إن ما يحدث في حلب لا ينفصل عما يجري على تخوم الموصل تمهيدا لاجتياحها..
والقواسم المشتركة بين المأساتين أكثر من العد؛ فالمجرمون والقتلة الإرهابيون هم أنفسهم في الساحتين؛ والضحايا هم أنفسهم.
فحلب تباد بفعل النهم الروسي والأمريكي الامبريالي والعنصرية الصهيونية والصفوية الشعوبيتين الاستيطانيتين الحاقدتين؛ والأمريكان والصهاينة والفرس ذاتهم يتهيؤون لإكمال جريمة إبادة الموصل بعد فاجعة الفلوجة.
هذا ويظل من أهم المشتركات بين المدينتين الذبيحتين؛ ادعاءات زناة الليل القتلة روسا وأمريكانا وفرسا وصهاينة بأن سلسلة اعتداءاتهم المسترسلة إنما تأتي في سياق تحرير المدينتين من خطر داعش وآفاته وتبعات بقائه بلا عقاب!!
لكن؛ يبقى الخطر الحقيقي بل والطامة الكبرى متمثلين في مقاصد تشديد القبضة التدميرية على كل من المدينتين:
إنه الحقد وبغض العرب والعروبة والسعي المحموم المذموم لإزالة آثارهم ومعالم مجدهم ومحو إسهاماتهم الفريدة في البناء الكوني الحضاري.. فالموصل وحلب من أقدم المدن في العالم ومن أهمها عطاء وثراء وتنوعا وتعايشا. وهما اللتان علمتا الإنسانية الكتابة والبناء والتشييد والتنظيم..
إن المخطط الصهيوني الاستعماري والماسوني؛ يقضي بضرورة إزالة كل شواهد الرقي والفعل العربي على درب تشريد أمة العرب وإفنائها لأنها بفعل مخزونها الحضاري وموروثها الثقافي ومخزونها الفكري ورصيدها العقائدي الإيماني خاصة؛ تشكل العقبة الوحيدة التي تحول دون إرساء ذلك النظام العالمي الجديد الذي يقوم حصرا على البطش والتنكيل بالمستضعفين وإحلال الدمار والخراب وتفشي الانحلال والمجون والعهر الأخلاقي والفكري والسقوط الشامل..
إنه عقاب العرب إذن؛ لأنهم ظلوا رغم كل البطش المسلط عليهم؛ الوحيدين الذين لم يدخلوا بيت الطاعة ولم يعترفوا لتلك القوى البشعة الشريرة الإجرامية بأحقيتها بحكم العالم وفق أمانيها ومخططاتها القذرة!
لذلك كله؛ نسمع عن تصدع وهمي وتصادم مزعوم وتنافر وتصارع بين المعسكرين الأمريكي والروسي يشكل الجو العربي مسرحه؛ ولكن نلامس ونعاين بالعين المجردة تماهيا وتطابقا وتناغما وتكاملا كليا في الأدوار على أرض العرب؛ فتتفق حمم الموت بغض النظر على جنسيتها ومصدرها وتنصهر مفعولاتها التقتيلية لتحصد مئات آلاف الأبرياء العرب المستضعفين العزل أطفالا وشيوخا ونساء ولا تميز بين جماد وكائن حي!!
أنيس الهمامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة
تونس في 14-10-2016