نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
مثل لبنان كمثل الأقطار العربية حيث خضع الشّعب اللّبناني في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية
تحت حكم نظامٍ انفرد في إدارة السّلطة وتسيير شؤون الدّولة وفق دستورٍ فرنسيٍّ وضعه الإحتلال الفرنسي وعدّله عام 1936 م.
ويرتكز هذا الدّستور على تغذية التّفرقة والحقد من خلال التوزيع الطّائفي والمذهبي بين أبناء المجتمع الواحد على مختلف مرافق الدّولة.
هذا الوضع المزري جعل شريحةً كبيرةً من الشعب اللبناني تشعر بالنقمة والحقد على الواقع القائم بسبب التّجاهل والإهمال لحقوق غالبيّة اللبنانيين، مادفعهم للنّزول إلى الشّوارع والإعتصام أمام مؤسّسات الدّولة للمطالبة بتغيير الدّستور العار كما سمّاه (الأخطل الصّغير) أو تعديله على الأقلّ لكي يشعر كلّ لبنانيٍّ بانتمائه لهذا البلد وليس دخيلاً عليه أو غريباً عنه.
وكانت النّتيجة أن أصدرت الحكومة آنذاك قانون الأحزاب الّذي يسمح بتأسيس أيّ حزبٍ والسماح له بالتحرّك ضمن القوانين اللّبنانيّة المرعيّة .... فما المشكلة إذا؟ وما سبب فشل هذه الأحزاب الّذي أدّى إلى فشل الدّولة؟.
صحيح أن الإختلاف في الرأي أو الموقف دليل عافية وصحيحٌ أيضا أنّه نوعٌ مهمٌّ من أنواع الممارسة الدّيمقراطيّة السّليمة لكنّ هذا الكلام يصحّ لو كانت الأحزاب مشمولةً بالحماية والرّعاية من الدّولة الّتي سمحت بإنشائها وليس من طوائف ومذاهب وجمعياّت داخليّة وخارجيّة تحميها وتغطّيها.
ومن الطّبيعي في هذه الحال أن يكون ولاء كلّ حزبٍ أو تيّارٍ أو حركةٍ أوتنظيمٍ إلى من يحميه فيتحوّل إلى ميليشيا تقاتل بإسمه ويصبح أداةً لها وليس لبلده ويدافع عنه وليس عن وطنه وهذا السّبب الرّئيس الّذي أدّى إلى اشتعال الحرب الأهليّة الّتي حصدت الكثير من الضّحايا والدّمار للأرض وللإنسان.
وبعد هذا العرض نستخلص أنّه وبسبب غياب القوانين العادلة والضّامنة لحرّيّة وحقوق الأفراد والجماعات تحت كنف الدّولة بالتساوي، يسود القانون القبلي العشائري وتتحوّل الأحزاب الّتي تطرح شعارات الإصلاح وتغيير الواقع ومحاربة الفساد إلى واجهاتٍ للمذاهب والطوائف وحتى الدّول الّتي تدعمها من الخارج.وتتحوّل الحرّيّة إلى فوضى والثّورة إلى حرب.
ما بني على باطل فهو باطل .لذلك يجب على كلّ مواطن أن ينتمي إنتماءً صادقاً إلى وطنه أولا لكي يكون صادقاً مع نفسه ومع المبادئ الّتي يحملها والشعارات الّتي يطرحها.