سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مقالات من العدد 28 من مجلة صدى نبض العروبة - أبو محمد عبد الرحمن/ لبنان : الــدلالات الـقـومية لـيــوم 8- 8 - 1988


بداية فإن وقف اطلاق النار في ٨ /٨/ ١٩٨٨ لم يكن وليد لحظته بل ان هنالك الكثير من مبادرات السلام التي رفضها النظام الإيراني سواء تلك التي قدمها العراق ، أو التي قدمت من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من حركة دول عدم الانحياز، أو منظمة المؤتمر الإسلامي ومبادرات أطراف أخرى. 
فقد قدمت القيادة العراقية العديد من المبادرات الهادفة لوقف إطلاق النار وإيجاد حل شامل ونهائي للنزاع بين البلدين. 

تلك المبادرات تم عرضها من موقع النصر والاقتدار، وانطلاقا من المسؤولية الإنسانية للقيادة العراقية، وحرصها على مواصلة عملية البناء الاقتصادي والاجتماعي وليس من موقع الضعف والهزيمة كما حاولت إيران تفسيرها. 
كل تلك المبادرات رفضتها ايران نتيجة لحساباتها الخاطئة. 
ففي تقرير لوكالة (رويترز) للأنباء بث من بيروت في ٢٣\٢\١٩٨١، أكد هاشمي رفسنجاني رئيس "مجلس الشورى" الإيراني "أن طهران لن تنظر في أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع العراق ما لم تتم الإطاحة بالحكومة البعثية"!
فكان شرطهم الإطاحة بالحكومة، وللأسف وهو ما تحقق بعد غزو العراق على ايدي القوات الامريكية البريطانية الأطلسية الفارسية .
إذن لقد أصرت إيران على مواصلة الحرب وأعلن أركانها في أكثر من مناسبة رفضهم التفاوض مع العراق قبل أن يوافق العراق على شروطهم دون أن يفصحوا بشكل واضح عن مطالبهم، وإن أعلنوا، فإن إعلانهم كان ضبابيا ومغالطا باستثناء ما صرح به السفير الإيراني في موسكو. 
في ٢٩ أيلول ١٩٨٠ عقد السفير الإيراني في موسكو حينذاك "محمد المقرين" مؤتمرا إعلاميا نشرت وقائعه العديد من الصحف الأجنبية بما فيها صحيفة (لوموند) الفرنسية في عددها الصادر يوم ١/١٠/١٩٨٠ أعلن فيه، أن إجراء مفاوضات مع العراق يخضع لشروط أساسية منها: 
١- سقوط النظام العراقي وإنهائه. 
٢ - احتلال ايران لمدينة البصرة العراقية كضمانة أو غرامة عن خسائر الحرب على أن يتم إجراء استفتاء بعد ذلك في المدينة لتقرير مصير شعبها وتحديد تبعية العراق لإيران. 
٣ - إجراء استفتاء في كردستان العراقية لتقرير مصيرها واستقلالها الذاتي أو إلحاقها بإيران.

إن آراء كثيرة وشواهد كثيرة تدعم الرأي القائل أن للحرب العراقية – الإيرانية جذوراً تاريخية تمثلت في الرؤية الإيرانية للعراق دوماً على أنه حالة أدنى وانتقاصاً دائماً لشخصيته العربية التي هي مهد الحضارات العربية ورسالاتها المتعاقبة .
فما كان من ملالي طهران ومشعوذهم الأكبر أن يتخذوا من الإسلام ذريعة وحجة وركيزة أساسية في الدعاية الحربية الإيرانية .

