جاء في تغريدة لرئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيدي محمد ولد محم هذا نصها: " للاخوة في حزب الصواب، لسنا حزب الدولة، ولسنا "حزبا بلادولة" ومستعدون لتلقي الدروس الديموقراطية من الجميع، لكن ألا توافقون معي في أن من سيقدم تلك الدروس عليه أن يملك تاريخا وخلفية فكرية ديموقراطية؟ وللتوضيح، فإن الوزراء في مهمة حزبية لا حكومية هدفها مناضل الحزب لا مواطن الدولة."
قبل أن أستعرض مع القارئ الكريم بعض النقاط التي ينبغي إزالة اللبس فيها أود أن أنوه إلى أنني لست عضوا في حزب الصواب ، وعليه فإنما أسطره هنا لايلزم هذا الحزب ، غير أن الخلفية الفكرية التي يشير اليها الرئيس قد انصهر المواطن الموريتاني مع مراميها وتطلعاتها ونهجها ، وأصبح يدافع عنها كبقية كبرياء وعز ووفاء في زمن الذل والخنوع .
السيد الرئيس يبدو أن افتتاحية حزب الصواب كانت قوية ومؤثرة ، فقد فاتكم أن هذه الافتتاحية لا توجد فيها مطلقا كلمة " الديموقراطية " ، أحرى أن يكون الغرض الجوهري منها هو تزويدكم بدرس في الديموقراطية - على مقاسكم -.
إلإ أنكم قد تتفقون معي أن هذه الافتتاحية قدمت دروسا في الوطنية والدفاع عن المواطن أكثر من حصتكم الاستيعابية المعتادة ! حين بينت : (ان فتح حملة انتساب لحزب الدولة في مطلع هبوب صيفي قاحل، يتواصل مع نهاية موسم هَلكتْ فيه المواشي وأجدبتْ البلاد، لن يكون هوالنجعةَ التي ينشدها سكان الريف ولا انتظارات عموم المواطنين الجياع العطاش، بل المؤكد أنه سيزيد من إضعاف ما بقي من مصداقية الدولة عند من كان ينتظر منها المواساة، سواء بدعم الأمن الغذائي أوبتوفير الأعلاف، بدل اجباره على بذل المال والجهد لإعادة الروح لأدوات سلطة ضبطه الاجتماعي التقليدية في مواجهة (خصومه) المحليين و التقرب من السلطةعلى أمل الاستفادة من وهم ريعها المشروط بالولاء لأجهزتها العميقة وحزبها ..).
السيد الرئيس إن الخلفية الفكرية لحزب الصواب اعتمدت الصدق مع المواطن ،لأن الصدق يهدي للبر ، خلافا لنقيضه .. بل إن هذه الخلفية الفكرية لم توهم الشعب بممارسة ديموقراطية مزيفة ، ـ خلافا لقوم ٱخرين ـ مع أن دول العالم الثالث في تلك الفترة لم تكن الديموقراطية من أولوياتها ، لكن أصحاب هذه الخلفية قد اهتموا إلى أبعد حد بكرامة الأمة وشرفها وقد حصلت بلادنا على نصيبها من ذلك العطاء وافيا في شتى الميادين ، وإذا كنتم لا تستشعرون ذلك فإنكم " تغردون " خارج سرب أبناء هذا الوطن الأوفياء لتلك المبادئ والمواقف النبيلة التى اتخذها الأمين العام لحزب البعث صدام حسين فى الدفاع عن موريتانيا خلال سنة 1989 فكان له الفضل في عدم مطالبتكم الآن بالإستقلال عن السنغال أو الركون لإرادته ـ من يدري ـ ؟! وبدلا من ذلك أصبحت بلادنا من أقوى دول غرب إفريقيا عسكريا ، كما أكد ذلك عبد جوف الرئيس السنغالي السابق في مذكراته حيث يقول : (لقد زود صدام حسين موريتانيا بصواريخ قادرة على تدمير سينلوي وداكار وكانت ستطلق عندما تتحرك السنغال؛ وقد نقل معلومات الدعم العراقي لموريتانيا السفير ماصمبا ساري نقلا عن سفير العراق في باريس.
هذا الأخير قال في لقاء في العاصمة الفرنسية باريس إنه يأسف لما وصلت إليه العلاقات بين البلدين الشقيقين، لكنه أردف أنه في حالة وصول الموقف إلى حرب فإن العراق ستقف في صف موريتانيا، وبرر ذلك بكون موريتانيا تشكل جزء من الأمة العربية ).
وفضلا عن ما قدمه صدام حسين لهذا البلد في مجالات الصحة والتعليم ، والإعلام والكهرباء ، مع ما أسداه للأمة العربية من إنجازات كبرى ، فمن المعروف أن صدام حسين وبعد أن تسلم حزب البعث السلطة في العراق قام بتعزيز الاقتصاد العراقي وتطوير برامج التنمية ، وأمم شركة النفط الوطنية ، ونقل العراق الى مصاف الدول المتقدمة ، وقضى على الامية كليا في العراق ، وفقا لتقارير الامم المتحدة ، كما أنشأ واحدة من أحدث أنظمة الرعاية الصحية في المنطقة وكان ذلك سبباً لمنحه جائزة من منظمة اليونسكو ،وفي نفس الوقت كان العراق في زمن صدام حسين يشكل جدارا قوياً أمام طموحات النظام الفارسي الذي يحتل الآن أربع عواصم عربية ،
وبما أنكم تتفقون معي أن هذه هي الخلفية الفكرية التي يمتلكها حزب الصواب التي ألمحتم إليها تبكيتا ! فماهي خلفية الآخرين ؟ " هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ " .
السيد الرئيس إنني أخشى أن يشعر القارئ أنكم لا تحترمونه ، فعندما تقولون لسنا حزب الدولة، ولسنا "حزبا بلادولة" ، قد لا يفهم المواطن ماهي العلاقة بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وتسخير ممتلكات الدولة وخدمات الوزير الذي يتقاضى راتبا من ميزانية الدولة التي يساهم فيها ذلك الموطن المعارض بغية تقديم خدمة بعينها في وقت محدد ، كذلك فعندما يتم التلميح إلى أن حزب الصواب بلا دولة فهل هذا يعني أنكم ترون أن موريتانيا التي ينتمي إليها حزب الصواب ليست دولة ، أم أنكم لا تعنون ما تقولون ، إلا إذا كنتم تغمزون في وطنية حزب الصواب وهو تأويل بعيد شكلا ومعنى ، ذلك أن حزب الصواب هو أكثر الأحزاب تضحية وولوجا للسجون خدمة لهذه الدولة ، وهنا نستنتج أن هذا الكلام في مجمله قد يكون استخفافا بفهم المواطن استمراء لعادة تجذرت .