سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الهجرة النبوية الشريفة نموذج لثورية الإسلام الحنيف.أبو محمد عبد الرحمن...لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام

الهجرة النبوية الشريفة نموذج لثورية الإسلام الحنيف.

بداية؛ اعتماد التأريخ بالهجرة النبوية مظهر من مظاهر تميز الأمة العربية وعزتها؛ ويعود أصل اعتماد هذا التأريخ إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ بأن قرر أن  يجعل للأمة تأريخاً يميزها فاستشار الصحابة وكانت
 بداية الهجرة أنسب الخيارات؛ ومنطلقاً للتأريخ الإسلامي.

من معاني الهجرة؛ هو الأخذ بها كضرورة حياتية مجتمعية؛ لأن الهجرة لم تكن انتقالاً مادياً من بلد إلى آخر فحسب؛ ولكنها كانت انتقالاً معنوياً من حال إلى حال. إذ نقلت الدعوة الإسلامية المجتمع العربي من حالة الضعف إلى القوة؛ ومن حالة التفرقة إلى الوحدة؛ ومن حالة الجمود إلى الحركة؛ ومن مرحلة الدعوة إلى مرحلة  تأسيس الدولة لاحقا وضمن شروط حقبتها الزمنية تلك.
كما أن آثارها شملت الإنسانية أيضاً؛ لأن الحضارة العربية الإسلامية التي قامت على أساس الحق والعدل والحرية والمساواة هي حضارة إنسانية؛ قدمت؛ ولا زالت تقدم للبشرية أسمى القواعد الروحية والحياتية التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع؛ والتي غيرت نحو الصلاح حياة المجتمع.
فالحاكم العادل الذي يستلهم روح الايمان  و الذي اتسم بالانقلاب على النفس والمجتمع بروح ثورية جاء  ليزرع في قلوب المواطنين الاعتزاز به والحب له والإقبال عليه والثقة فيه وسرعة الاستجابة العملية لتوجيهاته. 
فبذلك يكون تحقُّق الانتصارات أمرًا طبيعيًا لا غرابة فيه. وكما يكون الحاكم العادل محبوبًا من رعيته؛ يكون مهيبًا في نظر أعدائه. 
ومع حب المواطن لحاكمه العادل يجعله صادق الولاء للوطن يفديه بنفسه وبكل غال ونفيس وبذلك ينتصر الحق على الباطل  مهما كانت عدته وعتاده.  
وبالعكس  من ذلك يفقد الحاكم الظالم حب الناس وثقتهم فإذا أطاعوه ففي الظاهر فقط خوفًا من بطشه وجبروته..
والحاكم الظالم  المتشبث يستبد به الغرور؛  إلى حد توثين الذات حتى ولو تعارض هذا "التشبث الأبدي" مع دستور البلاد؛ ومصالحه وأعرافه.

ومن هنا تأتي استهانة الطغاة بشعوبهم فهم في نظرهم "دهماء" لا يستحقون أن يشاركوا في سياسة تقرر مصيرهم؛ أو تسيّر أمورهم؛ وتضمن مستقبلهم.

فكانت أول دولة عربية إسلامية بعد الهجرة  أقامها النبي -صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة على مدى عشر سنين:
١-فالمدينة إقليم له حدوده الجغرافية .
٢-والشعب هو الشعب المسلم وغير المسلم المكون من الأنصار (الأوس والخزرج) والمهاجرين واليهود.  
٣-أما الحكومة: فهي حكومة الرسول التي تعتمد في الحكم على ركيزتين صلبتين: العدل والشورى.
٤-وكل ما تقدم جعل لهذه الدولة الجديدة أهلية كاملة في التعامل -كشخصية اعتبارية- مع الآخرين. 

 وحرص النبي  على ترسيخ قواعد الدولة المركزية الجديدة وترسيخ العلاقات التي تربطها بين الدولة وبين قبائل اليهود المختلفة فكتب عهدًا مفصلاً ينظم العلاقات بين الدولة وبين هذه القبائل؛ ويطلق عليه تاريخيًا «كتاب الموادعة» أو «دستور المعايشة».  ثم كان الانفتاح على خارج الجزيرة برسائل النبي محمد إلى الملوك والرؤساء.

واستقر الحكم وأشعر رعايا الدولة بالأمن والطمأنينة والثقة في العدل بحيث يستوي في ذلك الجميع من دون استثناء. 
  وفي ظل مفاهيم الهجرة (كثورة انقلابية شاملة) وترسخ مفهوم العدل الشامل؛ كانت الدولة العربية  مهيبة في نظر أعدائها وبسيادة الحق والإيمان (لا سيادة الرئيس) أتاحت للعرب دك دولتي الفرس والروم.
وما ذكرناه يمثل خطوطًا سريعة «لطبيعة الوطن القومي العربي المؤمن الإنساني» الذي عاش فيه العرب وغير العرب والمسلمون وغيرهم من أتباع الديانات المختلفة؛ فحققوا الانتصارات؛ وعاشوا رسل تعمير وتنوير على مستوى العالم كله.

إنه الوطن الذي يجب أن نعيش فيه  في عصرنا الحاضر وليس ذلك بالمستحيل إذا ما توافرت العزائم؛ وصدقت النوايا؛ وواصلنا العمل على أساس من الإيمان والحرية وأصبحت السيادة للقيم النظيفة السامية.
خلاصة القول إن (الإسلام) ثورة انقلابية رسالية حضارية إنسانية ترسخت جذورها في مجتمعنا العربي بعد الهجرة النبوية الشريفة؛ وهي هجرة ثورية تخاطب الناس؛ وتتعامل مع الواقع لتسمو وترتقي به إلى ما هو أفضل للفرد والمجتمع.

أبو محمد عبد الرحمن
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018