سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أنيس الهمامي: الثارات الصفوية محرك الحملة على الموصل


تعيش الموصل أكبر المحافظات العراقيّة منذ أشهر على وقع تهديدات أقزام الحكومة المنصّبة من الاحتلال الأمريكيّ والإيرانيّ فيما بعد، حيث ما انفكّ أفراد هذه الحكومة تتوعّد سكّان الموصل بهجوم كاسح شامل.

وكالعادة، حرصت حكومة الجواسيس على رفع شعار التّحرير ذلك الذي رفعه أسيادهم الأمريكان من قبل لمّا سوّقوا للخطيئة الامبرياليّة الأكبر القاضية بغزو العراق وتدميره، وظلّ هذا الشّعار سلاح الحكومات المتعاقبة منذ الاحتلال، ويقصد به رأسا طرد بعبع داعش وتخليص النّاس من شروره.
لقد أكّدنا في عشرات المواضع على أنّ داعش هذا صنيعة مخابراتيّة أمريكيّة صهيونيّة إيرانيّة بامتياز، يضمن لهذا التّحالف المجرم ولغيره كالرّوس والأروبيّين شنّ أيّ عدوان بلا مساءلة ولا ضابط.
إلاّ أنّ خطر داعش ظلّ مولّدا محبّبا لحكومة الجواسيس في العراق والمرتبطين بها ولسلسلة جرائمها المفزعة بحقّ العراقيّين في سياق الإبادة العرقيّة التي تمارس عليهم، إذ، وفي هذا الإطار، تعرّضت الفلّوجة لحصار وحشيّ طيلة السّنتين حرم فيها أهلها من أبسط ضروريّات الحياة ثمّ شنّت ميليشيّات الحكومة المختلفة مستعينة بنخب الجيش الفارسيّ وأنصاره الوافدين من لبنان وغيره على الفلّوجة عدوانا سافرا أفرغ فيه القائمون عليه كلّ مخزون الحقد والسّاديّة والإرهاب المعشّش فيهم.
وها هو الدّور يقع اليوم على الموصل، بنفس الحجج وبنفس الأحداثيّات والتّبريرات.
وكما دأب بيادق الاحتلال ونغول إيران دوما، باشرت طوابير الصّفاقة والنّذالة حملاتها الدّعائيّة المغرضة، وجاءت تصريحات مقزّزة على لسان المعمّم الطّائفيّ المجرم الصّغير قيس الخزعلي الذي هدّد أهل الموصل بالويل والثّبور، حيث شدّد على ضرورة مشاركة الحشد الشّعبيّ سيّئ الصّيت والسّمعة في هذه الغزوة المخزية الجديدة. ولم يقتصر المر عند هذا الحدّ، بل اعتبر تحرير الموصل تمهيدا لدولة العدل الإلهيّ وانتقام وثأر من قتلة الحسين.
إنّنا لا نحتاج – و نعتقد أنّ عاقلا في هذا العالم يحتاجه أيضا – لمثل هذا التّصريح القذر للبرهنة على مدى عمالة من أتى بهم الاحتلال الأمريكيّ للعراق، وللتّدليل على ولائهم الأعمى لغير العراق وبصورة أخصّ لإيران الفارسيّة الصّفويّة، ناهيك عن طائفيّتهم البائسة وعمّا يسكنهم من حقد دفين على العرب والعروبة وعن انخراطهم الكلّيّ في مشروع دولة الفقيه المتخلّفة الهادف لذبح العرب وإلحاق الأذى بهم بأكبر قدر ممكن.
فهؤلاء الأراذل ممّن هم على شاكلة الخزعلى هذا، لم يتركوا كبيرة إلاّ ارتكبوها، ولم يعدموا عارا إلاّ وأتوه بدء بسياسة التّقتيل على الهويّة الذي باشروه منذ ساعات الاحتلال الأولى مرورا بجرائم لنّهب والسّرقة والتّفويت في المخزون الحضاريّ لبلدهم عبر تقنين تهريب الآثار وتهديم الصّروح القائمة وصولا للتّعذيب الوحشيّ والتّجويع وإشاعة المفاسد والانحلال والتّشجيع على محو معالم الهويّة والشّخصيّة في العراق انتقاما من عراق الحضارات والعروبة والبناء والتّشييد.
