نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام
خرج قوم إلى الصيد في يوم حار فاعرضت لهم أم عامر فطاردوها فلجأت إلى خباه أعرابي فاقتحمته فخرج إليهم الأعرابي وقال : ما شأنكم ؟ قالوا : صيدنا وطريدتنا فقال : كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي قال : فرجعوا وتركوه وقام إلى لقحة فحلبها وماء فقرب منها فأقبلت تلغ مرة في هذا ومرة في هذا حتى عاشت واستراحت فبينما الأعرابي نائم في جوف بيته إذ وثبت عليه فبقرت بطنه وشربت دمه وتركته فجاء ابن عم له يطلبه فإذا هو بقير في بيته فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها فقال : صاحبتي والله فأخذ قوسه وكنانته واتبعها فلم يزل حتى أدركها فقتلها وأنشأ يقول :
ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاق الذي لاقى مجير ام عامر
أدام لها حين استجارت بقربه ... لها محض ألبان اللقاح الدرائر
وأسمنها حتى إذا ما تكاملت ... فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من ... بدا يصنع المعروف في غير شاكر.
الانتخابات التي من المقرر اقامتها في هذه السنة هي الانتخابات الخامسة في العراق ضمن العملية السياسية المولودة من رحم الاحتلاليين الامريكي – الايراني.
يختلف الكثير في شأن هذه الانتخابات وانقسم الناس الى :
- رافض ومقاطع لهذه الانتخابات ولهم اسبابهم الواقعية والمنطقية.
- داعي لها وللمشاركة فيها بشدة وهم احزاب السلطة وميلشياتها والمستفادين من الوضع الموجود، وهم اقلية فاسدة ومجرمة ولا يمثلون الشعب العراقي بل لهم اجندات تخدم احزابهم واسيادهم من خارج الحدود.
- اما الصنف الثالث يتوقعون ان مشاركتهم قد تقود الى التغيير، وهؤلاء هم غالبية للأسف متوهمين ان مشاركتهم ستقود للتغير.
سنفرد مقالنا لهذا اليوم لإدراج الاسباب الموجبة لمقاطعة هذه الانتخابات جملة وتفصيلا استنادا للصنف الاول، وفضح الصنف الثاني، وتبصير الثالث لنكون حجة للجميع وعليهم...
وحتى لا نطيل ولا نشتت سنقوم بتعداد الاسباب الموجبة للمقاطعة:
1. السبب الرئيس لمقاطعة الانتخابات انها عملية باطلة أسس لها الاحتلال لضمان استمرار العملية السياسية التي اقامها في العراق منذ مجلس الحكم ليومنا هذا والقاعدة الفقهية والاجتماعية تقول كل ما بني على باطل فهو باطل.
2. عدم حيادية ونزاهة المفوضية المشرفة والمنظمة للانتخابات والتي أسست على أساس طائفي وعرقي وبنسب مختلفة وتعيين من قبل مجلس النواب والحكومة الفاسدة وتابعين للأحزاب الكبيرة فهي من تقوم بترشيحهم مجلس المفوضين.
3. عدم استقلالية القضاء العراقي فهو مسيس وتابع ومسيطر عليه من قبل الاحزاب التابعة لإيران وقضاء فاسد فساده تزكم الأنوف وبدل الدليل الواحد هناك مئات الادلة.
4. يعتبر العراق بلد غير مستقل وقراره السياسي والأمني والاقتصادي مرتهن لقوى خارجية اهمها ايران وامريكا وهاتين الدولتين تسيطران على كل شيء داخل العراق ولهما أحزاب وأشخاص يعملون في كل انتخابات على دعمهم لضمان وصولهم لمجلس النواب ومن ثم السيطرة على الحكومة.
5. وجود قوات أجنبية على أرض العراق تجوب أرض العراق (قوات امريكية واسترالية وايرانية ...الخ) هذه القوات تعتبر قوات احتلال وباعتراف أركان المليشيات التي تحكم العراق وتصريحاتهم موثقة على مواقعهم وصحفهم الرسمية.
6. الانتخابات العراقية وحسب التركيبة التي اعتمدها الامريكان بالتعاون مع الايرانيين ينتج عنها ٣٢٨ عضو برلمان وتم توزیعهم علی المحافظات کما یلي:
بغداد 69 - نینوی 31 - البصره 24- ذي قار 19 - بابل 17 - السلیمانیة 18 - الانبار 15 - اربیل ١٥ - دیالی 14 - كركوك 12 - صلاح الدین 12 - النجف 12 واسط 11 - قادسیة 11 - میسان 11 - كربلاء 11 - دهوك 11 - مثنی 7 من هذە المقاعد الـ(٣٢٨) للبرلمان العراقي تم تخصیص ثمان مقاعد للأقليات الکلدوآشوریة والصابئة والشبك.
من توزيع المقاعد المذكورة انفا يتبين لأي منصف أو متابع صاحب معرفة بجغرافيا العراق وتوزيع السكان ان هناك ظلم وتزوير للنسب السكانية متعمد من أجل تكريس وتمرير اجندات الاحتلال الايراني وتعزيز احتلالها للعراق فالاحتلال قسم العراق الى ثلاث فئات هي: الاكراد ، وقسمت العرب الى "سنة" و "شيعة" فلو قسمنا المقاعد حسب هذا التقسم ينتج لدينا
الاكراد: اربيل ودهوك وسليمانية وتاخذ نسبة من ديالى وكركوك ونينوى وبذلك تحصل على عدد مقاعد يتجاوز الــ 55 مقعد .
