سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التفسير الاخر لما يحدث في الوطن العربي في مقابلة الرفيق صلاح المختار 3 (حوار مع الرفيق صلاح المختار على قناة المستقله التي اجريت يوم 21-10-2016 )

                       
د.عباس الجنابي : استاذ صلاح انت عشت في امريكا كنت دبلوماسي وسياسي في احد المناصب في نيويورك ،اريد أن اسئلك وانت قريب من السياسة الامريكية،حقيقة تتابعها اتذكر ٧ دراسات قدمتها في مكان ما قبل الغزو وكنت تتحدث فيها عن السياسة الأمريكية كانك تتحدث عن مايحدث اليوم ،اريد اسئلك في ضوء هذه الحقيقية وفي ضوء اطلاعك على خفايا كثيرة ، هل حقا اميركا ضعيفة الآن وتتراجع بينما روسيا امسكت زمام المبادره الاقليمية وربما العالمية ،كل قادة اميركا وخبرائها واعلامييها يكررون القول بان اميركا لاتستطيع حسم امر داعش لان الامر معقد مثلما يقولون بأن خطأهم في العراق لايسمح لهم بتكرار هذا الخطا نفسه في سوريا او غيرها فهل حقا اميركا ضعفت لدرجه تعجز فيها عن حسم امر منظمة ارهابية مثل داعش ؟ هل حجة رفض تكرار الخطا في العراق حقيقة ام هي غطاء لهدف سري اخر ؟ ام انها لعبة تهرب من مطالب اقليمية وعالمية وانسانية على سبيل المثال التدخل لايقاف المجازر في سوريا والعراق واليمن وليبيا ؟ هل هناك لعبة امريكية غير منظورة؟.

الرفيق صلاح المختار : نعم..نعم..انها لعبة ، لكي نكتشف ابعاد هذه اللعبه علينا أن نتذكر مصطلحا أمريكيا يعرفه كل من اطلع على السياسات الأمريكية وهو نظرية الصدمة، ونظرية الصدمه تعتمد في الولايات المتحدة اساسا فى سياساتها الخارجية عندما تواجه عقبات خطيرة تمنعها من السيطرة على بعض الدول فتلجا الى نظرية الصدمة، ونظرية الصدمه تقوم على مايلي : لكي تنجح في السيطرة على بلد ما عصي على الهزيمة عليك اولا تعريضه لسلسلة صدمات تهز ثوابت شعبه تدريجيا وتحوله الى متلق وتابع يتمحور تفكيره في ردود افعال قاصرة متعجلة تفضي الى استسلامه . واحدى الطرق للوصول الى ذلك هي انه يجب اولا نشر الفوضى في اي دولة مستهدفه وتعجيز الدوله ثم اسقاط الدولة وتحويل الامر والمسؤولية الى ميليشيات مسلحة وترك الصراع يدور ويستمر ويتوسع لعدة سنوات بهدف وسيط ومرحلي وهو اجبار الناس العاديين على التخلي عن قناعاتهم وتحطيم قيمهم العليا وجعل الانسان يعود الى الغريزة والى السعي وراء الحياة فقط مجردة من الكرامة الانسانية ومن الاستقلال ومن كل المفاهيم الحرة كالسيادة وغيرها ، وعندما يوصل الانسان الى هذه المرحله بعد أن يوضع على حافة الموت كما اسميتها انا في دراسة نشرتها في ١٩٩٢م في المجلة الفصلية لدار الشؤون الثقافية في بغداد والتي نسيت اسمها الآن وكان عنوانها "نظرية حافة الموت " عندما يصل الانسان الى حافه الموت ويرى ابنه يقتل او ابنته يقطع رأسها وتغتصب امامه عند ذاك يتخلى عن كل القيم ويعود حيوانا هدفه البقاء المجرد من اي قيم .
 هذه هي نظرية الصدمة الأمريكية ،ونراها فيما يجري الان في العراق وسوريا وليبيا واليمن ورفض الولايات المتحدة التدخل لوضع حد لتلك الكوارث مع انها تستطيع التدخل بدليل انها تدخلت في العراق الان ولديها قوات في العراق وهي التي تتحكم باتجاه المعارك في العراق ،تريد الولايات المتحدة بترك المعارك تدور وترك التناقضات تتعاظم وابقاء القوى المتصارعة حية وقوية وعندما يضعف طرف تدعمه مهما كانت هويته ضد الطرف الاخر وعندما يقترب احد الاطراف من النصر تقف ضده بتسليح الطرف الاخر او بالقصف القوي، تريد من كل ذلك ان تستمر المعارك ويستنزف الناس ويجبروا على قبول المر ، قبول العار الذي كانوا يرفضونه ! هذه هي الخطة الأمريكية التي تنفذ في العراق وسوريا وليبيا واليمن ولذلك فإن من الطبيعي أن يتظاهر كيري بالضعف وان تتظاهر اميركا بالضعف وان يتظاهر خبراء اميركا بالضعف وان يتظاهر الساسة والصحفيون الاميركيون بالضعف مع انهم جميعا وبلا اي استثناء يعرفون بأن الهدف من تواصل هذه الصراعات وهذه الكوارث هو اعداد العرب للكوارث الاكبر وللجحيم وليوم القيامة وهو دفن العرب كأمة ونشوء كيانات قزمية على اسس طائفية وعنصرية في الوطن العربي حسب تعابير احدى الكاتبات الامريكيات المخضرمات في الثمانينيات وهي فلورا لويس والتي قالت وقتها يجب أن تنتهي الأمة العربية وتقوم على انقاضها كيانات اخرى قزمية ، هذا هو الذي يجري الان  طبقا لقواعد نظرية الصدمة .