وبالعودة لأهمّ نقطتين في تصريح الخزعلي المعمّم البائس، ستتوضّح الصّورة كاملة وبمنتهى الجلاء عن خبث المخطّطات والمؤامرات التي حيكت للعراق وللعرب من بعده، وتقوم هذه الدّسائس في ما تقوم عليه على فرض أسوأ الأمثلة والرّهوط للحكم فيوغلوا في الاستخفاف بالمحكومين للحدّ الذي يدفع هؤلاء للدّخول في حلقات لا نهاية لها من الضّياع والغربة والأزمات والاضطرابات النّفسيّة ما يفقدهم القدرة بل وحتّى  الرّغبة في المقاومة وصدّ ودرء أخطار تلك السّياسات الرّعناء.
فعن أيّ عدل إلهيّ يتحدّث هذا الطّائفيّ الأشرّ؟؟  بل وما علاقة  العدل الإلهيّ بإبادة الموصل وتجييش الحشود واستنساخ ما تعرّضت له غيرها من المدن والقرى العراقيّة؟؟ وأيّ إله هذا الذي يتحدّث عنه هذا الإيرانيّ الصّفويّ الصّغير؟؟
إنّ دولة العدل الإلهيّ لا تقام على أشلاء جثث الأطفال، ولا تبنى على دموع وعذابات الأمّهات الثّكالى، ولا تشيّد فوق جماجم الشّيوخ العزّل. ولا يحتاج العدل الإلهيّ لأمثال هذا الحاقد المسكون بالثّارات للدّفاع عنه أو حتّى لمجرّد الحديث عنه، فما من إساءة للذّات الإلهيّة أكبر، وما من ضرب لمفهوم العدالة أشدّ إلاّ أن يتولّى شؤون النّاس طائفيّ معمّم يتنكّر للأرض التي تنفّس هواءها وكرع من مائها وأكل من خيراتها.
ألم يعلم الخزعلي هذا، بأنّهم شوهوا حقيقة الإسلام منذ الغزو  بسبب ممارسات المرجعيّات ورجال الدّين والميليشّيات المنضوية تحت إمرتهم؟؟
وفي المقابل، ألا يقام العدل الإلهيّ من باب أولى، حين يوفّر الحاكم للرّعيّة الأمن والأمان ويسهر على خدمتهم والإحاطة بهم وتلبية مطالبهم والرّقيّ بهم؟؟
أمّا الحديث عن الثّأر والانتقام من قتلة الحسين فإنّه لا يزيد عن كونه فصلا جديدا من فصول الكوميديا السّوداء المتواصلة في العراق، وإنّه يندرج في سياق تحريض المعمّمين والطّائفيّين لأتباعهم ومريديهم من الذين تعرّضوا لغسيل دماغ، وتشجيعهم على التّنكيل بسكّان الموصل بعد تصويرهم في ثوب المجرمين القتلة الذين يتحمّلون وزر قتل الحسين.
فهل بعد هذا الجنون والسّخف من سخف؟؟ وهل يعقل أن يصدّق من يخاطبهم هذا الدّعيّ الأفّاق مثل هذه التّخاريف؟؟
إنّ التّباكي على الحسين، وتوظيف قتله تجارة مربحة سعى الصّفويّون والدّائرون في فلكهم للمحافظة عليها لما تدرّه من عوائد ثمينة سواء على المستوى الماديّ او الاجتماعيّ أو السّياسيّ.
فالمعلوم أنّ الفرس ومن خلالهم كلّ معتنقي التّشيّع الصّفويّ – وهنا لا بدّ من الانتباه والتّدبّر جيّدا في معنى التّشيّع الصّفويّ – لطالما استنجدوا بخطاب المظلوميّة القائم على الانتصار لدم الحسين وغير الحسين، وحرصوا على استثمار ذلك على مختلف الأصعدة.
وها هو الطّائفيّ الصّفويّ الوضيع قيس الخزعلي يبرّر ما سيرتكب بحقّ أهالينا في الموصل من إبادة عرقيّة لن تقلّ ضراوة ولا قتامة عن المذبحة التي تعرّضت لها الفلّوجة منذ مدّة قصيرة، ويشرّع لها باستحضار ما في جعبته وكلّ المعمّمين الطّائفيّين المرتبطين بولاية الفقيه ومشروعها العنصريّ الشّعوبيّ الاستيطانيّ من أحقاد دفينة وثارات مقيمة.
وها هو إذن يصفع كلّ الذين تذاكوا لإخفاء الوجه القبيح لمشروع الاحتلال الأمريكو صهيو صفويّ للعراق، ويصدح بالحقيقة السّاديّة السّمجة التي انبنى عليها خصوصا نظام ولاية الفقيه والذي يهدّد كل العرب من أقصى الماء لأقصى الماء.

أنيس الهمّامي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 13-10-2016

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018