لم يبق أمام المؤتمر القومي العربي إلا الإعلان صراحة عن تبعيته لإيران وتأثير حزب الله اللبناني عليه ونفوذه فيه، كما أعلن هذا الحزب على لسان أمينه العام حسن نصر الله تبعيته المطلقة لولاية الفقيه الإيراني.
إن زياد حافظ أمين عام ما يسمى - تعسفاً - المؤتمر القومي العربي، في مقاله (تقرير شيلكوت: هل هو بداية المساءلة والمحاسبة؟)، ردد ما يردده أعداء العراق والأمة والنظام الوطني الذي كان قائماً في العراق قبل غزوه واحتلاله في العام 2003، حين اتهمه بالفئوية والفساد وساوى بينه وبين من جاء بهم الاحتلال، مقابل كيل المديح لحزب بشار الأسد الذي قتل شعبه وشرده ومارس الإرهاب ضد الشعب السوري منذ تسلط حافظ الأسد على مقدرات هذا الشعب الصبور المذبوح،
ومقابل الثناء الأجوف على ما سماه محور المقاومة الذي نسمع، منذ زمن، جعجعته ولم نرَ طحنه، بل رأينا أسلحته التي بدلاً من أن تتوجه إلى العدو الصهيوني فإنها توجهت إلى صدور أبناء شعبنا السوري.
إن من الواضح أن المؤتمر القومي العربي انحرف عن أهدافه القومية منذ أن انخرط في جوقة مشعلي أعواد البخور للتحالف الإيراني السوري مع حزب الله اللبناني الصفوي ومباركته دور هذا التحالف في تمزيق الأمة ونسف فكرة العروبة، بعد هيمنة أطراف هذا التحالف عليه.
لكن زياد حافظ دس السم في العسل، فهو عندما أدان احتلال العراق واستنكره وهاجمه وبين تداعياته السلبية على الأمة العربية مرر عبارة واحدة نسف بها كل ما قال وحول بها إدانته واستنكاره وهجومه على الاحتلال إلى إدانة واستنكار وهجوم على النظام الوطني في العراق، مما يجعل قارئ اكتوبته يخرج بتصور أن الاحتلال بريء من جميع الجرائم التي ارتكبها ضد العراق والأمة العربية، بدليل أنه لم يتطرق إلى الاحتلال الإيراني للعراق وتزايد نفوذه فيه، وهذا وجه واحد من أوجه الانحراف والتحول من الدفاع عن العراق والأمة إلى الإسهام في تنفيذ مخططات أعدائهما.
ولم يفطن حافظ إلى وقوعه في تناقض سافر في أكتوبته هذه فهو في الوقت الذي يصم النظام الوطني في العراق بالفساد والفئوية فأنه يعترف بأن تداعيات الاحتلال قتلت أكثر من مليون مواطن عراقي وهجرت أكثر من خمسة ملايين مواطن وزرعت ذهنية التقسيم والتفتيت ودمرت النسيج الاجتماعي والثقافي، وكان النظام الذي يتهمه بالفئوية قد حافظ على ذلك النسيج وجنب العراقيين تلك التداعيات التي ذكرها.
ونحن نتساءل: ماذا بقي من قومية المؤتمر (القومي العربي) وعروبته بعد ذلك كله؟
لم تكن الطائفية موجودة في النظام الوطني العراقي قبل الاحتلال وحاولت تمزيق المجتمع بعد الاحتلال لولا ذلك التماسك الثقافي والمجتمعي الذي خلقه ذلك النظام.
لم تكن العشائرية تذر قرنها في المجتمع العراقي في ظل النظام الوطني العراقي قبل الاحتلال وذرت قرنها بعد الاحتلال.
لم يعرف العراقيون المناطقية في النظام الوطني العراقي قبل الاحتلال ولوثت حياتهم بعد الاحتلال.
كان العراقيون يداً واحدة في بناء وطنهم وإعماره قبل الاحتلال ودفعهم الاحتلال ووكلاؤه إلى قتال بعضهم.
فعن أية فئوية وفساد يتحدث السيد زياد حافظ؟
يتوهم زياد حافظ أنه بأكتوبته هذه سيرضي عنه وعن المؤتمر القومي العربي، الذي يشغل فيه منصب الأمين العام، أعداء العراق والأمة من صهاينة وفرس طامحين إلى إحياء امبراطوريتهم على حساب الأمة العربية وتمزيقها وتحويلها إلى تابع ذليل، من خلال شتم النظام الوطني العراقي الذي استهدف الأعداء وطنيته وعروبيته وتقدميته، والذي أذاقهم السم الزعاف ومرغ وجوههم في الأوحال، ولكننا نطمئنه أنهم لن يرضوا عنه ولا عن مؤتمره، وأن النظام الوطني العراقي، الذي يشتمه وينخرط في جوقة أعدائه، أسس بنياناً رصيناً محكماً في العراق لن يهزم وسيلحق بالأعداء الذين يبارك لهم عداءهم للأمة مرّ الهزيمة على يد مجاهديه.