نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام
ان الأمة العربية بجغرافيتها الواسعة وباقطارها المتعددة تمر بازمات معقدة تحدد اليوم الخارطة الجديدة لأجزاء الأمة لا كما يشتهي أبناؤها بل كما يخطط لها اعداؤها مما يحتم التصدي بوعي لهذه الأزمات من خلال استنهاض مكامن القوة في الأمة وتجاوز مواطن الضعف فيها.
لقد كان احتلال العراق من قبل القوة الغاشمة الممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وكل حلفائها الذين ساندوها ويسروا وعبدوا لها الطريق إلى بغداد، الشرارة الأولى التي جلبت كل نيران الفرقة والتشرذم والانكسار والانهيار لهذه الأمة العظيمة. وسقط من سقط في وحل الفخ الاستعماري فبعد أن ساعد هذا الطرف العربي أو ذاك الاحتلال الأمريكي للعراق يعاني هو اليوم من كل عوامل الانكسار والضعف التي تقوده إلى ما يشبه ما حصل للعراق وربما أسوأ. لكن المؤامرة لم تنته ولن تنتهي الا بعد ان تسيطر لا سمح الله أدوات الصهيونية والامبريالية على كل أجزاء الوطن العربي الكبير وتحوله إلى أجزاء متناثرة ومتناحرة يضمن وجودها وتناحرها تحقيق الهدفين الرئيسيين للامبريالية العالمية والصهيونية وهما السيطرة الكاملة على الموارد الطبيعية التي تضمن بقاء الإمبريالية على سدة الحكومة الاقتصادية للعالم والحفاظ على أمن الكيان الصهيوني بأضعاف وتفتيت محيطه العربي ومحيط المحيط إلى أبعد نقطة عربية وتعطيل القوى البشرية لهذا المحيط وصولا إلى إصابته بالشلل التام. وهذا ما يحصل الان مع الأسف ولينظر المواطن العربي حوله ليرى ماذا يحدث في اليمن وسوريا والسودان ومصر وتونس فضلاً عن العراق وفلسطين ولبنان ولم يسلم الخليج العربي ولن تسلم اية بقعة من بقاع أمتنا العربية اذا لم يتوقف هذا الدم والمال النازفان لا لشيء إلا من أجل تحقيق احلام قادة الصهيونية والامبريالية.
وكما بدأ التدهور باحتلال العراق فإن الانفجار الحقيقي سيكون بتقسيم العراق لا سمح الله. وعندها لن تبقى دولة عربية بشكلها ووصفها الحالي. اذ ان خطة تقسيم العراق بدأت تطبيقا مع وضع الاحتلال لدستوره المسخ ليكون نواة التشرذم والانقسام. ثم أدت حكومات الاحتلال المتتالية أدوارا خبيثة في إيصال العلاقة بين المركز وإدارة كوردستان إلى طرق مسدودة من أجل دفع كوردستان العراق للانفصال بمباركة وبدفع وتشجيع الكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من هذا الموضوع.. وجزء مهم من دول الخليج العربي سترعى هذا الانفصال اذا حصل لا سمح الله
ولكن هل الانفصال خيار الأكراد وحدهم ليستفتى عليه كرديا؟ الجواب لا، أن الأكراد عبر التاريخ المشترك الطويل هم جزء مهم وحيوي من حياة الأمة بشكل عام ومن حياة العراق بشكل خاص لا ينبغي التفريط به مع كل الخلافات الكبيرة على قضايا جوهرية والتي يبقى السبب الرئيس فيها هو اتفاق أطراف العملية السياسية ومن ضمنهم ممثلي الكرد فيها على دستور يضم بنود مجحفة بحق كل العراقيين وأخرى قنابل موقوتة تستهدف وحدة العراق اولا وكذلك سلاسة الحكم الرشيد ثانيا الذي لم تصل له وتحققه الطغمة الحاكمة في بغداد بسبب الفخاخ التي نصبتها الإدارة الأمريكية والحكومة الإيرانية في المشهد السياسي العراقي.
والسؤال الأهم هنا، هل كوردستان العراق مهيئة للانفصال؟ الجواب لا، من حيث قلق المحيط الجغرافي من الكيان الوليد والواقع المعقد في داخل كوردستان والفراغ الدستوري. والعلاقة الأكثر تعقيدا بين المركز ومحافظات كردستان العراق. ونقص الموارد والكتلة الكردية الكبيرة في بغداد والمحافظات الاخرى. لكن وحتى ولو لجأت حكومة الاقليم إلى الاستفتاء فلا ينبغي ان يكون الاستفتاء مقررا لمصير كوردستان على الأقل في الوقت الحالي.
ادعو القيادة الكردية إلى الابتعاد عن كل ما يستفز مشاعر العراقيين وان تناقش القضية الكردية في إطارها الصحيح ووقتها المناسب عندما يتخلص العراق من قمامة الاحتلال في المنطقة الغبراء، وعندها سينبري لها رجالها الذين ينظرون إلى خصوصية كوردستان بواقعية في ظل وطن واحد.