سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(موقف نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام) في الذكرى ١٤ لغزو العراق : الخاسر الأكبر والفائز الأعظم في مفاضلات العدوان الغاشم والبطولة الشامخة


البروفيسور كاظم عبد الحسين عباس

إذا احتكمنا لما تحقق لأمريكا وحلفها المكون من أكثر من ثلاثين دولة على ضوء التسويق المعلن لأسباب ومسوغات الغزو من جهة ولأهدافه  التي مزق الصراخ بها آذان العالم بعد مرور ١٤ سنة فإننا سنخلص إلى:
أولاً: سقطت كل الذرائع التي توسلت بها أميركا لغزو العراق فصار الغزو مداناً في الباطل الذي داس على قوانين الأرض والسماء في أصل القرار حيث أن الغزو منهج مدان بكل الأحوال وأضيف لهذا الباطل بطلان وكذب كل الذرائع التي نسجتها دوائر التخابر الأمريكية والبريطانية والإيرانية والصهيونية وغيرها فلا علاقة بالإرهاب ولا أسلحة دمار شامل ولا سوى ذلك من ادعاءات مزيفه نعق بها البوم الأمريكي والناعقين إلى جانبه قد ثبتت أو تم الوصول إلى أية مؤشرات بشأن الاقتراب من بيان ادعاءها.
 