في إيران رفع الخميني، (الذي سيطر على الحكم بعدما أقصى أصحاب الثورة الشعبية الحقيقية التي قامت ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي)، شعار الدفاع عن الإسلام 
في هذه الحرب !!!
وأيضا ففي أحد خطابات بداية الحرب العراقية الإيرانية، دعا الخميني الإيرانيين إلى تلبية ما قال إنه "نداء الواجب"، واجب الدفاع عن الوطن، والإسلام" وخاطبهم قائلا "الإسلام أمانة في أعناقكم" !!!!
أما في العراق، البلد الذي توجد على أراضيه الكثير من المقدسات الإسلامية، فكان للحرب وجه آخر. 
نعلم أن حزب البعث الحاكم حزب قومي عربي وحدوي، وقد رفع الشهيد الرئيس صدام حسين شعاراً يشير الى ان العراقيين
"حراس البوابة الشرقية"
معتبرا أن العدو القديم الذي حاربه العرب قبل أربعة عشر قرنا هو نفسه الذي عاد ليهاجم العراق في أول الثمانينيات.
وكرد على مقولات النظام في إيران الذي كان يدعو إلى تصدير "الثورة الإسلامية" إلى البلدان العربية من بوابتها الشرقية العراق، إذ أن الدعاية الإيرانية كانت تروج لمقولة أن تحرير بيت المقدس يمر عبر بغداد وكربلاء !؟
والجدير ذكره نشير ان الرئيس صدام حسين أرسل رسالة تهنئة للخميني بنجاح الثورة وتسلمه السلطة معرباً عن أمله بأن تكون مكسباً للامة العربية والاسلامية
ومتمنياً بأن تكون العلاقات بين الشعبين العراقي والإيراني مبنية على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والجيرة الحسنة بما يطور العلاقة بين البلدين والشعبين، وقد صرح موسى الموسوي (مستشار الخميني آنذاك) بأن الخميني قال له بعد قراءة الرسالة أمامه بأن صدام خائف لان هناك نسبة كبيرة من الشعب العراقي سيؤيده حالما ينادي بإسقاط النظام العراقي، وقد رد الخميني برسالة جواب للرئيس العراقي تتضمن تهديداً ووعيداً وختمها بجملة والسلام على من اتبع الهدى وهي جملة معروف أنها تقال لغير المسلم !؟
فأحلام الخميني لم تكن بغداد او النجف فحسب... إنما كانت جميع الدول العربية التي في الطريق من النجف إلى فلسطين 
وما بعد بعد فلسطين !!؟؟
من هذا المنطلق بدأت القيادة الإيرانية بحملة إعلامية واسعة وكبيرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة بالترويج لما يسمى بتصدير الثورة الإسلامية للأقطار المجاورة خاصة العراق ودول الخليج لزعزعة وإسقاط أنظمتها (التي كانت تصفهم القيادة الإيرانية بالأنظمة الكافرة والعميلة للغرب) لإقامة أنظمة موالية لها، كما رددت من خلال خطابها الإعلامي في أنه أي اتفاقية وقعها الشاه لا تعبر عن طموح الشعب الإيراني وتطلعاته وتعتبر لاغية، وخصت بالذكر اتفاقية الجزائر الموقعة مع العراق .
ولعب الحقد الدفين لدى الخميني لعبته فاختار العراق ليكون أول محطة من محطات تصدير الثورة إليها ، ولكنه في الوقت نفسه لم يسقط الدول المجاورة الأخرى من حسابه فشنت اجهزة اعلامه هجوما عنيفا على دول الخليج والدول العربية تهددهم بالويل والثبور وتنذر حكامها بمصير الشاه وأعوانه . 
وهكذا قطع الخميني الجسور بينه وبين جيرانه منذ أن وصل إلى الحكم تاركا وراء ظهره معطيات العقل السليم، وحسن الجوار، ومصلحة ايران، وأخلاق الإسلام!!!
استعرضنا التاريخ نرى وفي كل مرة يقوى فيها دور العرب أو يضعف يكون الفرس لهم بالمرصاد وفي هذا الإطار كتب الشهيد الرئيس صدام حسين قائلاً: 
