بقيت الموصل تحت حكم القبائل التركمانية حتى سيطر عليها سليمان بن السلطان سليم العثماني،
وولى عليها حاكماً يدعى محمد باشا بكلربكي الذي مات وتولى بعده عدة ولاة حتى سنة 1730
(1143 هـ) حيث تولاها أحد أبناءها وهو حسين باشا الجليلي بن إسماعيل باشا الجليلي.
وفي عهده حاول قائد الجيش الصفوي نادر شاه ان يستولي على الموصل سنة 1732 / 1145
هـ ولكن قائده نركزخان قُتل على هضاب الغزلاني. وحاول مرة أخرى سنة 1733 / 1156 هـ
احتلال المدينة وارسل رسالة إلى الوالي يتوعده فيها، ولكن أهالي المدينة قرروا مقاتلته وعدم
الاستسلام مهما كلف الامر. بدأ اهالي الموصل بقيادة الوالي حسين باشا الجليلي بتعمير أسوار
المدينة منذ وقت مبكر، وكانت كل الأعمال تتم بجهود الموصليين لأن السلطان لم يكن في وضع
اقتصادي أو سياسي يسمح له بمعاونة المدينة، كما أمر الوالي بحصاد المزروعات في وقت
مبكر ليحرم العدو من الاستيلاء عليها، كما أمر بإدخال أهل القرى المحيطة بالمدينة داخل السور
للمساهمة في الدفاع عنها.
تقدم نادر شاه بقواته البالغة 300,000 مقاتل إلى الجهة الشرقية من نهر دجلة قرب قرية
يارمجة فحمل عليه كتيبة من خيالة الموصل يقودها عبد الفتاح باشا أخو الوالي وفيها أعيان
الموصل ووجهاؤها، ودارت معركة طاحنة كانت فيها خسائر الجيش الصفوي فادحة، ونتيجة
لضخامة قوات العدو فقد انسحبت الكتيبة إلى داخل سور المدينة واغلقت الأبواب.
وفي 6 شعبان باشرت مدفعية نادر شاه بإطلاق القنابل والنيران على المدينة المحاصرة بغزارة،
كان خلالها الوالي حسين باشا يحث الاهالي على القتال والصمود ويشرف على ترميم ما يتهدم
من السور أو القلاع، واستمر المدافعون يقاومون ولم يتمكن نادر شاه من احتلالها رغم سقوط
أكثر من 40,000 قنبلة عليها جعلت ليلها نهاراً، ويُقال أن أهل الموصل اقسموا على قتل جميع
نسائهم فيما إذا غلبهم الصفويين، ولم يسمحوا للعدو من أحداث أي ثغرة في سور المدينة بل
كانوا يقيمونه بسرعة مذهلة ليلاً فوق جثث قتلاهم.
وبعد محاولة فاشلة لتفجير السور بالألغام تقدم جيش نادر شاه وهم يحملون السلالم في هجوم
عام في محاولة لارتقاء الأسوار ولكن اهالي مدينة الموصل كانوا لهم بالمرصاد ودارت معركة
طاحنة على الأسوار فشل فيها جنود نادر شاه في مسعاهم وارتدوا عندها أمر حسين باشا
الجليلي قواته بالهجوم فخرجوا من الأسوار وتبعوا جنود الشاه الصفوي وأوقعوا فيهم مقتلة
كبيرة، فهربوا لا يلوون على شيء فتصدى لهم خيالة الجيش الصفوي في محاولة لردهم عن
الهرب ولكنهم ضربوا الخيالة واستمروا بالهرب.
فقد الجيش الصفوي اعدادا كبيرة من جنوده ونفذت مؤونتهم بعد حصار دام اربعين يوماً بلياليها.
وأخيراً اضطر نادر شاه إلى عقد الصلح مع الوالي حسين باشا الجليلي، وغادر الجيش الصفوي
يوم 4 رمضان، ولم يستطع دخول الموصل.
المصادر
تاريخ الموصل - سعيد الديوة جي 1982
الموصل في العهد الراشدي والأموي - عبد الماجود احمد السلمان
جوامع الموصل- سعيد الديوة جي 1963
"الموصل أيام زمان" - أزهر العبيدي