سعد بن ابي وقاص سعد بن ابي وقاص

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أنيس الهمامي - روحاني في الأحواز: امتصاص للغضب أم إقرار بتخبّط نظام الملالي !!




تعيش الأحواز العربيّة على وقع انتفاضة شعبيّة عارمة ساخطة على الاحتلال الفارسي البغيض، وعمّت المظاهرات والاحتجاجات السّلميّة معظم ربوعها وكان أهمّها واعنفها وأوسعها مدى الحراك المتواصل في مدينة الفلاحيّة. 
وتوزّع أداء جماهير شعبنا العربيّ في الأحواز بين النّضال المدنيّ الجماهيريّ وبين الكفاح المسلّح وهو ما تمثّل في العمليّات الجهاديّة الفدائيّة حيث استهدف أبطال المقاومة الأحوازيّة المخافر والنّقاط الأمنيّة وأوكار المخابرات، وطالت بنادقهم المستوطنين الفرس ناهيك عن العملاء المحليّين والوشاة والمخبرين المتعاونين والمرتبطين بالاحتلال.

وكعادتها دوما، لجأت سلطات الاحتلال الإجراميّة الفارسيّة للحلول الأمنيّة والعسكريّة ودفعت بأعداد مهولة من قوّاتها ونخبها في الحرس الثّوريّ وجهاز المخابرات اطّلاعات، وعملت على ترهيب الجماهير المنتفضة بالاختطافات والاغتيالات المباشرة وباستخدام الرّصاص الحيّ ضدّ الأحوازيّين، وكانت تخطط لتطويق الانتفاضة والتّقليل من توسّعها قدر المستطاع.
إلاّ أنّ إصرار شعبنا العربيّ في الأحواز كان أكبر من بطش الاحتلال وأقوى من جبروته وإرهابه، وتواصلت شعلة الانتفاضة وتأجّجت واستعرت ما أدخل إرباكا حقيقيّا في سلطات الاحتلال.
ولا يجد المتابع لأداء المحتلّ صعوبة في تعقّب آثار الأزمة التي يرزح تحتها نظام الملالي بسبب انتفاضة الأحواز، حيث خاب رهانها على الحلّ العسكريّ وعلى محاولة التّظاهر بتجاهل مطالب شعب الأحواز وثوّارها وباءت محاولات كسبها للوقت بالفشل وهو ما اضطرّ السّلطات السّياسيّة للانصياع للأمر الواقع وتغيير تكتيكاتها، ما حداها للنّزول للميدان مباشرة ومحاولة التّخاطب مع الجماهير مستعينة بحزمة من الوعود المضلّلة والحلول الوهميّة.
ولمّا فشل المحافظ أو المندوب العسكريّ للاحتلال في حلحلة الأمور وعجز عن إقناع الجماهير بالعودة للحياة الطّبيعيّة، غادر الملالي برجهم العاجيّ، وتخلّوا عن صلفهم فتحوّل المجرم روحاني الرّئيس الإيرانيّ بنفسه سعيا منه لإيجاد مخرج حقيقيّ وآمن لسلطته من هذا المأزق الذي يزيد من تضييق الخناق على السّلطات الفارسيّة بالنّظر لما تعانيه من استنزاف اقتصاديّ وبشريّ نتيجة تورّطها في العراق وسوريّة واليمن من جهة، ونتيجة تصاعد الضّغوط الدّوليّة وخصوصا الأمريكيّة عليها منذ صعود ترامب وتسلّمه للرّئاسة من جهة أخرى.
لكن جاءت زيارة روحاني بما حملته من حٌزم وعود وتعهّدات بتلبية الحاجيّات والمطالب الشّعبيّة للأحوازيّين متأخرّة جدّا بل ودون انتظار من المنتفضين. 
