يفترض أنّ السّياسة هي المرونة في التّعاطي والحنكة والذّكاء في التّخطيط والتنفيذ والحلم في
استيعاب الجميع وبعد النّظر في استشراف المستقبل.
هذه خصائص السّياية الشّريفة الّتي تخدم مصالح الشّعب والوطن والأمّة كلّها.كما يجب على من يعطي لنفسه لقب سياسي أن يتمتّع بهذه الصّفات الإنسانية والأخلاقيّة لكي يكون جديراً به ويكسب ثقة شعبه وأمّته من هذا المنطلق.
ولكنّ الواقع المؤسف اليوم أنّ مفهوم السّياسة اختلف عن السّابق حيث تحولت من الخدمة العامّة إلى خدمة الأشخاص الّذين يلهثون للحصول على جاه أو منصب أو سلطة لتتحوّل السّياسة بنظرهم مصدراً للرّزق أو رافعةً للشّهرة وقانوناً خبيثاً للتّحكّم والسيطرة. وتبدّلت المفاهيم من مرونةٍ إلى احتيال ومن ذكاءٍ إلى دهاء ومن حلمٍ إلى جبروت وتمييز ومن بعد نظر إلى عمالةٍ ولامبالاة.
هكذا ترى السّياسة والسّياسيين في هذا الزّمن الرّديء حيث المصالح الضّيّقة وتألّه القادة وخلود الزّعماء على عروشهم و توريث الأبناء والأحفاد عروش آبائهم وإخضاع النّاس بعد إفقارهم وتجويعهم .
وهنالك أنظمة في العالم تؤوي موالين ومعارضين لنظامٍ معيّن في آنٍ واحدٍ على أرضها ثمّ تستخدم كلّاً من الفريقين حسب مصالحها وتنهي من تريد إذا اقتضت الضّرورة.
وأنظمةٌ أخرى تنصب العداء لغيرها بحسب الدّور المرسوم لها فيقتتل الشعبان ويتحارب الجيشان وتقطع العلاقات وبلمح البصر يصبح العدوّ صديقاّ فيضيع الشّهيد وتموت القضيّة وهؤلاء هم الّذين يستميتون في قتل شعوبهم ويجبنون أمام أعدائهم الحقيقيين.
لا شكّ في وجود بعض السّياسيين الشّرفاء المتمسّكين بالمبادئ والّذين يضحّون بحياتهم من أجل أوطانهم .
والأمر الأغرب من معظم الأحزاب الإصلاحيّة الّتي تنتهج نهج الأنظمة الحاكمة بكلّ تفاصيله فتفقد الشّعب الثّقة بالتّغيير فلم يعد يجد أمامه إلّا الإستسلام والخضوع للأمر الواقع.
(الوجه الّذي تعرفه أفضل من الوجه الّذي تتعرّف إليه)
يا أعدل النّاس إلّا في معاملتي.
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم.
قاسم فرحات
نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام