سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

د أبو مصطفى الخالدي: استهداف الموصل لانها احدى قلاع العروبة



مدينة الموصل هي مركز محافظة نينوى تقع شمال العراق على بعد 395 كيلومتر شمال العاصمة بغداد. وهي مدينة تاريخية قديمة قامت على أنقاض مدينة نينوى الآشورية. وهي أكبر مدن العراق ويقسمها نهر دجلة إلى قسمين سمي القسم الأول منها بالساحل الأيسر والقسم الثاني بالساحل الأيمن .

يكسبها موقعها الاستراتيجي أهمية أخرى يضاف إلى أنها مهد للحضارة والإرث العربي والإنساني، يضاف لهذا وغيره أنها قلعة للقومية العربية صمدت وقاومت كل حملات الغزو التي استهدفت هويتها العربية ومنذ ظهورها الأول كعاصمة للآشوريين في عام 1080 قبل الميلاد توالت عليها الهجمات ورغم شراسة هذه الهجمات عبر التاريخ ظلت صامدة محافظة على هويتها العربية.
كانت المدينة عرضة للصراع الروماني- الفارسي، فقد تعرضت عام 612 ق.م. لأقوى غزو سقطت على إثره وقتلوا أكثر  أهلها إلا من هرب منهم خارج المدينة ليعودوا بعد ذلك لبناء مدينتهم من جديد، وكانت الحرب سجالاً بين الروم والفرس للسيطرة عليها وبسط نفوذهم حتى جاء الفتح الإسلامي لها في 16ه/637م في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لتعود بقوة لواجهة الأحداث لتكون حاضرة للعرب والمسلمين.
توسعت الموصل واتخذها العرب دار إقامة لهم. وانقضى عهد الراشدين، والموصل في توسع دائم حتى صارت من أمهات أمصار الجزيرة وجاءت الدولة الأموية وخلفتها العباسية ليزداد الاهتمام بها كثيراً نظراً لأهميتها الحربية والتجارية فكانوا يولون عليها أقدر الولاة وأحزمهم، وكثيراً ما كانوا يولون عليها من ثبت عندهم حبه للإصلاح والعمران واستمرت حرة زاهية متحضرة حتى سقطت بيد السلاجقة عام 1093م وخلال مدة حكمهم تنازعوا فيها على الحكم وبسبب هذا تأخرت المدينة عما كانت عليه، وزادت الاضطرابات والحروب بين أمرائهم على الحكم ولاقت المدينة ويلات كثيرة ومصائب، فتأخرت فيها التجارة وقلت المزروعات وهُجر قسم كبير من سكان الموصل مدينتهم، وهكذا تقلصت أهميتها عما كانت عليه، حتى استولى الخراب على أكثر أحيائها.
وفي رمضان من عام 521 هـ / 1127م حرر عماد الدين زنكي الموصل وأقام بها يقرر أمرها ويصلح قواعدها وأصبحت الموصل هي المركز بالنسبة إليه الذي انطلق منها ليوسع دولته.
ثم تعرضت الموصل للغزو العثماني في عام 1724م واستمر حكم العثمانيين للموصل وتوالى الولاة عليها حتى 1918م، وكانت هناك جولات للصراع بين العثمانيين والفرس حول أسوار الموصل  وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى انتقلت الموصل إلى عهد الحكم الأهلي سنة 1921 تحت ظل الانتداب البريطاني، وفي العهد الجمهوري عانت الموصل من اضطهاد كبير من السلطة التي يقودها عبد الكريم قاسم ويؤيده العناصر الشعوبية والشيوعيين، ونفذت جرائم السُحل والقُتل لعدد كبير من أبنائها الذين شاركوا في ثورة الشواف سنة 1959م او أيدوها . وشملت الجرائم حتى النساء ومنهم الشهيدة الشابة حفصة العمري التي قتلت وعلقت عارية على احد اعمدة الكهرباء  ،  وقد عاشت الموصل خلال تلك الفترة في فوضى وخوف دائم وتوقفت الحركة العمرانية والتجارية، وكانت المدينة تغلق أبوابها مع غروب الشمس ويلجأ الناس إلى بيوتهم غير آمنين على حياتهم. وفي أواخر الخمسينات قام الحكم القاسمي بخطوة استهدف بها التوجه القومي في المدينة وذلك من خلال  اسكان الأكراد فيها لإثارة الصراع مع  القوميين العرب وامعاناً في إيذائهم و خطوته هذه هو بسبب حقده على كل ما هو قومي عربي وبدفع من العناصر الشعوبية   .
