أنيس الهمامي
صرّح النّاطق باسم الأمم المتّحدة بأنّ هذه الأخيرة أصيبت بالذّهول جرّاء الدّمار الهائل الذي أصاب الموصل، وذلك تعقيبا على ما يٌروّج هذه الأيّام عن التّحرير المزعوم للموصل كبرى مدن العراق.
وإنّه وبدون الرّجوع لملابسات أحداث الموصل والاستسلام للرّوايات الرّسميّة سواء تلك الصّادرة عن حكومة الجواسيس والعملاء في بغداد المحتلّة أو عن مظلاّت دعمها وتسييرها إيرانيّة كانت أم أمريكو صهيونيّة أو عن المنظّمات الدّوليّة وخاصّة الأمم المتّحدة، وكلّها مجمعة ومقرّة بأنّ ما تعيشه الموصل إنّما يندرج في إطار محاربة تنظيم داعش الإرهابيّ وهي الشّمّاعة التي ارتكبت بسببها شتّى الجرائم المقزّزة وغير المسبوقة بمدينة الموصل وأهلها ومعمارها وتراثها وهي جرائم بلغت حدّا من التّرويع لا يمكن تصديقه ولا تخيّله حيث سمح هؤلاء جميعا لمجاميع الإرهاب والميليشيّات الطّائفيّة المسيّرة من قم وطهران والمسكونة بمخزون لا حدّ له من الحقد والثّارات والكراهيّة والعنصريّة والوحشيّة لتوغل تقتيلا ساديّا في أبناء الموصل لم ينج منه حتى الرّضع والنّساء والشّيوخ إذ يكفي الاستدلال بحقيقة الأرقام المفزعة لتعداد القتلى من هذه الشّرائح لتفنّد كلّ المزاعم الرّسميّة التي ادّعتها حكومة الصّغير العبادي حول حرصها على سلامة المدنيّين وتوجيهها لأوامر صارمة لما تسمّيه بالجيش وميليشيا الحشد الصّفويّ بضرورة تجنّب استهداف غير المطاردين من الدّواعش مع تركيز مفرط على الادّعاء بأنّه تمّ توفير كلّ مستلزمات تقليل الخسائر في صفوف المدنيّين وتجنّبها، ورغم اتّفاق العالم كلّه على كذب هذه المزاعم وإجماع دوليّ كبير على فداحة أحداث الموصل، فإنّ كلّ القوى المؤثّرة ومن بينها الهيئات والمنظّمات والمنابر الدّوليّة كافّة استكانت واكتفت بدور المشاهد غير المكترث وتابعت حملة الإبادة العرقيّة المنظّمة هناك بمنتهى البرود ودون ان تهتزّ لها قصبة.
لقد أحيل الضّمير الإنسانيّ العالميّ لإغفاءة طويلة متعمّدة حيال ما عايشه الموصليّون من مآسي وما حلّ بالموصل من خراب ودمار ممنهجين استهدفها كلّ معالم الحياة، وليس أقلّ براهين ذلك التّقاعس المقصود في التّشهير بالجريمة الفاضحة والضّالعين فيها غياب أيّ فعل ملموس على الأرض للحيلولة دون استمرارها في غيّها وعبثها واستهتارها العنصريّ بكلّ الأعراف والقوانين السّماويّة والوضعيّة ، فكان الصّمت مطبقا حول عشرات مئات صرخات الاستغاثة التي وجّهها اهل الموصل وخصوصا النّساء والشّيوخ جرّاء ما عانوه من أهوال، وكذلك خيّم الصّمت المخزي نفسه إزاء فضائح ما حدث في المخيّمات التي هرع لها العراقيّون كمن يتعلّق بقشّة النّجاة رغم يقينه أنّها لن تقيه موته المحتوم، وتواصل عدم الاكتراث والتّفصّي على كلّ الصعد إعلاميّا وحقوقيّا من تحمّل المسؤوليّة حول مدى وقاحة المجرمين من حكومة وميليشيّات وتحالف إذ حوّل أضلع هذا التّحالف الشّيطاني سماء الموصل لمسرح تتسابق فيها لصبّ جام حقدها على الجماهير هناك فكان الفوسفور الأبيض وهو أحد أشد الأسلحة فتكا بالبشر حاضرا وباستمرار في سماء الموصل، وكانت حملات اغتصاب الحرائر وتقتيل العزّل بمنتهى الوحشيّة والصّفاقة ونهب الممتلكات وتهجير السّكّان أمرا لا يستحقّ أيّ ردّ فعل بل ومباحا ومشروعا ما دامت الحجّة جاهزة وما دامت الغاية نبيلة حسب ادّعاءات أصحابها السّفهاء المجرمين ألا وهي محاربة داعش دوما وأبدا.
