عندما يكون المستهدف وطن يصبح الحياد خيانة ،فاستهداف أي قطر من أقطار الأمة هو استهداف لأقطار عربية أخرى ...عندها يكون السكوت أو الحياد خيانة ، ولابد أن لا يكون له مكان وتحت اي مبرر أو أية مضلة .
المشكلة الحقيقية في محيطنا العربي بصورة عامة هي غياب النظرة المستقبلية له وتداعياتها عند الإحساس بالعجز أو التقصير للتعامل مع الأحداث الهامة فيه، وبالذات عند غياب مشروع ثقافي عربي موحد في اطار شامل يجمع ويحمي هذه الأمة.
فالمثقفون والسياسيون الوطنيون يتحملون جزء من مسؤولية تأريخية لأنهم مؤهلون من خلال فهمهم للأحداث التي تعصف بها، مع أنهم دعاة للديمقراطية التي تعطي مشروعية للرأي الأخر وحرية التعبير للأفكار والثقافات واحترامهم للتنوع فيها ويقدرون جهد الانسان في الحياة بصرف النظر عن من يكون وفي أي مكان أو زمان .
ان حل مشاكل المجتمع العربي مما يعانيه هي ضرورة للبحث عنها من خلال الرؤيا لمستقبل عربي موحد للخروج من أزمته الحياتية لحالة أكثر مقبولية تتسع للجميع .
والمثقف العربي يتحمل جهد انساني وتاريخي عند استقرائه للواقع العربي الذي له قوة فعل مؤثرة قد فقدناها واضعفت شروط تقدمه، وانظمة عربية تتقاتل فيما بينها واذكاء الاقتتال الداخلي لميليشيات طائفية تنفيذا لأجندات خارجية تعمل لمصالح اصحابها وتطرف مذهبي بعيدا عن تعاليم الدين الإسلامي في سماحته وعدله ، هذا الوضع ساعد على عودة النفوذ الأجنبي عسكريا و سياسيا لدول كبرى في أقطار عربية عدة معروفة للجميع لرسم خريطة جديدة لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ تخدم مصالح هذه الدول اقتصاديا وسياسيا مع هدر لقوانا البشرية والاقتصادية التي ستشكل حالة ضعف في البنى العربية واستخدامها الصحيح.
لذلك على المثقف العربي قراءة وضع الأمة العام من كل الجوانب الأصعدة وتنشيط حركته لاستيعاب وضعها والتثقيف على مخاطرها، وايجاد تفاهمات على قاعدة مشتركة في العمل السياسي والفكري ومحاولة تشكيل قوى معارضة حقيقية لها فعل مؤثر في كافة الميادين لزيادة زخم فعلها وقوى عاملة داخل اقطار الأمة وبالذات مع وجود قوات اجنبية في اقطارنا ستؤدي الى فقدان استقلالها السياسي كدول ذات سيادة .
إن من أخطر أزمات المثقف العربي عمله ضمن أطر إقليمية ضيقة حتى وان حقق نجاحات في مساحة معينة منها، الا انه من أنجح الأعمال للانطلاق في فضاءات عربية واسعة لتحقيق إنسانية المجتمع العربي تتوافق وتأريخ الأمة تتداخل فيها المصالح وتتكامل لخدمة مشروع عروبي يساهم في تطويرها .
المثقفون هم قادة الفكر فيها وهم من يرسمون طريق نهضتها بما يحقق طموحها ، أمة محترمة تتساوق مع الأمم الأخرى في مجالات الحياة وهو أمر ضروري لتعيش بكرامة وحماية حقوقها وفي تجديد خطابها و رسم طريقها لتكون أمة قادرة على الحياة والاستمرار فيها بفاعلية وثقة عالية ومستقبل أفضل .