بمولده انطفأت نار المجوس وانشق إيوان كسرى
د. أبو مصطفى الخالدي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام
تمر علينا ذكرى مولد سيد الكائنات محمد بن عبدالله القرشي
النبي العربي "صلى الله عليه وسلم" الذي من ابرز علامات ولادته هي انطفاء نار المجوس التي كانت موقدة دوماً في إيوان كسرى منذ آلاف السنين وانشق حائطه ، إيذاناً بالمولد الشريف ، وليس مصادفة ان تكون هذه العلامة ترافق مولده الشريف بل هي بشارة من الله عز وجل لأمة العرب خاصة وللعالم عامة ، مولده الذي سيوحد العرب حول كلمة التوحيد وسيقومون بنشر النور والحرية لأرجاء الأرض وتحرير العباد من ذل العبودية لغير الله فكانت تحكم الأرض إمبراطوريتان عظيمة تستعبد العباد وتظلمها هما الرمانية وهم أصحاب كتاب سماوي والإمبراطورية فارس التي كانت تدين بالمجوسية ويعبدون النار من دون الله ، وكانت الإمبراطورية الفارسية تحتل جزء كبير من ارض العرب وتستعبدهم لخدمتها .
وفي مسيرة نشره للدعوة والانتقال بالعباد إلى النور لاقى ما لاقاه من ظلم واستهداف حتى أذن الله له بالهجرة من مكة إلى المدينة ليلاحقه فارساً شديد القوة اسمه سراقة طمعاً بالفوز بالجائزة التي اقرها طغاة قريش وعندما اقترب سراقة منه تدخلت القدرة الإلهية لتحمي نبي الله ولما همّ سراقة بالانصراف قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى" وهي بشرى النبوة تضاف لبشرى المولد الشريف وهما يجمعان على زوال ملك فارس وتلاشيه أمام حضارة العرب الإسلامية ، بل لم يُكتفى بذلك بل بشرنا عليه الصلاة والسلام بنبؤة وهو الذي لا ينطق عن الهوى حين قال:" إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " وتحقق ذلك في معارك التحرير ليتكلل النصر الناجز في معركة القادسية لهلك كسرى وتنهار إمبراطورية فارس إلى غير رجعة مهما توهم المتوهمين والحالمين لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل كراهية الفرس للعرب حيث دخلوا للإسلام خانعين منافقين حملوا في صدورهم الغل لهذه الأمة وورثوه لأجيالهم وعملوا ومازالوا على إيقاد الفتن وبث سمومهم من اجل هدم هذا الدين وتمزيق امة العرب ، وقد تنبه لذلك الخليفة الفاتح لفارس عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما يرجو من الله ان يكون جبل من نار حاجزا بيننا وبين فارس يمنع شرورهم وكيدهم وعدوانيتهم عن ارض الإسلام وارض العرب لهول حقدهم على العرب ومن ثم على المسلمين الذين فتحوا ارض العراق التي كانت تحت الاحتلال الفارسي في معركة القادسية ومن ثم فتح بلاد فارس وإسقاط إمبراطوريتهم وإطفاء النار المجوسية الى الأبد .
ان قول الخليفة عمر بن الخطاب هذا ينم عن معرفة جليه بالتاريخ القديم المتمثل بالحقد والعدوانية المستمرة على مدى التاريخ من الفرس على العرب والحاضر الذي كان يعيشه سيدنا عمر عندما باشر بتحرير العراق وفتح بلاد فارس وإدخالهم إلى الإسلام ولعلمه بأن دخولهم للإسلام جاء بقوة السيف وأنهم قرروا إتباع التقية المجوسية في الدخول في الإسلام وتدميره والكيد له من داخله حتى قيام الساعة , أن الخليفة عمر ابن الخطاب بفراسة المؤمن الذي يرى بنور الله وبتأيد من الله كان يعلم بما سيحصل من الفرس من حقد وتخطيط على مدى التاريخ في ضرب الإسلام والعرب وتدمير العقيدة الإسلامية بأحداث الفتنه المذهبية والطائفية .
ومن نور النبوة ليس مصادفة ان يقول عمر ابن الخطاب قولته الشهيرة "العراق جمجمة العرب ، وكنز الإيمان ، ومادة الأمصار ورمح الله في الأرض ، فاطمئنوا فان رمح الله لا ينكسر " ، فالإيوان المحطم والنار المطفئة أتباعها مازالوا يخططون وينفذون للثأر لهما ولكن هيهات فكنز الايمان ورمح الله قائم إلى قيام الساعة قد يتصاعد الغبار وتشوش الرؤية وقد تضعف اليد الحاملة للرمح لكن هيهات ان ينكسر الرمح أو يهن بل سيبقى صلدا مقاوماً مرفوعاً باذن الله وتحقيقاً لبشارات النبوة وسيعقر كل من تسول له نفسه التطاول على الأمة ديناً وأرضاً وشعباً .
وبمناسبة ذكرى الميلاد الشريف لابد لنا ونحن نمر بهذه المرحلة الخطيرة ان نستذكر جهاد النبي ومجاهدته وصبره ومقاومته لكل طغاة الأرض مستعيناً بالله حتى تحقق له تأسيس دولة العرب دولة العدالة والرخاء التي حررت العباد من عبادة غير الله والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات وإقرار حقوق العباد المقررة من رب العباد وتحرير العقول قبل الأبدان لان العقل الحر يكون مبدع وخلاق ...
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا وقائدنا وشفيعنا محمداً واله وصحبة ومن والاه ومن تبعه الى يوم الدين ...
اللهم استخدمنا ولا تسبدلنا وارزقنا الإخلاص والصدق والنجاة ، اللهم اجعلنا من اهلك وخاصتك واستخدمنا لتحرير الأمة .
اللهم اجزي عنا سيدنا محمد خير ما جزيت نبياً عن أمته.