نبض العروبة المجاهدة
من اسمى مايتحلى المرء به في الحياة أن يكون مبدئيا في مواقفه صادقا في انتمائه واضحا في تعاملة ، والمؤشرة لعوامل من فهم موضوعي ونضوج فكري واتساع ثقافي وبناء اخلاقي تربوي .وعلى هذا الاساس يتعامل المبدئي مع مبادئه واثقا من نفسه مع من يحيط به أو يعمل ضمن دائرته ووفقا لها .
والمبدئية الأساس الذي يبنى عليه الانسان شخصيته الحقيقية مع في التعامل مع الاخرين، حتى و ان تعرض الى من يعتقد النيل من شخصه ووطنيتة ممن يوصف بسلوكية انتهازية ظاهرة متذبذبة تتلون مع صفحات وظروف تعامله اليومي والزمني المتكيء على مصلحية لم يكن بناءها على أسس من الصلابة البنيوية أو سلوكية مخلصة مع الآخرين.
الحالة هذة انعكاس لمفهوم المبدئية أو لمن يحملها أو يحلم بتحقيقها لأنها حالة ارتباط بين الفرد وحياته في منوال واسع من سلوكيات واتجاهات العمل معا ،اذ لا حياة بدون عمل ولا عمل بدون حياة كالدائرة في حركة دورانها ورسم مسارها .
نعود مرة أخرى ونقول ان أساس المبدئية ومرتكزاتها هي التربية البيتية والبيئية ، كالنبتة و طينتها حتى تكبر وتثمر حلوا او حنظل . وقد تكون السلوكيات ضرب من الخيال لواقع انسان يطمح لمشروع مؤطر (بالكذب والنفاق) وهما من المخاطر التي يصاب الفرد بها او يتعرض لها المجتمع محدثا تذبذبات لنهايات سائبة ، فقد ذكر ابن عربي في فلسفة الأخلاق ( ان الكذب هو الاخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه ، أو هو أحلام اليقظة كما قالوا ) ، والكذب المباح عند افلاطون (ان الكذب اللفظي نافع في بعض الأحوال وليس بغيضا ، ففي معاملة الأعداء مثلا ) و هذا ما يحاول اليه الكثيرون ممن يتصورون ان هناك بعض الأشخاص هم من اعدائهم متوهمين بدوافع نفسية مريضة وافكار حقودة . ووصف ابن المقفع الكذاب ( لايكون أخا صادقا لأن الكذب الذي يجري على لسانه انما هو من فضول كذب قلبة )، لأن القلب مستودع الأسرار ومجمعها ، وأجمع الفلاسفة على ان أنواع الكذب هو ( كذب الخيال او كذب الخوف او الرغبة )، لذا فرغبة الكذاب تكون متذبذبة متقلبة متلونة ، وأكد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على تجنب الكذب وقال (ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم ويل له ويل له) . والتوراة الاصحاح (23) سفر الخروج جاء فيها ( انزع عنك التواء الفم وأبعد عنك انحراف الشفتين )، وفي انجيل متي الاصحاح السابع جاء فيه ( احترزوا من الانبياء الكذبة الذين يأتونك بثياب الحملان) ، و اما الشاعر العربي احمد شوقي قال:
( وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) .
المبدئية الصادقة تترجم الى سلوك يومي ثابت رسما وكلاما وحركة وفعلا وطنيا ليس سياسيا فحسب وانما تربية واخلاق و موقف . والذي يجد في نفسه حالة من العوز الشخصي والضعف التربوي يقفز فوق حقائق الأمور ويجتزئها والخروج عن مضمونها فيهتز أمام المغريات المادية أو غيرها ليعلن عن نفسه رقما مصلحيا انتهازيا معقدا انه يقدم انجازا سياسيا في خدمة مباديء او وطن ، وللأسف دائما ما تظهر مثل هكذا سلوكيات لأشخاص في ندوات أو حلقات أو مجالس سياسية ، ولربما يتوهم البعض بقبولها عند سماع اراءها أو طروحاتها ، والخجل يقود البعض أحيانا الى عدم كشف مثل هكذا نماذج ، ونعتقد أنها اساءة للحقيقة في اقلها مما يلزم والضرورة مجابهة مثل هؤلاء لانتهازيتهم وتزلفهم لشخص او جهة ما لضعف في تكوين شخصيتهم واهتزاز في مبدئيتهم .
المبدئية ثبات عقائدي وسياسي والتزام يستند لقناعة ملؤها الثقة بالنفس دفاعا ونصرا للعمل الوطني الحقيقي ، والمبدئية ليست ارجوحة تتحرك بفعل قوى حسب رغبتها دون رغبة متأرجحها .
واخيرا المبدئية ثورة اخلاقية باتجاهات سليمة قبل كل شيء وليس حالة نفعية تزلفية لإرضاء من يريد ارضاءه او ترويجا لمشاريعه لمنفعة مادية او غيرها كينونتها مضرة لسياقات العمل الوطني الحقيقي .