سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الدكتور خضير المرشدي - ألبعث ... وإلانتخابات ، ومسؤولية التغيير ؟



نبض العروبة المجاهدة

يتحدث الخطباء وأركان العملية السياسية في العراق هذه الأيام عن الإنتخابات التي كما يدّعون إنها ستنهي سياسة مشؤومة ، وعهد أسود ، وتزيل صورة كاذبة مشبوهة أراد المحتل ان يظهرها وكأنها الصورة الحقيقية لشعب العراق الابي ، متناسين هؤلاء الفسدة إنهم كانوا ألسبب في هذا الشؤم والظلام والتشويش والكذب والتزوير !!



في بلاد الرافدين اليوم اتجاهين متضادين ، وما على الشعب إلاّ أن يختار بين أحدهما : إتجاه سلطة الرعب التي تحكم بالضغط والتخويف والارهاب وتوظّيف المال والدين والطائفة والمذهب والمنطقة والعشيرة ، وبالكذب والتزوير والتضليل ، في محاولة للسيطرة على الجاه والثروة وحصرها بيد القلة المتسلطة بإرادة المحتل الامريكي والايراني ، والتي نستغل خضوع بعض الناس لبطشهم والاستخذاء لجورهم والسكوت عن مؤامراتهم وفضائحهم وتسابق البعض من المنافقين في خدمتهم وتنفيذ اغراضهم . هذه الصورة تسعى السلطة الى فرضها بنشر الشعوذة وبث الخرافات وبالاتكاء على مايسمى قرارات وفتاوى المرجعية !!!

أمّا الإتجاه الثاني فهو الذي يعبر عن إرادة الشعب ويتجاوب مع حاجاته ومشاعره وخصائصه والتي تجد أصدق تعبير له في جيل الشباب وحركته ، إنها صورة الشعب برجاله ونسائه وشبابه الذين يمثلون صفوة أبنائه ويتحسسون آماله وآلامه ويدركون مدى فقره وجهله ومرضه ومعاناته ، ويشعرون بمسؤوليتهم تجاهه ويعبرون عن عبقريته المكبوتة ، الشعب الذي يتنافس حاضره مع ماضيه ويسعى لإستباقه ، ويحشد كل قواه وامكانياته لبناء مستقبله . الشعب الذي تعلو إرادته على كل ارادة او سلطة او حكومة او زعامة هزيلة .

من هنا تظهر خطورة الدعوة للإنتخابات التي يروّجون لها ، والتي على نتائجها سيترتب انتصار احدى الارادتين : أما ارادة السلطة العميلة الحاكمة أو إرادة جيل الشباب جيل الوطنية الحقة والصحيحة .

إن شعب العراق وشبابه وقواه الوطنية بالذات يتحمل اليوم مسؤوليتين خطيرتين تجاه نفسه وأمته والانسانية ، فهو أولاً مسؤول عن تقديم البرهان على ان الكفاح من أجل التحرر من الاحتلال والهيمنة الاجنبية ، والخلاص من الجور والظلم والفساد والتخلف ، هو طريقه الوحيد الذي يعبر عن إدراك عميق لمعنى الحرية ، وعن فهم واعي لمعنى السيادة والاستقلال والتغيير الشامل بالتخلص من مخلفات الاحتلال وتبعاته التي شوّهتْ قيم الشعب وتاريخه المجيد .  

والمسؤولية الثانية التي تترتب على العراق وشبابه هي بناء النموذج المادي والمعنوي والإنساني الذي ستنعكس آثاره الإيجابية على أقطار الامة للتخلص من بقايا الاحتلال والنفوذ الأجنبي والاستبداد والظلم والسير نحو الوحدة والعمل العربي الحر الاصيل ، ودفع الأخطار المعنوية عنها التي تهدد اخلاقها وقيمها وفكرها وعقيدتها واهدافها وحقوقها ومصالحها العليا ومبررات وجودها ، والأخطار المادية التي تهدد ارضها وثرواتها البشرية والطبيعية .

واضح جداً ان الأحداث التي تعاقبت على العراق منذ الإحتلال الامريكي وحتى الآن ، ومواقف السلطة الحاكمة حيال هذه الأحداث واساليبها في معالجة المشاكل الداخلية والخارجية قد برهنت تماماً على ان هذه السلطة قد عجزت كل العجز عن القيام بأعباء المسؤولية وتحقيق الحد الأدنى من ماوعدت به الشعب وما تدعيه كذباً ، ذلك لأنها أقامت حكماً طائفياً مهلهلاً ينخره الفساد والتزوير ، ويتسيّد به الاجنبي والإمعة والحثالات ، حكم لا يملك سيادة أو إعتبار ، ولا يخضع لعرف أو قانون ، ولا يستند لإرادة الشعب أو يعبّر عن آماله ، ولا يمتلك برنامج لحل أي من المشاكل والازمات القائمة والمستمرة !!! 

وبذلك فإن بغداد اليوم بشبابها ورجالها ونسائها، وبإرادة أبنائها الأحرار الذين يتقدمهم البعث وقيادته المناضلة ، مسؤولة عن تغيير مجرى التاريخ في العراق من الموت الى الحياة ، ومن الرذيلة الى الفضيلة ، ومن التراجع الى الظفر والنجاح ، ومن الانحراف والظلام والخرافات والجهل والامية والضياع والمرض والشعوذة الى الاستقامة والوضوح والعلم والمعرفة والبناء والحضارة والنور والتقدم .

فالدلائل كلها تشير إلى أن الشعب قد بلغ حداً من الإستياء لايطاق ، وان التناقض بين الشعب وواقعه ، وبين ارادته وإرادة المحتل الامريكي والايراني وارادة السلطة الفاسدة هو تناقض فاضح ومخيف .
فلقد بلغ الإستياء والتناقض حدّاً لايمكن أن يزول الاّ بالكفاح القوي العنيد وبالمعارضة الواعية المتصاعدة والرافضة لهذا الواقع ، وبضمير العراقي الذي ينتخي عند الملمات وينهض في مواجهة الصعوبات ، هذا العراقي الذي لا ينام على ضيم ولا يسكت عن ظلم ، ولايصبر على إختلال في موازين الحق والعدالة والإخلاص والوطنية والصدق والنزاهة والكفاءة والمساواة !!!

ربما قد يقول قائل إن هذا الكلام يدخل في خانة التنظير والدعاية والتبشير لحزب البعث العربي الاشتراكي ودوره في الماضي والحاضر ولقادم الأيام ؟؟
لكن في نظرنا ، إن الاهم من الدعاية والتبشير والتي لايحتاجها الحزب أساساً ، هو حاجة الوطن العليا في ظرف عصيب يستحق ، من قوى الشعب الحية وفي مقدمتها البعث ، التوجيه والكفاح والنضال والعمل اليومي المجرد من كل غاية حزبية او شخصية ضيّقة ، ومن كل نزعة فردية أنانية مريضة قاتلة أو معطلة ، ونرى إن لذلك مساس صادق بالمصلحة والحقوق الوطنية والقومية العليا للعراق والامة بأجمعها ، فلنترك الدعاية والتبشير والتنظير واللغو والمناكفات الصغيرة لغيرنا ، ولنبادر نحن البعثيون الى المسؤولية الملقاة على عاتق كل منا ، المسؤولية الصادقة الضخمة العميقة والمضنية التي ترمي الى تبصير الشعب وتحويله من السير في طريق الهاوية الى طريق الكرامة والحرية وتصعيد ثورته لإقتلاع مستعمرات وبؤر الفساد والعمالة والتجسس التي زرعها الاحتلال الامريكي والايراني في العراق .

ان حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تكلم ورفع صوته عالياً وناضل وجاهد في الأوقات التي كان فيها الكلام محرّماً والعمل معطلاً بفعل الإحتلال ووطأته وطغيان السلطة وقبضتها ، ليس بحاجة لان يتكلم اليوم كثيراً لانه مؤمن بأن واجباً وطنياً وقوميّاً وإنسانياً عليه أن يؤديه ببسالة وصدق مع الله ومع النفس ، وهو يوجه ويذكّر هذا الشعب بما كان عليه وبما يجب أن يكون ، وأن يقود كفاحه نحو الخلاص والشرف والحرية . 

ان البعث عبر تاريخه يعرف مكانه الحقيقي في مسيرة الامة ، وهو اذ يُؤدّي مسؤولياته الوطنية والقومية ، فإنه يدرك ان الشعب قد يتساهل مع المسيئين ، ولكنه لم ولن يتساهل مع المناضلين الصادقين لانه ينتظر منهم أن يحققوا له آماله ، وأن يوفوا بوعودهم التي قطعوها على أنفسهم ، وإلاّ فلن يبقى سبب وجيه لنضالهم ووجودهم !! 

ولذا فإن الدعوة لمقاطعة الانتخابات التي يجري التحضير لها وسط فضائح لا حصر لها ، وصفقات مشبوهة كما هو في المرات السابقة ، وعدم تأييد أي فرد أو مجموعة أو تيار ، تمثل واجباً وطنياً رفيع المستوى ، على كل عراقي يهمه مستقبل العراق أن يلتزم به ويؤديه ، لأنه يعبّر بذلك عن موقف وطني قانوني وأخلاقي وإنساني سليم ، ويدقُّ  مسماراً في نعش العملية السياسية التجسسيّة الفاسدة والمتهاوية .

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018