فلقد حرص روحاني على تصوير هبّة الأحواز والتّعامل معها على أنّها مجرّد مطالبة بتحسين الخدمات، وحصرها في مسائل التّلوّث وانقطاع مياه الشّرب ومعالجة معضلة الغبار.. وقفز بذلك على الدّافع الحقيقيّ والمحرّك المحوريّ للحراك الأحوازيّ المتصاعد والمستمرّ منذ عقود. فالأحوازيّون لا يطالبون بإجراءات فنّيّة ولا تعنيهم مطلقا وعود الإصلاح، بل إنّ قضيّتهم أكبر من ذلك وأعمق بكثير.. 
يطالب الأحوازيّون برحيل الاحتلال الفارسيّ البغيض الجاثم على صدورهم والعابث بربوعهم، ويناضلون ويكافحون في سبيل تحرّرهم الوطنيّ والقوميّ ويجاهدون من أجل حقّهم في تقرير مصيرهم والتّحكم في ثرواتهم ومقدّراتهم بعيدا عن الوصاية والإجرام الفارسيّ. وينطلق الأحوازيّون من إيمانهم بحقوقهم الوطنيّة والقوميّة، وينافحون من أجل عروبتهم التي عمل الفرس الغزاة المحتلّين طيلة تسعة عقود على طمس معالمها عبر سياسات التّفريس والتّهجير والتّغيير الدّيموغرافيّ والتّعطيش القسريّ ونهب الثّروات وغير ذلك..
لقد حاول روحاني الماكر إنكار صبغة النّزاع الأصليّة وهي أنّ جوهر الصّراع ضدّ الاحتلال الفارسيّ هو مطلب قوميّ وثوريّ وإنسانيّ أصيل، ولم ينجح في تمرير خطّته الخبيثة تلك، فلقد عالجه الأحوازيّون الأبطال والأحوازيّات الماجدات بالهتافات والشّعارات القوميّة العربيّة الأصيلة، وشدّدوا على استحالة رضوخهم للابتزاز الفارسيّ وللعنصريّة التي تتسم بها تعاملات نظام الملالي وأنّهم ماضون في مسيرتهم الانعتاقيّة التّحرّريّة مهما اشتدّ الوطيس ومها تصاعدت العربدة الاستيطانيّة الشّعوبيّة الفارسيّة. وللإيغال في إهانة المحتلّ، والتّشديد على خسران سياساته الإجراميّة كافّة، تفنّن الأحوازيّون الأبطال في ابتكار الشّعارات والمضامين الثّوريّة في حراكهم وفي مواجهتهم للآلة الحربيّة التّدميريّة الفارسيّة ولأوجهها السّياسيّة كذلك، فحضرت الصّور العملاقة لشهيد الحجّ الأكبر صدّام حسين بكلّ دلالاتها وقراءاتها ورمزيّتها لدى الفرس، وعالجوا روحاني بشعار تكرّر على مسامع الفرس أينما حاولوا التّغلغل عربيّا " الأحواز حرّة حرّة ، وإيران برّه برّه " وهو الشّعار نفسه الذي رفع في العراق وفي غيره.
صفوة القول إنّ زيارة روحاني للأحواز كانت اعترافا رسميّا من نظام الملالي بحجم العزلة والتّخبّط اللّذين يعصفان به، كما شكّلت كسبا مهمّا لقضيّة الأحواز ولشعبها الصّامد ومقاومتها الغرّاء تمثّل في انقطاع الفرس عن التّظاهر بتجاهل قضيّة الأحواز بمدلولاتها الوطنيّة والقوميّة والإنسانيّة وبسحنتها التّحرّريّة الثّوريّة، وهو ما يحتّم على العرب رسميّين ونخبا وجماهير وخاصّة إعلاميّين وقانونيّين لمزيد من فضح الاحتلال الفارسيّ الإجراميّ الاستيطانيّ الشّعوبيّ ولتأثيث وسنّ السّياسات الكفيلة بنصرة قضيّة الأحواز العربيّة  والانخراط في كلّ ما من شانه أن يقوّي صمودها ويعجلّ برحيل الاحتلال.

أنيس الهمّامي
نبض العروبة المجاهدة للثّقافة والإعلام
تونس في 24-02-2017

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سعد بن ابي وقاص

2018