بعد ثورة 17/30 تموز بقيادة حزب البعث العربي الإشتراكي، أولت الثورة الرعاية لكل محافظات العراق ومن بينها محافظة الموصل التي سميت محافظة نينوى  لأهميتها الجغرافية والاقتصادية والتاريخية ونفذت بها الخطط التنموية الصناعية والزراعية والعمرانية والإروائية  بالإضافة إلى بعض المشاريع التجارية والسياحية ليعود لها زهوها وعزها. ولتكون محافظة أم الربيعين. وكان لرجال محافظة نينوى وبالاخص مدينة الموصل الدور الكبير في قيادة الفيالق والفرق العسكرية في معركة قادسية صدام بمواجهة العدوان الإيراني حيث الكثير من ضباط الجيش العراقي هم من أبناء هذه المدينة .
بعد احتلال العراق في نيسان/2003 استبسلت المدينة في مقاومة الاحتلال دفاعاً عن  العراق وحريتها وتاريخها وعروبتها ومكتسباتها فسطرت أروع ملاحم المقاومة للمحتل وأذنابه من حكومات الذل والهوان الصفوية التي كان وجودها نقمة على أهلنا في الموصل لمواقفهم القومية ودورهم في قتال العدو الايراني . فلم تشهد الموصل ظلم وتردي في جميع المجالات مثلما حدث لها في ظل حكومة الاحتلال الأمريكي- الإيراني وخصوصاً في عهد حكومة رئيس حزب الدعوة العميل نوري المالكي الذي كان وما يزال حزبه ينفذ أقذر أجندات الاحتلال الأمريكي- الإيراني لينهي سيطرته عليها بتسليمها لما يسمى " تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" لتبدأ صفحة جديدة من قهر وقتل وتشريد لأهالي هذه المدينة الكريمة والعريقة وسرقة خيراتها وآثارها وتدمير بناها التحتية.
واليوم تُحشَد قوات لدول العالم الاستعماري وميليشيات إيران الصفوية وبعض والميليشيات الكردية التي لديها أهداف في توسيع تواجدها في الموصل . يضاف لذلك صراع إيراني- تركي لبسط كل منهما نفوذه على هذه المدينة العربية وكأن التأريخ يعيد نفسه يعيد الظلم على هذه المدينة فالصراع التركي- الإيراني وأطماعه في السيطرة عليها ومن خلفهم دول الاستعمار الغربي بقيادة أمريكا وأحلامهم بتقسيم الأمة على أساس طائفي وحتى ما يروج عن  تحقيق حلم اقامة الدولة الكردية والهدف للأمريكان هو استهداف التوجه القومي. على  كل هؤلاء وما يحلمون به ويعملون عليه من أجل بسط سيطرتهم على الموصل نسوا أن هذه المدينة عصية وهويتها القومية العربية محفورة و غائرة يصعب على أعتى عوامل التعرية من تشويهها ومسخها وتجاربهم من قبل الميلاد وحتى الاحتلال الامريكي خير دليل وستبوء محاولاتهم إن شاء الله بالفشل الذريع لتنهض أم الربيعين شامخة عزيزة لتعانق الفلوجة وديالى والرمادي والبصرة وذي قار وصلاح الدين والنجف وغيرها من محافظات العراق طاردة كل غريب طامع لتغسل وتطهر وجه بغداد الأبية فهذا هو قدر الموصل وتلك شيم أهلها الكرام، وستبقى الموصل قلعة للعروبة حصينة حافظة لهويتها العراقية-العربية رغماً عن إرادة الاشرار.

د أبو مصطفى الخالدي
لجنة نبض العروبة المجاهدة للثقافة والإعلام

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018