سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(موقف نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام) الأخلاق والمبادئ وتهافت الذات



كاظم عبد الحسين عباس

مهما حصل وأياً كان حجم السيل أو الفيضان أو الإعصار تبقى سمات وخصال الأخلاق العربية المسلمة والمؤمنة عموماً هي عنوان الموقف والفعل ورد الفعل. وزادت ميزة الترجيح والتفضيل والمباهلة لما نمارسه من استجابات عند الظروف القاهرة ذلك لأن جوهر الأخلاق يظهر في الشدائد والصعاب وفي طرق المواجهة للطوارئ والظروف الاستثنائية. 
لذلك صارت السجون والمعتقلات والمحاكم ساحات لإنتاج الأبطال: فيها طفحت خصال نيلسون مانديلا ونفذت عابرة الجدران والأسوار والدول والقارات فشخصت قائمة كأنها أطواد وجبال. ويوم انتصر مانديلا على سجانيه بعد سنوات طوال وخرج إلى أنوار الدنيا أضاف ما عجز عنه كثيرون في إعلانه العفو عن من حطوا من إنسانيته وأهانوها. 
لم يتذكر مانديلا جرائم المجرمين ولا انحرافات وأخطاء الخطائين بل تسامى ليصير وطن وقضية وفعل يعانق روح الله سبحانه في علياءه.

وفي السجون والمحاكم سجل التاريخ وسيظهر ما سجله شاء من شاء وأبى من أبى سفر صدام حسين. في السجن قرأ حتى صار مثقفاً ألمعياً وفي السجن قاتل الإدمان على الدخان لكي يكبر على الطلب إلى سجانيه وفي المحكمة التي أسسها له جبابرة الكون قدم نموذجا للرجولة ومبادئها وللمسلم المؤمن وصفاته وخصاله: ثبات. شجاعة. حكمة. منطق. سمو على الصغائر. انتماء وولاء للقضية. كلام موزون يصوبه كرصاص لجلاديه وتمكن بقوة الإرادة وعلو كعب الذات أن يسحب لسان القضاة والادعاء والغوغاء خارج أفواههم فأخرسهم وحاكمهم هو وأدانهم باقتدار نادر ومتفرد. ولم ينسى قط أو يخرج عن شموليته القومية وعمقه الوطني الأنقى من النقاء. كان مقنعاً ومقتنعاً ولذلك لم ترتجف منه شعرة، فيده بيضاء وجيبه نظيف وقراراته انطلقت من قناعات لا صلة لها بذاته بل بقضيته ومصلحة وطنه وأمته.
وعزة إبراهيم نموذج آخر: وقف في منتصف إعصار ما حصل ولن يحصل له مثيل. غلب الموت بإرادة الله رغم أن الموت الذي كان يطلبه ليس كأي موت بل موت مصمم في آلاف الأقبية السوداء. قبل التصدي للواجب وهو يرى بأم عينه أن الذين معه كانوا قلة من الفرسان وواجه الفناء بالإيمان والاجتثاث الكوني لقضيته الوطنية والقومية بصلابة اليقين أن الحق لا يغلب. وصبر صبر أيوب على المحن والأقدار حتى أعاد مع شلة المتحزمين بالأخلاق والمبادئ من حوله تجميع أوصال حزبه المقطعة وأعاد انتشارهم في كل ساحة الوطن ليظلوا هم وحدة الوطن وهم ذراعه المؤمل ورجاءه المرتجى. لقد كان وما زال الرجل شجاعاً مصوباً يخاطب بكل آداب الإسلام والعروبة وينصح بشيم الرجال ويغضب ببعض غضب الله ويستقوي بالله وبالقرآن والدين القيم وشرف الرجال وإخلاصهم.
الأخلاق في الصعاب تستقي نسغها من: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. والمبادئ في لحظات تعرضها للسيول والعواصف تستدعي: صدق الذات وصلادة الإيمان: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
فلله در البعثيين المؤمنين الثابتين: 
ما زاغ بصرهم ولا ارتجفت أقدامهم ولا اهتزت قيمهم ومبادئهم رغم كل الردى الذي ما مر بقوم ولا وطن ولا أمة له شبيه.
لم يبلغوا عن بيوت رفاقهم لشرطة الطاغوت.
لم يغرهم طابور الواقفين عند باب الجنرال الغازي.
لم يشتموا حزبهم وقيادتهم حتى لو كان في صدورهم ألف اعتراض ونقد وملاحظات.
لم يرشدوا مرتزقة الموت إلى أماكن تواجد ضباط الجيش وقوى الأمن الذين شملتهم قوائم الموت الفارسي ثأراً من قادسيتهم المجيدة التي قصمت ظهران عدوان إيران.
لم يستهدفوا عراقي ولا عربي نجيب ولن يفعلوا لا سراً ولا علناً في أية محطة لقاء ولا في أية وسيلة إعلام.
ما هانت نفوسهم ولا وهنت ذواتهم وهم مجتثون ومقصيون ومطاردون بالموت والاعتقال ومقطوعة عنهم رشفة الماء وكسرة الخبز. 
هؤلاء هم طليعة الأمة ورواد وحدتها وحريتها وازدهارها أما ما سواهم وأياً كان لسان التبرير الذي ينطقون به أو القلم الذي يخطون به تسويغهم لتهافت أرواحهم وتذبذب ذواتهم وخوار قواهم وأياً كان لمعان المبررات التي يسوقونها هم لم ولن يكون من رجال البعث وماجداته.
بل هم... متهافتون... فبعض اللاهثون وراء سبل النفاق كان بوسعهم أن يلوذوا بالصمت على الأقل حفظاً لامس كان وسيبقى محسوباً عليهم حتى لو صاروا بمقام نوري المالكي وأمثاله.. المقام الذي صنعته يد الغزو وقوة الباطل. 
مجرد متهافتون.. والمتهافت له ما يستحق من مكان خارج سفر التاريخ وأسوار الجنة ومضايف الجود ولمة الرجال.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018