لفت نظري وانا اتابع ردود الفعل على تقرير شيلكوت وجود تعابير غير لائقة تستخدم وبعضها فيه اساءة للعراق وقائده الشهيد صدام حسين ، ولهذا وقبل ان اتناول التقرير بالبحث والتحليل لاحقا لابد من لفت النظر الى احد هذه التعابير. فقد استخدم البعض تعبير ( رد اعتبار لصدام ) للاشارة الى دعم تقرير شيلكوت للحقيقة الثابتة والمعروفة وهي ان ما لفق من اتهامات ضد العراق لاجل غزوه كان منذ البداية هشا ثم كشف كذبه واعترف به من قبل الادارة الامريكية التي ارسلت فرقا متخصصة بعد الغزو للبحث والتفتيش لكنها عجزت فاعترفت بانها لم تجد اسلحة دمار شامل ولم تتوفر ادلة على وجود علاقة للعراق بالقاعدة .
هذه حقيقة عرفها العالم منذ السنة
الاولى للغزو فما الجديد الذي يدعو البعض لاعتبار تقرير شيلكوت (ردا لاعتبار) القائد الشهيد صدام ؟ الجديد هو المتعلق بالقدرة او الامكانية العقابية للتقرير فالسلطة القضائية البريطانية وبعد بحث سنوات طويلة وبالاعتماد على الاف الوثائق والشهادات اكدت الحقيقة التي اعترف بها بوش وادارته منذ العام الاول للغزو ، فهنا تتوفر حجة قانونية تضاف للاعتراف السياسي لادارة بوش بكذب ما لفق عمدا وتخطيطا ضد العراق ويمكن استخدامها لاحقا لمقاضاة المجرمين خصوصا بوش وبلير مع ضرورة الانتباه الى الحقيقة الاكثر اهمية وهي انهما لم يشنا الحرب الا بموافقة الكونغرس الامريكي والبرلمان البريطاني مما يعزز فكرة المقاضاة ويدعمها مادام الامر ليس قرار رئيس فرد بل مؤسسة منتخبة دعمته ومنحته الشرعية المحلية ، فالمسؤولية هنا متسلسلة وتعاقبية تبدا من الناخب وتنتهي بالسلطة التشريعية ، هؤلاء كلهم يتحملون مسؤولية قرار بوش وبلير وهذا بالضبط ما يقلق امريكا وبريطانيا وجعلهما تترددان في اجراء تحقيق قانوني .
لكن امام من يرد الاعتبار ؟ امام الغرب ؟ ام امام الامة العربية ؟ الغرب ممثلا بزعاماته وقف داعما او متواطئا مع الغزو فكيف يرد الاعتبار وهو بالاصل اتخذ موقفا مسبقا ضد العراق وقيادته وبغض النظر عن توفر او عدم توفر ادلة ، لهذا فاعادة الاعتبار في الغرب غير واردة بدليل ان من علق بغالبيتهم اشاروا الى (ان رئيس النظام يستحق ما حصل له وللعراق وانه هو المسؤول عما حصل للعراق وشعبه ) في محاولة واضحة لالقاء اللوم على ابناء العراق بدل تحمل المجرمين الحقيقيين الذين لفقوا الاكاذيب ونسجوا المؤامرات ونفذوها ضد شعب العراق منذ تأميم النفط في عام 1972 وحتى هذه اللحظة خصوصا تحميله نتائج الغزو وهي كارثية.
اما اذا كان المقصود رد الاعتبار امام العرب فهذا اعتداء صارخ ليس فقط على قائد العراق الذي قدم مثالا فريدا في التضحية والبطولة من اجل العراق والامة العربية بل على شعب العراق ذاته الذي تحمل مع قائده الشهيد كل الالام والتضحيات . ان العربي الذي راي صدام يوم اعدامه لم يغير رايه فقط بل انقلب على ذاته بقدر تعلق الامر برأيه بصدام ، فالذي شاهده يعدم وهو يبتسم ويتحدى جلاديه ويحولهم الى ارانب مرتعبة امن فورا بان هذا الرجل لم يكن انسانا عاديا بل كان قديسا وعبقريا فريدا ورجل مبادئ وعقيدة واخلاق وليس كما شيطن في الدعاية المعادية عربيا وعالميا ، فالناس تعرف الرجال في لحظات التحدي خصوصا لحظات الموت عندها تتساقط الوجوه الزائفة ولا يبقى الا وجه الرجال الحقيقي ، وما راه الانسان العربي يوم اعدام صدام هو الرجل الفريد – وللدقة الوحيد - في شجاعته وعقائديته وطهره وعشقة للعراق ولفلسطين ورفضه اي اغراء حتى لو كان اغراء البقاء وهو اعز ما للانسان ، عرف فورا اي الرجال صدام ومنحه حبه واحترامه واسقط كل الدعايات المضللة من ذاكرته ، وهذه هي حالة مئات الملايين من العرب وشعوب العالم كله التي رات البطل الوحيد المعروف الذي يبتسم ويتحدى جلاديه ويبث فيهم الرعب وهو يشنق .
فهل يحتاج هذا الرجل الفريد والوحيد في زمانه وفي ماقبل زمانه لاعادة الاعتبار له مع انه هو من يمنح الاعتبار للاخرين بموقفه الوحيد في عالمنا المادي الاناني ؟ صدام هو من يمنح رد الاعتبار ولا يحتاجه وتعد اهانة لواقعه وصف تقرير تشيلكوت بانه رد الاعتبار لصدام . ولهذا نقول ان تقرير شيلكوت ما هو الا محاولة لرد الاعتبار لبريطانيا ذاتها بعد ان وقعت في المستنقع العراقي وارتكبت مع شريكتها امريكا وثالثتهما اسرائيل الشرقية وغطست حتى قمة الشعر ، صدام هنا يتقدم بقوة ذكراه وبصورته الاسطورية ليقدم اليد لشعب بريطانيا كي ينهض ويغسل عار توني بلير .
اختاروا الفاظكم عندما تتحدثون عن الاقداس وصدام من بين اقداسنا ، فلا تحاولوا اللعب بالكلمات فكما سقطت امريكا وبريطانيا ومعهما ثالثتهما اسرائيل الشرقية في اوحال العراق فان من يتعمد استخدام مصطلحات غير لائقة بقدسية صدام يطمس رأسه في شيء اقذر من المستنقع .
Almukhtar44@gmail.com