في شهر اذار الماضي ، وطبقا لقناة السي ان ان الامريكية ، كشفت "الوكالة اليهودية " النقاب عن تنسيقها لعملية نجحت بنقل 19 يهوديا يمنيا من اليمن في عملية وصفتها بأنها "سرية معقدة". وقد وصلوا مصطحبين معهم لفافة تاريخية من التوراة . وتمت الصفقة وحسب مصادر يمنية مقربة من الحوثيين
اكدتها مصادر اسرائيلية، بين الحوثيين واسرائيل الغربية بوساطه امريكيه مقابل 100 مليون دولار قدمت للحوثيين اضافة لمد الحوثيين بأسلحة ضخمة كي تستمر حرب اليمن ولا تتوقف .وفي هذه العمليه قام الحوثيون بسرقة اهم تراث للتورات من عهد يتود اليمن في التاريخ حيث اخرجوها من المتحف اليمني وسلموها لليهود الهاربين . ويلاحظ ان كبيرهم الذي التقى بنتنياهو كما يظهر في الصورة المرفقة وسلمه نسخة التوراة كان مشتركا بالحرب في صفوف الحوثيين وتظهر صورته وهو يحمل الكلاشنكوفاثناء مشاركته في الانقلاب الحوثي .
اذن نحن بأزاء عملية صهيونية كبرى اخرى تكمل ما حصل في العراق بعد غزوه مباشره وقام بها الحوثيون الذين يسيطرون على صنعاء بما فيها ذلك المتحف . اهمية هذا التطور تكمن في انه يعيد التذكير وبقوة بان كل من يحاربنا يدرك القيمة الفريدة للاثار الخاصة بنا كعرب والمتمثلة في انها تشكل التهديد الاكبر للروايات الصهيونية والاستعمارية الغربية الكاذبة الملفقة في التوراة وغيرها والتي اقيم الكيان الصهيوني عليها. وينبثق من هذه الحقيقة سؤال : ما الذي يجعل امريكا واسرائيل الشرقية تتعاونان وهما تخوضان حربا في اليمن ضد الشعب العربي اليمني من اجل تهريب اثار يمنية مثلما فعلت امريكا واسرائيل الغربية عندما هربتا الاثار العراقية بعد تدمير سور العراق واسقاط نظام حماته الاصلاء ؟
الجواب يتعلق بوجود ومستقبل كل دولة زائفة اقيمت على الاكاذيب مثل الكيان الصهيوني ، او انها دولة موجودة اصلا مثل اسرائيل الشرقية لكنها تعمل لاجل مشروع امبراطوري توسعي على حساب العرب فتلفق القصص وتغذيها وتعتمد عليها في كسب الانصار ، وحينما تظهر وثائق تاريخية مادية كالملفوفات والمخطوطات تبطل الادعاءات الملفقة للصهيونية وداعمها الاستعمار الغربي وللنخب القومية الفارسية ، لهذا فان ابقاء الاكاذيب مؤثرة ضرورة لبقاء مشاريع التوسع الاستعماري القائمة على التزوير للتاريخ والاثار .
ما يجب عدم نسيانه ولو للحظة هو ان عدونا التاريخي الاقدم والاهم والاخطر القابع في شرقنا الجغرافي وهو اسرائيل الشرقية وعدونا الاخر القابع في فلسطيننا المحلتة وهو اسرائيل الغربية يعرفان افضل من الكثير من المثقفين العرب خطورة صراع الهوية وما يتطلبه من خطوات تعزز مكاسبهما على حسابنا ، بدليل ان حروبهما الاشد سرية وتعمية هي حروب تجريدنا من ادلة الهوية وجعلها قاعدة استناد حرب العسكر والاعلام ، ومن اهم ادلة الهوية اثارنا المحفورة في الصخر او المكتوبة على الجلد وغيره .
وسبب غلبة صراعات الهوية هو انه يتوج صراعات استعمار الارض وتهجير السكان الاصليين وهم العرب واحلال سكان اخرين محلهم استنادا الى قصص خرافية وردت في كتب دينية مزورة وغير امينة او في سرديات التاريخ القومي للفرس ، وبفضل منطق القوة الاستعمارية فرض امر واقع بتحقيق الاحتلال ، ولكن ديمومة الاحتلال او استمرارية توسعه رهن بتأكيد القصص الخرافية او على الاقل عدم بروز حقائق مادية تنسفها وتخلخل البنيان العام خصوصا القانوني والاخلاقي للكيانات التي قامت فوق جبال جثث العرب ، لهذا فان اكمال غزو الوطن العربي وضمان ديمومته رهن بتوفير ادلة الهوية اذا كانت تدعم القصص الملفقة او منع بروزها اذا كانت ضد القصص الخرافية الرائجة .ان من ينتصر في صراع الهوية سيحدد تركيبات الذاكرة الانسانية لفترات طويلة جدا نتيجة دوره الحاسم في تقرير حقائق التاريخ او اخفاءها وتزويرها .ولهذا حرصت الصهيونية خصوصا الصهيونية الامريكية على الاستحواذ على ما يمكنها الوصول اليه من اثار ومنها المخطوطات الاصلية او المستنسخة من الاصل لما يسمى ب( التراث اليهودي ) خصوصا النصوص الاصلية للتوراة ، فاذا عثر على النصوص الاصلية التي تنسف قصص التوراة الحالية المزورة فان الكيان الصهيوني سيفقد اهم اعمدته التاأسيسية وهو الادعاء بان ارض فلسطين كانت ارضا لليهود وطردوا منها وان من حقهم العودة اليها .
كما ان النخب القومية الفارسية واشدها تطرفا هي نخبة الملالي المتخفين بعمامة اسلامية تعد التوأم الطبيعي للصهيونية في استهدافهما للقومية العربية وتاريخنا القومي هو المتحف الطبيعي الذي يؤكد هويتنا ويحميها ويغذيها وبما ان حضارة الفرس مستنسخة من حضارة وادي الرافدين بأنجازاتها وابجديتها اللغوية قديما وحديثا والقسم الاكبر من مفرداتها وباشكال اثارها التي تعد نسخا من اثار العراق فان من مصلحة الفرس ابقاء حقائق التاريخ الحقيقي مخفية والاصرار على ابراز المستنسخ على انه اصيل لاجل توفير المحرك للغزوات الفارسية للوطن العربي .
ولكن هذا الهدف يفرض ابادة الاصل العراقي – والعربي عموما - ليس بتعبيراته التاريخية المعروفة فقط اي ادلة الهوية بل ببشره ايضا ، هنا نرى القاسم المشترك الاول بين الفرس والصهاينة والذي جعلهما حليفان طبيعيان يقفان سوية ضد العراق وفلسطين منذ الاف السنين حيث تحتفظ ذاكرة التاريخ بأثار تدمير قورش امبراطور الفرس لبابل واطلاق سراح اليهود من الاسر البابلي ، ويترتب على تلك الحقيقة الساطعة لجوء العدوان الاكثر خطورة للهوية العربية نحو الاستحوذ على ادلة الهوية وتجريدنا منها سواء بالسرقات المنظمة او بالتدمير المنظم .
لم يفكر كثيرون بخطورة واسباب خطوة اقدمت عليها الصهيونية الامريكية عندما غزت العراق وهي تقدم وحدات عسكرية امريكية نحو اربعة مواقع كلها اثارية ، مصحوبة بفرق مخابراتية من الموساد الاسرائيلي في اول يوم احتلال بغداد وكانت العملية الاولى الاستيلاء على المتحف العراقي ونهب اثار محددة منه وكان دليلها النغل احمد الجلبي وعصابته ، ثم طلبت القوات الامريكية من الرعاع الدخول لنهب وتحطيم ماتبقى لاخفاء اللص الحقيقي ولو مؤقتا ، وتوجهت طوابير دبابات امريكية اخرى الى مقر المخابرات العراقية ونهبت مخطوطات التوراة الاصلية من هناك ثم توجهت طوابير اخرى الى بابل ورابعة الى اور واحتلتهما فورا وتمركزت هناك لحوالي خمسة اعوام .
عندما تكشفت الحقيقة وعرف العالم بان العراق تعرض لاكبر عملية نهب منظمة لاثاره ادرك العراقيون ومعهم العالم ان غزو العراق لم يكن من اجل نفطه وثرواته فقط ولا من اجل قمع الموقف العراقي تجاه القضية الفلسطينية فقط بل ايضا كان له صلة مباشرة واساسية بالارث الحضاري للعراق والتي تشكل الاثار ابرز مظاهره ،واهمية ما جرى في العراق ازدادات مؤخرا بما جرى في اليمن قبل فترة قصيرة ، لان اليمن مخزن العرب الاصلي ثقافيا وحضاريا ولغويا واذا كان مطلوبا تدمير الفروع التي تعملقت كالعراق ومصر وسوريا فان ابقاء المصدر والاصل تحت النيران لاجل الاستحواذ على ما فيه من ادلة الهوية ومقوماتها الاصلية ضرورة تكمل الاستحواذ على تراث العراق ومصر وسوريا وغيرهم .
