدور المصري الرمزي في المناورات التي أجرتها السعودية والتحالف الغربي الإسلامي. 
وكنا نراقب نحن والعرب الآخرين المنشغلين بما سيؤول إليه الموقف المصري الذي تمتد إليه المخالب الفارسية عبر رجال أعمال وفنانين ومثقفين مصريين يجذبهم حكم الاحتلال الفارسي في العراق تحت ذريعة معادات والتصدي للإرهاب الذي تطور تدريجياً إلى إسناد ما يسمى بالحشد الشعبي الذي هو ميليشيا إيرانية خالصة تنفذ  هدف توسيع جغرافية الاحتلال الإيراني للعراق تحت غطاء مقاتلة داعش التي يوقن معظم العراقيين والعرب أنها لعبة مخابراتية أمريكية إيرانية أتاحت و تتيح مسارات تدمير المدن العراقية المناهضة والمقاومة للاحتلال وعمليته السياسية الإجرامية. 
وجاء الاتفاق المصري السعودي بتسليم جزر البحر الأحمر للسعودية ليثير المزيد من الشكوك والظنون السيئة وسيل من المواقف المناهضة للقرار والتي تتحدث عنه على أنه بعيد كل البعد عن المبادئ والشعور القومي بل مجرد صفقة اقتصادية قدمتها السعودية وتلقفتها حكومة السيسي.
ويبدو أن المملكة العربية السعودية كانت تتابع وتراقب بعناية الوازع الاقتصادي المصري وعدم الجدية في تنفيذ واجبات جدية في التحالف حتى وصلت إلى قناعة تامة بأن الحكومة المصرية تماطل وتسوف بل وتخدع المملكة بطريقة أو بأخرى فأقدمت على سحب دعمها المالي وشحنات النفط التي تجهزها  لمصر.
وهكذا خلقت ثغرة خطيرة في علاقات البلدين كانت طهران تنتظرها بفارغ الصبر ولم تتوان الحكومة المصرية في توجيه بوصلاتها صوب الفم الفارسي المفتوح بكل شراهة لتقبض أسنانه البشعة على عظم مصري انتظرت الانقضاض عليه طويلاً وكان أسعدها الانفتاح الذي خلقه الإخوان بعد زيارة الرئيس الإخواني محمد مرسي في أول زيارة لرئيس مصري لطهران بعد أكثر من ثلاثين سنة. 
أعلنت طهران بأنها ستجهز مصر بكل احتياجاتها من النفط والغاز لتسد الثغرة التي خلقها الخلاف العربي _ العربي وأعلنت عن اتفاقات سياحة وتعاون مختلف الجوانب دون تأخير ولا تباطؤ لتبدأ بتحقيق الخرق الفارسي أو توسعة الثقوب الضيقة التي سبق لها فتحها في الجسد المصري. 
نحن كعرب وحدويين ثوار تقدميين نطالب مصر بعدم الاندفاع للأحضان الفارسية الطامعة باحتلال أرض العرب عبر مشروع إجرامي يتستر بالدين والمذهب. الفرس سيقدمون إغراءات مالية واقتصادية من ثروات العراق لتأمين موطئ القدم في مصر لينطلقوا منها لكل بلاد العرب غرب البخر الأحمر.. بلاد العرب الأفريقية بعد أن مكنتهم أميركا وروسيا من المشرق العربي.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018