ذلك اليوم المشؤوم الّذي ارتكب فيه أهل الباطل مجزرةً مروّعة بأهل بيت الرّسول عليهم السّلام ومن والاهم.ذلك اليوم الّذي قرّر فيه الإمام الحسين عليه السلام الثّورة على الظّلم والإستبداد
والإنحراف عن مبادئ الدّين الحنيف وتعاليمه وقيمه رافضاً كلّ أشكال المساومة والإغراء بملذات الدّنيا مفضّلاً الشّهادة المحتسبة عند الله على العيش الذّليل .
لم تكن عاشوراء معركةً بين السّنّة والشّيعة بل هي حربٌ بين الإيمان والكفر.بين الحقّ والباطل بين من يسعى لإعلاء كلمة اللّه في الأرض ومن يظنّ نفسه مخلّداُ ويعمل من أجل الدّنيا لا الآخرة.
والآن.أين نحن من تلك الموقعة؟وماذا تعلّمنا منها؟
إذا ثرنا سرعان ما تنحرف ثوراتنا عن مسارها وتتحوّل إلى فوضى وإذا أصرّ الشّرفاء فينا على الجهاد حتّى النّصر أو الشّهادة فإنّ التّهم جاهزةٌ وكلٌّ على قياسه وإذا أراد البعض منّا أن يكرّم الإمام الحسين وأهل بيته أهانه وشوّه ثورته عن قصد أو عن غير قصد.
كثرت الفتاوى ونسبت الأحاديث وازدادت التأويلات وأصبح الإعتقاد السّائد عند المغالين أنّ تعذيب النفس هو السّبيل الوحيد إلى الجنّة فلم يكتفوا بضرب الصّدور بل تعدّوا ذلك إلى لطم الوجوه وضرب الرؤوس بالفؤوس والسّواطير والخناجر حتى تسيل الدّماء بغزارةٍ على كلّ أنحاء الجسد بأبشع أنواع الإرهاب الّذي لا يرضاه عقلٌ ولا دين ولم يستثنوا من ذلك الجهل الأطفال ولا النساء والشيوخ.هذا بالإضافة إلى ذلّ النّفس بطقوص تفوق الوصف والتّخيّل.
لو عدنا إلى الدّين قليلاً لوجدنا أنّ الله ورسوله وأهل البيت والصّحابة كلّهم ينهوننا عن قتل النّفس أو تعذيبها(لا ترموا بأنفسكم بالتّهلكة)
(لا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلا بالحقّ)(من قتل نفساً بغير نفس فكأنّه قتل النّاس جميعاً.ومن أحيى نفساً بغير نفسٍ فكأنّه أحيى النّاس جميعاً).
ألم يكن من الأجدى في هذه المناسبة الجليلة أن تقام المشاريع الريعيّة للفقراء والمحتاجين وما أكثرهم بدلاً من إنفاق أموالٍ طائلة على مجالس عزاء تثير الحقد والضغينة بين المسلمين؟
أليست الصّدقات والهبات والعطايا للأيتام والثكالى والمعوّقين أفصل بكثيرّ من تلك التّجمّعات الدّعائيّة الّتي تخدم بعض المنتفعين والمستغلّين لدم الحسين وأهل بيته وأصحابه؟
من معشرٍ حبّهم دينٌ وبغضهم.
كفرٌ وقربهم منجىً ومعتصم.
لو عدّ أهل التّقى كانوا أئمّتهم.
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم.