سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أبو الحسنين علي /العراق - بغض النظر...


    لا أظن أن هناك عاقلا واحدا كان يتوقع سقوط نظام الملالي بطهران بواسطة التظاهرات والاحتجاجات العارمة التي شهدتها البلاد ولم يسبق لها مثيل لا بالكم ولا بالشمولية السياسية حيث استهدفت كل أطراف اللعبة السياسية الفارسية بشقوقها المختلفة الاصلاحية والتخريبية واليسارية واليمينية . فالتظاهرات والاحتجاجات عادة ما تمهد السبيل للسقوط عبر عمليات ميدانية مختلقة وباشتراطات تكتيكية واستراتيجية عديدة من بينها وجود القيادة السياسية المهيئة لاستلام السلطة بعد أن تتكاتف الذراع الشعبية الضاربة مع بقية الاطراف المؤهلة والتي تتفاعل عضويا مع الفعل الجماهيري الواسع المناهض للسلطة.


    منذ عام ١٩٧٩ م والشعب الايراني يخضع لبطش وارهاب وظلم لم ينتج عن تغييب القوى السياسية المناهضة لسلطة الكهنوت فقط بل صنع أدوات للبطش والتعسف والطغيان عديدة ومتدرجة وتتراوح في درجات وصفها الرسمي من  الشرطة الى ما يسمى بالحرس الثوري وكلها مهيئة تماما للتصدي لارادة الشعب بالنار والحديد . ثم ان هذه السنوات الطويلة قد رافقها ما يكفي من خلق لعوامل الخوف الجماعي من جهة وما يكفي من اغراق للمجتمع عموما بقدسية فرضها النظام القاتل فرضا وصارت تتزاوج مع عوامل الرعب الاخرى . هذا المشهد الموغل بالتعقيدات والتشابكات يجعل من التظاهرات في نسختها التي جرت محض بداية لكن من غير المتوقع ان تكون هي مصنع النهاية .

  ومع الاقرار بهذا الواقع الذي قد يقبله البعض وقد يرفضه اخرون , كل حسب الغايات التي تحرك عوامل الرفض أو القبول عنده , الا ان المؤكد ان ما بدأ لن ينتهي واسكاته على يد الباسيج أو الشرطة أو الجيش أو الحرس لن يطول لاسباب ذاتية وموضوعية ايرانية صرفه .

  الشعب الايراني انتهى من القدسية المفترضة لولاية الفقيه ولم يعد يقيم لها وزنا ولا اعتبار.

 الايرانيون شبعوا جوعا وجهلا وتخلفا مقرونة بالرعب الذي تؤشر كل معطيات علم النفس انه كلما طال أمده كلما توارت تاثيراته . فالرعب لا يمكن أن يعيش الى ما لا نهاية والشعوب الايرانية تجاوزت حدود الزمن المقبول بالسقوط في أتونه لسنوات.
  الشعب الايراني شبع من شرب دماء أبناءه التي سفكت خلال سنوات سلطة الطاغوت المرتدية لعمامة دينية كاذبة.

 الايرانيون تيقنوا ان نزعات التوسع والاحتلال والتدخل باسم المذهب لنظام الملالي لم تنفعهم ولم تنفع ايران بل أثبتت انها خاسرة ومؤشرات خسارتها منظوره في أكثر من ساحة .

  أيقن الكثير من  الايرانيين أن دماء العرب التي سالت على أكثر من ساحة عربية بتحريض ومشاركة نظام ولاية الفقيه هي في واقع الحال الثمن للعلاقة المنظورة وغير المنظوره مع أعداء العرب من القوى والدول الأمبريالية والصهيونية وان هذا التخادم لا يجدي نفعا لايران الدولة والشعب . ويتداخل مع الادراك المتصاعد ادراك اخر هو ان الورقة المذهبية التي لعب عليها النظام قد فقدت مصداقيتها تماما لأسباب عديدة ولعوامل محلية ايرانية وخارجية .

  التظاهرات والاحتجاجات العارمة في ايران ستستمر حتى لو تم احتواءها الان والاعلام الفارسي الرسمي ومن يعضده سيجدون أنفسهم معزولون تدريجيا لان ادعاءاتهم بوجود تامر خارجي دفع الملايين من الايرانيين الى احداث هذا الزلزال العنيف لن تصمد ازاء الحقيقة الاعظم الا وهي ان الشعب لا تحركه قوى الخارج خاصة اذا افتقرت تظاهراته الى حضور مؤثر لقوى سياسية … وهذا هو ما تشي به معطيات الحراك الشعبي الايراني فلقد كان يعوزه هذا الحضور .

  بانتظار الصفحات القادمة التي تنضج فيها عوامل الحضور السياسي الطليعي لقوى المعارضة الايرانية وتنضج القيادات التاريخية لها نرى ان نهاية النظام الفارسي المجرم قد رسمت .

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018