"الشيعة": البصرة وذي قار وبابل والنجف وكربلاء و وواسط والقادسية وميسان والمثنى واغلب مقاعد بغداد ومقاعد من ديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى ، بمعنى انهم سينالون مالايقل عن 196 مقعد
"السنة: نينوى والانبار واجزاء من بغداد وديالى وصلاح الدين وكركوك سيصفى لهم بحدود 69 مقعد.
وللتوضيح المقاعد الكردية هي لحماية مصالح العوائل الحاكمة في المحافظات الشمالية .
اما واقع الحال المفروض في كل مناطق بغداد والفرات الاوسط وديالى ونصف صلاح الدين وجزء كبير من كركوك ومناطق من نينوى تفرض الاحزاب الصفوية سيطرتها ونفوذها عليها بقوة السلاح واجرام المليشيات الموالية لإيران وهي قوة لا يستهان بها كون الملف الامني في هذه المحافظات بيد المليشيات.
واقع المحافظات الاخرى المتبقية ليست بأفضل حال من بقية المحافظات فهي مدمرة واهلها مهجرين والائتلافات والاحزاب المرشحة لنيل مقاعدها في مجلس النواب عمالتهم وفسادهم تزكم الانوف.
7. يعاني عدد كبير من العراقيين من التهجير والنزوح الاجباري داخل وخارج العراق وحسب الاحصائيات الصادرة من المنظمة الدولية للهجرة يتجاوز عدد النازحين في العراق 3.2 مليون شخص نازح، بينما يتجاوز المهجرين خارج العراق اربعة مليون شخص.
8. تعيش البلاد تحت وطأة اللاقانون وسيطرة المليشيات الاجرامية التي تملك السلاح الخفيف والثقيل بينما تمتلئ السجون والمعتقلات بعشرات الالاف من العراقيين الذين يتعرضون لأبشع انواع التعذيب الوحشي والسادي. فكيف يمكن اجراء الانتخابات في ظل هذه الاجواء الارهابية الدموية الوحشية؟!
9. قامت حكومة الميليشيات والاحزاب الطائفية , وخصوصا تلك التي جاءت من ايران بتزوير مئات الالاف من شهادات الجنسية وهويات الاحوال المدنية العراقية ومنحها للأعاجم الايرانيين وتمليكهم الاراضي من اجل تغيير الهوية القومية العربية لسكان العراق وبالتالي ضمان انتخاب الايرانيين ومن يسايرهم في مجلس النواب.
10. بعد خمسة عشر سنة والعراق تنعدم فيه الخدمات العامة مثل الكهرباء والماء والصحة وانهيار التربية والتعليم وفقدان للأمن والامان بحجج واهية , فالشعب يعرف جيدا ان الأمر مقصود وان الامريكان يسرقون النفط وموارد البلاد الأخرى.
11. تسود العراق بطالة مخيفة تصل الى حوالي 65% من مجموع الايدي القادرة على العمل, اضافة الى عدم توفير فرص للعمل. فكيف يمكن ان تمارس الديمقراطية في بلد تتضور اغلبية سكانه جوعا وألما وحرمانا ويتعرض للموت في أية لحظة؟!
12. انعدام الامن , وانتشار السرقة والمجرمين تحت نظر وحماية الحكومة , الذين يطلقون سراحهم حالما يتم القبض عليهم ، فأصبحت سرقة الاطفال شائعة ومباحة , واضحى اغتيال الكفاءات العلمية والاكاديمية والاطباء أمرا مألوفا في العراق، وانتشار تجارة المخدرات والاتجار بالأعضاء البشرية.
مما تقدم وغيره كثير مؤكد انه لا يخفى عن القارئ الكريم يتبين انه لو شارك الشعب عن بكرة ابيه فلن يحدث تغير وما سيحصل هو تعبيد الارض اكثر وتمدد الوجود الايراني ليؤسس لدولة انتداب رسمية تُحكم بأمر الولي الفقيه.
والحل الأوحد هو المقاطعة والتأسيس لعمل جماهيري يقود للثورة على هذه الطبقة الفاسدة العميلة واستبعادهم ومن بعدها تكون انتخابات حرة ونزيه بقانون عادل وبرعاية دستور وطني غير مخترق وبأشراف اممي ودولي يومها سيكون الخيار للشعب وبإرادته...
ولنبتعد عن موالاة الظلمة والفاسدين ونشارك في عملية انتخابهم او المشاركة في هذه المسرحية ولنستذكر قوله عز من قائل: (( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ)) هود/113.
إن أعوان وأتباع الظلمة لا يقلون عنهم سوء ولا ذما , فإنما انتشر الظلم في البلاد من خلالهم , وإنما مورس القهر والبغي على الشعب بقوتهم و أيديهم . فذكر أتباع الظلمة في القرآن الكريم بصيغة الذم والقدح والتوبيخ ...
والمشارك في هذه الانتخابات مهما كانت حجته فهو " كمجير أم عامر"...