وكما حصل في العراق تكرر الامر في اليمن وربما بحرفيته الفريدة من زاوية محددة وهي ان اسرائيل الشرقية حيثما حطت رحالها واسست قواعد لها في الوطن العربي عززت تعاونها مع توأمها الطبيعي والتاريخي وهو اسرائيل الغربية , فعندما قام الانقلاب الحوثي في اليمن بمساعدة امريكية واضحة جدا ، وتماما مثلما تعاونت امريكا مع اسرائيل الشرقية واستخدمت نغولها العراقيين او ذوي الاصول الايرانية لانجاح غزو العراق ، فان الحوثيين تعاونوا مع امريكا التي كانوا يشتمونها ومازالوا حتى الان ، الصفقة ظهرت في اذار الماضي بين الحوثيين واسرائيل الغربية تحت رعاية مباشرة من امريكا تم بموجبها تهريب مخطوطات توراتية اصلية من مطار صنعاء ، نعم انتبهوا لاهمية ذلك من مطار صنعاء وليس تهريبا وهذا ما حصل بالضبط حينما قامت القوات الامريكية ومعها فرق الموساد بنقل الاثار العراقية بطائرات امريكية الى الخارج ، وتحت نظر وحماية الحوثيين وصلت الملفوفات اليمنية الى اسرائيل الغربية .
انها خطوة اساسية اخرى وخطيرة في الصراع الاساس والقاعدي لصراعاتنا الظاهرية وهو صراعات الهوية فقيمة هذه الاثار تعد سوبر ستراتيجية في التفكير الصهيوني الامريكي وترون هنا الترابط العضوي ليس فقط سياسيا بين الاسرائيليتين الغربية والشرقية بل حضاريا وتاريخيا ايضا ، وهي خطوة تذكر مرة اخرى بتاريخ مشترك لليهود والفرس لم يشهد ابدا اي صراع بينهما بل كل ما اكده التاريخ الحقيقي هو تعاونهما ضد طرف واضح : العرب .
ولكي لا تضيع بعض اجزاء صورة الواقع العربي لابد من التذكير بان تدمير الاثار في العراق وسوريا من قبل داعش ليس الا جزء من هذا المخطط ، فكافة الموجات الاسلامية لم تتعرض للاثار القديمة ابتداء من النبي محمد (ص) وانتهاء بالعثمانيين ومرورا بالامويين والعباسيين ، فكل هؤلاء لم يفسروا نصوص القران والاحاديث النبوية على انها تدعو لتدمير الاثار ، لهذا فان تدمير الاثار العراقية والسورية من قبل داعش جزء اصيل من مخطط تجريد العرب من ادلة هويتهم وتقديم ادلة ملفقة من قبل الصهيونية والفرس لاثبات صدق قصصهم الاسطورية .
هل يكفي ماذكر لتوضيح الصورة ؟ كلا فلابد من التذكير بحقيقة تفسر ما يحدث وهي ان النظام الاقليمي الذي خططت له الصهيونية الامريكية ( النظام الشرق اوسطي ) يقوم على عدة اعمدة اساسية وهي اسرائيل الشرقية وتركيا واسرائيل الغربية وفوقهم امريكا ،وهذا النظام الشرق اوسطي هو اداة امريكا في ادارة الشرق الاوسط بالنيابة بعد ان تتفرغ للصين شرقا ، لهذا فدور اسرائيل الشرقية يتعزز بواسطة امريكا وتسقط كافة قصص المقاومة والممانعة وما تأكيد امريكا هذه الايام على دعم الموقف الايراني في البحرين برفض الادارة الامريكية سحب الحكومة البحرينية للجنسية من عملاء اسرائيل الشرقية الا تأكيد اخر على الطابع الستراتيجي للصلة هذه .
الموقف القومي والوطني الصحيح يتجسد ليس في نقد او رفض المشروع الايراني التوسعي لفظيا بل في تدمير واضعاف ادواته المحلية في كل قطر والرفض التام لاي تعاون معها فحزب الدعوة في العراق وحزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن وجمعية الوفاق في البحرين ليست سوى تنظيمات لنغول ايران تستنسخ واجباتها وهوياتها وبناء عليه فان اي تعاون مع نغول اسرائيل الشرقية يقدم للمشروع الايراني الخدمة المثلى التي يحتاج اليها .
Almukhtar44@gmail.com
2-7-2016