 امريكا لو ارادت تستطيع فقط بقواتها الجوية انهاء داعش خصوصا وان داعش يقيم الان في المدن وهي مكشوفه ومن قصف ملجا العامرية بدقه ومن قصف مقرات العراق العسكرية والمدنية في عام  ٢٠٠٣ بأسلحة ذكية دمرت كل المؤسسات العسكرية والمخابراتية في بغداد وعجزت القوات المسلحة الرسمية الكلاسيكية عن مواصلة المقاومة ،من يستطيع أن يدمر ذلك يستطيع أن يدمر داعش وخصوصا وان قواعدها في الصحراء وهي مكشوفه ونحن نعرف وكل مطلع يعرف بان من اهم قواعد حرب العصابات أن تدور في اماكن مخفية مثل الغابات والجبال التي يختفي فيها المقاتلون اما مقاتلوا داعش فهم في الصحراء ، منطقة مكشوفة تستطيع طائرة مدنية أن تقوم باكتشاف اماكنهم ، لذلك فإن المحافظة على داعش وغير داعش و المحافظة على الحشد الشعبي ودعم الحشد الشعبي من قبل امريكا كما حصل في ديالى وصلاح الدين والانبار هو عبارة عن اطالة للصراع من اجل تفتيت هذه الأمة وكل ما يقوله القادة الرسميون في اميركا والاعلاميون هو عبارة عن تظليل وفخاخ تنصب للسذج الذين يعتبرون مايعلن رسميا هو الموقف الحقيقي في حين انه عملية خداع منظمة.
د.عباس الجنابي : الجانب الاخر من السؤال ما يتعلق بروسيا لدي سؤال اخر عن روسيا لكن في هذا الجانب ،اليوم روسيا هي التي امسكت بزمام المبادره هي التي جعلت الولايات المتحدة تتراجع والموقف الامريكي يبدو لدى بعض الخبراء ليس موقفا تكتيكيا وانما هو موقف ضعيف بدليل أن روسيا عندما لوح البيت الابيض الامريكي باحتمال القيام بضرب مقرات النظام السوري جاءت روسيا ونصبت الأس ٣٠٠ والأس ٤٠٠ ودخلت قوات اضافية واليوم اسطولها يجوب في البحر الابيض المتوسط ،اذن يبدو أن الولايات المتحدة لا اعرف ،انت اقدر في التحليل لكن خلينا نفهم ماالذي يجري حقا ،ماالذي تهدف اليه اميركا على المدى البعيد ،هل تجر روسيا الى هذا المستنقع كما يفترض البعض ؟ الكثير من الناس يقولون أن الولايات المتحدة تجر روسيا الى مستنقع الارض العربية ام انها تترك روسيا تنفذ هدفا من بين اهدافها الاقليمية وما هو هذا الهدف؟
الرفيق صلاح المختار : كما استخدمت اميركا اسرائيل الشرقية – ايران - ككماشة في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي لبنان بدل أن تحرق يدها بالامساك بالجمرة في هذه البلدان فإن اميركا تريد من روسيا أن تكون كماشة اخرى لاجل تنفيذ نفس الاهداف الأمريكية الروسية المشتركة ، ما جرى في سوريا في عام ٢٠١٢م يقدم لنا الدليل على صحة هذا الرأي فحتى عام ٢٠١٢م كانت الولايات المتحدة وعلى لسان رئيسها أوباما تكرر بانها ستقدم اسلحة نوعية للمقاومة السورية لاجل حسم الصراع واسقاط النظام ، وكانت الادارة الأمريكية تضغط على تركيا و السعودية وقطر وغيرها من اجل الاصرار على اسقاط نظام بشار وعدم التساهل مع نظام بشار ولكن في عام ٢٠١٢م تغير الموقف الامريكي جذريا وفجأة ،انتقلت امريكا من الدعوة لاسقاط بشار والضغط على الاطراف الاخرى العربية وغير العربية لاجل اسقاط بشار الى دعم نظام بشار والمطالبة بحل سياسي والتوقف عن العمل العسكري ،ولكن السؤال هو متى حصل ذلك ؟ حصل ذلك حينما وصلت المقاومة السورية الى دمشق وبدأت تقصف القصر الجمهوري وقام بشار الاسد بتقديم تنازلات مذلة ومهينة وقتها في هذه اللحظة الحاسمة التي اقترب فيها الحسم في سوريا لصالح المقاومة وأصبح النظام قاب قوسين او أدنى من السقوط غيرت اميركا موقفها، هذا التغيير افسح المجال لروسيا أن تدخل لكي تكمل الفصل الثاني من القصة .
