كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عربي من العراق
لو كان ( علي ولايتي ) مستشارا لما يسمى بمرشد الثورة (الاسلامية الايرانية ) للشؤون الدولية حقا لما صار بوقا وبوما متواصل النعيق يعلن بين الحين والاخر وعلى مدار السنوات الماضية ولحد أول أمس عن ( وقائع الاحتلال الايراني للاقطار العربية ) بل هو في حقيقة الامر مسؤول مباشر ( ربما بصفة رئيس ) ايراني لهذه الأقطار. فولايتي في معظم تصريحاته
يتحدث بلغة واضحة لا غبار عليها بأن ( ايران ) هي المتحكم الفعلي في العراق وايران وسوريا واليمن وان هذه البلاد العربية غير قادرة على اتخاذ أي قرار استراتيجي الا من خلال طهران . ورغم اننا نسمع بين الفينة والأخرى ردودا من عرب أو جهات حزبية عربية ضد تصريحات خامنئي غير ان معظم ردود الافعال هذه ما هي الا تأكيد على هيمنة ايران واحتلالها لبلاد العرب ليس فقط لان ولايتي لا يلبث بعد حين أن يصرح بأعظم مما صرحه غير ابه ولا مكترث لهذه الأصوات المبحوحه وغير المؤثرة . ان أي تصريح من أي مسؤول في العالم كمثل تصريحات ولايتي لا يمكن أن يفسر بأي عبارة غير انه رجل مسؤول عن سياسة وتمشية شؤون اقطارنا العربية . وهو في واقع الحال لا ينطق عن هوى نفس ولا عن أمنيات فايران فعلا تحتل العراق وسوريا ولبنان وتسعى لاحتلال أرض وبلاد عربية أخرى وتتدخل مباشرة في كل الفتن والحروب التي تأكل وتشرب الدم العربي والثروات العربية وتتقوى على حساب العرب اقليميا ودوليا. في اخر تصريح لولايتي قبل يومين أعلن ان ( الصحوة الاسلامية )ويقصد بها ايران وميليشياتها وأحزابها المعروفة ومنها حزب الدعوة وحزب الله ومنظمة فيلق بدر ومنظمة العمل الإسلامي وغيرها , لن تسمح بعودة الشيوعين والليبرالين إلى السلطة في العراق . هذا التصريح ليس رئاسي ايراني وقح فقط بل هو اهانة للتحالف الانتخابي المعلن بين مقتدى الصدر وبين شيوعي مجيد حميد الخائن العميل للاحتلال . وبالذات مقتدى الصدر , فانه في هذا التصريح يجد نفسه ليس مهانا ذليلا مستعبدا فقط بل عديم القوة على غير ما يعلن وخفيف الوزن على غير ما يتبجح وان فعله لا يتجاوز الخنوع لايران والتبعية الذليلة لها من جهة وقتل العراقيين وارهابهم من جهة ثانية والانخراط الكامل في خيانة العراق وشعبه كجندي من جنود ايران والاحتلال الامريكي الذي مكن ايران واعوانها ومنهم مقتدى من رقاب العراقيين . مقتدى الصدر وشيوعوا العملية السياسية وجدوا أنفسهم بعد تصريحات ولايتي أمام خيار واحد هو الإقرار الضمني بان تحالفهم قد فقد فرصته في انجاز حلم الوصول إلى قمة القرار في المنطقة الخضراء لان الوصول إلى هذه القمة يتطلب موافقة الرئيس الفعلي الايراني للعراق ولايتي على عكس ما يعلنه مقتدى من ان له قاعدة شعبية كبيرة وحاضنة مؤثرة . بل وجدوا أنفسهم ان عليهم اعادة سد أية ثغرة في صلتهم الخنوعية بايران قبل الانتخابات والا فان ايران ستلغي وجودهم في ( العملية السياسية الديمقراطية الامريكية في العراق) . وهكذا تكون العملية الديمقراطية المزعومة في العراق ان هي الا عملية ايرانية يكون فيها ويستمر من تزكيه ايران ذات القرار الاول في العراق . هي عملية مقننة لاحزاب ايران والسلطة الفعلية فيها لاعوان ايران وجنودها والاخرين ماهم الا هوامش رخيصة لا وزن لها . ومقتدى الصدر غير قادر على التحالفات التي يظن انها حرة وتعبر عن عروبته ووطنيته أو يحاول من خلالها اخفاء حقيقته الفارسية الهوى. القرار الايراني ليس طعنة نجلاء لمقتدى ومجيد حميد فقط بل يطال علاوي وبعض اطراف الضفة المذهبية الاخرى سليم الجبوري وذيوله. وسنرى في مقبل الأيام هل سيتجه وفد من ائتلاف مقتدى والشيوعييين إلى طهران لتقديم فروض الطاعة أم لا .وسنراقب أيضا نتائج الانتخابات لنرى مقدار الحصة التي ستمنحها ايران لهذا الائتلاف بحيث يخرس مقتدى ولا يعيد مجددا ترشيح شيوعي لرئاسة الوزراء . تصريحات ولايتي ليست صلفا ولا وقاحة ولا قلة أدب ولا تبجح ايراني فقط ..بل ..هي اعلان واضح وصريح لا لبس فيه ولا يرد من ان ايران هي صاحبة القرار وان العراق كما سوريا ولبنان خاضعة للاحتلال والهيمنة الفارسية وان النظام العربي الرسمي برمته عاجز عن مواجهة هذه الحقيقة وجانح للسلم ازاءها ولا يمتلك غير الترقب والانتظار لما ستؤول اليه احداث في الخليج قد تفضي إلىاحتلال ايران للملكة العربية السعودية والبحرين والامارات وعندها سيكون امر واقع جديد لا يعني انظمة العرب بل ستتعاطى معه كما تعاطت مع ما سبقه . وسياسة الترقب والهلع والنفاق هذه ستفضي إلى عبور ايران وفق ما مخطط لها البحر الاحمر وقناة السويس لتسيطر على مصر والسودان وتحكم الغلاف أو الحزام الواقي ل( اسرائيل ) وتنجز مهمتها المكلفة بها من أمريكا بتقاسم الوطن العربي بينها وبين الدويلة الصهيونية. نحن نعرف هذا لمخطط الاستعماري منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي ونوه عنه تنويها وضمنيا وصراحة قادة العراق بل ان الحرب الايرانية على العراق كان هذا هدفها شاء من شاء ورفض من رفض وان احتلال العراق لاسقاط السد العربي هدفه هو ذات الهدف الذي نعلن عنه هنا مجددا . ان أمام العرب شعبا وحكومات طريقا واحدا لا غير ليحافظوا على أنظمتهم وأرضهم من هذا الغول الايراني المستقوي بامريكا والصهيونية هو الدفاع المسلح بحرب عربية تواجه ايران وأطماعها المتحققة والتي ستتحقق . لا حكمة ولا سياسة في هذا الامر ومن ينتظر مترددا أو خائفا أو غير مصدق سيلتهمه الحوت ساعة لا راد لفم الحوت ونفاذ اسنانه . أما العويل والصراخ والإدانة واللعب بالوقت بدل الضائع فانه لا يمثل سوى رد فعل الخائبين المغلوبين .