قمة نواكشوط والمهام الملحة: هل ستقترب الأمة من إنقاذ ذاتها؟ 《الجزء الثاني》
إنه لم يعد خافيا على عاقل من العرب ومن غير العرب أن المشروع الإيراني الفارسي الصفوي وسياسات نظام ولاية الفقيه بات يشكل خطرا وجوديا حقيقيا على العرب؛ ولم يعد مجديا إنكاره أو التغافل عنه أو التقليل من جديته وما يمثله من تحدي حقيقي لا مفر للعرب من مواجهته مواجهة جدية شجاعة واعية ومسؤولة؛ كما أنه لم يعد متاحا الركون لتلك العلكة السمجة التي يرفعها كثير ممن باعوا وطنهم وأمتهم وضمائرهم للفرس وهي التي يحاولون عبرها التقليل من الخطر الفارسي ودعاويهم المخاوزة من قبيل التركيز على الخطر الصهيوني وتجاهل كل مساعي إيران للتغلغل في الوطن العربي وإغراقه في الحروب الأهلية والصراعات المناطقية والطائفية والمذهبية ناهيك عن وقوفها خلف خلخلة أمن أقطار الخليج العربي ومحاولاتها الدؤوبة للتسرب في الشطر الغربي للوطن العربي من مصر فالسودان وصولا لأقطار المغرب العربي؛ دون نسيان سياساتها الاستيطانية في كل من الأحواز العربية والعراق ودعمها لنظام الأسد المجرم في سورية علاوة على جرائمها في لبنان بالتنسيق مع مندوبها هناك حزب الله.
ولصد المشروع الإيراني ولقبر أحلامها التوسعية على حساب العرب وهي أركان المؤامرة الفارسية التي يتبجح أركان منظومة الحكم المتخلفة في طهران من ملالي وسياسيين وجنرالات الحرب بالعزم على بلوغها؛ ليس أمام العرب إلا مباشرة دفعة من الخطوات الاستعجالية التالية:
١- تحرير العراق وتخليصه من النفوذ الإيراني التام بعد مباركة أمريكية واضحة ومكشوفة؛ ويكون ذلك ب:
أ- دعم المقاومة العراقية الباسلة في سعيها لتحرير العراق وضرب المخطط الصفوي فيه دعما كاملا وعلى مختلف الأصعدة سياسيا وماديا وأخلاقيا وإعلاميا وثقافيا. إذ وبدون مساندة المقاومة العراقية فسيتأخر تحرير العراق وهي القضية المركزية العربية المتوازية مع القضية الفلسطينية بل إنه ما من إسناد حقيقي لفلسطين دون استعادة العراق حرا عربيا موحدا وسيدا ليكون الإقليم القاعدة لمعاودة السعي لتحرير فلسطين؛ وبدون ذلك ستطلق اليد الطولى للفرس وسيتيسر لهم تنفيذ بقية بنود أجندتهم التي لن يسلم من شرورها عربي واحد.
ب- سحب الاعتراف بحكومة الجواسيس والعملاء في المنطقة الخضراء وفضح جرائمها بحق العراق شعبا وتاريخا وحضارات وإلغاء التعامل الاقتصادي والعسكري معها بما يضاعف من تخبطها وهو ما من شأنه التعجيل بسقوطها المحتوم.
ج- مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ما يتعرض له العراقيون من تقتيل يومي وتهجير وشتى صروف الإبادة العرقية التي تمارسه الميليشيات الطائفية الإرهابية المدعومة من إيران؛ ودعوته للتدبر في علاقة إيران بصناعة الإرهاب على خلفية تنسيقها وتوظيفها لتلك المجاميع الإرهابية.
د- تحرك التحالف العربي الإسلامي وتوجيه ضربات دقيقة للميليشيات الإرهابية التي تقتل العراقيين.
و- رفع قضايا ضد إيران للمحاكم الدولية لمعاقبتها على سلسلة جرائمها بحق العراق.
٢- الاعتراف بالأحواز العربية قطرا عربيا له كافة حقوق الأقطار العربية الأخرى ومن بينها تلك التي تدخل في إطار اتفاقيات الدفاع العربي المشترك؛ والعمل على رفع المظلمة التاريخية عليها ومن أهم الخطوات في هذا الشأن ما يلي:
أ- تخصيص مقعد للأحواز العربية في الجامعة العربية.
