سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(موقف نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام) أسطنبول؛ المتورطون بذبح العراق في فخ العزة بالإثم


أ. د . كاظم عبد الحسين عباس

أتعس وأسوأ وأخطر أنواع حلول المعضلات والمحن والكوارث التي تواجهها الأمم والشعوب هي حين تنغلق الآفاق وتفنى الخليقة وتعدم الخيارات بحيث يصير الخيار الوحيد الذي يوضع كمنقذ أو منفذ للحل اعتماد المتورطين وأعمدة المشكلة بدمهم ولحمهم. هنا يصدق تماماً القول بأن المستجير من النار قد احتضن الرمضاء. ففي الوقت الذي صار من بديهيات المشهد العراقي أن العملية السياسية هي معضلة العراق وسبب كوارثه التي نتجت عن الغزو والاحتلال تطل علينا اسطنبول تركيا بمؤتمر لمن يدعون تمثيل طيف من شعبنا اعتدت عليه العملية السياسية عدواناً غاشماً وكان جل المؤتمرين من المشاركين في عملية العدوان وما رافقها من ماسي ومحن. اسطنبول ومن يقف وراء مؤتمرها الأخير استدعت قول الشاعر الذي صار من مأثورات أقوال العرب (وداوني بالتي كانت هي الداء) من خلال استدعاء (سنة إيران ونوري المالكي) الذين كسبوا حقائب الوزارات ومقاعد البرلمان الاحتلالية منذ عام  غزو العراق واحتلاله وساهموا في كل الجرائم التي ارتكبتها العملية السياسية ضد شعبنا ليتحولوا كثمن لعدوانهم وإجرامهم بحق شعبنا إلى أغنى أغنياء العراق ويضعوا أسماءهم بكل أريحية في صفحات التاريخ المغمسة بالعار وبالدم وبالفشل والخنوع والانبطاح ليكونوا هم الحل.

في تقييم تجربة انخراط البعض في العملية السياسية الاحتلالية منذ عام ٢٠٠٣ وما حققوه وأنجزوه في إطار سقوطهم في فخ تمثيل (المكون) ضمن مسار (المحاصصة) التي زعمت أميركا أنها تطبقها كصيغة ديمقراطية لضمان حقوق (المكونات) ما يضعنا في خندق آمن يتحصن بصدق وموضوعية التصريح بعدم جدوى التحاق من التحق بهم قبل يومين في مؤتمر (أهل السنة) في تركيا بل وعبثية هذا الالتحاق وكونه محض سقوط مشابه لمن سبقهم بعد أن ظلوا ١٤ عام يعلنون عن رفض العملية السياسية وإدانة جرائمها وخطرها التاريخي على وحدة العراق وشعبه بل أن بعضهم كان يتبنى منهج المقاومة المسلحة كواجب (ديني ووطني):
هذا بعض تقييم نتائج انخراط صالح المطلك وسليم الجبوري وأسامة النجيفي كنماذج لمن دخلوا العملية السياسية الاحتلالية الأمريكية الإيرانية الصهيونية:
 ١- غدروا بإخوتهم ورفاقهم المجاهدين الذين عاونوهم للنجاح في الوصول إلى البرلمان بهدف تخريبه وبدل تخريب البرلمان ساهموا في إنقاذه من الموت المحقق مراراً. هذا الكلام ينطبق على من دعمتهم المقاومة بهدف اختراق العملية السياسية وتمزيقها من داخلها وهم معروفون.
٢- لم يمثل (المكون السني) من ادعى منهم وسوغ وبرر انخراطه في عار الخيانة الوطنية لتمثيله بل على العكس شرعنوا طائفية دستور الاحتلال ومنحوا الشرعية أيضاً لعبيد إيران من أحزاب وميليشيات لأن الطائفية الفارسية مؤسسة أصلاً على نظرية وفلسفة العداء لند طائفي ولولا وجودهم شركاء للفرس بالعملية السياسية لفقد الصفويون الكثير أو كل زخم اندفاعاتهم الإجرامية ضد شعبنا.
٣- لم يمنعوا نوري المالكي العجمي وحزبه الفارسي الولاء والهوى، حزب الدعوة الايرانية، من تنفيذ أبشع ما خططت له إيران وأعوانها أحزاباً وميليشيات ضد شعبنا عموماً ومحافظاتنا الثائرة خصوصاً. فبوجودهم كبرلمانيين ووزراء أبيدت ساحات التظاهر والاعتصامات السلمية المطالبة بحقوق العراق وشعبه ونفذ نوري تهديده المعروف (انتهوا قبل أن تنهو) وهم شركاء له يعز على أحدهم حتى عبارة أستنكار بل ساهموا عملياً في قتل معتصمي الفلوجة والرمادي وسامراء والحويجه وتكريت وغيرها.
 ٤- كانوا شهوداً على جريمة إنتاج داعش التي تصدر المالكي مشهد تأسيسها بدءاً من تهريب عناصر القاعدة من سجن أبو غريب الذي يستحيل أن تهرب منه ذبابة!! ووصولاً إلى هروب جيوشه الجرارة بثياب مدنية تاركة خلفها حتى مسدساتها وبنادقها إلى جانب الطائرات والدبابات والمدافع والهمرات والآليات المختلفة والأسلحة المتوسطة والخفيفة التي تعادل تسليح دولة وتقدر قيمتها في الموصل وحدها بقرابة ١٠ مليار دولار وكذا الحال في صلاح الدين والأنبار.
٥- وبوجودهم في العملية السياسية التي يدعون كذباً وزوراً أنهم ولجوها لتمثيل (المكون السني) جييش نوري والعبادي والمرجعية الجيوش والمليشيات مدعومة بتحالف دولي تتزعمه أميركا فهدموا الرمادي بيوتاً وبنى تحتية وشوارع ودمروا الفلوجة ومدن صلاح الدين ومنها بيجي التي أزيل عن أرضها أضخم مصفى للنفط في الشرق الأوسط وما زالت عملية تدمير الموصل جارية على قدم وساق بقوة الحشد الإيراني الشعوبي والقوات الأمنية التي هي أصلاً قوات (دمج) يعرف تركيبتها وعقيدتها المذهبية البغيضة كل العالم ما عدا صالح وسليم  واياد السامرائي وأمثالهم .
٦- بوجودهم (كحماة وممثلين للسنة طبقاً لادعاءاتهم الجوفاء) في حكومات الاحتلال المتعاقبة وخاصة حكومات نوري والعبادي جرى تهجير ونزوح معظم (أهل السنة من ديارهم) بسبب أفعال داعش ومن ثم ردود الفعل على داعش المصممة أصلاً لتكون حجة لتدمير الشعب وتمزيق الأرض والإنسان وصولاً إلى أهداف التغيير الديموغرافي التي تشتغل عليها إيران وأعوانها.
ثمة الكثير الكثير الكثير ليقال هنا.. غير أن ما ذكرناه من عينات ونماذج ووقائع لا يمنح الذين التحقوا أي سبب للالتحاق .. بل يوجب على من سقطوا أن يخرجوا ولو بقطرة حياء واحدة  ولحظة ندم أمام أنفسهم وأمام الله والوطن والدين والأمة. .. بل كان على الذين التحقوا حاملين معهم مشاريع أنفقوا عليها الملايين من أموالهم وأموال (الداعمين) أن يتقوا الله ويستخدموا عيونهم وآذانهم كموازين لاتخاذ القرار الذي كان الأجدر أن يكون مع سحب المتورطين والذين أثبتت الأحداث عدم جدوى دخولهم  بل على العكس أحدثت الأضرار الفادحة خارج العملية السياسية وتنظيم صفوف مناوئتها مدنياً وسياسياً وإعلامياً وعسكرياً.
ثم…
نسمع عن دول قدمت الدعم لمؤتمر اسطنبول.. ونتساءل بمرارة..
هل توجد دولة في العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ترى خيراً أو أملاً بخير يمكن أن تؤول إليه مسارات العملية السياسية التي مر الآن أربعة عشر عام على فشلها المشهود لكي يراهنوا على دعمها بنسغ جديد وتأملات  وآمال ميتافيزيقية جديدة؟
أميركا على لسان رئيسها وطاقمه يهاجمون فشل بلادهم بالعملية العسكرية والسياسية في العراق. إذن دعم العملية السياسية يبدو عبث وينطوي على أهداف مبطنة ضد العراق وشعبه.
من جهة أخرى:
قصور وتعمد الخوض في المتاهات المهلكة من قبل من يتصرف على أساس أن المشروع الإيراني الطائفي المجرم في العراق يمكن تحجيمه بتقوية الضفة الطائفية المقابلة. إيران تسقط وتتدحرج وتهرب من العراق في حالة واحدة هي مواجهتها بقوة العراق كله.
الانغماس بمواجهة طائفية مع إيران يحقق لإيران أهدافها ويشرعن باطلها ويمكن أميركا بالتالي من إنجاز مشروع بايدن الصهيوني لتقسيم العراق. طرد إيران وقبر مشروعها وإرغام اميركا على مغادرة وطننا لا يتم إلا بعراق واحد كذاك الذي جرع إيران السم الزعاف في قادسية صدام المجيدة. ومن يكابر على الغلط هو إما عميل ينفذ إرادة ومخططات الاحتلال أو مرتزق..
هؤلاء من عملاء سلطة الاحتلال ليس هدفهم امن العراق وشعبه . بل هدفهم الأساس الحفاظ على مكاسبهم ومقاعدهم في البرلمان ومناصبهم في الحكومة سواء التي فقدوها او التي يتوقعون ان تفقد . والمتاجرة بمثل هذه المؤتمرات كدعاية انتخابية مسبقة . فلا خير بمن ساهم في الشر الذي لحق بالعراق واهله .

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018