نبض العروبة المجاهدة
اجبرتنا ظروف التحديات الستراتيجية منذ نصبت امريكا وبريطانيا ومعهما اسرائيل الغربية نظام الملالي بقيادة خميني في اسرائيل الشرقية على التقليل من الاسهامات الايديولوجية والانغماس في الصراع الستراتيجي وهو الصراع الخاص بامن الامة والحزب وسلامتهما عبر انارة طرق النضال ومنع التعتيم عليها ، لان نقاوة العقيدة البعثية ترتبط بامن الحزب ومنع اختراق حصانته الايديولوجية باي شكل وطريقة وكشف الكيفية التي تجري فيها عملية الاجتثاث الايديولوجي للبعث بصفتها ستراتجية امنية امريكية صهيونية فارسية مشتركة سرية قد تكون غامضة بالنسبة لكثيرين ومتعددة الاوجه يقترن تطبيقها مع كافة اشكال الاجتثاث الاخرى ويكملها. وهذه الملاحظات هي لفت نظر لمن يروج وبحسن نية لمفاهيم مناقضة لهوية البعث العقائدية لاجل ان يعيد النظر بعد ان يرى النتائج العملية المترتبة على تلك الاطروحات .
نؤكد : العقيدة هي البوصلة الاساسية في مواصلة طريق النضال الصحيح وما يجري منذ عقود هو محاولات تشويه العقيدة بكافة الطرق :تارة بشيطنة البعث عبر نماذج سيئة مثل نظام حافظ اسد الخادم للصهيونية والفرس ، وتارة ثانية وخصوصا بعد اسقاط النظام الوطني في العراق عبر زرع افكار ليبرالية غريبة ومحاولة تسريبها لصفوف المناضلين وتحويل ثمراتها الى مادة للخلاف والجدل البيزنطي وهو ما يوقع البعض في بحور الظلمات لان هويته العقائدية اخذت تتشوش ، فكيف تقاتل دفاعا عن هويتك الفكرية اذا كنت تواجه اضطرابا وتشوشا في رؤيتها وتحديد بديهياتها او تكتشف ان وعيك لها قد اربك ؟
المعنويات النضالية العالية حد الاستعداد للاستشهاد تنبع اصلا من الوعي العميق للعقيدة والايمان الراسخ بها بلا تردد او غموض ، تكتيك المخابرات المعادية يقوم على توريط بعض من لايفهمون اساليبها في ممارسة لعبة اضعاف الوعي بتشويشه بزرق مفاهيم تدميرية في صلب العقيدة ! وهنا تبدا رحلة اضعاف الوعي لان تلك القوى تعرف انه كلما ضعف الوعي او شوه تراجعت معنويات المناضل وحلت محلها تدريجيا روح الارتباك والمساومة مادامت الليبرالية تقدح من زناد الفردية المطلقة وهنا نرى شياطين الردة.
نقد ظواهر مرضية يراد لصقها بالبعث عفوا او عمدا بعد اسقاط النظام الوطني في العراق ضرورة لابد منها ،ومن بين ابرز طروحات الاجتثاث الايديولوجي للبعث والتي وقع في فخها البعض نتيجة اختيار الطريق الاسهل في النضال،الانطلاق في التحليل الايديولوجي من حالة قطرية فيها جزئية صحيحة لكنها حينما يحاول البعض تعميمها وتحويلها الى انموذج قومي ملزم تصبح كارثة عقائدية تستبطن الردة حتما مادامت بقية الاقطار وهي الاكثرية تختلف عن الحالة الجزئية ، فاحلال الليبرالية الغربية مثلا كمنهج محل عقيدة الحزب يعطي الفرد حرية مفتوحة وبلا حدود في فهم الاشياء وتفسيرها فتظهر امكانية تفكيك العقيدة واجتثاثها بنعومة الحرير هذه المرة خصوصا وان الليبرالية ظاهريا ناعمة الملمس كجلد افعى سامة ، ولهذا عندما تخضع الاشتراكية والاسلام واساليب النضال الى منهج ليبرالي غريب عنها ، يفضي سواء اردنا ذلك ام رفضناه الى تخل واضح وصريح عن عقيدة البعث كما سنرى .