هناك قصة حب وكراهية بين روسيا واميركا وهذه القصة اسمح لي ان اوضحها قليلا : بوتين الرئيس الروسي بثقافته هو اقرب الى امريكا من اي طرف اخر وقد كان يحاول طوال السنوات السابقة للتوتر بين امريكا و روسيا أن يقنع الادارة الأمريكية واللوبيات الأمريكية خصوصا اللوبي الفني في هوليود بدعم روسيا كي تكون شريكا مكافئا لامريكا ،امريكا رفضت ذلك واصرت على اعتبار روسيا تابعا لها وليس شريكا مكافئا والبعض يذكر أن بوتين قدم وصلة غنائية في حفلة في نيويورك بحضور نجوم هوليود وكان صوته ساحرا وكان فعلا رجلا مقتدرا ويملك كفاءات متعددة اذهلت الامريكين خصوصا الفنانيين ورجال هوليود ونساء هوليود ، ولكن بوتين فوجئ بان أوباما يرفض الشراكة ويريد لروسيا التبعية لامريكا ، فقرر بوتين أن يضغط على (الشريك) الامريكي كما يسميه الان بعد كل ماحصل من تطورات يجب أن نلاحظ ان بوتين يصف امريكا حتى هذه اللحظة بالشريك ،كان بوتين ومازال يريد أن يضغط على امريكا في سوريا وفي اوكرانيا وفي القرم وغيرها من اجل اقناعها بالمشاركة الندية في قيادة العالم  .
وهذه العلاقة علاقة الحب وعض الاصابع بين الطرفين مازالت تدور والتهديد بحرب عالمية ثالثة اكاذيب ويجب أن اشير الى أن التفوق الامريكي في السلاح مطلق على روسيا وهنا لابد وان اقول بان مايسمى الاطباق الطائرة ال (يو اف او ) هي ليست من كواكب خارجية وانما هي اسلحة امريكية سريه تطور وتعزز لاجل حروب المستقبل التي تفرض فيها امريكا سطوتها على العالم بلا منافس وبهذه الاسلحة وغيرها من الاسلحة الغير معروفة والتي طورتها الولايات المتحدة تستطيع شل روسيا خلال دقائق وليس خلال ساعات وتحقيق ماتريد،  لكنها تريد روسيا ان تنفذ ما لاتريد هي أن تنفذه في سوريا والعراق والمنطقة كلها ولهذا فان العلاقة الروسية _الامريكية علاقة حب وكراهية في نفس الوقت ،وروسيا تورطت في سوريا ايضا بهدف استنزافها وهذا هدف امريكي في سوريا ولكن الهدف الرئيس هو جعلها كماشة تستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق الاهداف الأمريكية بيد روسية في سوريا وفي اماكن اخرى .
فاللعبة اذن معقدة وليست لعبة صراع عادي بين طرفين عاديين روسيا وامريكا اكثر دول العالم تطورا في المخابرات واساليب المخابرات تخدع حتى الناس الاذكياء ومايجري الان هو عمل مخابراتي بالدرجة الاولى وكل الاعمال العسكرية في خدمة الاهداف المخابراتية الأمريكية والروسية لذلك لايجوز أن نتورط في فخ افتراض أن روسيا في حالة صراع رئيس مع امريكا بدليل اخر وهو أن التنسيق بين بوتين ونتنياهو قائم على قدم وساق والزيارات المتبادلة بينهما تتم باستمرار وهناك اتفاق ستراتيجي اسرائيلي روسي على مصير سوريا وبالتأكيد فإن هذا الاتفاق لايمكن أن يتم الا بضوء اخضر امريكي ، فهناك تحالف دولي غربي، شرقي ضد هذه الأمة الهدف منه تدمير العرب وتدمير الأمة العربية وتقسيم اقطارها وصولا الى الجزيرة العربية والمغرب العربي وانهاء كل مايسمى بالعرب والثقافة العربية والهوية العربية. يتبع .
Almukhtar44@gmail.com

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018