امريكا حققت اعظم تقدم تكنولوجي في التاريخ المعروف كله ،ولكنها بنفس الوقت انتجت اعظم واخطر الشياطين واكثرهم عددا ووحشية في التاريخ كله بما فيه حاضر البشرية ،ويكفي ان ننظر لما حصل في العالم منذ ولد الوحش الامريكي ،الفريد في عنفه وحقده ولامبالاته بالام الاخرين ،من حروب وازمات حيث شنت امريكا وعمرها الرسمي لم يصل بعد الثلاثمائة عام اكثر من
وسعة لم يسبقها احد من قبل ابدا ويكفي التذكير بانها دولة قامت اصلا على الفساد والافساد والظلم الفاضح كما سنرى
وانا حينما اكتب لا اتخيل او اتهم او اكره فهذه امور جانبية بل ادون وقائعنا الكارثية بصفتي احد ضحايا امريكا العرب والذين زادوا على العشرين مليون قتيل عراقي وسوري وفلسطيني ويمني وليبي وغيرهم اما من شردتهم من وطنهم وديارهم العربية فهم ايضا وصل عددهم الى اكثر من عشرين مليون عربي منذ عام 2011 ، وبناء عليه فمن الطبيعي ان ادون الحقائق المعاشة والتي صارت جزء من وجودنا البشري . وهذه السمات الامريكية هي التي تجعلني اتوقع بان نهاية البشرية ستكون على يد امريكا.
أثبت ذلك وقد بلغت من العمر السبعين عاما وثلاثة سنوات واعيش سنوات تشردي مع عائلتي منذ غزت امريكا وطني ودمرته شر تدمير لا لشي الا حبا في القتل لنهب ثروات الاخرين رغم انها الاغنى وهذه من سمات المرضى والشواذ وليس من طبيعة فحتى الحيوانات الذي لا تقتل الا عندما يهددها الجوع بالموت ،وانا وبقية العراقيين والسوريين نفكر كل ساعة بالذي اوصلنا لحالنا فتتفجر ينابيع الاكتشافات وتترى الحقائق فارضة نفسها علي كي اكتبها للتاريخ ولمن لا يعرف تفاصيل كوارثنا المصطنعة وكي تدرك الاجيال القادمة من تسبب في كوارثنا مع اننا كنا نعيش في قطر عزيز وراق ومرفه ومستقر ، وما ساكتبه هو حالة انسان يكتشف كل يوم المزيد من شرور امريكا وهو مشرد ومحروم من مصادر العيش الكريم ومن الهوية القانونية ( جواز السفر ) وشهادتي مجردة من الغرض المسبق سواء كان ايديولوجيا او سياسيا لانها تدوين لوقائع فقط .
لماذا اقترن الشر الاعظم في تاريح كافة المخلوقات من بشر وحيوانات بامريكا ؟
1- الانسان مخلوق متعادل التكوين اصلا والنظم الاقتصادية وما ينتج عنها من نظم اجتماعية هي التي تجعل الانسان خيرا اذا تربى في بيئة تنمي الخير من خلال منع الحرمان المادي والتمييز الاجتماعي والاستغلال، او تجعله وحشا كاسرا حينما تشوه تربيته بالاستغلال والاضطهاد واهانة انسانيته ، ولو تصفحنا تاريخ النظم الاقتصادية لوجدنا اهم الحقائق التي تفسر سلوك الانسان ، فالرأسمالية شكلت انتقالة نوعية في المؤثرات الاجتماعية على البشر لانها فصلت بين مرحلتين في تاريح الانسان :
أ-مرحلة التوازن النسبي بين الشر والخيروالتي انتهت مع نهاية الاقطاع وكانت تقوم على الكراهية بين طبقتين طبقة العبيد وطبقة السادة ،في مرحلة العبودية، وطبقة الاقطاع وطبقة الفلاحين في زمن الاقطاعفكان الكره والحقد ينصب على السيد وعلى الاقطاعي وربما على ادواتهما ايضا ،ولكنه كره لم يمتد ليشمل كل بشر اخر ،ولهذا كانت البشرية تعيش فترات من البساطة والسعادة والامن والطمأنينة رغم وجود العبودية والاقطاع واستغلالهما للبشر ، وكان الصدق والامانة والاخلاص والثقة واعتبار الغدر والفساد عارا ،والكذب مذموما من قبل الاغلبية الساحقة من الناس ،وفي ظل تلك النظم المستغلة للبشر نشأت تقاليد القبيلة وتشكيلات اجتماعية اخرى بكل ايجابياتها من صلات رحمية او جيرة لها حرمة توحد الناس وتضع معيارا اخلاقيا لها وهو التعاطف بين البشر ووجود محرمات لا تمس .
