كاظم عبد الحسين عباس
عبارة سرت على كل لسان بعد أن أطلقها فنان عراقي ممثل في مسرحية أو تمثيلية قبل عشرات السنوات وصارت تقال لكل فعل غريب الاطوار غير متوافق ولكل قول يغرد خارج السرب تلك هي العبارة التي وضعناها عنوانا لموضوعنا هذا ( عجيب أمور غريب قضية !!!).
ونحن هنا بصدد الحديث عن بعض الذين أعلنوا ترشيح أنفسهم لانتخابات برلمان الاحتلال في الوقت الذي ينتفض فيه شعب العراق ويعلن على العالم بأسره ان الانتخابات ليست سوى مسرحية احتلالية يراد لها أن تكون حصان طروادة الاحتلال وزبانيته وما هي الا ضحك على الذقون كشف شعبنا كل خلفياته وعراه وبدأ ينفض منه يده.
وسنعيد الى الأذهان هنا ان الترشيح للانتخابات ليست قناعة شخصية تقفز الى رأس صاحبها فجأة ولا هي نزوة ترتقي بجسد مالكها الى ذروة الذاتية المريضة . ونزيد أيضا انها ليست وجهة نظر : فالترشيح لا بد أن يكون وليد صراع طويل مع الذات عاشه المعني خلال سنوات الاحتلال الاربعة عشرة المنصرمه وهو رغبة في تحقيق انجاز ما دون شك وهو ليس وجهة نظر لان خيانة الشعب بعد كل ما ظهر وبان من فساد ودمار وبرك دماء تعد جريمة ذات ابعاد مركبه تقترف عن عمد وبعد ترصد طويل.
ولعل أهم ما دفعني لكتابة هذه السطور هو ما قرأته لاحدهم على حساباته في الفيس بووك وهو يحاول اقناع القراء بانه قد أقدم على الترشيح ليخدم الشعب ويغيير الواقع المظلم .. ثم جاءت رسالة منتظر الزيدي التي وجهها للاخ البروفيسور الدكتور عبد الكاظم العبودي لتصب بنفس اتجاهات التبرير والتسويغ :
لقد سئمنا ويأسنا وان لنا ان نفعل !! ويضيف الزيدي ان ما كتبناه وقلناه لم يحرر سجينا ولم يلجم فاسدا ولذلك قرر ان يدخل المعترك . وقبل هذا وذاك كان اخر واخرون قد ترشحوا وشكل بعضهم كيانات على ذات النسق والمنوال من الطروحات.
والواجب ان نقول ان حدود العقل والادراك البشري ليست واحدة وان القدرة على التحمل تقاس بوحدات الفروق الفردية وعليه فاننا لا نعتبر هؤلاء العراقيين مجرمين مثلما نعتبر أياد علاوي واحمد الجلبي وعبد العزيز الحكيم ولا كمثل نوري ولا الجعفري ولا حتى المطلق والنجيفي وهادي والمهندس والربيعي ..الخ غير ان جانبا من القضية قد يدينهم أكثر رغم فارق التوصيف ذلك لانهم اختاروا الانضمام الى الباطل والمنكر وعش الاجرام ( سواءا فازوا أو خسروا في زمن مفصلي خلقته قوى الرفض والمقاومة ضد العملية السياسية الاحتلالية ) .
