سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أ.د.كاظم عبد الحسين عباس:في الذكرى العاشرة لاستشهاده: صدام حسين ثنائية القائد المفكر المؤمن والقائد الشجاع المناضل





الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والاعلام 

مدخل :
سيبقى إعدام الرئيس العراقي صدام حسين من قبل قوات الغزو الأمريكية يثير الكثير من التساؤلات والقضايا السياسية والاجتماعية والدينية. فغزو العراق بعد سلسلة إجراءات عسكرية واقتصادية امتدت لأكثر من أربعة عشر عام وأوقعت البلد في معضلات أمنية وصحية وتربوية ومعيشية وأجتماعية وسياسية كارثية واستندت إلى مسوغات ومبررات إما مزورة مفبركة أو مصنوعة باتقان لخداع العرب والعالم كان عملاً استثنائياً باطلاً إجرامياً جمعت له الولايات المتحدة حشداً دولياً كبيراً ضم دولاً كبرى وعظمى ومثل حرباً كونية على بلد صغير أنهكته الحروب المتتالية التي فرضت عليه وهشم الحصار كل إمكاناته.
إن استهداف زعيم وقائد عربي بشخصه وبدولته وحزبه من قبل أعداء تقليديين للأمة العربية وبالذات من قبل الإمبريالية الأمريكية والصهيونية والأداة الإقليمية التي حاربت العراق ثمان سنوات فشلت فيها من تحقيق هدف إسقاط النظام وإعدام قائده وتجريف التنظيمات الشعبية الهائلة لحزبه، حزب البعث العربي الأشتراكي، هكذا استهداف وسلوك عدواني بغيض وحقد أسود لا يمكن أن يوصف إلا بكونه استهداف للعراق وللأمة العربية وللشعب العربي برمته. والغطاء الرسمي العربي المشارك في العدوان على العراق والمتفق ضمناً على اغتيال القائد صدام حسين لا يلغي بأي شكل من الأشكال حقيقة الصراع وطبيعته الأيديولوجية التي لها صورة ووصف واحد هو أنه صراع بين الأمة العربية وتطلعاتها وخياراتها الحرة المستقلة وبين أعداءها من الإمبرياليين، التقليديين والجدد المضافين، وحلفاء وأدوات الإمبريالية بكل عناوينهم وصنوفهم.    
إن اغتيال الشهيد صدام حسين كان محاولة مفضوحة لاغتيال العرب والعروبة وإشارة الانطلاق في مشروع تفتيت العرب عبر تقسيم المقسم وتمزيق العقيدة الإيمانية للعرب عن طريق إغراقهم بالفتن الطائفية والعرقية. 


صدام حسين: رجل بأمة ومشروع قطري للوحدة العربية 
تقترن نظرية العمل البعثية بشخص الشهيد القائد صدام حسين. وكانت ولادة نظرية العمل البعثية حتمية في ظل مسك الحزب للسلطة في العراق ووقوفه على محك التجربة التي تثبت صحة نظريته القومية وواقعية أهدافه في ثالوثه المقدس في الوحدة والحرية والأشتراكية. وكان المتصدي الأول والأهم لصياغة هذه النظرية هو الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله. وبقدر ما أولى البعث وحدة الأمة من قدسية وأهمية تاريخية واستراتيجية فإن تحدي القطرية أكبر من أن يهزم في ليلة وضحاها وجدران سايكس بيكو ليس سهلاً أن تحطم بسهولة. ومع واقع القطرية وأسيجتها المحمية بقدرات الرجعية العربية وأنظمتها القابعة في مخيمات التبعية للأجنبي كان لابد للبعث أن يبتكر وسائل الاختراق التي تضرب تحت حزام القطرية وحواجزها المقيته وتنفذ باقتدار إلى كل ساحات الأمة لتؤكد ليس حتمية الوحدة وجدواها العظيمة بل وعلى أقتدار قوى الأمة الحية على تطويق واقع التجزئة ومحاصرة أدواته وبث وخلق روح التفائل عند العرب بواقعية شعار الوحدة وبالإمكانيات الواسعة لتطبيقه.
لقد نبغ البعث عبر قائده الفذ صدام حسين في ربط النظرية وتفرعاتها بالواقع ومسيرة الحياة. ففي الوقت الذي ظلت الدعوة والمحاولات لتحقيق الوحدة العربية الأندماجية  قائمة كخيار بعيد المدى انفتحت نظرية العمل على ممكنات مضافة كالوحدة الاتحادية أو الفيدرالية أو على مسارات لقاء ما يمكن لقاءه من أنظمة العرب على أي مسار عربي محتمل وممكن وعلى قاعدة ما لايدرك جله لا يترك كله.اجتهد البعث ودولته وقائده في إيجاد ممكنات اللقاء العربي على المستوى الثنائي صعوداً ونجحت المساعي غير ذي مرة مثلما أخفقت بعضها لعوامل عربية وخارجية ضاغطة لمنع أي لقاء قومي جاد وخاصة بقيادة عراق البعث وقيادة صدام حسين. 
وفضلاً عن محاولات قيام وحدة عربية من أي نمط وعند أي مستوى فقد نفذ القائد صدام حسين إلى قلب الأمة وشعبها عبر منفذ التنمية القومية والتكامل الاقتصادي. لقد تمكن العراق بقيادة الشهيد صدام حسين من تأثيث قنوات صلات وحدوية مهمة ورائدة وجوهرية عبر الانفتاح على تأسيس البنى التحتية في عديد الاقطار العربية كالأردن وسوريا واليمن وتونس وموريتانيا وعبر الدعم والإسناد غير المحدود لسوريا (رغم الخلاف السياسي والردة) ومصر والسودان والجزائر والمغرب. ونوعت القيادة العراقية في دعم قدرات الجيوش وقطاع التربية والتعليم والصحة ضمن أطر التنمية الاقتصادية فضلاً عن المساعدات المالية وشحنات النفط والدعم السياسي والدبلوماسي. هذا إضافة إلى الدعم اللامحدود لفلسطين الحبيبة ومقاومتها وشعبها. 
وكان تشغيل العرب في العراق منفذاً آخر استوعب ملايين المصريين والسودانيين ومن المغرب العربي وساهم في إنعاش اقتصاديات العديد من الأقطار العربية وخلق تياراً شعبياً قومياً يستشعر أهمية التكامل العربي في كل مجالات الحياة.
وانفتح العراق كقاعدة عربية محررة أمام العرب الدارسين في مراحل البكلوريوس والماجستير والدكتوراه في جامعاته المقتدرة في بغداد وباقي المحافظات فاستقبلت جامعات البصرة وبابل والكوفة وكربلاء والموصل وصلاح الدين مثلاً آلاف الطلبة العرب من مختلف الأقطار العربية الذين وجدوا في العراق الرعاية الرسمية واحتضان الوطن والشعب بما جعلهم يتيقنون من وحدة الأمة على أنها كينونة قائمة في الوقت الذي يعمل عليها العرب كحلم أيضاً. وعاد آلاف اليمنيين والأردنيين والسودانيين والموريتانيين والجزائريين والفلسطينيين إلى أقطارهم محملين بقدرات علمية يتباهون ويفتخرون بها نهلوها من جامعات العراق وكفاءاته العلمية الراقية في جميع الاختصاصات وهم الآن يقودون الجامعات ومؤسسات الدولة ومراكز البحوث ويحملون وحدة الأمة التي غرست في ضمائرهم في العراق القومي البعثي الصدامي. 
لقد تمكنت المبادرات الصدامية البعثية العراقية المؤمنة الصادقة بالأمة وثوابتها واستحقاقاتها الحياتية المصيرية من إنجاز لقاءات قومية بين أقطار عربية بهدف جعلها نواة للوحدة وتحققت من خلالها إنجازات قومية على مستوى العلاقات والدبلوماسية والاقتصاد وبناء القوة العسكرية وتحصين الأمن القومي. وكان لهذه التجارب وقع عظيم على الشارع العربي والقوى القومية والانفتاح الشعبي العربي على المستقبل المشرق. 
وكان للمشاركة العراقية في الدفاع عن الأمة وأقطارها في مصر وفلسطين والأردن والخليج وموريتانيا وليبيا بقرارات عراقية بعثية صدامية أثرها العميق في تصعيد الوعي والولاء القومي والإيمان بجدوى التكامل والدفاع العربي المشترك. 