ب- دعم الشعب العربي الأحوازي ومقاومته البطلة بكل السبل المتاحة لتعزيز صموده بوجه الاحتلال الفارسي البغيض؛ ومساندته في حقه في تقرير المصير واستقلاله عن الطغمة الإرهابية الاحتلالية في طهران.
ج- اتخاذ التدابير الضرورية لدفع المجتمع الدولي للاعتراف بالأحواز العربية دولة محتلة وبالتالي تحمل المسؤولية كاملة لتخليصها من مآسيها.
٣- توحيد الجهود لدفع المخاطر ونوايا الشر المضمرة من إيران ضد السعودية خاصة والبحرين والإمارات؛ مع العمل على استعادة الجزر الإماراتية الثلاث في أسرع وقت وعدم استبعاد الحلول العسكرية لذلك.
٤- ضرب نغول إيران في الوطن العربي شخصيات وأحزابا وجمعيات ومنظمات باعتبارهم مجاميع إرهابية وعميلة تتآمر على الأمن القومي العربي ووترتبط بجهة أجنبية معادية وتعمل لتحقيق مصالحها على حساب المصالح الوجودية للأمة العربية؛ ويكون ذلك بعد إيجاد التشريعات المحرمة لمثل هذا السلوك.
٥- قطع العلاقات العربية مع إيران على جميع المستويات وخاصة الاقتصادية وذلك بإلغاء كل الاتفاقيات معها لضرب حصار اقتصادي عليها سيكون دافعا مهما لانحسار مشروعها التوسعي العنصري ضد العرب.
٦- الانفتاح الجدي على الشعوب الإيرانية من خارج القومية الفارسية ودعم نضالاتها ومساعيها التحررية ما سيضعف إيران ويردعها ويضطرها للتراجع والدفاع بدل انشغالها بمهاجمة العرب.
٧- سن كل القوانين واتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتوعية الجماهير بالخطر الفارسي وإبراز شعوبيته وعنصريته وتأصل حقده على العرب؛ وإقرار مناهج إعلامية وتعليمية موحدة تشرح للمواطن العربي التداعيات السلبية للطائفية باعتبارها ورقة قديمة بيد الاستعمار وخاصة الفرس.
٨- العمل الجدي على تخليص الشعب السوري من النظام المجرم المدعوم إيرانيا وروسيا؛ بعد أن أثبت أنه لا يقيم وزنا لغير بقائه جاثما على رقاب سورية وارتكب في سبيل ذلك جرائم غادرة أهلكت الزرع والضرع في بلاد الشام فقتل مئات الآلاف وهجر نصف الشعب علاوة على استهتاره بأرواح المدنيين العزل والأطفال والنساء والشيوخ.
٩- التسريع بإعادة الشرعية لليمن وتفويت الفرصة على نغول إيران فيه ونزع أسلحتهم وتقديمهم للعدالة بتهمة الخيانة العظمى والتآمر على مصلحة البلاد؛ وضرورة دعم التحالف الإسلامي ليستوفي مهمة صد مشروع إلحاق اليمن بولاية الفقيه حتى يستعيد اليمن عافيته سريعا.
١٠- إقرار مقترح وزراء الداخلية العرب بتصنيف حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية بما يضمن تخليص لبنان من جرائمه التي امتدت لسورية والعراق وأقطار الخليج العربي؛ بما يضمن استعادة لبنان لعافيته ويجنبه آفة الطائفية وويلاتها ويساعد اللبنانيون على التقدم نحو إلغاء نظام المحاصصة الأمر الذي سيعود بالرخاء والنماء على شعبنا العربي في لبنان.
هذا وإن أمام العرب- بعد النظر في خطري الصهيونية والصفوية وكيفية التصدي لهما- ملفات حارقة أخرى لعل أهمها:
١- ضرورة العمل على مساعدة ليبيا على تعافيها وإعادة الاستقرار إليها والتكفير عن ضلوع بعضهم فيما حل بها من دمار بكل ما يستوجبه ذلك من قراءة نقدية لما حدث والتعهد بإعادة إعمارها وعدم التخلي عنها وتسليمها فريسة سهلة للجماعات الإرهابية بما يضمن عدم تقسيمها.