في المراحل السابقة للرأسمالية كان ميزان الخير والشر متقاربا فتارة يميل قليلا لصالح الشر وتارة اخرى يميل لصالح الخير ولكن كانت ظاهرة الابتعاد الكلي عن الخير والتحول نحو الشر المطلق ظاهرة استثنائية في تاريخ الانسان وكان حب الخير هو ثروة الناس ،ولهذا صارت هذه الظاهرة الاستثنائية من مواد التاريخ ومن امثلة الانحراف عن التوازن الطبيعي ، في تلك الفترات تكوّن مصدر الطيبة والصدق والامانة والاخلاص والعاطفة الانسانية وسمو الاخلاق رغم وجود الاستغلال .
ب-في مرحلة الرأسمالية ولد الشر الاعظم في تاريخ الكرة الارضيةالذي نقل الجنس البشري الى حالة شيطانية يتحكم فيها ابليس تماما – وابليس هنا كناية عن الظلم وليس المخلوق الميتافيزيقي– وسبب هذا التحول الجوهري يعود لاهم مبدأ في الرأسمالية وهو التنافس ، فما ان تحول التنافس بين البشر ،وكان موجودا مع وجود البشر وشكل عامل تقدم عندما كانت تحكمه ضوابط ، الى مسبب صراع منفلت من كل قيد اخلاقي وقانوني حتى اخذ يجر ميزان الخير والشر من وضعية التوازن اوتقارب الكفتين الى فقدان التوازن اصلا ! فلقد ادت التنافسية بحكم شعارها الاول ( دعه يعمل دعه يمر ) الى تناميه لدرجة انه سحق الاخلاق والقيم العليا وصلات الرحم والتقاليد واصبح السيد الاوحد للسلوك ، فما دمت معرضا للموت جوعا وبلا مساعد فانني يجب ان انغمس في التنافس واجد الطرق الضامنة لحصولي على الرزق كي اعيش سواء كانت شرعية او فاسدة .
لكن هذه كانت مجرد بداية : فالتنافس كان يزداد كلما تقدمت الرأسمالية وسحقت كل منافس وصار هو السيد المطلق المتحكم في كل شيء : فلا اخلاق تمنعه ولا قانون يعرقله الا وازاله ،ولا فئة تريد منعه الا وسحقها ، وهكذا سجل التاريخ ان التنافس الاناني صار هو المعلم من روضة الاطفال حتى الجامعة ومرورا بالعائلة،فاصبحت الانتهازية والكذب والخداع من ضرورات البقاء وكسر الفساد كل حد وقيد بعد ان كانت صفات مذمومة تعزل ممارسها .ووصل الحال الى تبني قاعدة عرفية تقول ( اكذب وازني واسرق ولكن حينما يقبض عليك فلا احد سيقف الى جانبك ) فنشأت او تضخمت ظاهرة ازدواجية المعايير ، لقد اصبح الانسان مجردا من اية حماية فشركته تتخلى عنه واصدقاءه اول من ينقلب عليه ، وصار عليه ان يحمي نفسه بنفسه وليس ثمة وسيلة افضل من الخداع خصوصا الخداع المدروس في مجتمع يقدس الانانية لدرجه جعلها مقرر ما هو الحق وماهوالباطل كما تقول البراغماتية .
اما في مرحلة متقدمة من الرأسمالية وهي مرحلة الاحتكار عندما نجحت الشركات الاقوى في سحق الشركات الاضعف فان التنافس تطور وصار محكوما بقوانين واضحة وابرزها السيطرة التامة لعوائل رأسمالية تراكمت الثروات لديها ،وهنا تجردت الدولة من اخر مظاهر استقلاليتها عن النظام الاقتصادي فقد اصبحت تابعة له تماما ،وهذا هو ما يفسر لم تحولت الديمقراطية من (حكم الشعب) كما قيل الى وسيلة سيطرة الغني على السلطة ،فلو بحثت عن فقير مرشح للرئاسة في امريكا مثلا لن تجده ! لقد تجردت الديمقراطية من اخر معاقلها وهو الانتخابات الحرة وصارت محكومة بالمال ومن يملكه. ناهيك عن ظهور التزوير الالكتروني المعقد وحلوله محل الكاوبوي الذي يجبر الناس بمسدسه على فعل ما يريد، في هذه المرحلة تم اكمال تحطيم كل ما يحمي الانسان ويمنع استغلاله فسقط معها اخر قلاع الترابط الانساني .
بتحطيم منظومة القيم الانسانية السابقة للرأسمالية والتي سادت حياة الجنس البشري الاف السنين وتحول الكذب والخداع والغدر والاستغلال الى ممارسات طبيعية حوصر الانسان السابق للراسمالية واصبح معزولا واسير مجموعات قوانين وانظمة ردعية تخدم الرأسمالية واخضعت الدولة لها مباشرة برئيسها وبرلمانها وقضاءها وشرطتها وجيشها ...الخ ! هنا نجد الشيطان يسود ويخضع المكون الخير في الانسان ويخطط للحروب التي تقتل الملايين بعد ان كانت تقتل الالاف قبل الرأسمالية بأسلحة من صنع رأسمالي يهمه فقط الربح،وجرائم امريكا ما كان لها ان تقع لولا هذا الاختلال في الميزان الذي نشأ مع البشر وبقي متحكما في عموم الناس حتى لو زال لدى النخب وبعض الحكام المستبدين .
