سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

د . عبد الله السيد/ العراق - في ضوء الفساد والفوضى لحكام العراق المعايير الأساسية لبناء الدولة المدنية ( الحلقة الثانية ـ المعايير الديمقراطية )


نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام
هنالك حكمة تقول (السرج المذهب لا يجعل الحمار حصانا).. ولذا فان هذا المقال لا يمت بأي صلة من قريب أو من بعيد بمن هم الآن على دفة الحكم في عراقنا الشامخ عبر سني حضارته وتقدمه ، فليس لهؤلاء معايير ولا مقاييس ولا ثوابت ولا ضوابط لبناء الدولة ، أو لديمومة البناء الذي كان. بل هم أهلا لكل ممقوت، من فساد واختلاس وجهل وطائفية وتحلل من القيم وتخلخل في الحكم والحكمة. فهم لم يقتربوا من أية كلمة واردة في هذا المقال.

الديمقراطية وسيادة النظام واحترام القانون هي منظومة متكاملة تترابط مضامينها وتتداخل دلالاتها.. فالحديث عن الديمقراطية يحمل تلقائياً تداعيات في الذهن لمعنى النظام والقانون وهما كل لا يتجزأ ولا يمكن الفصل يينهما ، وأي فهم من هذا القبيل هو قصور يؤدي إلى سيادة الفوضى وهدم البناء المؤسسي للدولة كما يحصل حاليا في عراقنا الحبيب تحت حكم الجهلة والفاسدين.

وفي هذا السياق فان الديمقراطية في مفهوم معانيها السياسية وتعبيراتها التطبيقية تتمثل في حرية الرأي والتعبير والتعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان . ولذا لابد من ترسيخ النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة. كما لابد من الاهتمام بالنقابات والاتحادات العمالية والفلاحية والطلابية والمهنية والإبداعية المختلفة من مؤسسات المجتمع المدني ، وبما يمكنها من أداء دورها في رعاية منتسبيها وحماية حقوقهم وتطوير قدراتهم وبما يكفل لهم الاسهام الفاعل في البناء المؤسسي للدولة. فهل نجد اليوم الحد الادنى من هذا المنهج في ظل العمائم السوداء والبيضاء التي يرتديها الفاسدون لايهام البسطاء من ابناء الشعب بأنهم يمثلون قيم الاسلام الحنيف بينما يرفع الشعب شعار (باسم الدين باكونا الحرامية) بعد أن اكتشفوا زيف ودجل هؤلاء اللصوص!

ولعل اهم قواعد النهج الديمقراطي الساعي لبناء دولة المؤسسات يكمن في الكلمة المسؤولة والرأي السديد ، وفي ابداء الملاحظات والمقترحات القويمة على اداء مؤسسات الدولة ، وعلى تبني النقد البناء دون تجريح او الحاق الاذى النفسي والمعنوي ودون الخروج عن الآداب العامة والأخلاق الاسلامية المألوفة والمعروفة. لان كل ذلك لا يخدم بناء دولة المؤسسات فحسب ، بل يسهم في تهديم وتهشيم وتحطيم مرتكزات هذا البناء.

ان النهج الديمقراطي الصحيح المستند الى ضمان حقوق المواطن والاستماع الى رأيه واعتماد مبدأ الرأي والرأي الآخر يسقط نظرية الحاكم والمحكوم في اتخاذ القرار وينتج مبدأ مشاركة الشعب في اتخاذ القرار، وبالطبع فان هذا المبدأ يعزز بناء دولة المؤسسات ويحقق بناء الدولة المدنية الحديثة.

ويعتبر الحوار الوطني بين مختلف التنظيمات السياسية واحدا من اهم سبل تفعيل الجانب الديمقراطي الذي يرتكز عليه المنهج السياسي السليم. ففي الحوار يكسر الحاجز النفسي بين المختلفين ، وفي الحوار ينتقل الاختلاف من التقاطع الى التوافق ، وفي الحوار تبرز الآراء والمقترحات والأفكار التي تسهم في وضع الدولة المدنية الحديثة في خط شروعها الآمن والصحيح.

وللحوار الوطني الناجح شروط اساسية ، لعل اهمها يتمثل في القبول بالحد الادنى من المبادئ والمشتركات التي يلتقي فيها الجميع لصياغة نظرية شاملة ومتكاملة للعمل الوطني ، والاتفاق على الثوابت الوطنية التي لا يختلف عليها اثنان مع نبذ التعصب والتطرف والسعي نحو الاعتدال والوسطية والتوازن. كما يشترط توفر الشفافية التامة والحرية الكاملة الكفيلة بطرح الموضوعات المختلفة دون قيود ولا محاسبة على فكرة غريبة ، ولا مصادرة لرأي، ولا إملاء ولا وصاية ، ولا استماع لوشاية ، ولا قرارات جاهزة وصياغات معدة مسبقاً ، ولا خطوط حمراء ، عدا الجوانب الأخلاقية المتمثلة بالاحترام والاهتمام لرأي الآخر . وهنا يكون الحوار مجديا ويكتب له النجاح دون تلك الحوارات الصورية والشكلية التي لا تغني من جوع . كما لابد لإنجاح الحوار أن تتخلى كافة التنظيمات السياسية عن التوترات والانفعالات، والتخندق والانزواء في تلك الخيم الضيقة التي تحكمها العواطف والأنانية الضيقة والتي تفضي دوما الى عملية الإقصاء للآخر ، وهو ما لا يحتمله منهج الحوار. فالوطن للجميع ، ويجب ان لا يستبعد أو يهمش احد، ولا بد لميزة التسامح والعفو عند المقدرة أن تأخذ مسارها في منهجية الحوار. وعند ذاك وبهذه الشروط يتحقق المناخ الملائم لنجاح الحوار دون تنافر او تباغض او تناحر او تحارب او تقاطع . وبهذا النمط الحواري فقط تستأصل الاحقاد والضغائن ويؤلف بين القلوب ويجتمع المتحاورون على كلمة سواء. وبهذه الروح يكتب للحوار النجاح ، مهما طالت المناقشات وتعقدت الطروحات . ولكن بشرط أن يكون المتحاورون على خط شروع واحد ولهم هدف سامي أساسي هو بناء الدولة وتحقيق الرفاه للمجتمع، وهو لا ينطبق لا من قريب ولا من بعيد عن هؤلاء الذين جاءت بهم الصدفة الممقوتة الى حكم العراق الشامخ عبر تأريخه التليد ، والله المستعان...



التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018