ولئن كانت الوحدة العربية والحرية قابلتان لتغيير اساليب الوصول اليهما واشكالهما السياسية المرحلية فان الاشتراكية بصفتها نظاما اقتصاديا اجتماعيا يتكون المجتمع كله بكافة اوجهه النفسية والقانونية والاخلاقية والابداعية عليه ويمثل المعيار الرئيس لمفهوم العدالة الاجتماعية لايمكن النظر اليها على انها نظام انتقائي نأخذ ما نريد منه ونترك مالا نريده منه مع انه كل عضوي ككلية جسد الانسان الذي لا يستطيع التخلي عن القلب او الرئة فكل عضو فيه جوهري لديمومة الحياة الانسانية.
لنبدأ قبل كل باعادة التاكيد على احدى اهم بديهيات عقيدة البعث وثوابته الابدية وغير القابلة للتغيير تحت اي واجهة وتسمية وهي بديهية تستحق منا القتال بلا هوادة او تردد وتقديم الاف الشهداء كما فعلنا مرات عديدة للمحافظة عليها ومنع التلاعب بها وهي ان ادراك الاباء والقادة المؤسسين للحزب لاحتمال التأثر باللبرالية الغربية والظهور اللاحق لدعوة لتغيير عقيدة الحزب بحجة ان مواكبة روح العصر ضروري لحماية العقيدة من التخلف هو الذي دفعهم ( الاباء المؤسسين ) لوضع الفقرة الختامية في الدستور التي تمنع تغيير الفقرات الاساسية فيه وان ماعداها يمكن تغييره بموافقة ثلثي عدد اعضاء المؤتمر القومي للحزب وهو السلطة التشريعية الاعلى فيه ،وذلك تثبيت للمبدأ الجوهري وهو ان العقيدة ثابتة بينما الستراتيجية القطرية والقومية متغيرتان تبعا لتغير البيئة والظروف وتحولات الصراعات .
وهذا يعني بأنه لا الاباء المؤسسين ولا المؤتمر القومي ولا القيادة القومية ولا القيادات القطرية تملك صلاحية حتى اقتراح تغيير الفقرات الاساسية من دستور الحزب، وهذا احد اهم ثوابت الحزب المقدسة الممنوع المس بها لاي سبب كان ومن اي طرف كان لانها تتعلق بالهوية العقائدية مباشرة .
وهذه البديهية تقوم على قاعدة قانونية ملزمة وهي ان العقد بيني وبين الحزب يقوم على قبوله كممثل لعقيدته على وجه الديمومة وستراتيجيته في مراحل معينة ،وفي حالة تغيير العقيدة – مثلا تبني منهجا ليبيراليا - او التخلي عن الستراتيجية القومية المشتقة منها – مثلا التخلي عن تحرير فلسطين– فان الحزب يصبح غريبا علي وينقض العقد الاجتماعي بيني وبينه . هنا بذرة اجتثاث البعث : ما ان يعاد النظر في العقيدة حتى تجد ان غيرك يرفض ذلك بشدة لان الهوية راسخة وليس منطقيا تغييرها بين مرحلة واخرى . وبناء على ما سبق لايحق حتى للاباء المؤسسين والقيادت اللاحقة القومية والقطرية ، ولا المؤتمر القومي تغيير الهوية العقائدية بعد ان قامت على صيغة تشبه العقد الاجتماعي الطوعي الذي قبل من الجميع وتحول الى قاعدة قانونية ملزمة لهم وهنا نرى الحكمة في تضميبن دستور الحزب الفقرة الاخيرة المشار اليها .
لقد قاتلنا وقدمنا عشرات الالاف من شهداء البعث – وغالبيتهم الساحقة من العراق - من اجل عقيدته المتسمة بانها قومية روحها الاسلام مع رفض حكم رجال الدين – وهذا عنصر جوهري في عقيدتنا - واشتراكية وثورية في ان واحد وليست قطرية او اصلاحية او علمانية على النمط الغربي . وكما قانلنا في السابق سنقاتل بضراوة اشد واستعداد اكبر للتضحية من اجل حماية العقيدة البعثية من العبث سواء كان مزاجيا وفرديا او بدوافع اخرى مهما كانت طبيعتها. والسؤال المهم في هذا الصدد هو : متى وكيف بدات لعبة الاجتثاث العقائدي عالميا وقوميا وقطريا ؟ يتبع .
Almukhtar44@gmail.com
1-30-2018