الثاني: لم تتمكن أميركا من تحقيق (التحرير المزعوم) ولا (الديمقراطية) ولا تعمير العراق طبقاً لما أعلن قبل وبعد الغزو حتى تبنى البعض نظريات ميتافيزيقية وأحلام عصافير ونظريات فاقت الخيال لما ستؤول إليه أحوال العراق بحيث يصير ألمانيا ويابان الشرق. فالذي حصل غير الذي قيل وتم التطبيل له في ساعات إعلام زادت على ال ٢٠٠ ساعة في اليوم الواحد.  فالذي حصل فعلاً هو تدمير شامل لكل بناء بناه شعب العراق في حقبة حكمه الوطني، وقوضت أركان الدولة ولم تؤسس ولا حلقة واحدة بديلة سليمة لا في الجيش ولا في القوى الأمنية ولا في الزراعة ولا في مناحي الأقتصاد ولا في الأمن ولا في الحفاظ على ثروات البلد ولا تراثه وآثاره وحضارته ولا في التعليم ولا الصحة ولا الخدمات البلدية من ماء وكهرباء. ونجح الغزو في تحويل (الطوائف) التي تبنى (تحريرها وإطلاق حرياتها) إلى ميليشيات إرهابية تهدر الدم العراقي وتهجر وترعب الناس وترغمهم على النزوح عن ديارهم وتوطين بدائل من الفرس وأعوانهم في عمليات تغيير سكاني أقل ما يقال عنها أنها جرائم ضد الإنسانية وعار بجبين المدنية والتحضر التي تتمترس خلفها اميركا وبريطانيا زوراً ونفاقاً وكذباً.
 إذن كذب الغزاة في الأسباب المعلنة للغزو وفشلوا في تحقيق الأهداف (المغرية) التي ظنوا واهمين أن لعاب العراقيين سيسيل لها في حين أنها لم تكن سوى عتاد (خلب) يطرش الآذان ولا يخدش جلد ضفدعة. 
ما حل بأميركا من كوارث وعار:
نجح الغزاة إلى جانب قتل ملايين العراقيين واغتصاب الحرائر وإغراق السجون والمعتقلات بالملايين من الأبرياء والعزل والأحرار وإقصاء وتهجير واجتثاث ما يزيد على ٦ مليون عراقي نجح في بث الفتن الطائفية عبر تسليط أحزاب وميليشيات مجرمة ومافيات الفساد والفاشلين ونجحت كذلك في:
تمكين إيران من احتلال العراق في مفارقة عجيبة صدمت كل من تعاون مع الأمريكان وأمدهم بمقومات تفوق إضافية على العراق المحاصر لأربعة عشر سنة لأن السيطرة الإيرانية على مقدرات العراق قد فتحت شهية الفرس العدوانية والتوسع والاحتلال الاستيطاني للعديد من الأقطار العربية كما فتحت في الوقت نفسه  شهية نظام الملالي المتطرف المجرم لتهديد دول عربية أخرى وإقلاق أمنها واستقرارها رغم علاقاتها المتميزة مع أميركا. 
نتج عن الغزو أيضًا وبسبب المقاومة التي أطلقها شعب العراق وطلائعه الوطنية والقومية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الأشتراكي محن عسكرية واقتصادية وسياسية استعصى على الأمريكان احتوائها وأدخلت في الجسد الأمريكي الكثير من الوهن والضعف وأفقدت أميركا الكثير من هيبتها ودحرجتها من على قمة التفرد على العالم لصالح روسيا والصين والهند وأوربا. 
ومن تداعيات العدوان المجرم على العراق أن أدخلت المنطقة برمتها والأقطار العربية بشكل خاص في أتون حروب أهلية وانعدام الأمن والاستقرار وخسرت ثروات طائلة كان يمكن أن توظف في التنمية البشرية. ولعل من أكثر من انسحبت عليهم الآثار المدمرة هم من أصدقاء أميركا والمجهزين بالتغذيات الحيوية لاقتصادها ومواد صناعتها الأولية.
مخارج من الكارثة:
على صعيد العراق لا يمكن وقف نزيف الدم والثروات وتعاسة  الشعب ومعاناته الموجعة إلا بإسقاط العملية السياسية الاحتلالية المخابراتية وطرد إيران وأحزابها وميليشياتها. وإقامة حكومة إنقاذ وطنية  تسمو على الطائفية والمحاصصة ولغة وثقافة المكونات الدخيلة البغيضة تأخذ على عاتقها كتابة دستور ومعالجة تدهور الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية وتعويض ملايين العراقيين المتضررين وإعلان برنامج عالمي لإعمار العراق وإلغاء جميع القوانين النازية والإرهابية التي أصدرتها سلطة الاحتلال بدءاً ببريمر وانتهاء بالعبادي وتبييض السجون وإعلان العراق بلداً حراً لكل أبناءه يحتضن النازحين ليعيدهم إلى ديارهم والمهجرين إلى أحضانه.
ومن بديهيات عودة العراق إلى سابق عهده هو عودته الكاملة إلى حضن العروبة وإعادة إحياء شبكة علاقاته القومية واستئناف دوره في الرقي بالإنسان العربي وتحقيق الصيرورة المطلوبة للأمة.
إن على العرب الذين أدركوا الآن حجم الأذى والسوء الذي سببه الغزو لهم ولبلادهم أن يبادروا إلى مساعدة العراق والعراقيين للخروج من شرنقة الطائفية ووقف غولها المدمر والتوجه إلى القوى الوطنية والقومية والإسلامية العابرة للمذهبيات والأعراق والمتحلية بالعفة والنزاهة والنقاء الوطني والإيمان الذي يرتقي ويسمو بها فوق عفن الفساد الذي نخر جسد العراق وامتد بتاثيراته الصفراء إلى المنطقة برمتها.
ويقع على عاتق الأنظمة العربية التي تحتفظ بعلاقات إيجابية مع أميركا أن تقتنع أن أمنها واستقرارها لا يقرر الآن في طهران لأن طهران تراوغ وتناور وتستخدم أذرعها الإجرامية ممثلة بحزب الدعوة العميل وكل المسميات الحزبية والمليشياوية الموصوفة بصفات مذهبية المتحالفة  معه وكذا الأطراف المنخرطة في العملية السياسية المتوافقة مع حزب الدعوة كالحزب الإسلامي وباقي القوى والأفراد الذين جندتهم إيران على أنهم يمثلون طيفاً من شعبنا وهم في حقيقة الأمر لا يمثلون سوى التهافت السلطوي والمنافع والامتيازات الشخصية وعار الخيانة. 
السنوات التي مرت على الغزو أوقعت دول العدوان والاحتلال بوقائع مهلكة على كل الأصعدة وسجل لها التاريخ وقائع لا تشرف. أما شعب العراق الأبي وقواه المجاهدة الغيورة العروبية المؤمنة فقد ثبتت وفازت بالمحصلات المعنوية والمعطيات المادية على الأرض ليس فقط في فشل الغزو بأهدافه وغاياته ومسوغاته بل في الإطلالة الثابته على تحرير ناجز ومحقق للعراق الأبي. 

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018