اتصل بي صديق قديم يسألني : الا يدل (تعاون) او (اعتماد) امريكا على اشخاص نكرات ونصف اميين في طرح مبادراتها لحل ازمة العراق ؟ وهل خلا العراق من الشخصيات الكفوءة كي تعتمد على هؤلاء ؟ وهذا السؤال تلقيته مرات عديدة منذ الاحتلال وسط دهشتي الكبيرة عندما يوجهه شخص مثقف او سياسي مخضرم ، لان الجواب واضح جدا لمن لديه اطلاع ولو بسيط على خطط واساليب امريكا في التغلغل داخل الامم ونشر الفوضى فيها . ولهذا اعيد شرح ردي المتكرر
:
1-ان امريكا حينما تخطط لاحداث ازمة وتنفذ الخطة تواصل تنفيذها حتى النهاية المطلوبة ولا تغيرها وخطة تقسيم العراق لم تتغير ابدا وامريكا مصرة اصرارا لا يلين على اكمالها ، وبما ان خطة امريكا في العراق هي تقسيمه وانهاء العراق التاريخي الذي نعرفه ونتمسك به فان كل مبادرات امريكا المباشرة او بواسطة من تختارهم ليس هدفها الوصول الى حل سلمي نهائي لازمة العراق بل التقدم خطوة نحو تقسيمه وزيادة تشرذمه . ونصف امية من يشرك في المبادرة هي الضمانة الاساسية لتضليله وجعله ينفذ الخطة دون اكتشاف انه يعمل في اطار شروط تقسيم العراق .
2-ولهذا فان كل مبادرة لحل سلمي او للمصالحة في العراق تعرضها امريكا او من تدفعه مخابراتها تحت غطاء مراكز بحوث او متقاعدين من وزارة الخارجية او من اعضاء الكونغرس السابقين او انظمة عربية ليست سوى خطوة اضافية للشرذمة في اتجاه التقسيم .
3-ولكي تتحق الشرذمة فان اختيار من يقوم بالمبادرات او يتولى دعمها يجب ان لايكون مثقفا حقيقيا ولا شخصا يمتلك كاريزما تجتذب الجماهير والعناصر التائهة لان المطلوب ليس دعم انشاء حركة جماهيرية واسعة فهذا ضد المشروع الامريكي بل دعم نشوء تجمعات صغيرة واحيانا صغيرة جدا لان المطلوب هو الاكثار من وجود التجمعات الصغيرة المتنافرة والمتنافسة بلا توقف ودفع الناس للتعامل معها بصفتها الخيار الوحيد المتوفر . ما هي النتيجة ؟ شرذمة ابناء العراق بين هذه التجمعات الصغيرة والفاقدة للتأثير على الناس في الداخل وعلى التدخل الخارجي بل المضطرة لطلب دعمه لها لمواجهة تحديات قوى وطنية كبيرة ومنظمة .
4-وعندما يتجاوز تجمع صغير مدعوم امريكيا مباشرا او بالواسطة حالة الصغر ويكسب اعدادا كبيرة من الناس تبدا عمليه تقزيمه عن طريق الضغط المالي عليه ونشر الاشاعات عنه والتشكيك به وشقه وانشاء تجمع جديد يقوم بكسب بعض اعضاء القديم بالاضافة لاخرين . وهكذا فان الخطة تفرض الزيادة المستمرة للتجمعات الصغيرة وعدم السماح لاي منها بالتحول الى كتلة كبيرة ومؤثرة واجبارها على العمل في بيئة فوضى شاملة .
5-في هذه الحالة فان المطلوب هو اختيار عناصر ليست فقط نصف امية وبلا تجارب او تاريخ محترم بل ايضا يجب ان تكون طباعها سيئة ومنفرة للناس لكن دفع المال لها من امريكا او من اطراف عربية يجعل المحتاجين للمال يدعمونها ويعملون معها فتنشأ صلة تنافرية مؤقتة اساسها المصلحة الصرفة والاضطرار وهذا هو مصدر القدرة على نسفها في اي وقت وانشاء اكثر من واحدة بدلا عنها .
6-وعندما تتولى جهة امريكية دعم شخص او كتلة صغيرة فانها تفكر اولا واخيرا بحرقه تدريجيا اذا كانت صفحته نظيفة ، فتجره الى قبول مشاريع وهمية كاذبة ما ان يتورط بها ويعول عليها حتى تتخلى عنه ويترك لوحده ليجتهد وهو مجبر على الاقتيات على اصل المشروع وهو في جوهره كذبة كبيرة للتضليل .
انظروا الى اعلاميي وساسة العراق بعد الاحتلال ماذا تلاحظون ؟ انهم عبارة عن حثالات تافهة بعضها قيمته مستمدة من المال فقط وبعضهم يعتمد على الطائفية وبعضهم الثالث على طرف اقليمي او دولي لكنهم كلهم تنقصهم الكفاءة والثقافة وقبل هذا وذاك ينقصهم الشرف ، وهكذا اشخاص هم القادرون على تدمير العراق واهلاكه وافقاره وتهجير شعبه نتيجة اميتهم وتخلفهم او سقوطهم الاخلاقي ، والا لو ارادت امريكا اقامة الديمقراطية حقا بعد الغزو لكان بامكانها الاعتماد على التكنوقراط وهم كثر لاعادة بناء الدولة وترسيخ الامن لكنها ولانها تنفذ مخططا لتقسيم العراق فان خير من ينفذ هذا المخطط بوعي او بسبب اميته هو الامي او نصف الامي والاناني والساقط اخلاقيا .
ومن يريد انقاذ العراق عليه اولا وقبل كل شيء عدم المراهنة على امريكا فمن دمر العراق واوصله للحالة التي نعيشها ، وهي امريكا وبالاعتماد على اسرائيل الشرقية مباشرة ورسميا ، لا يمكن باي شكل ان يفكر مجرد التفكير بمساعدة شعب العراق على اعادة البناء قبل اكمال تقسيمه وتغيير هويته القومية والوطنية ، والاعتماد يجب ان يكون على القوى الوطنية واتحادها وتمسكها ببرنامج وطني ديمقراطي تنطلق به للحوار او التفاوض مع اي طرف دولي واقليمي من موقع الاستقلالية وامتلاك القدرة على رفض الضغوط .
ما لم نفهم كعراقيين اساليب امريكا فسوف نبقى نقع في فخاخها مهما كنا حذرين ووطنيين ومن ثم سوف نخدم خطوة او اكثر من المخطط الامريكي .
Almukhtar44@gmail.com
20-7-2016