2-اما ما جعل الرأسمالية الامريكية تصبح الوحش الاكثر عدوانية وانانية من رأسمالية اوربا وهي الاصل فهو الحالة الخاصة لامريكا ،فامريكا ليست دولة امة طبيعية مثل المانيا وفرنسا ، بل هي دولة شاذة بعوامل قيامها لانها كانت دولة اسسها قتلة وشواذ اخلاقيا ،وهذه مخلوقات ليست عادية بل اغلبها مرضى نفسيا :
أ- الذين تم نفيهم الى القارة المكتشفة وهي امريكا كانوا مجاميع المجرمين في بريطانيا وفرنسا والتي لم تعد السجون تكفيهم لكثرتهم فتقرر نفيهم الى امريكا للتخلص من شرورهم التي نقلت معهم.
ب-ولكي نفهم العوامل المؤثرة في التكوين القيمي للامريكي الحالي يجب ان نعرف خلفيته العائلية والاجتماعية ،ففي فرنسا مثلا امتلأت السجون كبريطانيا بالمجرمين وبنفس الوقت انتشرت احياء العاهرات في كل مكان وتفتقت عبقرية الفرنسيين عن حل سيترك اثره في المجتمع الامريكي الحالي حيث اتخذت الحكومة الفرنسية قرارا باطلاق سراح السجناء ولكن بشرطين :الشرط الاول هو ان يهاجر المجرم المطلق السراح فورا الى امريكا ، والشرط الثاني هو ان يتزوج عاهرة ويأخذها معه الى امريكا وبلا رجعة . فافرغت سجون فرنسا من المجرمين وزالت احياء العهر وانتقل كل هؤلاء الى امريكا والى هناك نقلوا ممارساتهم وانماط تربيتهم وفرضوا سيطرتهم بالعنف فكان طبيعيا ان يكون نسلهم متأثرا بتقاليد وقيم بيئة منحرفة اصلا .
ج-النوع الثالث من المهاحرين لامريكا هو الاشد تعرضا للاضطهاد الديني في اوربا فهؤلاء وجدوا الخلاص في امريكا فهاجروا اليها ونقلوا معهم تربية المضطهد طائفيا القائمة على عقدة اضطهاد الاخرين له مما يوجب الرد بكره مضاد للاخر واحتقار لقيمته الانسانية.
د-اما النوع الاخير المهاجر الى امريكا فهو الاكثر فقرا في اوربا وغيرها والذين يأسوا من العثور على فرص الحياة فاغراهم العالم الجديد بفرص الثراء فيه وهم اسرى مشاعر الفقر والاستغلال ولم يكونوا خاضعين لقيم انسانية تحترم ادميتهم فرد كثير منهم بحقد لم ينحصر بالحقد الطبقي ضد من استغلهم فقط بل اصبح حقدا على الاخرين كلهم وعدم احترام ادميتهم .
اذا امريكا تميزت بانها محيط استوعب عند نشوءه بشرا تسود كثير منهم عقد الاضطهاد والحرمان وهيمنت عليه نخب من المجرمين وهؤلاء هم من وضع قواعد التعامل الاساسية وتقاليد الدولة الامريكية واخضع بقية المهاجرين له ،ولهذا نرى الامريكي عدوانيا وانانيا بتطرف ومغرورا ويتلذذ بقتل البشر الاخرين ،وهو مازلنا نعانيه في العراق وسوريا واليمن وليبيا وما عانته فيتنام وكل دولة تعرضت للعدوان الامريكي.
سندخل في وعي الاجيال القادمة مشاهد القتل العشوائي من الطائرات الحربية لابناءنا كأن جنود امريكا يمارسون العاب فيديو ،او سحق سيارات العراقيين بالدبابات او اطلاق النار في الشوارع لمجرد اشباع رغبة عدوانية ،ولقد وثقنا تفاخر جنود امريكيين بان كل واحد منهم قتل مئات العراقيين . هذه جرائم لن ننساها ، وعلينا ان نتذكر دائما بان هذه التربية نتاج شرور الاجداد السفاحين الذين كانوا يتلذون بجمع فروات رأس الهنود الحمر للحصول على المال،والجدات العاهرات اللواتي كن يمارسن العهر في حانات الكابوي فالاحفاد القتلة :بوش الاب والابن وكلنتون واوباما وترامب وغيرهم هم ثمرة تربية الاجداد والجدات.
ما تعلمناه وصار يقينا ثابتا هو ان امريكا حلوة كالسكر لكنها وكالسكر ايضا قاتلة ،فلا يدخل سكر امريكا خلية الا ويسرطنها. رأسماليتها مصدر كوارث البشرية الاعظم والمفسد الاخطر للجنس البشري .
Almukhtar44@gmail.com
27-2-2018