إنّ المثير للسّخريّة حقّا، أو لعلّه فصل جديد من الكوميديا السّوداء الممجوجة أن يخرج هذا النّاطق باسم الأمم المتّحدة بمثل هذا التّصريح المفرغ من كلّ معنى بل إنّه للتّندّر أقرب.
أين كان سيادة النّاطق هذا طيلة الأشهر الطّويلة القاسية التي قصمت فيها ظهور النّساء والرّضّع والشّيوخ في الموصل؟ ألم تكتمل كلّ المشاهد إلاّ بعد هذه المدّة لكي يتحرّك ضميره فجأة فيعتريه ومؤسّسته هذا الذّهول؟
ما المذهل تحديدا فيما جرى في الموصل يا سيادة النّاطق باسم الأمم المتّحدة؟
إنّنا لا نعلم على وجه الدّقّة أتراها الأنقاض التي تؤوي مئات الجثث المتفحّمة والأشلاء المتناثرة هي مبعث الصّدمة في المنتدى الدّوليّ المسمّى الأمم المتّحدة، أم تراها مثلا آلاف المنازل المهدّمة، وعشرات الآلاف من السّكّان وهم يصلون اللّيل بالنّهار يلتحفون السّماء ويفترشون الأرض ويبيتون للعراء دونما ذنب ارتكبوه سوى ما قرّرته الدّوائر الاستعماريّة والامبرياليّة الأمريكيّة مدفوعة من الصّهيونيّة العالميّة وحليفتها إيران الصّفويّة الخمينيّة؟؟ أم لعلّها لحظة فارقة اهتزّ فيها ضمير النّاطق باسم الأمم المتّحدة ليعبّر عن ضيقه ورفضه لحملات التّهجير القسريّ والتّغيير الدّيموغرافيّ المتسارع في الموصل مثلا؟؟
لماذا لم يستبدّ الذّهول بالأمم المتّحدة إلاّ بعد أن أتاحت كلّ ممهّدات تقطيع أوصال الموصل لعتاة المجرمين والأفّاقين وقطّاع الطّرق وآكلي لحوم البشر؟
أين اختفت عشرات المؤسّسات الإغاثيّة التّابعة للأمم المتّحدة وكيف لم تلتفت لجحيم الذي رزحت تحته الموصل ولا تزال قرابة عام كامل؟ ماذا فعل هؤلاء مثلا للرّضّع وقد جفّت أثداء أمّهاتهم بفعل انعدام الحدّ الأدنى من الطّعام؟
ثمّ هل تعتقد سعادة النّاطق باسم الأمم المتّحدة أنّ شعورا يحمله تصريحك الكاذب سيعوّض عن فاجعة الموصل وأنّه قد يغفر لهذه المؤسّسة وهي الأكبر والأهمّ تأثيرا في العالم انخراطها في ما حدث في الموصل؟
وهل يبحث هذا النّاطق باسم الأمم المتّحدة لصرف أنظارنا عن الحقيقة بان يفرض تجزئتها بدورها؟
إنّ هذا التّصريح البالي والمخاوز لن يبيّض صورة هذه المؤسّسة التي لم تنجح إلاّ في إلحاق الأذى ومباركة كلّ اوجه العدوان على العرب كافّة دون سواهم سواء في فلسطين او العراق أو ليبيا أو الأحواز العربيّة، وهو تصريح لن ينجح من خلاله صاحبه في إقناعنا أنّ الموصل لوحدها مبعث ذهول وصدمة كبيرين، لأنّ كلّ ما حدث فيها ليس منفصلا لا في الزّمان ولا في المكان، ولا هو منفصل من حيث ما يتقصّده كلّ من خطّطوا لهذه الأحداث بصرف النّظر عن أدوات تنفيذ الأجندا كاملة.
إنّ أحداث الموصل سبقتها أحداث فظيعة لا تقلّ وحشيّة عنها، وكان تسلسلها وتدرّجها ينضوي في إطار حسابات الرّاعين للمشروع الكبير الذي خطّطت له أمريكا وخضعت له الأمم المتّحدة ذاتها، فالفلّوجة والرّمادي وصلاح الدّين وتكريت وبعقوبة وغيرها من مدن العراق وقراه كلّها كان لها نصيبها من التّدمير والتّخريب والعبث بمقدّراتها وسكّانها وآثارها ومعمارها وناسها وغير ذلك، كما تنوّع الجناة في كلّ مرّة حسب الضّرورة، ولكن لم نسمع ولم نقرأ ما يبعث على الذّهول عند هؤلاء من أمثال هذا النّاطق باسم الأمم المتّحدة.
فهل هي صحوة واستفاقة طالت، أم هكذا يريد أن يسوّق لنفسه ولهيئته فيخدع البسطاء؟؟
أنيس الهمامي
تونس في 07-07-2017
صرّح النّاطق باسم الأمم المتّحدة بأنّ هذه الأخيرة أصيبت بالذّهول جرّاء الدّمار الهائل الذي أصاب الموصل، وذلك تعقيبا على ما يٌروّج هذه الأيّام عن التّحرير المزعوم للموصل كبرى مدن العراق.
وإنّه وبدون الرّجوع لملابسات أحداث الموصل والاستسلام للرّوايات الرّسميّة سواء تلك الصّادرة عن حكومة الجواسيس والعملاء في بغداد المحتلّة أو عن مظلاّت دعمها وتسييرها إيرانيّة كانت أم أمريكو صهيونيّة أو عن المنظّمات الدّوليّة وخاصّة الأمم المتّحدة، وكلّها مجمعة ومقرّة بأنّ ما تعيشه الموصل إنّما يندرج في إطار محاربة تنظيم داعش الإرهابيّ وهي الشّمّاعة التي ارتكبت بسببها شتّى الجرائم المقزّزة وغير المسبوقة بمدينة الموصل وأهلها ومعمارها وتراثها وهي جرائم بلغت حدّا من التّرويع لا يمكن تصديقه ولا تخيّله حيث سمح هؤلاء جميعا لمجاميع الإرهاب والميليشيّات الطّائفيّة المسيّرة من قم وطهران والمسكونة بمخزون لا حدّ له من الحقد والثّارات والكراهيّة والعنصريّة والوحشيّة لتوغل تقتيلا ساديّا في أبناء الموصل لم ينج منه حتى الرّضع والنّساء والشّيوخ إذ يكفي الاستدلال بحقيقة الأرقام المفزعة لتعداد القتلى من هذه الشّرائح لتفنّد كلّ المزاعم الرّسميّة التي ادّعتها حكومة الصّغير العبادي حول حرصها على سلامة المدنيّين وتوجيهها لأوامر صارمة لما تسمّيه بالجيش وميليشيا الحشد الصّفويّ بضرورة تجنّب استهداف غير المطاردين من الدّواعش مع تركيز مفرط على الادّعاء بأنّه تمّ توفير كلّ مستلزمات تقليل الخسائر في صفوف المدنيّين وتجنّبها، ورغم اتّفاق العالم كلّه على كذب هذه المزاعم وإجماع دوليّ كبير على فداحة أحداث الموصل، فإنّ كلّ القوى المؤثّرة ومن بينها الهيئات والمنظّمات والمنابر الدّوليّة كافّة استكانت واكتفت بدور المشاهد غير المكترث وتابعت حملة الإبادة العرقيّة المنظّمة هناك بمنتهى البرود ودون ان تهتزّ لها قصبة.
لقد أحيل الضّمير الإنسانيّ العالميّ لإغفاءة طويلة متعمّدة حيال ما عايشه الموصليّون من مآسي وما حلّ بالموصل من خراب ودمار ممنهجين استهدفها كلّ معالم الحياة، وليس أقلّ براهين ذلك التّقاعس المقصود في التّشهير بالجريمة الفاضحة والضّالعين فيها غياب أيّ فعل ملموس على الأرض للحيلولة دون استمرارها في غيّها وعبثها واستهتارها العنصريّ بكلّ الأعراف والقوانين السّماويّة والوضعيّة ، فكان الصّمت مطبقا حول عشرات مئات صرخات الاستغاثة التي وجّهها اهل الموصل وخصوصا النّساء والشّيوخ جرّاء ما عانوه من أهوال، وكذلك خيّم الصّمت المخزي نفسه إزاء فضائح ما حدث في المخيّمات التي هرع لها العراقيّون كمن يتعلّق بقشّة النّجاة رغم يقينه أنّها لن تقيه موته المحتوم، وتواصل عدم الاكتراث والتّفصّي على كلّ الصعد إعلاميّا وحقوقيّا من تحمّل المسؤوليّة حول مدى وقاحة المجرمين من حكومة وميليشيّات وتحالف إذ حوّل أضلع هذا التّحالف الشّيطاني سماء الموصل لمسرح تتسابق فيها لصبّ جام حقدها على الجماهير هناك فكان الفوسفور الأبيض وهو أحد أشد الأسلحة فتكا بالبشر حاضرا وباستمرار في سماء الموصل، وكانت حملات اغتصاب الحرائر وتقتيل العزّل بمنتهى الوحشيّة والصّفاقة ونهب الممتلكات وتهجير السّكّان أمرا لا يستحقّ أيّ ردّ فعل بل ومباحا ومشروعا ما دامت الحجّة جاهزة وما دامت الغاية نبيلة حسب ادّعاءات أصحابها السّفهاء المجرمين ألا وهي محاربة داعش دوما وأبدا.
إنّ المثير للسّخريّة حقّا، أو لعلّه فصل جديد من الكوميديا السّوداء الممجوجة أن يخرج هذا النّاطق باسم الأمم المتّحدة بمثل هذا التّصريح المفرغ من كلّ معنى بل إنّه للتّندّر أقرب.
أين كان سيادة النّاطق هذا طيلة الأشهر الطّويلة القاسية التي قصمت فيها ظهور النّساء والرّضّع والشّيوخ في الموصل؟ ألم تكتمل كلّ المشاهد إلاّ بعد هذه المدّة لكي يتحرّك ضميره فجأة فيعتريه ومؤسّسته هذا الذّهول؟
ما المذهل تحديدا فيما جرى في الموصل يا سيادة النّاطق باسم الأمم المتّحدة؟
إنّنا لا نعلم على وجه الدّقّة أتراها الأنقاض التي تؤوي مئات الجثث المتفحّمة والأشلاء المتناثرة هي مبعث الصّدمة في المنتدى الدّوليّ المسمّى الأمم المتّحدة، أم تراها مثلا آلاف المنازل المهدّمة، وعشرات الآلاف من السّكّان وهم يصلون اللّيل بالنّهار يلتحفون السّماء ويفترشون الأرض ويبيتون للعراء دونما ذنب ارتكبوه سوى ما قرّرته الدّوائر الاستعماريّة والامبرياليّة الأمريكيّة مدفوعة من الصّهيونيّة العالميّة وحليفتها إيران الصّفويّة الخمينيّة؟؟ أم لعلّها لحظة فارقة اهتزّ فيها ضمير النّاطق باسم الأمم المتّحدة ليعبّر عن ضيقه ورفضه لحملات التّهجير القسريّ والتّغيير الدّيموغرافيّ المتسارع في الموصل مثلا؟؟
لماذا لم يستبدّ الذّهول بالأمم المتّحدة إلاّ بعد أن أتاحت كلّ ممهّدات تقطيع أوصال الموصل لعتاة المجرمين والأفّاقين وقطّاع الطّرق وآكلي لحوم البشر؟
أين اختفت عشرات المؤسّسات الإغاثيّة التّابعة للأمم المتّحدة وكيف لم تلتفت لجحيم الذي رزحت تحته الموصل ولا تزال قرابة عام كامل؟ ماذا فعل هؤلاء مثلا للرّضّع وقد جفّت أثداء أمّهاتهم بفعل انعدام الحدّ الأدنى من الطّعام؟
ثمّ هل تعتقد سعادة النّاطق باسم الأمم المتّحدة أنّ شعورا يحمله تصريحك الكاذب سيعوّض عن فاجعة الموصل وأنّه قد يغفر لهذه المؤسّسة وهي الأكبر والأهمّ تأثيرا في العالم انخراطها في ما حدث في الموصل؟
وهل يبحث هذا النّاطق باسم الأمم المتّحدة لصرف أنظارنا عن الحقيقة بان يفرض تجزئتها بدورها؟
إنّ هذا التّصريح البالي والمخاوز لن يبيّض صورة هذه المؤسّسة التي لم تنجح إلاّ في إلحاق الأذى ومباركة كلّ اوجه العدوان على العرب كافّة دون سواهم سواء في فلسطين او العراق أو ليبيا أو الأحواز العربيّة، وهو تصريح لن ينجح من خلاله صاحبه في إقناعنا أنّ الموصل لوحدها مبعث ذهول وصدمة كبيرين، لأنّ كلّ ما حدث فيها ليس منفصلا لا في الزّمان ولا في المكان، ولا هو منفصل من حيث ما يتقصّده كلّ من خطّطوا لهذه الأحداث بصرف النّظر عن أدوات تنفيذ الأجندا كاملة.
إنّ أحداث الموصل سبقتها أحداث فظيعة لا تقلّ وحشيّة عنها، وكان تسلسلها وتدرّجها ينضوي في إطار حسابات الرّاعين للمشروع الكبير الذي خطّطت له أمريكا وخضعت له الأمم المتّحدة ذاتها، فالفلّوجة والرّمادي وصلاح الدّين وتكريت وبعقوبة وغيرها من مدن العراق وقراه كلّها كان لها نصيبها من التّدمير والتّخريب والعبث بمقدّراتها وسكّانها وآثارها ومعمارها وناسها وغير ذلك، كما تنوّع الجناة في كلّ مرّة حسب الضّرورة، ولكن لم نسمع ولم نقرأ ما يبعث على الذّهول عند هؤلاء من أمثال هذا النّاطق باسم الأمم المتّحدة.
فهل هي صحوة واستفاقة طالت، أم هكذا يريد أن يسوّق لنفسه ولهيئته فيخدع البسطاء؟؟
أنيس الهمامي
تونس في 07-07-2017