لا يمكن النظر لبعض الأحداث إلا ضمن إطار خاص يخرجها من الخط العام الدارج المتداول ويضعها في سياق دلالات متفردة وضمن أفق ومسارات نادرة وفيها من العجب المغلف بالمعاني الكارثية الكثير.
سرقة مطار البصرة العسكري يقع ضمن هذا التقييم بوجهيه العام والخاص وهو بكل بساطة فضيحة وكارثة وعار على من يسمون أنفسهم حكومة سواءا في مركزها السابح بتيارات الإجرام والفساد أو في جزءها المسمى حكومة محلية في البصرة .
فالمطار عسكري ...وحمايته وسير العمل فيه خاضع لسياقات عمل وزارة الدفاع والداخلية وتشكيلات الأمن والمخابرات . فكيف يمكن أن تدخل عصابة وتسرق معدات قيمتها 7 مليار دولار ونقلها إلى جهة (مجهولة ) . ثم..لنفترض حصول عملية سرقة بواسطة شركة مافيا متخصصة تمتلك إمكانات دولية في فن اللصوصية ..فلماذا يتم الإعلان عن الحادثة اعلاميا وعلى نطاق واسع ؟ اليس الاولى عدم الإعلان عن الحادثة المفجعة حفاظا على ماء الوجه المهدور للحكومة وأجهزتها أم أن الاعلان الواسع ضروري وجزء من خطة النهب و مقتضى من مقتضيات تبرئة المخططين والمتواطئين ؟
وسؤال تنفيذي آخر يفرض حاله هو :كيف يمكن لهكذا مكونات ضخمة منهوبة أن تختفي ويعجز المعنيين في الشرطة والأمن والعسكر من العثور عليها ؟
الاحتمالات المرجحة :
أولا:أن إيران تقف وراء عملية السرقة والنهب لحاجتها للمعدات الباهظة الثمن وأنها فضلت أن تأخذها بطريقة اقتحامية بدل نقلها بطريقة ودية تفاهمية يمكن أن تثير ردود أفعال وربما رفض من هذا الطرف أو ذاك .
ثانيا : ان احدى الميليشيات القوية النافذة محتاجة لأموال هذه المعدات فسرقتها ونقلتها إلى إيران مقابل ثمن حتى ولو ربع ثمنها الحقيقي.
ثالثا : أن عملية النهب قد نظمت ونفذت من قبل قيادات في المطار العسكري وجدوا أن فرصهم في نهب وسلب المال العام محدودة وليس أمامهم غير هذه المعدات الثمينة لتعويض فرصهم التي يتمتع بها زملائهم في مجلس محافظة البصرة والحكومة والبرلمان في بغداد.
أهم دلالات الحادث:
1_ ان الامن والامان مفقود في العراق .فإذا كان مطار عسكري قابل للاختراق و نقل معداته الثقيلة في وضح النهار فما حال مؤسسات أخرى أقل خطورة وأقل حماية وما بال دوائر وبنوك ومكاتب صرافة وبيوت وممتلكات مواطنين؟
2_ الحادث يوسم جبهة الحكومة والأجهزة بالعار والشنار ايا كان الطرف أو الجهة التي تقف وراءه.
3_ أن للفساد ونهب المال العام منافذ متجددة غير العمولات والعقود الحقيقية والوهمية وغير نهب الدولار مباشرة بل بواسطة شراء معدات ثم نهبها .
4_ أن حكومة الاحتلال وتفرعاتها غير قادرة على حفظ ماء وجهها وليس حتى بوسعها أن تطبق مقولة (إذا بليتم فاستتروا)
على شعبنا في البصرة وعموم مدن العراق أن ينهض و يثأر لكرامة وشرف ما عادت موجودة عند حكومة تتسلط عليه وتلحق به العار والفضيحه . على شعبنا أن يرتقي بمستوى وعيه أن هكذا سلطة فاقدة الكرامة والحياء لا تليق بالعراق ولا يليق بشعبنا أن يخضع لها ..
السلطة الذليلة العاجزة الفاسدة لا يليق أن تحكم العراق وشعبه الابي ... وتراكم الأحداث المخلة والخادشة لشرف الشعب لا يمكن لشعب حي ان يطيل السكوت عنها ولا يفسح مسالك مرورها دون اكتراث .