ولكي نحاكم قناعات هؤلاء المرشحين الجدد دعونا نسألهم الاسئلة المريرة الاتية التي تحوم حول ما نشروه هم من تبريرات وتسويغات متهالكة لقرارهم بالانضمام للعملية السياسية:
أولا : هل قدم البرلمان الاحتلالي عبر الدورات السابقة حلا لمحنة من محن الوطن والشعب لكي يعتبروا الترشيح له محاولة منهم للاصلاح عبر البرلمان ؟
ثانيا : هل البرلمان مؤسسة وطنية لم يؤسسها الغزو الامريكي حتى ولو كان الناخب والمنتخب عراقي مجبر على خوض الممارسة بل حتى لو كان راضيا راغبا؟
ثالثا: مادام مئات البرلمانيين في الدورات السابقة قد فشلوا وبعضهم غادر المؤسسة الاحتلالية نادما يقطع اصابعه بأسنانه ندما فما هو الأساس الذي يفترض عليه منتظر الزيدي وأمثاله نظرياتهم البطولية التي ستخترق السكون والجدران ؟
رابعا: اذا كان المغامرون والمقامرون الجدد يعولون على قدراتهم في النقد والتصريح الشجاع فهل خلى البرلمان في دوراته من مصرحين ومنتقدين من الذكور والاناث والذين لم تخنهم ( شجاعة الديمقراطية البرلمانية ) في نشر الغسيل القذر المعفن للحكومة وللبرلمان ؟
خامسا : من يستطيع أن يثبت ان البرلمان ليس سوى مؤسسة كارتونية تعمل بالرموت كونترول لارادة الكتل السياسية التي أسسها الاحتلال في مجلس الحكم سيئ العنوان والسمعة والصيت؟
سادسا: من يستطيع أن يقدم لنا نحن العراقيون دليلا واحدا ان البرلمان مؤسسة نافذة وعندها برامج وطنية ؟
ان البرلمان والعملية الانتخابية قد صممت لتكون صمام حراسة ومحبس تأمين للعملية السياسية التي جاءت بها أميركا لتكون بديلا عن العراق الوطني العربي المؤمن . هو تكريس لحكم مؤسسات الطوائف السياسية الفارسية وغير الفارسية العاملة تحت امرة الفارسية والتي بدورها تشتغل تحت امرة الادارة الامريكية وقواعدها العسكرية في العراق ودول الجوار وطبقا لتوجيهات البيت الابيض والبنتاغون . والبرلمان نافذة السلطة الاحتلالية لتمرير صفقات الفساد عبر الكتل والاحزاب والمليشيات والمافيات المرتبطة بها وهو واعضاءه أهم جهة تنفيذية للفساد وبرامجه في العراق المحتل . والبرلمان ما هو الا دكان من دكاكين بيع المستهلك والفاسد والعتيق الذي لا يستر عريانا ولا يشبع جائع .
البرلمان دكان للمقامرة ومن يقرر الدخول فيه فهو قد قرر ان ينتفع فالرواتب والمخصصات والايفادات وفرص الصفقات الفاسدة مغرية يسيل لها لعاب المقامرين
فبالله عليكم ..
دعوا عنكم السجناء والمعتقلين والنازحين .
دعوا عنكم الفساد والمفسدين .
دعوا عنكم فعل الخير في وسط ماخور رذيله .
وقولوا للعراقيين انكم جزء من اللعبة وقد جاء دوركم …. ونحن نعلم أنكم لن تنسحبوا اذا قرأتم قولنا هذا ولكننا نقوله لتعلموا اننا لا نخدع . ونكرر أنكم قد خذلتم شعبنا وهو يسعى لنفض كل الغبار بوجه الانتخابات عبر الفضح والمقاطعه وخذلتم أنفسكم بسعيكم لتجريب المجرب المنقع بالرذيلة والعار …وحق لنا أن نردد ( عجيب أمور ..غريب قضية ) .. وختام قولي هنا هو لذاك الذي راسلني قبل شهور ليرشحني للقاء بالامريكان الذين يبحثون عن ( قائد جديد يلتف حوله الشعب ) وانا حولت رسالته الى قيادتي للاطلاع عليها واقول له : سياسة التوريط لا تنطلي على الاحرار .
ومعها نختتم موقفنا هذا بالقول:
اذا كان الأولون قد قدموا أنفسهم محررين ويبحثون عن اثبات الفرص الافتراضية , فانتم قد دخلتم معترك اللعبة وهي مكشوفة بلا غطاء ففضحتم قصور ادراككم وقصر نظركم لا أكثر ولا أقل …
لا تربط الجرباء قرب سليمة ..خوفا على تلك السليمة تجرب .
ولا ..
ترتجي ثمرا من الصفصاف وفحل التوت ..
هذا ان أفلحتم وصرتم جزءا من مسرح الجريمة والجرباء وحديقة الصفصاف وفحل التوت.