٢- التضامن المبدئي والمطلق مع مصر ومساندتها ضد كل التحرشات الامبريالية المموهة حينا والمتخفية أحيانا؛ ودعمها اقتصاديا والاستعداد للدفاع عنها ضد أي طارئ أو مكروه يمسها.
٣- حل مشاكل السودان بما يحول دون تكرار مأساة التقسيم؛ مع الضغط على نظامها ودفعه للإنصات لهموم شعبه وتلبية طموحاته المشروعة في تطوير حياته سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
٤- تشجيع كل بوادر التقارب المغربي الجزائري والمساعدة على رأب الصدع في علاقاتهما والعمل على إيجاد صيغة عربية لحل قضية الصحراء الغربية بما يقطع مع كل معالم الأزمة بينهما.
٥- إيجاد كل التشريعات الضامنة للرقي بحياة جماهير الأمة العربية وتطويرها على مختلف الأصعدة.
٦- تفعيل كل الاتفاقيات والقوانين التي ترعى السياسات الدفاعية والاقتصادية العربية المشتركة.
٧- فتح الحدود بين الأقطار وإلغاء نظام التأشيرة حتى يتيسر للمواطن العربي الحركة بحرية مطلقة داخل وطنه العربي الكبير.
٨- تطوير وتعصير المنظومة التدريسية والتعليمية داخل أقطار الوطن العربي بما يساعد على صقل مواهب الإنسان العربي وتأهيله وتكوينه ليكون مستعدا للتحديات الآنية والمستقبلية.
٩- بعث منظومة تضامنية عربية شاملة؛ وتعزيز الشراكة الاقتصادية خاصة وذلك بتسخير طاقات الوطن العربي ومقدراته لصالح الأمة العربية؛ فيكون نفط العرب للعرب جميعا؛ وفسفاط العرب للعرب جميعا وألماس العرب للعرب جميعا وقس على ذلك. كما يتوجب على الأقطار العربية الغنية أن تتوجه فورا للاستثمار داخل الأقطار العربية الفقيرة والمتوسطة لتعم المصلحة كل العرب فتتزاوج الثروة العربية باستغلال اليد العاملة استغلالا علميا ممنهجا بما يقطع أسباب الفقر والتفاوت المعيشي بين العرب.
١٠- وجوب انصراف العرب للاهتمام بالعلوم والمعارف والتقنيات؛ وذلك بتشجيع البحث العلمي ومضاعفة تمويلاته ونفقاته إذ لا يعقل أن يتذيل العرب قائمة الأمم المهتمة والممولة للبحث العلمي؛ وتبادل الخبرات العربية بدل التعويل على ثقافة الاستهلاك والاعتماد على الأجنبي وهو ما من شأنه إنهاء حالة التبعية الشاملة وبالتالي خلق الفرص لبلوغ شروط بسط السيادة الوطنية والقومية العربية ونحت معالم الإمساك بزمام الأمور عند العرب.
١١- الدفاع عن المصالح القومية العربية وخاصة تلك التي سيكون لها في القريب وزنا استراتيجيا مهما جدا؛ وعلى رأسها الثروة المائية؛ حيث لا يجب السكوت على الممارسات العدائية لكل من أثيوبيا وتركيا وإيران وهم الأجوار الذين يسعون لتعطيش مصر وسورية والعراق والأحواز العربية؛ وكذلك الكيان الصهيوني الداعم لهم جميعا هذا علاوة على شفطه للمياه اللبنانية خاصة.
هذه بعجالة أهم انتظارات جماهير أمتنا المناضلة من قمة موريتانيا نأمل أن تستجيب لها وتأخذها مأخذ الجد وتسعى للانكباب على تفعليها لدرء أخطار الاستعمار والمشروعين الاستيطانيين الصهيوني والصفوي؛ وبقية المسائل العالقة التي حاولنا رصدها.
أنيس الهمامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
تونس في ٢٣-٠٧-٢٠١٦