"إن دور الشعوبية من خلال الدين في استهداف العرب يظهر عندما يتخلى العرب عن دورهم الريادي المشع، وعندما يمارس العرب دورهم الريادي القومي المشع أيضاً، ففي الحالة الأولى يظهر الشعوبيين لملئ الفراغ وفي الحالة الأخرى يظهرون لمقاومة المد والدور القيادي للعرب، وإن تاريخ العرب الحديث والقديم مليء بالشواهد التي تدعم ما نقول.
في هذا الإطار أوضح الشهيد القائد صدام حسين أن الدعوة لتفتيت وطمس الخصوصيات ومنها الخصوصيات الوطنية والقومية، هي دعوة مضللة، وغايتها تسليط غير العرب على العرب، وعند ذلك يسلب دورهم الديني والإنساني وتتحطم شخصيتهم القيادية داخل الأمة الإسلامية التي ليس من تعارض بينها وبين الأمة العربية لأن معنى الأمة الإسلامية هو الدين المشترك ومعنى الأمة العربية هو الانتماء القومي الواحد. 
وفي رأيه أن الشعور القومي المتعصب قائم في إيران تاريخياً سواء في عهد عبدة النار المجوس، أو الذين دانوا بالإسلام وتستروا به سواءً المزدكية، والحزمية، والحشاشين، والقرامطة، وحركة عبد الله الصفوي، ، وغيرهم من الشعوبية .
ونحن نسأل من كان راغبًا في الحق: هل كانت الحكمة أن يترك الشهيد الرئيس صدام حسين جيوش الخميني تجتاح العراق وتنتقل إلى الكويت والجزيرة والخليج والشام حتى تعانق إسرائيل ليكتمل الحلم التوراتي من الفرات إلى النيل؟!
نعم فإن الحقيقة تقول أن العلامة الفارقة الفاصلة في رد أخطر هجمة عقدية باطنية في التاريخ المعاصر على العرب والإسلام لم تكن إلا صلابة الشهيد القائد صدام حسين، الذي استطاع أن يستنهض الشعب العراقي العظيم بكل مكوناته وطوائفه ومذاهبه لهذه الحرب المفروضة عليه .
إذن فإن قيادة البعث في العراق صاحبة الفكر القومي العربي الشمولي ذات النهج الاشتراكي العربي والتي ترى في الدين كحاجة روحية، كان لا بد لها أن تصطدم مع رجال الدين في طهران الذي يتسترون بالعمائم، الذين جعلوا من الدين مؤسسة تجارية سيطروا عليها فيما عرف باسم "البازار"
وهنا يستحضرني الكاتب الفرنسي "جون بولتا" عندما توقف عند حرب القادسية في العام ٧٣٧ م. بين العرب والفرس .
ويتحدث عن حزب البعث العربي الاشتراكي باعتباره حزب صنع مجتمع قومي عربي عصري بأفكار قومية علمانية اشتراكية من خلال تصديه الحازم وثورته على الإقطاع والقبليات الرجعية ويقول "أن البعث بنى دولة عصرية" وأن إيقاعها ومستواها المعيشي قبل هذه الحرب كان بمستوى الحياة في إسبانيا، ويرى أن الرئيس العراقي صدام حسين خاصية متميزة فريدة من نوعها "إن أعداءه يخافون منه وأصدقاءه يمنحونه ثقة بلا حدود وهو رجل حركة وعمل دائم، سيد نفسه ودائم اليقظة. 
ويشير أيضا إلى أن من صفاته "الانغراس في التاريخ والرؤية المستقبلية لبناء دولة قومية عربية عصرية".

أخيرا لا بد من الإشارة إلى الشيطان الأكبر كما يصفها الخميني بأنها عدوة الجمهورية الاسلامية في ايران وعقبة في محاولة تصدير ثورتها، فإن الموقف الأمريكي المعلن قد جاء على لسان "هنري كيسنجر" قائلا:
إن اقتتال الفريقين هو من مصلحة الولايات المتحدة ولكن بدون انتصار عراقي. 
وهذا ما جعل الولايات المتحدة تسارع بضرب العراق حينما حسم انتصاره مع إيران وما كانت الكويت إلا ذريعة لهذا التصرف، ولاحقا تم تمكين  ايران باحتلال العراق وتدميره بعد الانسحاب الأميركي.


للاطلاع على اعداد المجلة زيارة موقع المجلة 


www.alssadaa.net

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018