صدام حسين والقضايا الشائكة:
تمكن صدام حسين القائد المفكر من تقديم رؤى بعثية أصيلة لقضايا عربية معقدة وكان لا بد من تقديم حلول فكرية وعملية لها في ظل تجربة حكم البعث في العراق منها على سبيل المثال لا الحصر قضية خصوصية الاشتراكية وطابعها العربي ورافد صلتها بالعدل الذي جاءت به الأديان السماوية وخاصة الإسلام الحنيف الذي شرع للمساواة والحقوق والمشاركة وفك المفكر البعثي الأصيل صدام حسين عقد الملكية الخاصة التي تبنتها شرائع الإسلام والملكية العامة التي تبنتها الاشتراكية العلمية فوصف بعناية وفتح سبل التشريع لملكية خاصة لا تتعارض مع الملكية العامة من حيث  تحديد حجم الاستثمار بما يجعله غير قادر على بلوغ مرحلة رأسمالية مستغلة وبما يؤمن عدم أستغلال وإهانة الإنسان.
واتضحت معالم الاشتراكية العربية في مسارات خدمة الإنسان وليس العكس بمعنى أن تكون الاشتراكية هي التي توفر السعادة للإنسان وليس استعباد واضطهاد الإنسان لتحقيق البنى التحتية للاشتراكية. فبناء الإنسان وسعادته كفرد هي طريق إسعاد المجتمع وليس سحقه لخلق رأس المال طبقاً لمفاهيم البعث الاشتراكية.
وأبدعت عبقرية القائد الشهيد في رسم ملامح الصلة العملية الفعلية للبعث بالإسلام وبالإيمان حين حسم الأمر بأن البعث حزب مؤمن غير أنه لم ولن يكون حزباً دينياً. وأن البعثيين مؤمنين ضد الإلحاد. وبذلك أشرقت كل ملامح صلة العروبة ومنهجها القومي التحرري الاشتراكي بالصلة الإيمانية وتأسيساً على ذلك انطلقت الحملات الإيمانية في الحزب وبنى صدام حسين القائد القومي البعثي الوحدوي الاشتراكي الجوامع في بغداد وكل محافظات العراق. أشرقت الصلة الروحية بالإيمان لتلقم أفواه الادعياء والتكفيرين حجراً فكرياً عقائدياً وبشجاعة واقتدار. 

صدام حسين الشجاع المفكر:
ثنائية القائد المفكر الأستراتيجي والقائد الإداري والعسكري الشجاع البطل وجدت تعبيرات كثيره لها في حياة صدام حسين منذ الطفولة والصبا ووصولاً إلى حقبة قيادة العراق والأمة. فصدام حسين يمتلك مواهب في الفكر العسكري وخططه وتكتيكاته وأستراتيجه ولعل خطة تحرير الفاو التي انقصم بعدها ظهر العدوان الفارسي خير دليل على ذلك. وصدام حسين مفكر اقتصادي استراتيجي أيضاً ولا يستطيع أحد إنكار دوره المحوري الحاسم في تطوير اقتصاديات العراق وتنمية القطاعات البشرية والزراعية والصناعية. وقبل هذا كان هو مهندس فكرة تأميم النفط التي وفرت القواعد المادية المناسبة للانطلاق بالتنمية الوطنية والقومية.
دخل فكر صدام القائد الشجاع في دهاليز العقل الغربي وأفرز مسارات جدية للكيفية التي على العرب أن يفهموا فيها العقل الغربي.
وانشغل صدام القائد المفكر بالكثير من جزئيات حياة الإنسان العراقي التي إن تبدلت تتبدل معها المظاهر الحضارية للبلد نحو قمم جديدة. ولذلك تداخل بقوة مع فلسفة التربية والتعليم في العراق ووجهها باتجاهاتها الوطنية والقومية العابرة للفئوية والعرقية. وكانت له وقفات مع عسكرة التربية وتهيئة الإنسان للمهمات الرسالية التي يتطلبها تنفيذ عقيدة البعث الوطنية والقومية الرسالية.

عموماً.. تبقى ثنائية القائد البطل الشجاع والقائد المفكر الاستثنائي مفتوحة على مصاريعها للإضافة عبر بحوث ودراسات وأطاريح تستلهم الكثير الكثير مما أفرزته قيادة سيد شهداء العصر للحزب والدولة والقوات المسلحة والأمن القومي والتحديث الصناعي والزراعي والمواصلات والاتصالات في العراق.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018